تمهيد تمثل النقابة الوطنية للتعليم العالي إطارا وحدويا ومنظمة جماهيرية لنساء ورجال التعليم العالي قل نظيره على الصعيد الوطني والدولي. وقد ساهمت في بنائه كل التيارات التقدمية والوطنية والثورية منذ تأسيسه بعد خلق جامعة محمد الخامس بعد استقلال البلاد. وظل رفاقنا في قطاع التعليم العالي التابع لحزب التحرر والاشتراكية ثم التقدم والاشتراكية من ركائز وعماد هذه النقابة المتشبثين حتى النخاع بالوحدة النقابية. ويرجع الفضل في تأسيسها إلى روادها من الرعيل الأول قبل نصف قرن، واستماتة ومصداقية مناضليها اللاحقين الذين وطدوا جذورها في أعماق تربة أول جامعة حديثة بالمغرب هي جامعة محمد الخامس، وبأعرق كلية، هي كلية الآداب والعلوم الإنسانية وكلية العلوم بالرباط، ليشمل التنظيم باقي الجامعات والكليات والمعاهد ومؤسسات التكوين التربوي والبحث العلمي في أنحاء البلاد في إطار 15 جامعة. وحفاظا على الذاكرة الجماعية لهذه المنظمة العتيدة بمناسبة مرور نصف قرن على تأسيسها، بادرت قيادتها الحالية بجمع أرشيف حي يهم التجارب المختلفة لمناضليها وقياديها. إنها مبادرة صحية وجريئة تهدف نفض الغبار عن أرشيف غني غير مكتوب لتجارب مناضلين نقابيين من العيار الثقيل، اشتغلوا خلال عقود من السنين مع القاعدة في مكاتب محلية وجهوية، وشغلوا مناصب في القيادة الوطنية للنقابة الوطنية للتعليم العالي، زمن الرصاص، خلال ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. وإلى الآن، لازال عدد منهم يشتغل بدون كلل. ولا شك أن تدوين هذا التراث النضالي النقابي الخصب من لدن عينة من المناضلين، ستحفظ جوانب هامة من الذاكرة الجماعية، وتغني أرشيف النقابة الوطنية للتعليم العالي من لدن فاعلين أساسيين في الحقل النقابي كشهود عيان، على مراحل هامة من تطور هذه المنظمة العتيدة التي أصبحت رائدة على المستوى المغاربي. وبهذا الصدد، نهنئ النقابة الوطنية للتعليم العالي على مبادرتها الوحدوية، وفي تنسيق مع نقابات التعليم العالي بدول المغرب العربي، بتأسيس فيدرالية نقابية مغاربية كإطار للتنسيق والعمل المشترك، وكذا تنظيمها للندوة المغاربية الهامة يومي 3 و 4 يونيه 2010 والتي افتتحت بمدرج الشريف الإدريسي بكلية الآداب، بالرباط ، حول موضوع: «البحث العلمي في دول المغرب العربي؛ الإشكالات والرهانات». في هذا الإطار، سأحاول الوقوف عند بعض اللحظات النضالية الهامة في تطور نقابتنا خلال ثلاثة عقود عشتها بكل جوارحي في الساحة النقابية، وفي إطارها تفاعلت مع أحداثها. ولذا فإني أفتخر بانتسابي العضوي لها كمناضل في القاعدة والقيادة منذ التحاقي بالتعليم العالي سنة 1980 إلى حين تقاعدي في شتنبر 2011. بل اعتبرها استمرارا طبيعيا لتجربتي النقابية في إطار النقابة الوطنية للتعليم الثانوي المنضوية تحت لواء مركزية الاتحاد المغربي للشغل منذ 1972 ، والتي هي نفسها امتداد طبيعي لتجربتنا الطلابية في إطار الاتحاد الوطني لطلبة المغرب منذ 1970. فهذه المساهمة التوثيقية لجزء من الذاكرة الجماعية المستخلصة من العمل النقابي بمختلف مراحله، تهدف تسليط الضوء على بعض المحطات النضالية المستندة أساسا على تجربتي النقابية المتواضعة في إطار النقابة الوطنية للتعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الخامس بالرباط خلال الفترة الممتدة مابين 1980 إلى نهاية 2011. وسأعالج الموضوع، مستعرضا ظروف الممارسة النقابية وتطوراتها من خلال تجربتي كمناضل نقابي في القاعدة، وعضو أو كاتب عام في المكتب المحلي للنقابة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط،، وكعضو قيادي في اللجنة الإدارية في مطلع الثمانينيات (1983-1987). أولا: الجذور النضالية والإطار التاريخي للممارسة النقابية: جامعة محمد الخامس كفضاء حر للتفكير والتكوين. تأثير الحركة الثقافية الوطنية والتقدمية والثورية بالجامعات والساحة النضالية في تكوين النخب النقابية والسياسية. 1.1 من مدرسة الإتحاد الوطني لطلبة المغرب والحركة التقدمية والثورية إلى النقابة الوطنية للتعليم الثانوي ثم النقابة الوطنية للتعليم العالي. بذور الانخراط في العمل النقابي بالنقابة الوطنية للتعليم العالي متشابهة لجيل ما بعد الاستقلال المنخرط في الحركة الطلابية خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. فأغلب المناضلات والمناضلين مروا من مدرسة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وترعرعوا في أحضانها وفي خلايا الحركة الوطنية والتقدمية والثورية بالمغرب وفي مقدمتها، وللتاريخ، نذكر «الاتحاد الوطني للقوات الشعبية» (UNFP) وامتداده «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية»USFP) ) ، و»حزب التحرر والاشتراكية»(PLS) وامتداده «حزب التقدم والاشتراكية» (PPS) ، والحركات اليسارية («إلى الأمام»، «23 مارس»...) و»منظمة العمل الديموقراطي» (OADP) التي أسست فيما بعد، وجمعت عددا من التنظيمات اليسارية التي انبثقت من رحم التنظيمات السابقة الذكر. وجل مناضلي هذه التنظيمات السابقة واللاحقة، مارسوا أنشطتهم في إطار طلابي موحد، هو «الإتحاد الوطني لطلبة المغرب» ((UNEM، باستثناء طلبة حزب الاستقلال الذين كان انفردوا بتنظيم طلابي موازي هو «الاتحاد العام لطلبة المغرب»UGEM ) ). فانخراطي في العمل النضالي منذ أن كنت طالبا، وممارستي العمل النقابي كأستاذ في الثانوي ثم بالجامعة لاحقا، لا يختلف عن مسار عدد من مناضلي الستينات والسبعينات والثمانينات. فقد تكونت نقابيا كشاب مبتدئ يمارس النضال في إطار المنظمة الطلابية العتيدة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب وأنا طالب في الإجازة