نزار بركة وزير التجهيز والماء يترأس أشغال المجلس الإداري لوكالة الحوض المائي للساقية الحمراء ووادي الذهب    مندوبية السجون: 122 حالة إصابة بداء "بوحمرون" تماثل 105 منها للشفاء    باحثون روس يبتكرون دواء جديدا لعلاج سرطان الجلد بفعالية مضاعفة    "الكاف" يغيّر لوائح دوري أبطال إفريقيا وكأس الكونفدرالية    استئناف الحسيمة تفتتح السنة القضائية 2025 وتستعرض حصيلة الإنجازات    هكذا تلاعب بعيوي ب"إسكوبار الصحراء" أثناء بيعه 11 شقة بالسعيدية وموثقة متورطة في عملية "النصب"    انقطاع الطريق بين تطوان والحسيمة يعيد مطالب تعزيز البنية التحتية إلى الواجهة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    طنجة…الشروع في استعمال رخصة الثقة البيومترية بصفة حصرية لسيارات الأجرة    الفنانة دنيا بطمة تغادر السجن    خروج دنيا بطمة من سجن لوداية    الممثلة امال التمار تتعرض لحادث سير وتنقل إلى المستشفى بمراكش    الدورة السادسة للجنة المشتركة المغربية-اليمنية.. التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم    جددت الجمهورية اليمنية التأكيد على موقفها التاريخي والداعم للوحدة الترابية للمملكة    بينهم 9 محكومون بالمؤبد.. إسرائيل تفرج السبت عن 90 أسيرا فلسطينيا    السيتي في مواجهة الريال.. مواجهات نارية في قرعة الدور الفاصل في دوري أبطال أوروبا    مشاركة وازنة للاعبات المغربيات إلى جانب نخبة من النجمات العالميات في الدورة ال 28 لكأس للا مريم للغولف    الكعبي : لا مستحيل في كرة القدم .. وهدفنا التتويج بالدوري الأوروبي    "ديب سيك" الصينية في مواجهة قانونية تهدد علامتها التجارية في أميركا    دنيا بطمة تخرج من سجن الأوداية بعد انتهاء عقوبتها    بعد عام من الإعتقال .. دنيا بطمة تعانق الحرية    شركة تركية عملاقة تؤسس فرعا بالمغرب لتعزيز تصميم وصناعة الدرونات العسكرية    ترمب يصر على تهجير سكان غزة رغم رفض مصر والأردن    أخطاء كنجهلوها.. الطريقة الصحيحة لقيادة السيارة في أجواء البرد القارس (فيديو)    في سرية تامّة.. دنيا بطمة تغادر أسوار سجن الأوداية بمراكش    وفود تمثل كبريات الحواضر العربية ستحل بطنجة    أعضاء مقاطعة عين السبع يطالبون بإقالة الرئيس يوسف لحسينية بسبب "الانتكاسة" التدبيرية    المحكمة التجارية بالدار البيضاء تجدد الإذن باستمرار نشاط مصفاة "سامير"    الرباط: وزير الخارجية اليمني يجدد التأكيد على موقف بلاده الداعم للوحدة الترابية للمملكة    الرئيس الانتقالي في سوريا: نعمل على وحدة البلاد وتحقيق السلم الأهلي    توقعات بتصدير المغرب 90 ألف طن من الأفوكادو في 2025    انخفاض بنسبة 0.2% في أسعار إنتاج الصناعات التحويلية بالمغرب    توقيف شخص بطنجة مبحوث عنه وطنيا متورط في قضايا سرقة واعتداء    "مجموعة العمل من أجل فلسطين" تحتج أمام البرلمان وفاء للشهيد محمد الضيف    أداء إيجابي في بورصة الدار البيضاء    أسعار النفط ترتفع إلى أزيد من 76 دولارا للبرميل    التمرينات الرياضية قبل سن ال50 تعزز صحة الدماغ وتقلل من الزهايمر    التعاون السعودي يعلن ضم اللاعب الصابيري خلال فترة الانتقالات الشتوية الحالية    اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي تعزز وعي الجيل المتصل في مجال الأمن الرقمي    الفلاحون في جهة طنجة تطوان الحسيمة يستبشرون بالتساقطات المطرية    نهضة بركان يواصل التألق ويعزز صدارته بفوز مهم على الجيش الملكي    اللجنة التأديبية الفرنسية تقرر إيقاف بنعطية 6 أشهر    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    ارتفاع أسعار الذهب    نتفليكس تطرح الموسم الثالث من مسلسل "لعبة الحبار" في 27 يونيو    الدولي المغربي حكيم زياش ينضم رسميا للدحيل القطري    سانتو دومينغو.. تسليط الضوء على التقدم الذي أحرزه المغرب في مجال التعليم    العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة التي تحطمت في واشنطن    أجواء ممطرة في توقعات طقس الجمعة    وتتواصل بلا هوادة الحرب التي تشنها جهوية الدرك بالجديدة على مروجي '"الماحيا"    «استمزاج للرأي محدود جدا » عن التاكسيات!    وفاة الكاتب الصحفي والروائي المصري محمد جبريل    علاج غريب وغير متوقع لمرض "ألزهايمر"    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية جديدة للأديب المغربي محمد صوف في حلقات /2/..
