عادة ما يقترن فاتح أبريل، بوقائع غير حقيقية، تعرف ب "كذبة أبريل" لكن هذه المرة سيقترن هذا اليوم بحدث بارز، سيؤرخ لحقيقة تاريخية تشكل بداية انعطافة جديدة في تاريخ القضية الفلسطينية. فمنذ يوم أمس الأربعاء فاتح أبريل، أصبحت دولة فلسطين، الطرف ال 123 بصفتها عضوا رسميا في المحكمة الجنائية الدولية، لها كامل الحقوق والواجبات التي تتيحها هذه الآلية الدولية، وفق مقتضيات وبنود اتفاقية روما التي تؤطر عمل هذه المحكمة الدولية. وقد جاء إعلان الانضمام الرسمي، الذي جرى في حفل مغلق بمقر المحكمة في لاهاي بحضور وزير خارجية فلسطين رياض المالكي، في إطار الحملة الدبلوماسية الدولية التي أطلقها الرئيس الفلسطيني محمود عباس نهاية السنة الماضية، لحث المجتمع الدولي للاعتراف بدولة فلسطين. ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية، أن رئيسة المحكمة القاضية كونيكو اوزاكي، رحبت بعضوية بعضوية فلسطين وبانضمامها إلى جهود معظم دول العالم لرفع الحصانة والمساءلة على الجرائم الفظيعة، كما أن انضمام فلسطين هو تعبير عن التزامها بقواعد القانون الدولي، وأن أي جريمة يجب ألا تمر دون عقاب، مشيرة إلى فلسطين انضمت لمعظم اتفاقيات حقوق الإنسان التي تشكل بالإضافة إلى نظام روما فسيفساء القانون الدولي. من جانبه، قال رياض المالكي وزير خارجية فلسطين في كلمة له بالمناسبة "إن انضمام دولة فلسطين سيساهم في تحقيق عالمية نظام روما الأساسي" واصفا انضمام دولته إلى هذه الآلية الدولية ب"الحدث التاريخي" الذي يجسد خطوة نحو "إنهاء حقبة من عدم المساءلة والإفلات من العقاب، وفي نفس الوقت إعلاء مبادئ العدالة والدفاع عن حقوق الإنسان". وأكد رياض المالكي، أن الشعب الفلسطيني ينظر إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها عنصراً لا غنى عنه في الالتزام الدولي لتعزيز ودعم سيادة القانون وضمان الطابع العالمي لمبادئ المساءلة والمساواة في الانتصاف، مشيرا إلى أن المحكمة قد أُنشئت لتعكس إرادة المجتمع الدولي لمنع ارتكاب أفظع الجرائم، جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية. وأوضح رئيس الدبلوماسية الفلسطينية أن الشعب الفلسطيني عانى بشكل كبير من تلك الجرائم، ولفترة طويلة جدا، نتيجة للممارسات غير الشرعية للاحتلال العسكري الاستعماري الذي طال أمده، وتمثلَ آخره بالعدوان على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. وقال في هذا الصدد "إن الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية ليس حقاً فقط بل واجب في وجه الظلم الدائم والكبير الذي يتعرض له شعبنا، والجرائم المتكررة التي تُرتكب ضده، مع ذلك فإن قرار فلسطين للانضمام هدفه السعي لتحقيق العدالة وليس الانتقام". وبانضمام فلسطين إلى معاهدة روما، سيكون لزاما على المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية فاتو بنسودا، النظر في جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل بدأ من جدار العزل العنصري، وبناء المستوطنات التي أصبحت منتشرة كالفطر خلال السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى الحرب وصولا إلى الحرب الأخيرة على غزوة التي خلفت آلاف القتلى من الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين وتدمير البنى التحتية الفلسطينية، على اعتبار أن من صلاحية محكمة الجنايات الدولية، ملاحقة المتورطين في جرائم الإبادة ضد الإنسانية وجرائم الحرب. وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية، فقد وصف كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية ب"التحول النوعي" في إستراتيجية النضال الفلسطيني نحو الشرعية الدولية، لتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني الغير قابلة للتصرف وتأمين حمايته وإنجاز العدالة الإنسانية. ويبقى على المنتظم الدولي، وخاصة الدول الأعضاء بمحكمة الجنايات الدولية، أن يعبروا كل ما تعرض الشعب الفلسطيني للعدوان الإسرائيلي، أن يعلنوا صراحة عن إدانتهم وأن يقفوا إلى جانب حق الشعب الفلسطيني في العيش في سلام، وفي حقه الطبيعي والشرعي المتمثل في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. يشار إلى أن إسرائيل، والولايات المتحدةالأمريكية، ليست من الدول الموقعة على اتفاقية روما، لكن مواطنيها يمكن أن يواجهوا تهما بارتكاب جرائم في الأراضي الفلسطينية وأن تتم محاكمتهم في لاهاي حيث تتخذ المحكمة مقرا لها.