قدم السفير الفلسطيني لدى الأممالمتحدة، رياض منصور، مساء الجمعة الماضي، إلى المنظمة الدولية وثائق موقعة للانضمام إلى نظام روما الأساسي المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية و17 معاهدة دولية أخرى. وأكد السفير رياض منصور للصحافيين في مقر المنظمة الدولية تسليم هذه الوثائق. وسيقوم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بدرس هذا الطلب على أن يبلغ الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية به خلال مهلة 60 يوما. وقال منصور "إنها خطوة مهمة جدا"، مضيفا "نسعى إلى إحقاق العدالة لكل الضحايا الذين قتلوا بأيدي إسرائيل، القوة المحتلة". وبعد الانغلاق الكامل للأفق السياسي الذي كان يفترض أن يتيح إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل، نفذ الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأربعاء تهديده الذي لوح به منذ سنوات، ووقع طلب الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، وقدم الطلب رسميا إلى الأممالمتحدة صباح الجمعة. والانضمام إلى المحكمة يمكن أن يتيح للفلسطينيين ملاحقة مسؤولين إسرائيليين أمام القضاء الدولي بسبب دورهم في حروب مختلفة مثل حرب غزة صيف 2014 أو السلوك كطرف محتل. والمحكمة التي يوجد مقرها في لاهاي مهمتها ملاحقة منفذي إبادات وجرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب. وجاءت خطوة الرئيس عباس بعد فشل جهود استمرت لعدة أشهر لحمل مجلس الأمن الدولي على اعتماد مشروع قرار يطلب إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بحلول نهاية 2017. ونال مشروع القرار الفلسطيني ثمانية أصوات، فيما كان يلزم تسعة أصوات من أصوات الدول الأعضاء ال 15 في المجلس من اجل اعتماده، شرط عدم استخدام أي من الدول الدائمة العضوية الفيتو. ويبدو طلب الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية كآخر الأوراق في يد عباس لكن المسؤولين الإسرائيليين اعتبروه بمثابة إعلان حرب دبلوماسية. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان "نتوقع من المحكمة الجنائية الدولية أن ترفض في شكل قاطع الطلب الفلسطيني المنافق بالانضمام إليها، لان السلطة الفلسطينية ليست دولة بل كيان متحالف مع تنظيم إرهابي هو حركة حماس التي ترتكب جرائم حرب". كما أثار تحرك عباس رد فعل شديد اللهجة من الولاياتالمتحدة، حليفة إسرائيل وابرز مانحي السلطة الفلسطينية. وتعارض واشنطن على الدوام الخطوات الأحادية الجانب للفلسطينيين أمام هيئات دولية وتدافع عن مبدأ إجراء مفاوضات مباشرة إسرائيلية - فلسطينية لحل النزاع. وفي السياق ذاته، قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة، مساء الجمعة الماضي، إن القيادة الفلسطينية تدرس العودة إلى مجلس الأمن الدولي مرة أخرى، للحصول على قرار دولي بإنهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967. وقال صائب عريقات رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير، في كلمته نيابة عن الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية، "نتشرف بتسليم مندوب سكرتير الأممالمتحدة صكوك انضمام دولة فلسطين لمجموعة من المواثيق والمعاهدات الدولية، بما فيها صك الانضمام إلى ميثاق روما لمحكمة الجنايات الدولية". وأضاف، "كذلك سنقوم بتسليم مجموعة أخرى من الصكوك لسفراء وجهات اختصاص، وهذه الصكوك تشمل توقيع الرئيس وأدوات الانضمام للمؤسسات الدولية كذلك". وتابع عريقات، "فلسطين تلتزم بان تغير قوانينها مع ما وقعه السيد الرئيس من صكوك معاهدات ومواثيق، راجيين أن تكون دولة فلسطين العائدة إلى خارطة الجغرافيا ملتزمة بالقانون الدولي والشرعية الدولية". وفي رده على أسئلة الصحفيين، قال عريقات، "إن إسرائيل اعتبرت ذهابنا إلى مجلس الأمن عدوانا عليها، ولكن نحن نمارس حق حضاري قانوني مستند إلى القانون والشرعية الدولية". وأضاف، "الذي يخشى من المحكمة الجنائية الدولية عليه أن يكف عن جرائمه، ورسالتنا للعالم وباسم منظمة التحرير الفلسطينية وكل الشعب الفلسطيني، وكما قال الرئيس عباس: إننا سندافع عن أبناء شعبنا في كل مكان، والجرائم التي ارتكبت بحق شعبنا من اغتيالات واستيطان وهدم وعدوان على غزة لن تسقط بالتقادم، ومن يرتكب جرائم عليه أن يتحمل عواقب". وأردف قائلا، "نحن نطلب من الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تنظر في مواقفها، فكلما زادت الدول قوة زادت مسؤولياتها، وفلسطين تستند إلى القانون الدولي، لذلك نطالب الولاياتالمتحدة بإعادة النظر في علاقاتها وعدم التعامل مع إسرائيل كدولة فوق القانون، وأن تقف إلى جانب الشرعية الدولية في وقف الاحتلال والاستيطان والاغتيال الإسرائيلي، ومن يريد أن يهزم الإرهاب في هذه المنطقة عليه أن يجفف منابع الاحتلال الإسرائيلي كمقدمة لهزيمة الإرهاب". وأشار إلى ان ملف الاستيطان سيكون هو الملف الاساسي فيما يتعلق بمحكمة الجنايات الدولية، وفلسطين ستواءم قوانينها مع القانون الدولي. وأكد عريقات، ان رسالة القيادة الفلسطينية هي أنها لن تسمح باستمرار الوضع على ما هو عليه، فاذا كانت إسرائيل تعتقد انها ستستمر باحتلالها بدون كلفة والسلطة الفلسطينية بدون سلطة، وان تبقي قطاع غزة خارج الفضاء الفلسطيني فهي مخطئة تماما، إما أن تكون السلطة الفلسطينية وهي ثمرة كفاح هذا الشعب ناقلة له من الاحتلال الى الاستقلال، واما تتحمل اسرائيل مسؤولياتها كسلطة احتلال.