بشعبة التاريخ والجغرافيا، في كلية الآداب والعلوم الإنسانية، بجامعة محمد الخامس منذ 1970. وبشكل موازي استفدت أيضا من تكوين تكميلي، في العلوم السياسية بكلية الحقوق بالرباط. وعلى صعيد التأثير الأيديولوجي والسياسي والثقافي فقد تأثرنا كشباب طلابي بالأفكار الثورية والتقدمية والوطنية السائدة آنذاك، إما بتوجيه مباشر أو غير مباشر، بفضل تتلمذنا على عدد من الأساتذة الجامعيين آنذاك في نهاية الستينات وأوائل السبعينات بكلية الآداب بشعبها، خاصة شعبة التاريخ و الجغرافيا التي كانت تزخر بأساتذة مرموقين في الفكر التقدمي والنهضوي، ومنهم أساتذة كرام رحمهم الله، ومنهم من لا زال على قيد الحياة «أطال الله في عمرهم» في مقدمتهم على سبيل الذكر لا الحصر، إسماعيل العلوي وجرمان عياش، وعبد الله العروي، وإبراهيم بوطالب، ومحمد عزيز لحبابي، وأحمد الغرباوي، ومحمد الناصري، وشمعون ليفي، وعبدالواحد الراضي. وبكلية الحقوق درسنا في فرع العلوم السياسية على أساتذة تقدميين ووطنيين من عيار ثقيل نذكر منهم عبد الله إبراهيم الذي كان يدرسنا العلاقات الدولية، و علال الفاسي الذي كان يدرسنا الأحوال الشخصية، وعزيز بلال الذي كان يدرس طلبته الاقتصاد ويحاضر ويناقش بعقلانية وبفكر خلاق في الفضاءات الجامعية والنقابية والسياسية، و ولعلو فتح الله الذي كان يدرس الاقتصاد السياسي، والبارودي الذي كان يدرس القانون الدستوري. كما تأثرنا بطريق غير مباشر بفكر ومحاضرات شخصيات تقدمية في ميدان السوسيولوجيا من عيار بول باسكون، والخطيبي، ومحمد عابد الجابري، والمكي بن الطاهر، ومحمد جسوس، وبدربالة، ومليكة البلغيتي، وكركوريف لازاريف..... وغيرهم من الأساتذة الفطاحل في الفكر التقدمي، والثوري آنذاك، والذين كانت لهم رسالة ثقافية وسياسية تنموية أيضا. فجامعة محمد الخامس كانت مشعلا للفكر العقلاني التقدمي والتنموي، وتربة خصبة تكونت فيها أجيال من المفكرين اللاحقين والفاعلين السياسيين والنقابيين المحنكين. وقد نشطت الحركة الفكرية عبر احتدام الصراع الفكري والأيديولوجي خلال الحرب الباردة بين الفكر الاشتراكي والرأسمالي، ومقارعة الأفكار والتجارب وسط التيارات العالمية التي تأثرت بها الحركة التقدمية، والتي انبثقت عنها حركة يسارية راديكالية حركت الأفكار والتحاليل، متأثرة بما كان يجري بالعالم «الماركسية اللينينية، والماوية، والتروتسكية،..» وبالجامعات الفرنسية، وأساسا، أحداث انتفاضة الشباب والطلبة بباريس سنة 1968 ، ومنهم عدد من المناضلين أمثال عبداللطيف اللعبي، والسرفاتي، والمنبهي والعيادي، وسعيدة المنبهي رحمها الله... في هذا الإطار كنا ننهل من مجلات فكرية وازنة، وجرائد وطنية وتقدمية تعكس التيارات الفكرية المتصارعة (جرائد التحرير، والمحرر، والكفاح الوطني، والمكافح، والعلم، والبيان، والرأي، ومجلة لاماليف، أنفاس، المبادئ، والأساس، والحرية، وأدبيات الأحزاب التقدمية...) وكلها كانت تعبئ الرأي العام وتكون المناضلين. 1-2. تداخل الممارسة السياسية بالممارسة النقابية : دور الحركة الطلابية والحركة التقدمية كمدرسة للتكوين الأيديولوجي والسياسي للمناضلين النقابيين. كان احتكاكي الأول خلال المرحلة الطلابية في نهاية الستينات وبداية السبعينات ( 1968-1972) بعدد من التيارات السياسية آنذاك؛ منها فصيل الإتحاد الوطني للقوات الشعبية، من خلال عدد من مناضليه وأساسا التيار المنوني، الذي كان يمثل جناحه الطلابي بنفحة واختيار اشتراكي ماركسي. ويمكن الإشارة إلى رفاق كان لي بهم آنذاك احتكاك مباشر من هذا التيار، لأنهم كانوا يدرسون معنا بشعبة التاريخ والجغرافيا وجد حيويين، بحيث كان تكويني الإيديولوجي الماركسي والسياسي الجنيني موازي للدراسة الجامعية، بفضل مبادرتهم خارج الجامعة. وقد سمح لنا هذا الفضاء التكويني الحر بالتعرف على التراث الاشتراكي الماركسي والتيارات السياسية بالمغرب «البيان الشيوعي، أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة، الأحزاب السياسية والعمل النقابي بالمغرب». هذا التيار هو نفسه كان متأثرا بالفكر العمالي عبر احتكاكه بمناضلين قياديين في الحزب الشيوعي المغربي بالدار البيضاء عاصمة الطبقة العاملة. وبصفة متوازية، وفي نفس الفترة، كان لي احتكاك ببعض المناضلين من حزب التحرر والاشتراكية الذي كان محظورا منذ سنة 1968. ولكن رغم ذلك، كان مناضلوه يمتازون بدينامكية قوية، ومنهم رفاق في القطاع الطلابي، حيث كانوا جد نشطين في الوسط الطلابي. وفي هذا الإطار كان هناك تكوين سياسي وأيديولوجي في الوسط الطلابي لفصيل التحرر والاشتراكية يسهر عليه مناضلون من عيار ثقيل (عزيز بلال، محمد مشارك، عبدالله العياشي، شمعون ليفي، عبدالواحد سهيل). في هذا المناخ النضالي، تم انخراطي في «حزب التحرر والاشتراكية» المحظور «PLS» منذ 1970 كطالب في السنة الثالثة من الإجازة. وكانت تعقد أسبوعيا نقاشات ثقافية وسياسية وأيديولوجية بمنازلنا الطلابية بأكدال، خاصة أيام الإضرابات، حتى قبل انخراطي الرسمي بخلية جديدة في الحزب. فاستفدنا أيما استفادة من ذلك التكوين الذاتي الموازي للدروس خارج أسوار الجامعة، بفضل النقاشات التي كان يساهم فيها عدد من الفعاليات السياسية من مشارب متنوعة. وكانت معظم حلقاتها تنظم بمنزلنا الطلابي باكدال رغم المراقبة عن قرب من لدن المخبرين. وكانت تتم اجتماعات حزبية سرية يحضرها رفاق الناحية ومنهم اسماعيل العلوي ومحمد مشارك وأحمد الغرباوي، وعزيز بلال. في إطار هذا الزخم النضالي الديموقراطي والفضاء الجامعي، سيعرف النقاش حيوية أكبر منذ الانتفاضة الطلابية بباريس سنة 1968، والتي ستكون لها انعكاسات عميقة على الحركة الطلابية الجامعية، ومنها ظهور اليسار الذي كان يطلق عليه اليسار الرد كالي «أو المتطرف» كحركة «إلى الأمام»..و «23 مارس» مطلع السبعينات .... وقد احتد الصراع الأيديولوجي والسياسي في أوساط الحركة الطلابية في إطار وحدوي وديموقراطي، بحيث كان كل فصيل طلابي يعبر بحرية متناهية عن أفكاره بواسطة مجلات حائطية و بلاغات و نقاشات في المدرجات والساحة الجامعية، عبر ما كان يسمى بالحلقات. هذا الإطار التنظيمي هو «الإتحاد الوطني لطلبة المغرب»، والذي كان يوازيه تنظيم ينتمي لحزب الاستقلال، ولكن نفوذه ظل محدودا في الوسط الطلابي، باستثناء بعض المناوشات الطلابية بين مناضلي التنظيمين. وكان يقود هذا التنظيم السيد محمد الوفا (الذي أصبح وزيرا للتعليم ، 2012). وكان يغذي هذا الزخم النضالي، المناخ العام التحرري على الصعيد الإفريقي والعربي والدولي، خاصة في فترة الحرب الباردة بين المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي (وثقل الصين الشعبية، وثورة كوبا، والحركة الثورية بأمريكا اللاتينية) من جهة، والمعسكر الرأسمالي بقيادة الولاياتالمتحدة، مع ثقل وتعاظم نفوذ دول عدم الانحياز، والحركات المناهضة للاستعمار، وبروز شخصيات دولية وعربية تساند الحركات التحررية في العالم (ماوتسي تونغ، فيديل كاسترو، شي غيفارا، بروز تيتو، غاندي ونهرو، جمال عبدالناصر، محمد الخامس، محمد بن عبدالكريم الخطابي، هو شي منه، نلسن مانديلا، المهدي بنبركة، ...) وزعماء أحزاب وطنية تقدمية ووطنية ونقابات عمالية (عبدالرحيم بوعبيد، علي يعته، امحمد بوسته، وعمر بنجلون، عبدالله العياشي، عبدالسلام بورقية، المحجوب بن الصديق،...) وعلى مستوى الساحة الوطنية، خاضت الحركة الطلابية والنقابية في إطار «الاتحاد المغربي للشغل» UMT ) ) و»النقابة الوطنية للتعليم الثانوي»، و»النقابة الوطنية للتعليم العالي» (SNEsup)، نضالات بطولية في زمن الرصاص، رغم محاولات النظام خنق الحريات العامة، مدعوما بواسطة أجهزته الذي ظل إلى حدود المسيرة الخضراء 1975 في حرب ضروس ضد المعارضة التقدمية. وكان من أبرز المناهضين للقوى التقدمية والديموقراطية الجنرال محمد أوفقير قبل فترة ادريس البصري؛ علما بأن هذا الأخير كان الهاجس الأمني هو شغله الشاغل. ولذا كان يتعامل مع النقابة الوطنية للتعليم العالي بحذر، مع مساندة لبعض مطالبها، لأنه كان يعتبر نفسه جزءا من هيئة التدريس بكلية الحقوق جامعة محمد الخامس. كانت عدة أحداث تطبع وتؤثر في المشهد السياسي بالبلاد وتؤجج الصراع بين الحكم الرجعي (النظام المخزني) والقوى التقدمية المعارضة، والصراع الطبقي والنقابي، منها انتفاضة سنة 1965، الدامية بالدار البيضاء، والانقلابين العسكريين 1971 و1972، وانتفاضات وتمردات استعملت فيها الأسلحة في مواجهة النظام بالأطلس (مولاي بوعزة 1973)، والدارالبيضاء (شيخ العرب، 1965، 1981)، ومراكش، ووجدة وبركان (1981) وسنة 1984 والإضرابات العامة بالبلاد ... كل هذه الأحداث ستؤثر في المناضلين؛ بل إن عددا منهم سيشارك فيها بطريق مباشر أو غير مباشر عبر العمل النقابي والسياسي المنظم أو عبر الانتفاضات والتمرد والمظاهرات الصاخبة في الشوارع، في إطار زخم تحرري عالمي، ومد ثوري اشتراكي تقدمي وماركسي، يغذي العقول والنفوس في الأوساط الجامعية والنقابية والتيارات السياسية. وقد عاشت النقابة الوطنية للتعليم العالي كل هذه الأحداث. وعبرت عن مواقفها منها بشجاعة، عبر البلاغات والبيانات التضامنية مع الطبقة العاملة والنضالات الشعبية. وكانت تعقد ندوات صحفية دورية لتوضيح مواقفها، وتنظم نضالات من أجل الدفاع عن مطالب الأساتذة الباحثين ودعم الحركات التقدمية المتحالفة معها. ثانيا: الامتداد النقابي واستمراريته في إطار النقابة الوطنية للتعليم العالي عدد من النقابيين الذين اشتغلوا كأساتذة بالتعليم الثانوي خلال فترة الستينات والسبعينات التحقوا عبر المباراة أو الدبلوم، كأساتذة باحثين بالجامعة المغربية، خاصة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، وكلية العلوم بالرباط. وعززوا بذلك صفوف النقابة الوطنية للتعليم العالي، التي استفادت من تجاربهم النقابية بالثانوي. فكان طبيعيا أن يستأنف النقابيون القدامى نشاطهم النقابي بالكليات التي التحقوا بها في إطار النقابة الوطنية للتعليم العالي. كنت أحد المناضلين الذين مارسوا العمل النقابي وأنا أستاذ لمادة الاجتماعيات بالتعليم الثانوي منذ تخرجي من المدرسة العليا للأساتذة، كمجاز في التاريخ والجغرافيا، من كلية الآداب، جامعة محمد الخامس سنة 1972، حيث أصبحت مسؤولا نقابيا يمثل زملاءه بثانويات سلا: ثانوية النهضة في الفترة 1972-1973 ثم بإعدادية الأيوبي من 1973 إلى 1975 ثم بثانوية النجد من 1975 إلى 1978 وأخيرا بثانوية دار السلامبالرباط من 1978 إلى 1980 ، قبل أن ألتحق بالجامعة يوم 14 نونبر 1980 وأقضي بها أزيد من 30 سنة. وهي نفس الفترة التي مارست فيها نشاطي بالنقابة الوطنية للتعليم العالي بالرباط كمناضل قاعدي، وكقيادي محلي ووطني. خلال هذه الفترة ساهمت إلى جانب نقابيين محنكين، في إطار الاتحاد المغربي للشغل، مع المناضل النقابي عبد الحميد عقار الذي شغل لمدة طويلة كاتبا عامة جهويا بالنقابة الوطنية للتعليم الثانوي بالرباطوسلا. وقد انتخبت لمدة عضوا في المكتب ثم كاتبا عاما بالمكتب النقابي بالرباطوسلا. وللتاريخ فقد تعلمنا على يد مناضلين نقابيين من العيار الثقيل ومنهم المناضل عبدالمجيد الذويب الذي كان كاتبا عاما للنقابة الوطنية للتعليم الثانوي على الصعيد الوطني، في إطار الجامعة الوطنية للتعليم، التابعة للاتحاد الاتحاد المغربي للشغل. ومارسنا العمل النقابي مع عدد من المناضلين النقابيين الشرفاء بالرباط. واستطاع المناضلون الشرفاء الصود أمام كل الأعاصير، رغم المضايقات المعنوية التي كنا نلاقيها كنقابيين من طرف الرجعية آنذاك، والصعوبات والعراقيل التي كنا نواجهها من لدن البيروقراطية في الاتحاد المغربي للشغل، وخاصة بعد المؤتمر الوطني الناجح للنقابة الوطنية للتعليم الثانوي في مطلع السبعينات (1973)؛ بحيث لم تكن بعض الأوساط البيروقراطية، مطمئنة للنضالات والمصداقية التي كانت تحظى بها قيادة وقاعدة هذه النقابة الوطنية. فكان آخرها التجاء بعض عناصرها الفاسدة إلى حل النقابة الوطنية للتعليم الثانوي، ومنع مناضليها أو التضييق على أنشطتهم داخل مقرات الاتحاد المغربي للشغل في أواسط السبعينات، ومنها مقر الاتحاد الجهوي بالرباط. بل تم في بعض اللقاءات استعراض العضلات المفتولة في وجه المناضلين النقابيين، بمن فيهم مناضلي النقابة الوطنية للتعليم العالي، التي كانت مستقلة تنظيميا، ولكنها كانت تمارس بعض أنشطتها في مقرات الاتحاد المغربي للشغل، بعدم السماح لهم بالدخول إلى مقر الاتحاد المغربي للشغل بالدار البيضاء. وكان من بين النقابيين المنتمين للنقابة الوطنية للتعليم العالي المناضل عزيز بلال الذي منع مع رفاقه وزملائه النقابيين من الدخول إلى المقر المركزي للاتحاد المغربي للشغل لحضور أحد اللقاءات النقابية الوطنية المنسقة بين نقابة الثانوي والتعليم العالي بالدار البيضاء في مطلع السبعينات. وعلى غرار عدد من المناضلين الملتحقين بالجامعة للاشتغال كأساتذة بالتعليم العالي، كان التحاقي، بعد نجاحي في مباراة الولوج، بكلية الآداب كأستاذ «مساعد» منذ نونبر 1980. وقد التحقت في نفس السنة بالنقابة الوطنية للتعليم العالي كمناضل، ثم كعضو بالمكتب المحلي بالكلية، ثم كعضو قيادي في اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي سنة 1983. ويرجع الفضل في اندماجي السريع بالعمل النقابي بالكلية إلى أحد الزملاء قيدومي النقابيين ومن أعمدتها بكلية الآداب بالرباط، والذين كانوا يشتغلون في صمت، ولكن بعزيمة نقابية قوية ورزانة وحكمة لحل المشاكل النقابية، بدون تعصب إيديولوجي أو سياسي طوال أربع عقود من النضال النقابي، وفي مقدمتهم المناضل عبد الرزاق الدواي بشعبة الفلسفة. فبمجرد ولوجي الحرم الجامعي، اتصل بي، طالبا مني الترشح بمناسبة تجديد أعضاء المكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي بكلية الآداب. فانتخبت، وبذلك أصبحت عضوا نشيطا في هذا المكتب المحلي، صحبة عدد من المناضلين المحنكين. وكان العمل النقابي يتم في ظروف صعبة، ومراقبة قوية للمخزن لكل تحرك نضالي... كان الإيمان قويا بالرسالة النقابية والتحدي واضحا، رغم الأخطار المحدقة بكل من ينشط في النقابة. وربما كان الوعي والالتزام السياسي حزاما أمنيا يعطي لنا قوة لمواجهة الرجعية آنذاك. فبعض الزملاء الذين تحملوا معنا المسؤولية لتسيير العمل النقابي في أوائل الثمانينات بكلية الآداب، سرعان ما تسرب إليهم هاجس الخوف من المخزن، فانسحبوا في هدوء، معللين ذلك بأنهم سيأخذون مهلة للتفكير. بل إن بعض الزملاء بالكلية كانوا يتخوفون حتى من توقيع عريضة تضامن (على سبيل المثال تضامن مع جريدة محظورة ك»البيان» مثلا)، نظرا للفزع الذي كان ينشره أتباع المخزن داخل وخارج الحرم الجامعي. ولذا كانت معظم مكونات المكتب المحلي للنقابة بكلية الآداب في فترات الشدة تتكون أساسا من مناضلين ملتزمين سياسيا في تيارات تقدمية، الشيء الذي كان يقوي من عزيمتهم في التصدي لكل أشكال المضايقات داخل وخارج الكلية. فالتزامهم السياسي كان حصانة معنوية لهم في الممارسة النقابية؛ حتى أن أحد المناضلين المخلصين الذي له أفكار تقدمية، ولظروفه الشخصية لم يكن منخرطا في أي تيار سياسي، صرح بشجاعة معهودة فيه، يوم أن ترك المناضلون السياسيون المسؤولية النقابية لغيرهم، في إطار التداول على المكاتب النقابية وضخ دماء جديدة، صرح قائلا في حسرة وإحباط،، نظرا لليأس الذي تسرب لعدد من مسؤولي المكتب المحلي الغير متسيسين المشتغلين معه، في منتصف التسعينات «بأننا ندعوكم، وبكل إلحاح، للرجوع إلى قيادة المكتب المحلي النقابي، فأنتم أهل له» حسب تعبيره. وقد اعترف بأنهم كانوا يظنون بأنهم سينجحون أكثر، إذا سيروا المكتب النقابي في غيبة النقابيين السياسيين الملتزمين في الأحزاب التقديمة، فأخطئوا حسب اعترافاته الجريئة. وللتاريخ، فإن المناضلين النقابيين الذين تحملوا مشعل تسيير النقابة زمن الرصاص، كانوا ينتمون في معظمهم إلى تيارات تقديمة وأساسا من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وامتداداته في الاتحاد الاشتراكي والأحزاب المنشقة عنه، ومن حزب التحرر والاشتراكية وامتداده التقدم والاشتراكية، وكذا من عناصر اليسار وخاصة منظمة العمل الديموقراطي. ولكن قاعدة النقابة كانت تضم كل الأطياف السياسية الوطنية المتواجدة بالساحة الوطنية، بغض النظر عن انتماءتها الأيديولوجية والسياسية. كما أن أحد المناضلين النقابيين غير المتسيسين، وأمام الإحباط الذي تسرب إليه، دعا جهارا، خلال جمع العام نقابي للأساتذة في منتصف التسعينيات، إلى حل النقابة الوطنية للتعليم العالي بكلية الآداب بالرباط. وكان جوابنا سريعا بأن هذه الدعوة استسلامية وخاطئة، وأن «للكعبة ربا يحميها»، وإنه إذا شعر بالإحباط، ما عليه إلا أن يغادر المسؤولية في تسيير المكتب المحلي الجديد، وأن ينسحب ويترك المجال لآخرين، وسيتحملون المسؤولية في المكتب المحلي. وهو ما تم فعلا. وللتاريخ، فإن الظرف كان جد صعب بالجامعة منذ مطلع السبعينات وإلى منتصف الثمانينيات، منها اندلاع انتفاضة الخبز سنة 1981 بالدراالبيضاء ووجدة وبركان ومكناس بعد زيادة الأسعار في بعض المواد كالخبز والزبدة. وأحداث 1984 والمحاكمات التي همت عددا من المناضلين السياسيين والنقابيين، بحيث أننا وجدنا، في هذه الظروف الصعبة التي كانت تمر منها البلاد ويقهر فيها المناضلون، وجدنا صعوبة في تجديد المكتب المحلي بالكلية، وبذلك لم يضم إلا المناضلين الملتزمين نقابيا وسياسيا وعددهم خمسة أعضاء لا غير. ونفتخر ونحن نحيي الذكرى الخمسين لنقابتنا، بأننا استأنفنا حمل المشعل بهذه الكلية العريقة إلى جانب مناضلين آخرين بالكليات والمعاهد العليا يمختلف الجامعات والمدن، والذي كان يحمله من قبلنا مناضلون تقدميون ووطنيون كانوا من الرواد المؤسسين للنقابة الوطنية للتعليم العالي، وأعمدتها بالجامعة المغربية ومن بينهم مناضلي الستينات بكلية الآداب الأساتذة محمد جسوس، وعبدالواحد الراضي، واسماعيل العلوي، وأحمد الغرباوي، ومحمد عاشور، وشمعون ليفي...إلا أن الرجعية آنذاك حاربتهم وأبعدت عددا منهم خارج كلية الآداب، من أجل إبعاد تأثيرهم على الطلبة، وشل أنشطتهم النقابية داخل الحرم الجامعي، وتجميدهم داخل مؤسسات لا يتواجد فيها طلبة، كمركز البحث الجامعي بالرباط في مطلع السبعينات، عندما حلت المنظمة العتيدة، الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، ودخل جسم غريب إلى الحرم الجامعي بكلية الآداب، فيما سمي آنذاك بالحرس الجامعي (الأواكس) الذي كان يراقب عن كثب تحركات المناضلات والمناضلين، ويتعقب المناضلين النقابيين من الطلبة والأساتذة لمحاولة عرقلة مسيرتهم، والحد من نفوذ منظماتهم. وتتوافق هذه الفترة مع ما أطلق عليه بزمن الرصاص، والمحاولات اليائسة لخنق الحريات العامة. ورغم كل هذه الظروف العصيبة، فإن النقابة الوطنية للتعليم العالي، استطاعت أن تصمد في وجه الرياح العاتية بفضل استماتة وعزيمة مناضليها القدامى والجدد بكلية الآداب وعلى الصعيد الوطني، هؤلاء الذين لا زالوا يحملون المشعل النقابي خدمة للصالح العام. فقد تعاقب على قيادة المكتب المحلي النقابي عدد من المناضلين السائرين على نفس طريق سلفهم. وعلى الصعيد الوطني عرفت النقابة الوطنية للتعليم العالي ديناميكية جديدة، وأبدعت أسلوبا جديدا في التعامل عبر الاهتمام بالبعد الاجتماعي، ومعالجة الإشكاليات الكبرى المرتبطة برفع مستوى التعليم العالي وجودته، وتشجيع البحث العلمي، واختيار لغات التدريس، بفضل مبادرات خلاقة قام بها أعضاء المكتب الوطني واللجنة الإدارية. ولابد من الإشارة بأن هناك مناضلين مخلصين لا يتسع المقال لذكر أسمائهم قدموا للجامعة والجامعيين خدمات جليلة، منهم من قضى نحبه، وهو في أعز عطائه الفكري والنقابي. ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا. وللتاريخ ظل الرفاق في قطاع التعليم العالي للحزب، متشبثين بالوحدة النقابية، حتى النخاع، في إطار النقابة الوطنية للتعليم العالي. ثالثا: تجربة نقابية فريدة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط عكس ما كان معمولا به في كليات أخرى، حيث الصراعات كانت على أشدها بين التيارات السياسية المتواجدة للهيمنة على العمل النقابي، فإن العمل النقابي بكلية الآداب بالرباط ظل يخضع لمعايير الجودة النقابية والفعالية والاستماتة، لاختيار أجود العناصر النقابية، بغض النظر عن لونها الأيديولوجي أو السياسي. وقد سمح هذا الاختيار الذي أصبح عرفا بالكلية، بتعبئة كل مكونات هيئة التدريس بالكلية من أجل الدفاع عن تحسين ظروف عملهم التربوي وتحسين مستوى عيشهم. وكان للنقابة مصداقية ووزن؛ بحيث بلغ الأمر ضرورة تزكية الزملاء للترشح لمجالس الجامعة والكلية من لدن المكتب النقابي المحلي حتى يكون لترشيحهم مصداقية. ومما يسجل خلال المدة التي تحملت فيها مسؤولية تنظيمية بالمكتب النقابي بالكلية إما كعضو فاعل أو ككاتب عام محليا، فقد كان التواصل دوما إيجابيا بين المكتب النقابي والعمادة. فمن أعراف نقابتنا وكليتنا أن يتم استقبال السيد العميد رفقة كاتبه العام ونائبه، أعضاء المكتب النقابي المنتخب، لتهنئتهم والترحيب بهم، والاستماع إلى مطالبهم المستعجلة، وتبادل الأفكار لحلها حسب امكانيات المؤسسة. وقد دأب المكتب المحلي على تنظيم لقاءات دورية مع السيد العميد، واجتماعات عامة للأساتذة الباحثين حول الملف النقابي العام، أو الملف الاجتماعي (كالسكن، أو تأسيس جمعية التأمين والتقاعد التكميلي) أو لمناقشة قضايا نقابية تهم ظروف العمل التربوي بالمؤسسة واقتراح حلول لحلها. وفي هذا الإطار تم بناء أو تأثيث قاعات للأساتذة بالكلية الأم وبموقع العرفان بالسويسي، وقاعة للمطالعة مزودة بالمجلات وأمهات الكتب، وتحسين شروط النظافة، وتوفير الأقسام وتجهيز المختبرات ..رغم بعض النقائص المسجلة هنا وهناك، وأساسا في ملحقة العرفان الذي ظلت لمدة طويلة، كثكنة عسكرية خالية من كل إدارة، ومن التجهيزات الأساسية، ولكن سيتغير الوضع إيجابيا، بعد تعين نائب عميد بها لتسيير العمل الإداري عن قرب وبفضل جهود الجميع، عمادة وشعبا ونقابة بعد نقل تدريس الإجازة إلى موقع العرفان (ملحقة الكلية سابقا)، وفي إطار الإصلاح الجامعي، أصبحت مؤسسة جامعية تتوفر على الشروط الدنيا، وتعرف تحسنا مستمرا. ويمكن الجزم بأن العمل النقابي في إطار النقابة الوطنية للتعليم العالي كان يتم في انسياب تام وتناغم بين العمادة والنقابة، بدون توترات أو تشنجات، وفي احترام متبادل بدون احتواء. وهذا ما رسخ قواعد اللعبة المعتمد على أسلوب الحوار البناء والمثمر لخدمة المصلحة العامة، وتطوير العمل التربوي، وتحسين شروط البحث العلمي. وعرف عن كليتنا وأساتذتها بمختلف أطيافها السياسية، بأنهم وحدويون ويحترمون نقابتهم ولم يتجرأ أي زميل أو زميلة على التهجم على الإطار النقابي في كلية الآداب خلال هذه الفترة. لقد شهدت النقابة الوطنية للتعليم العالي فترات ازدهار، حيث كانت قاعة الأساتذة خلال عقد اللقاءات والتجمعات النقابية تغص بالأساتذة. بل أحيانا نظمت تجمعات عامة في مدرجي الشريف الإدريسي وإبن خلدون. ولكن في بعض الفترات، عرف العمل النقابي خفوتا وفتورا أو خمولا، تتحمل فيه المسئولية القيادة والقاعدة المحلية والوطنية. ولكن بصفة عامة، فإننا نعتبر بأن رصيد النقابة الوطنية للتعليم العالي عموما إيجابيا خلال النصف الأخير من القرن الماضي والعقد الأول من الألفية الثالثة، رغم بعض النواقص، وفترات الفتور النقابي. فقد اهتمت النقابة بالملف النقابي المرتبط بالمؤسسة المحلية التي تتواجد فيها، وكانت تنسق عملها مع المكتب الجهوي الذي كان مقره واجتماعاته العامة بكلية العلوم بالرباط. كما اشتغل المكتب النقابي المحلي على الملف المطلبي العام الذي يهم نساء ورجال التعليم، وفي مقدمته تحسين الأجور، خاصة في بداية الثمانينات، عندما كان الأستاذ الباحث يتقاضى أجرا لا يتناسب مع قيمته في أعلى السلم الاجتماعي؛ سيما وأن ثلثي راتب الأستاذ، كان عبارة عن تعويضات لا تلبث أن تزول بمجرد إحالته على التقاعد. ولكن بفضل حنكة المناضلين النقابيين القياديين ووحدة العمل النقابي تنظيميا، والذي أعطى وزنا ثقيلا للنقابة الوطنية للتعليم العالي، تمكنت هذه الأخيرة من تحقيق عدد من المطالب؛ ومنها تحسين رواتب الأساتذة الباحثين عموما. وساهمت في الدفع بملف الإصلاح الجامعي، واسترداد ثلاث وتسع سنوات من الأقدمية لمجموعة من الأساتذة الباحثين، وحل عدد من المشاكل لفئات من الأساتذة الباحثين، ومنها مشكل حملة الدكتوراه الفرنسية المعقد والذي استفاد الأساتذة المعنيون بأقدمية ست سنوات ومن الأهلية..ولكن لا تزال ملفات عالقة لحد الساعة، وتتطلب جهودا أكثر لتحقيقها. وعلى المستوى المادي، تابعت النقابة ملفات الترقية، وطالبت بتسويتها العاجلة رغم تماطل وزارة المالية في حلها، بعد أقدمية اقتربت من أربع سنوات من درجة إلى أخرى، بسبب سياسة التسويف التي كانت تنهجها الحكومة. كما ناضلت النقابة الوطنية للتعليم العالي ليستفيد الأساتذة الباحثين من بعض التخفيضات في التنقلات (مؤسسة محمد السادس للتعليم ) وخلق وداديات للسكنى، وتخفيضات هامة في قروض السكن. كما تم توقيع عقود مع بعض الفنادق والأندية والمؤسسات لتخفيض ثمن الإقامة لأسر الأساتذة الباحثين، والاستفادة من بعض الخدمات بأثمنة مناسبة، وتأسيس جمعية الخدمات الاجتماعية Gasup))، رغم تقصيرها في خدمة الأساتذة الباحثين وأسرهم. ومؤسسة «متعا» من أجل التأمين على الحياة والتقاعد التكميلي؛ وهو مكسب هام للأساتذة. وتعاقدت النقابة مع عدد من المصحات لعلاج الأساتذة الباحثين وأسرهم بأثمنة مناسبة... كل هذه المكاسب المرتبطة بترقية الأساتذة الباحثين وتحسين رواتبهم وتحسين ظروف عيشهم وعملهم الأكاديمي والتربوي والبحث العلمي، تم بفضل تعبئة نساء ورجال التعليم العالي، في إطار النقابة الوطنية للتعليم العالي، التي لها المصداقية والشرعية النضالية والتاريخية التي مكنتها من تمثيل جل الأساتذة الباحثين. ويظل ورش إصلاح التعليم العالي شكلا ومضمونا، وجودة التدريس وإرساء بنيات حقيقة للبحث العلمي والتكنولوجي، ورعاية الطلبة والباحثين ماديا ومعنويا، وخلق جو جامعي في إطار مركبات جامعية على غرار البلدان المتقدمة، تظل هذه الملفات من الأولويات التي على النقابة الاستثمار فيها بتنسيق مع الأطراف الأخرى، من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والقطاع العام والقطاع الخاص، مع التفتح على الخارج لحل مشاكل تمويل البحث العلمي وجودة التدريس والتأطير والبحث، حتى تصبح الجامعة بحق قاطرة للتنمية، والنقابة الوطنية للتعليم العالي قوة اقتراحية وفضاء للنضال لتحسين ظروف عيش وعمل نساء ورجال التعليم ومستخدمي وطلبة الجامعة. رابعا : استشراف المستقبل النقابي على ضوء تجربة ثلاث عقود: خلاصات واستنتاجات على النقابة الوطنية للتعليم العالي الحرص على ملف نقابي ثقيل يتكون راهنا من ثلاث تحديات أساسية: رفع المردودية التربوية الجامعية، وتشجيع البحث العلمي والتكنولوجي المتطور، وتحسين تدريس اللغات الأجنبية وأساسا اللغة الانجليزية. وهذا يتطلب عناية مادية ومعنوية بالموارد البشرية التي تسهر على التكوين والتأطير والبحث العلمي. أ. ملف رفع مستوى الإنتاجية والمردودية التربوية بالجامعة المغربية؛ رغم المجهودات والتضحيات التي تقوم بها الدولة لتوفير تعليم عالي مجاني لمعظم طلبة المغرب بالجامعة المغربية وعدد من المدارس العليا ، والدعم المادي والمعنوي كالبرنامج الاستعجالي الذي رصد إمكانيات هامة للجامعة، وتم رفع منح الطلبة وتعميم نظام التغطية الصحية عليهم، وهي تضحيات كبيرة من الشعب المغربي لتكوين الموارد البشرية، ورغم كفاءة جل نساء ورجال التعليم العالي، وتضحيات معظمهم للرفع من المستوى التعليمي، فقد انخفض مستوى التعليم العالي إلى درجة لا تحتمل، أصبح يتطلب تدخلا عاجلا وفعالا لتسوية أوضاع التعليم العالي برمته. والتقارير التي حللت معطيات هذا الملف، داخليا وخارجيا، والرتب التي تبوأتها جامعاتنا وخرجت بتوصيات، لا تحتاج إلى تعليق. ب. ملف الاهتمام بالبحث العلمي وخاصة في العلوم الإنسانية وفي البحث التكنولوجي المتطور؛ كل تقدم لشعب أو دولة لا يتم إلا بتطور البحث العلمي والتكنولوجي، وتقدم موازي في العلوم الإنسانية والأدبية، ومنها الفلسفة وعلم الاجتماع والجغرافيا والتاريخ...