نشر في بيان اليوم يوم 15 - 08 - 2010

خص الأديب المغربي محمد صوف فضاء رمضان لبيان اليوم، بالنص الكامل لروايته الجديدة «أورام موروثة»، التي لم يسبق نشرها. ندرجها، ها هنا، ضمن حلقات، على امتداد الشهر الفضيل.. وهي حلقات حافلة بالإثارة والتشويق والمتعة.
------------------------------------------------------------------------
وللأديب محمد صوف إصدارات عديدة، في الإبداع القصصي والروائي، وكذا في مجال الترجمة، كما له اهتمام بكتابة السيناريو، وبالنقد السينمائي. ومن بين عناوين إصداراته: رحال ولد المكي (رواية)، هنا طاح الريال (مجموعة قصصية)، أبناء قابيل (مجموعة قصصية)، يد الوزير (رواية)، الرهان(رواية).
***
الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل .تجلس كاميليا نفسها. وتتأمل حياتها تنظر إليها وجها لوجه. تنصت إلى تنفسها البطيء. تشعر بالغربة.
تؤمن بأنها لم تعش أبدا. كل الأيام عليها. كيف تنجو من رجل يطاردها ولا تملك القدرة على تسلق جدران سجنها. هذا الرجل جاء ذات زوال دون سابق إنذار. طرق الباب وقال للوالد: أنا طرقت بابك و غرضي نبيل. فرحب به الوالد وفتح له الباب على مصراعيه.
لم تفهم ما وقع. أحست أنها تغوص في أرض رخوة.
أنت مطلقة و أم . وأنت في حاجة إلى الستر وأطفالك في حاجة إلى من يرعاهم. هذا الرجل هدية من السماء. جاء إليك بكرامتك. فكري في الوالد. في أولادك. فكري في ما يقول الناس .فكري في الأصول. في التقاليد. فكري يا بنيتي ورضاي يحفك.
لم تفهم كاميليا . وتبادر إلى ذهنها مروان.
فكرت فيه وأمامها الوالد والزوج المرتقب. شعرت بها تتضاءل تحت ركام هذه الكلمات التي لا تعني لها شيئا.
لا تملك شيئا . كل شيء ملك الوالد. حتى هي. أحست أكثر من أي وقت مضى أنها قطعة من أثاث البيت. يمكن له أن يستغني عنها متى شاء.
كل شيء ملك الوالد . حتى أحاسيسها. تعيش وسط ذوقه . كل ما يحيط بها غريب عنها. وكأنها تعيش في فتور وبنوع من الاستسلام.
ظل الرجل ينتظر الرد. نظرة الوالد استفهام ينتظر ردا.قالت:
- أنا لا أعرف هذا الرجل.
اندهاش... كيف تجرؤ ؟
كاميليا بدورها اندهشت. هاهي تقول لوالدها ما بنفسها لأول مرة دون أن تلقي بالا لأحد.
قال لها الرجل:
- لا تتسرعي في الرد. خذي مهلة للتفكير. وستعرفينني و مع مرور الزمن ستحبينني.
أمام صورة مروان كادت تصرخ في وجه الرجل.
لا يمكن أن أعرفك .. ولا يمكن أن أحبك . لكنها كبتت صرختها داخلها .وشعرت بأن حياتها خالية من ملامحها هي. فيها المجتمع والواجب والحلال والحرام.. كل شيء .إلا هي. رغبت في أن تحطم أي شيء كما يفعل طفل غاضب. و في أن تخرج إلى الهواء الطلق و تركض .تركض.تركض.
رغبت في أن تفرد جناحيها و تحلق كطائر.
و تمر الأيام و شيء جديد غامض يدخل حياتها. أهواؤها تتساقط رويدا رويدا. وقالت لا بد أن أكلم مروان.
ببضع كلمات شنت عليه غارة. شعر وهي تقذفه بالخبر بغصة ورآه يخسرها في لحظة. شعرت بتعلقه بها يفوق كلماته. هو الذي لا يملك غير الكلمات.
صمت.وقرأت صمته.كان أبلغ من القول. سمعت صمته يبكي . وقررت أن تخرج. أن تتمشى .اختارت الطريق الأطول نحو البحر. كانت قدماها والطريق في انسجام صوفي . دخلت معتركا جديدا وكان عليها أن تفكر .عاشت لحظات مؤثرة في حياتها.عرفت مواقف كانت تقول عنها صعبة. إلا أن ذكاءها يلهث أمام هذا القادم الجديد الذي طرق بابها طالبا راغبا في أن تكون رفيقة ما تبقى من أيامه. حاملا عمرا على ظهره وتجارب كثيرة ودهاء فريدا.
وقفت في فضاء فارغ قليل الأشجار. و كأنها ترى لأول مرة تلك البناية التي تهيمن على المدينة . خلفها السماء تلقي بغيومها على اليوم .و مع ذلك وجدت للهواء طعما لذيذا يقتحم رئتيها . كانت تتنفس ببطء.
ثم عادت إلى البيت. رأت أنها مقبلة على خلع هذا البيت برمته . ستخلع عادتها.كلماتها وابتسامتها التي تزرعها في وجهه كل صباح.فجأة شعرت بشيء ثقيل يربض عليها. أحست بالخوف. بالتردد.
قال لها أنا معك. قرارك هو قراري ,لست وحدك في هذه المعركة. وقالت هي ماذا نملك معا في مواجهة هذا البوح الجارف؟
فكرت في أطفالها .فكر في أطفالها.فكر في الوالد الذي يريد أن يطمئن بطريقته على ابنته و على أحفاده.
فكرت في المجهول الذي جاء يحمل مستقبلها على خاتم خطوبة . يرغب في امرأة تكنس ما خلفته نساء غيرها من دمار ويستنجد بالزواج منها ليحمي نفسه ويحمي الباقي من أيامه بمتراس هو شبابها ووضعها الشاذ كامرأة دون رجل في بيت محافظ.
رأت أنه جاء بعرضه هذا ليغتال حياتها. رأته يربط سعادته بحقه في أن يجعل منها امرأة تعيسة والحياة معه موت.
لا بد من المواجهة . فهل تستطيعين يا كاميليا؟
في غرفتها كانت تنصت إلى المقطع الأخير من أغنية الأطلال لأم كلثوم . سمعت طرقا خفيفا على الباب عرفته من طريقة الطرق. يذكرها وجهه بأيقونة قديمة علاها غبار الزمن . دخل .مد يده إليها يداعب ذقنها .تركته يفعل. جذبها إليه .تركته يفعل. طبع على شفتيها قبلة طويلة. تركته يفعل. أحس ببرودها.
قالت:
- لن يمنحك مالك ووضعي الاجتماعي ورغبة والدي سوى جسدي و تأكد أنك كلما لمستني لا تقوم سوى باغتصابي.
جذبها إليه أكثر.
- إنه حقي.
ابتسمت بشماتة.
- هل يغتصب الحق ؟ اسمع يا زوجي بالقوة. الطريق الوحيد الذي يمكنك من الانتصار على امرأة يمر عبر قلبها . يكفي أن تحبك امرأة لتقتنع بك. وهذا لا يتيسر لك معي
لعق شفتيه بلسانه .رأت في فمه صرامة.
صمتت لبرهة وحدق بعينين نهمتين في شعرها المتهدل ويديها الصغيرتين وهما تسويان خصلاته التي أفقدها عناقه لها نظامها. قرأ في عينيها السوداوين قلقا غامضا.رآها شاردة. لا تنظر إليه حين تحادثه و كأنه غير موجود .
ودون أن تنظر إليه قالت:
- حاول أن تفهم إن نومي قربك ليس نوما . إنه قطعة من عذاب.
جعلته كلماتها يتضاءل .يشعر به صغيرا. تافها.وحيدا. هذا الرجل الذي دخل العمر الثالث بدأ ينتفض كطفل تركته أمه وحيدا في الظلام.
قطب.
- حاول أن يبعد الإحساس بالضعف .
- أنت زوجتي شرعا . أنت حرثي . و سآتيك أنى شئت.
تراخت أعصابها دفعة واحدة .نظرت إليه في استسلام.
- قولي شيئا.
- تريدني جارية.قد يكون . لن أكون لك زوجة .لن تشاركني حياتي لن أشاركك حياتك. أنا هنا ببيتك مجرد دمية كتلك الدمى التي تنفخ ويقضى منها وطر وهمي. الشرع جعلني وقفا مكتوبا باسمك .لا أكثر . أرجوك... إنك تصبح مضحكا و أنت تتقمص دور الأسد. إني أختنق.
قفزت إلى ذهنها صورة مروان باسما .امتقع لونها قليلا وأحست بنظرته تجردها من ثيابها. قالت له:
- ليست لديك الشجاعة الكافية للقيام بمهمة واحدة تتطلب رجولة ومروءة .
همس لها:
- ما علينا..
وأحاطها بذراعيه وأضاف:
- ستتعودين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.