إدانة صريحة وشديدة لإرهاب داعش والهجمة الإمبريالية الجديدة اختتم، أول أمس، اللقاء اليساري العربي الذي انعقد بالعاصمة الرباط في دورته الخامسة، في ضيافة حزب التقدم والاشتراكية، وبحضور ممثلين عن 13 حزبا يساريا من عشرة بلدان في العالم العربي، انكبوا على مدى يومين على تدارس الأوضاع العامة في بلدان المنطقة العربية، وتقييم أداء اليسار في تفاعله مع القضايا المجتمعية المختلفة، وبحث السبل الكفيلة بتعزيز نضال أحزاب اليسار من أجل التغيير الديمقراطي. وقد تميز اللقاء الخامس لليسار العربي بالمصادقة على البيان الختامي الذي شكل خلاصة لأشغال هذه الدورة، وعبر من خلاله اليساريون في العالم العربي عن مواقفهم حيال القضايا الكبرى التي تعتمر المنطقة وشعوبها في ظل تنامي الهجمة الإمبريالية، وخطر الجماعات الإرهابية التي باتت تهدد المنطقة برمتها. وأكد المشاركون في هذا اللقاء على دور أحزاب اليسار في مواجهة هذه المخاطر، والحاجة الملحة للتنسيق والتضامن وتوحيد الرؤى بين مختلف مكونات اليسار العربي، وتبادل التجارب والتحاليل والمواقف في أفق استكمال مهام الثورة الوطنية الديمقراطية. وأوضح البيان الختامي لليسار العربي أن الديمقراطية، بما تضمنه من حريات عامة وتعددية سياسية وفكرية، ومن حق في الاختلاف واحترام إرادة الشعب المعبر عنها بواسطة الانتخابات الحرة والنزيهة، هي الطريق الأمثل لحسم الصراع السياسي ولممارسة السلطة، مشيدا، في السياق ذاته، بالمسار الإيجابي لكل من تجربتي الشعبين المغربي والتونسي، باعتماد اليسار، على اختلاف توجهاته، طريق التغيير الديمقراطي، وبدوره إلى جانب القوى الديمقراطية في مسار التحولات المجتمعية في المغرب وتونس. ووقفت أحزاب اليسار في العالم العربي على الأدوار التي يضطلع بها اليسار في كل من تونس والمغرب، من أجل تطوير التجربة الديمقراطية، سواء من موقع المعارضة أو المسؤولية الحكومية. وتميز اللقاء اليساري العربي، في دورته الخامسة، بمشاركة ثلاثة أحزاب يسارية مغربية وهي حزب التقدم والاشتراكية، مستضيف اللقاء، ممثلا بعضوي الديوان السياسي للحزب خالد الناصري وعبد الواحد سهيل، وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي ممثلا بنائب الكاتب العام علي بوطوالة، ثم حزب النهج الديمقراطي ممثلا بعضوي الكتابة الوطنية عبد المجيد الراضي والحسين الهناوي. وكانت أشغال هذا اللقاء الذي أداره عبد الواحد سهيل عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية إلى جانب ماري الدبس منسقة اللقاء اليساري العربي ونائبة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني، قد عرفت طلية يومين نقاشا وتفكيرا عميقين حول مختلف القضايا الكبرى التي تواجهها شعوب المنطقة في علاقة بالتطورات الأخيرة التي طرأت ما بين اجتماع اللقاء في دورته الرابعة والخامسة، خاصة في ظل تنامي الأعمال التخريبية والإجرامية التي تقوم بها الجماعات الإرهابية الممثلة في "داعش" و"النصرة" و"القاعدة" وغيرها في العراق وسوريا ولبنان والأردن ومصر وليبيا. وقد عبر اليساريون في الوطن العربي عن إدانتهم الصريحة للإرهاب. كما دعوا إلى ضرورة تشكيل جبهة واسعة منفتحة على القوى الوطنية والديمقراطية، مختلفة المشارب والآفاق، لمواجهة الإستراتيجية الإمبريالية المتمثلة في تقسيم المنطقة، وإذكاء النعرات الطائفية، وتشجيع ودعم التقسيمات الطائفية، والاقتتال الداخلي لتحويل اتجاه الصراع من صراع مركزي ضد الإمبريالية والصهيونية وحلفائها من الأنظمة والتنظيمات إلى صراع محلي وطائفي، كإستراتيجية تمكن من تسهيل الهيمنة والتحكم والإخضاع. وبعد تقييمه للعمل الذي قامت به لجنة المتابعة، ما بين الدورتين، والتي كانت مدرجة في جدول أعمال اليوم الأول، تميز اليوم الثاني من برنامج الملتقى، بعقد ندوة حول موضوع: "الحركات الإسلامية"، وذلك على ضوء أرضية معدة من قبل كل من الحزب الشيوعي السوداني والحزب الشيوعي المصري، وهي الورقة التي تفاعل معها أعضاء اللقاء اليساري العربي، في قراءة سياسية ونظرية تتوخى كيفية التعامل مع حركات الإسلام السياسي، وفق تحليل موضوعي يشخص الظاهرة في كل أبعادها انطلاقا من التجارب المختلفة لأحزاب اليسار في العالم العربي في علاقة مع هذه الحركات. وقدمت كل الأحزاب المشاركة في اللقاء قراءة متأنية في واقع حركات الإسلام السياسي، وتم التأكيد على أن التعامل مع هذه الحركات لا يتعين أن يكون على نفس المستوى فيما بينها بالنظر إلى تعددها، وأيضا بالنظر إلى إعلان بعضها الصريح عن إيمانه بالعمل الديمقراطي وبالعملية السياسية والتداول على السلطة عبر الانتخابات الحرة والنزيهة، وأيضا بالنظر إلى وجود بعض قوى "الإسلام السياسي" التي تشترك مع اليسار في محاربة الإمبريالية والصهيونية. وقد أكد جميع المتدخلين في اللقاء اليساري العربي، على الأهمية التاريخية والنظرية لورقة الحزبين الشيوعيين السوداني والمصري، مع إبداء ملاحظات منهجية وعملية تروم التركيز على عدم اعتبار الإسلام السياسي هو الخصم الوحيد لانعتاق الشعوب العربية ولبناء الدولة الديمقراطية الحداثية، مؤكدين على ضرورة استحضار الأدوار التي لعبتها، تاريخيا، كذلك، الإمبريالية والقوى الرجعية الأخرى ضد طموحات وتطلعات الشعوب في الانعتاق والتحرر. يشار إلى أن اللقاء اليساري العربي يعد تجمعا للأحزاب المنتمية لعائلة اليسار في دول المنطقة، ويمثل فضاء لتبادل التجارب المختلفة بتنوع خصوصياتها، وبحث القضايا والأسئلة الكبرى الكفيلة بتأطير نضالات قوى اليسار وتعزيز قيم التضامن بين الشعوب والمضي قدما في تجسيد البديل اليساري القائم على الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية.