أعلن رسميا مساء يوم الجمعة عن تأسيس اتحاد نقابات التعليم العالي بالمغرب الكبير، كإطار نقابي إقليمي تشاوري يضم خمس نقابات للأساتذة الجامعيين بكل من ليبيا، تونس، الجزائر، موريتانيا والمغرب، يكون مقره بمدينة الرباط. كما تم بالإجماع انتخاب محمد الدرويش الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي بالمغرب رئيسا لهذا الاتحاد . ففي مدرج الشريف الإدريسي الذي طبقت أبحاثه العلمية في مجال الجغرافية الآفاق وبكلية الآداب التابعة لجامعة محمد الخامس أكدال، رفع أعضاء أول مكتب تنفيذي للاتحاد المغاربي علامات النصر في إشارة إلى الانتصار على حالة الانكسار والجمود التي أصابت اتحاد المغرب الكبير سياسيا منذ تأسيسه في فبراير 1989، معلنين الوحدة النقابية لرجال ونساء التعليم العالي، حيث أكد الدرويش في تصريح لبيان اليوم أن تأسيس هذا الاتحاد يعتبر بمثابة استجابة للإرادة الشعبية التي ترنو وحدة بلدان المنطقة، مبرزا أن هذا الاتحاد الذي سيجمع الأساتذة الجامعيين المنتمين للمؤسسات الجامعية بدول المنطقة الخمس، سيعمل من أجل تعزيز التعاون العلمي والمعرفي في أفق بلورة منظومة جامعية مغاربية.. وكان الإعلان عن هذا الاتحاد قد تم في ختام الندوة العلمية المغاربية حول موضوع «البحث العلمي في دول المغرب العربي: الإشكالات والرهانات» التي نظمتها على مدى يومي الخميس والجمعة الماضيين بالرباط النقابة الوطنية للتعليم العالي بالمغرب بتعاون مع الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي بتونس، والمجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي بالجزائر، والنقابة الوطنية الوطنية لأعضاء هيئة التدريس الجامعي بالجماهيرية الليبية والنقابة الوطنية للتعليم العالي بموريتانيا. وأكدت التوصيات التي أسفرت عنها أشغال هذه الندوة التي تداولت بشكل عميق وصريح مختلف الإشكاليات التي تعترض البحث العلمي في الدول المغاربية، أن دول المنطقة مطالبة بإعادة النظر في الميزانيات المرصودة للبحث العلمي، وجعله من ضمن الأولويات الحكومية عبر سن سياسة واستراتجية واضحة في المجال. وسجلت أن البحث العلمي الذي يعد خيارا استراتيجيا لامحيد عنه لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية تواجهه العديد من الاختلالات على مستوى النهوض به، منها غياب سياسة جادة في المجال، وكذا غياب استراتيجية واضحة المعالم، هذا فضلا عن ضعف الميزانيات المرصودة وعدم توزيعها بشكل عقلاني، وضعف ما ينتج من منشورات ومرجعيات وبراءات حيث لاترقى إلى الشكل المطلوب . ودعا ممثلو النقابات الخمس المشاركون في هذه الندوة، دول المنطقة إلى العمل على تشجيع التعاون للارتقاء بالمجال العلمي عبر إحداث قنوات تمكن الباحثين في مجموع هذه الدول من تبادل الخبرات فيما بينهم، وكذا إحداث مجلة مغاربية سنوية خاصة بالبحث العلمي، بشكل تداولي في الإصدار بين دول المنطقة. وأبرز محمد درويش «أن البحث العلمي رافعة أساسية لتطوير منظومة الاقتصاد والتكنولوجيا من أجل مجتمع متقدم ومتطور يساير العصر، مضيفا أن المغرب طور منظومة التعليم العالي والبحث العلمي منذ إنشاء أول جامعة خلال نهاية الخمسينات من القرن الماضي، حيث استطاع تطوير مغربة الأطر الجامعية كما ساهم في تنويع التكوينات ومجالات البحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية والسياسية والعلوم الحقة والطبية والفلاحية تماشياً مع التطور العالمي لهاته المنظومة. إلا أن هذا الأمر، يضيف المتحدث، لم يكن في مستوى انتظارات الأساتذة الباحثين ولا تطلعات الفاعلين النقابيين والاجتماعيين وغيرهم. إذ «لم نتمكن من المسايرة الحقيقية لهذا التطور، فحصل التراجع في تطبيق مشاريع البحث في أغلب المجالات». وشدد في هذا الصدد ، على ضرورة إيلاء أهمية خاصة واستثنائية للبحث العلمي والتكنولوجي، وجعله من ضمن الخيارات الإستراتيجية الكبرى للمغرب حتى يتمكن من مواكبة التطورات العالمية السريعة في شتى المجالات .