والاقتصاد.. ويلاحظ خلال عدة عقود، شبه إهمال للبحث في العلوم الإنسانية ولخصوصيات موادها من لدن الحكومات والوزارات الوصية. ولذا حان الوقت لإرجاع الاعتبار للعلوم عامة، والعلوم الإنسانية والاجتماعية والأدبية خاصة. ويتطلب هذا فتح المجال للشباب الباحث لتشجيعه على التكوين الرصين في التخصص والتسلح بالمهارات وأدوات البحث الحديثة والتمكن من اللغات الأجنبية وخاصة الأنجليزية. ومن سوء حظ الجامعة المغربية، أنه عندما تم وعي المسؤولين عن التعليم الجامعي في بلدان الاتحاد الأوروبي، والذي كان له صدى إيجابي في بلادنا، حيث شرع الاهتمام بهذه العلوم الإنسانية والأدبية واللغوية، بدأت الجامعات العريقة كجامعة محمد الخامس تستنزف أهم مواردها البشرية المتوفرة على خبرة تزيد أحيانا عن أربع عقود من التعليم والبحث. إن أكثر من 50 أستاذة وأستاذ يغادر جامعة محمد الخامس سنويا خلال السنوات القادمة، بعد إحالتهم على التقاعد. ولذا وجب التفكير الجدي في تعويض كل المتقاعدين وتغطية فراغ النزيف الذي حصل مع المغادرة الطوعية في أوساط الجامعة حيث غادر طوعيا، على سبيل المثال، أزيد من 90 أستاذة وأستاذ للتعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط وحدها. ولكن في إطار المواطنة والتضحيات، فإن عددا من نساء ورجال التعليم العالي لهم رغبة في الاستمرار في إفادة مختبراتهم العلمية عبر تجاربهم العميقة وفي تكوين المؤطرين من الشباب الملتحق بالجامعة، وخاصة الجامعات العريقة كجامعة محمد الخامس التي ستفقد أساتذة من عيار ثقيل خلال الخمس سنوات القادمة. ولذا وجب تنظيم عقود بين الوزارة الوصية وهؤلاء، حتى يظلوا، خلال تقاعدهم الإداري في ارتباط مستمر مع بنيات البحث والتأطير عبر ما يسمى في الجامعات الفرنسية (أساتذة فخريين Professeurs émérites)؛ بحيث أن نشاطهم الإشعاعي الثقافي والعلمي لا يجب أن ينطفئ مع تقاعدهم الإداري. وهذا لا يعني استمرارهم في التدريس وتحمل المسؤوليات، بل على الدولة خلق مناصب شغل جديدة تعوض كل متقاعد، للرفع من مستوى التعليم العالي والبحث العلمي وتجديد النخب. المطلوب فقط، الاستفادة من خبرات الأساتذة الفطاحل الذين راكموا تجارب فريدة ولهم إشعاع علمي بالداخل والخارج، عبر مصاحبتهم للباحثين الشباب الذي كانوا بالأمس القريب طلبة لهم. وتشجيع الأساتذة المساعدين على البحث الجدي لتهييئ ملفاتهم لاجتياز مباريات التأهيل، وذلك لتغطية الخصاص من الأساتدة الذين أحيلوا على التقاعد ج. ملف التحكم في مستوى اللغات الأجنبية. إن مستوى اللغات منخفض جدا وسط طلاب الجامعة المغربية، حتى على مستوى اللغة العربية، فأحرى الفرنسية والأنجليزية والإسبانية. وعلى الوزارة المعنية، وبمرافقة النقابة لها، رفع تحدى تحسين مستوى التحكم في اللغات وخاصة الأجنبية؛ بل هي أولوية لتقدم التعليم والبحث في جامعاتنا. فلا يعقل أن يتقن الطالب والطالبة الألمانية اللغة الأنجليزية، فهما وتحدثا وكتابة وبحثا؛ في الوقت التي لا يستطيع فيه طالب (أو طالبة) مجاز في العلوم الإنسانية بكلية الآداب بجامعة محمد الخامس، حتى قراءة صحيحة لنص بالفرنسية؛ علما بأنه حاصل على الباكلوريا والإجازة. د- الاعتناء بالموارد البشرية وبالفئات المتقاعدة من نساء ورجال التعليم العالي مفتاح التقدم إن فئة نساء ورجال التعليم مقارنة بفئات أخرى، لا زالت تعيش في مستوى متوسط لا يسمح لها بالتمتع بعدد من الخدمات في مستوى سلمها الاجتماعي كنفقات تكوين أبنائها منذ الحضانة إلى التعليم العالي بالداخل والخارج، وسكن لائق، وترفيه واستجمام، وسياحة وقضاء عطل ممتعة بتكلفة مناسبة. ولذا، مطلوب من الساهرين على تسيير وتدبير الشؤون التعليمية والنقابية، الاهتمام بالجوانب الاجتماعية لنساء ورجال التعليم العالي، ليس فقط الممارسين في الحقل التربوي والبحث العلمي، بل حتى اولئك الذين ضحوا من أجل رفع راية العلم والبحث العلمي بالجامعة المغربية في ظروف صعبة، وقد أحيلوا على التقاعد الإداري بعد أربع عقود أو أكثر من العمل، بعدما حملوا على أكتافهم الجامعة المغربية الفتية في وقت الشدة. فمن واجب الدولة والنقابة أن يفكرا في مرحلة ما بعد التقاعد بتوفير عدد من الحاجيات والخدمات على مستوى هذه الفئة الاجتماعية كتهييء برامج للرحلات السياحية والترفيهية والعمرة والحج، وبناء مركبات ثقافية، وتشييد نوادي للمسنين من أجل العلاج، والتمريض، والعناية بهم وبأسرهم ماديا ومعنويا...في إطار مؤسسة محمد السادس للتعليم. كما أن الشباب الملتحق بالجامعة محتاج أكثر من أي وقت مضى، نظرا للأزمة الحالية وارتفاع الأسعار والعقار بشكل خاص، محتاج إلى سكن مريح ولائق، وقروض بفوائد رمزية لشراء حاجياته، ومحتاج إلى منح لأبنائه لتغطية جزء من مصاريفهم بالداخل والخارج ، ومخيمات لأطفاله، وبطاقات لتنقلاته بتخفيضات هامة، وفتح أندية وإقامات للسكن والاستجمام على المستوى الوطني لاستقبال عائلاته وتأدية نفس أثمنة المنخرطين في هذه الأندية أو المنتمين لبعض الوزارات (أندية وزارة التجهيز، المالية، الفلاحة....السكة الحديدية..). فسواء الشباب الملتحق حديثا بالجامعة أو فئة المتقاعدين من نساء ورجال التعليم، هم محتاجون لتسهيلات وخدمات بأثمنة في مستوى رواتبهم، ولا تختلف عن الأثمنة المعروضة على باقي الفئات التي تنتمي إلى قطاعات أخرى، وتتمتع بامتيازات هامة. خلاصة عامة إن النقابة الوطنية للتعليم العالي إذا ما استمرت في خطها الديمقراطي الوحدوي، بعيدا عن كل هيمنة لفصيل على حساب فصائل أخرى، أو فئة تعليمية على حساب أخرى، ستحصل على مفتاح التوفيق في نشر رسالتها وأداء واجبها النضالي، مستندة على علماء البلاد ونخبتها الثقافية والفكرية. نتمنى أن تظل النقابة الوطنية للتعليم العالي، كما كانت في جل الفترات، إطارا وحدويا ديمقراطيا منفتحا على الآخر بدون تمييز، لينخرط فيه كل نساء ورجال التعليم العالي بالجامعات والمعاهد العليا والمدارس العليا التربوية. هذه الوحدة التنظيمية هي مفتاح التقدم لتعليمنا العالي كقوة اقتراحيه، وقوة تفاوضية معنوية وجماهيرية أمام الفاعلين في الوزارة الوصية والحكومة، وصمام أمان لنساء ورجال التعليم العالي. إنها منظمة جماهيرية عتيدة وجب تحصينها لتعكس مصداقية قاعدتها وقيادتها. وإن أي تفكير تقسيمي سيضر بالأساتذة الباحثين مهما كانت مبرراته. فقوة الأساتذة الباحثين تكمن في وحدتهم التنظيمية في إطار النقابة الوطنية للتعليم العالي. ورغم ما تحقق من عمل ننوه ونشكر عليه كل الذين وهبوا حياتهم لخدمة الآخرين، فإن المشوار النضالي لا زال طويلا. وعلى الأجيال الحالية والمستقبلية أن تستمر في حمل المشعل عاليا، لخلق الأجواء السانحة بتكوين جامعي رصين، يلبي حاجيات المجتمع والبلاد، وبحث علمي وتكنولوجي وفكر حداثي، يرفع رتب جامعاتنا لأعلى مصاف الجامعات العالمية ذات الصيت العالمي والمصداقية والفعالية. الرباط في 23 فبراير 2015 * مناضل نقابي وأستاذ التعليم العالي بكلية الآداب جامعة محمد الخامس الرباط في الفترة 1968-1972 تعاقب على قيادة أوطم المناضل عبداللطيف المنوني الذي كان في هذه الفترة رئيس المنظمة الطلابية الإتحاد الوطني لطلبة المغرب وسيعقبه المناضل محمد الخصاصي ثم المناضل ألطيب بناني. وسيتم حظر نشاط المنظمة الطلابية (أوطيم) عمليا في مطلع السبعينات 1973 بعد وصول التيار اليساري «إلى الأمام» إلى القيادة في شخص المنبهي، خاصة لما صدر عن المؤتمر الوطني للمنظمة الطلابية موقف مناوئ للوحدة الترابية «قضية الصحراء الغربية المغربية» وما سمي بتقرير المصير «للشعب الصحراوي». وستكون انتكاسة للعمل الطلابي بعد الحظر المتكرر على هذه المنظمة العتيدة التي تخرجت منها أطر وطنية محنكة من مختلف الأحزاب السياسية المغربية. ومنهم أساسا المناضل صدقي محمد الذي كان مكلفا بخلايا حي أكدال بالرباط في إطار فضاء للنقاش والتكوين، بمعية مناضلين من هذا التيار ومنهم بومقص. وعلى سبيل الذكر : محمد الدير وكرزازي علي، وحسن المباركي، ومحمد الشيكر، ثم أمينة لمريني والسويدي عبدالقادر وبرجوان ومحمد الرهج لا حقا وآخرين. في هذه السنة انسحب عدد من مناضلي الحزب ممن أطلق عليهم اليساريين المتطرفين الذين انخرطوا في تنظيم «إلى الأمام». وكانت أول خلية تؤسس لتخلف المغادرين بكلية الآداب بالرباط، ومن مناضليها (كان قد تتبع تأسيس هذه الخلية الرفيق محمد الدير وحسن المباركي)، نذكر : على كرزازي والخياري رقية وخديجة والبلغيتي كنزة وموسى كرزازي وأمينة لمريني بعد التحاقها بالجامعة بالرباط، منهم على سبيل المثال نذكر المناضلين حمدات وحميد السويدي، وعبدالرحمان الموذن ، ومحمد عياد وبنعيسى البهلولي، والنجاتي وعلي كرزازي وخيرات عبدالهادي ، وبالدار البيضاء (أحمد سالم لطافي، والمحجوب الكواري..وعبدالله الغربي..والبزاوي.وسليم رضوان...وغيرهم). منهم على سبيل المثال المناضل محمد عياد، وعبداللطيف كمال والحسين بوزينب وغيرهم. منهم مناضلون وكتاب محليون تعاقبوا على مسؤولية المكاتب المحلية بكلية الآداب (عبدالرزاق الدواي، عياد محمد، كمال عبداللطيف، كرزازي موسى، محمد السعيدي، السيدي، عبيزة وبودحيم....). ومنها مبادرة تأسيس فدرالية نقابات التعليم العالي ببلدان المغرب العربي التي ترأسها الأخ محمد الدرويش الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي. ومعظم المناضلين كانوا ينتمون للصف التقدمي في أعرق الكليات بجامعة محمد الخامس ثم جامعة الحسن الثاني ومنهم من تحمل مسؤوليات القطاع النقابي بالرباط سواء في أحزابهم كأحمد الغرباوي ومصطفى الزاوي ولحسن موثيق الذين غادرونا على حين بغتة قبل تقاعدهم رحمهم الله. والمجال لا يسمح بذكر كل أسماء كل المناضلين وعلى سبيل المثال نذكر منهم من جمعتنا بهم ساحة النضال النقابية لعقود في الجامعة وخاصة من كلية العلوم ومنهم أمل برادة ومصطفى البرايمي ومكرام جلول وصابر عبدالحكيم ، والمامون السويدي والعماري والبلاوشي عبدالكبير؛ ومن كليات ومدن أخرى: يوسف الكواري وأنفلوس محمد، وبوشلخة، وبودواح، والأسعد، المصباحي، الصبيحي أمين وعبدالرحمان، والرفيقات فاطمة الشعبي، والمعموري غزلان، وفاطمة ومحمد الزاوي والبلغيتي عائشة، والعمري، وبلغازي الطيب، بنخاي.. ومناضلون آخرون ناضلوا قبلنا في هذه النقابة والتحقنا بهم كالأستاذة عمر الفاسي وعبدالقادر برادة والقايدي والخياري التهامي وعبدالكريم بلكندوز وفتح الله ولعلو وخالد الناصري، عزوز الهاشمي، ومسواك، وعبداللطييف المنوني والحبيب المالكي ومحمد عاشور ومحمد الخصاصي والطيب بناني والتباع، أو من تحملوا مسؤولية الكتابة الوطنية للنقابة كالأساتذة إدريس العراقي وإسي أعراب والبشير وبوطالب الجوطي والأستاذة فوزية كديرة وغيرهم... من أهم العمداء الذين تعاقبوا على تسيير كلية الآداب في هذه الفترة (1980-2015): نذكر منهم الأساتذة حسن مكوار، ومحمد حجي، وبنداود وبنسعيد سعيد وبريان محمد وعبدالرحيم بنحادة وحاليا يشغل منصب العميد الأستاذ جمال الدين الهاني (يناير 2015). تم تعيين نواب للعميد مكلفين بالشؤون التربوية بالعرفان على التوالي منذ بداية الإصلاح : الأستاذ الهاني جمال الدين (العميد منذ 2014) ثم المخطاري محمد الذين أبلوا البلاء الحسن لتحسين شروط العمل التربوي والإداري بموقع العرفان، الأستاذ الصالحي محمد مكلف بالتعاون والبحث. وحاليا الأستاذة القراط يمينة كنائبة للعميد مكلفة بالتعاون والبحث العلمي.