يخلف إصاباتين واعتقال ثلاث شبان مرة أخرى، وبعد أحداث الفقيه بن صالح، عدوى آلة الأجهزة الأمنية العنيفة، تطال بداية الأسبوع الجاري في واضحة النهار، شباب وشيوخ ونساء عُزّل من دواوير تنفردة وبوسكور وإسوكا بجماعة بني عياط، دائرة افوراربإقليمأزيلال، بمبرر عدم شرعية بناء خيمة بالقرب من الطريق الوطنية رقم 08، وكانت النتيجة اعتقال ثلاث شبّان، وتعنيف مسنتين يرجح أن إحداهن أصيبت بكسر على مستوى يدها اليمنى، تم نقلهما إلى المستشفى الجهوي ببني ملال، بعد حوالي ساعة من الانتظار لسيارة الإسعاف. المحتجون، الذين تعالت أصواتهم وأصوات نسائهم وأطفالهم، جاؤوا ليشْكُوا أحوالهم المعيشية، وحالة مرضاهم في غياب مركز صحي يليق بحاجيات الساكنة وحجمها، وإذا بالبعض منهم يتحول إلى رقم آخر من المرضى بفعل المعالجة الأمنية بكل مساوئها وتأثيراتها السلبية للتظاهرة السلمية للسكان. جريدة "بيان اليوم" التي رصدت الآلة القمعية، وهي تحصد الصحيح والسقيم والشاب والمُسن ولا تُفرق بين الرجل والمرأة في زمن الألفية الثالثة، حيث الكل يتغنى بسمفيونية حق التظاهر والاحتجاج، وشعارات متْنى وثُلاثَ أبعد من أن تكون قريبة إلى هذا الواقع المتشظي، استمعت إلى من سبقت إلى أدانهم لغة العصا قبل الحوار، وهم يُشخّصون بمرارة ما آل إليه الوضع بدواوير الجماعة في ظل عبث اجتراري أمسى أو ربما قد يمسي مع ولع وشغف المسؤولين بالكراسي إلى عُرف تقليدي، رغم بوح هذه الأصوات المكلومة. آلة القمع هاته، التي تنضاف إلى سجل الأمني بالإقليم، لم تطل في الحقيقة هذه الأجساد الهشة بلحمها ودمها فقط، إنما طالت تطلعات وأمال وألام فئات مستضعفة في المغرب العميق، رفعت صوتها فقط للتعبير عن حاجيات اجتماعية، تضْمنُها كل الدساتير الديمقراطية، ومواثيق حقوق الإنسان، ولا يضْمنُها، للأسف، قول المسؤولين ووعودهم بهذه المنطقة، ولذلك ورغبة منها في تغيير هذا الواقع، وتماشيا مع رؤى عاهل البلاد، ودستور 2011، خرجت هذه الشرائح بكل فئاتها العمرية للاحتجاج على تأخر "مطالب اجتماعية"، ولتقول كفانا فسادا، واستهتارا، وإبرا مُسكنة. ومطلب الماء الصالح للشرب والكهرباء، التي تقول ساكنة بني اعياط، أنهما شبه منعدمين بالجماعة، ووضعية المستوصف الصحي ذي الممرضتين الوحيدتين، وحالة الطريق والمدرسة التعليمية التي يرثى لهما، يقول احد الفاعلين الجمعويين لا تقتضي كل هذه الترسانة الأمنية، بقدر ما تتطلب إنصاتا حقيقيا للساكنة والعدول عن لغة التسويف والمماطلة وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وترسيخ ثقافة المراقبة المستمرة، ونبذ سياسة غض النظر بالعديد من الجماعات الترابية التي تحولت للأسف وبشهادة الكثيرين إلى وكالات تجارية، وظيفتُها إغناء الغني وتفقير الفقير، وتركيع الساكنة من خلال هذه الملفات المطلبية ذات البعد الاجتماعي، بعد كل نصف عقد من الزمن، حيث تتحول وتؤول إلى ورقة انتخابية مربحة. واليوم، وبعد هذا الاحتجاج، وخلافا لما تُروجه بعض أبواق الفساد التي تقتات من الماء العكر، والتي تصف هذا الحدث بالحملة الانتخابية السابقة لأوانها، نؤكد، يقول أحد مؤطري التظاهرة، على أن التجمع الاحتجاجي اليوم يحمل بين طياته، مطالب جد محددة، تتجسد في تعميم الربط بشبكة الماء الشروب والكهرباء وإصلاح الطرق وإحداث مركز صحي، يتماشى وطموحات الساكنة، والعمل على تنمية المنطقة وإخراجها من حيز الإقصاء والتهميش عبر تفعيل سياسة مواطنة تلبي بالأساس حق المواطن في العيش الكريم، وهي كلها مطالب يقول المتحدث لا تحتاج إلى تنقيب أو دراسة، إنما يُشخصها واقع الحال بهذه الدواوير التي سبق لها وأن خرجت خلال الصيف الماضي للاحتجاج عن العطش، وكان الجواب عشرات الوعود الزائفة، التي لم تتحقق إلى حدود اليوم، وقد تكون عاملا موضوعيا فيما يجري حاليا من احتقان جماهيري. غير هذا، علمت بيان اليوم، أن فاعلين جمعويين وسياسيين بالإقليم قد دخلوا على الخط، حيث تم تكوين لجنة للحوار مع عامل إقليمأزيلال محمد العطفاوي، الذي أكد استعداده للإنصات في أي وقت لمشاكل المواطنين، شريطة العدول عن نصب خيمة الاحتجاج بالمحاذاة مع طريق وطنية. وبعد سرد للملف المطلبي وعد العامل مرة أخرى المحتجين بانطلاق أشغال الطريق المؤدية إلى تنفردة خلال الأسبوع المقبل وأيضا بعقد اجتماع مع المكتب الوطني للماء الصالح للشرب لدراسة مشكل المد بالماء ودراسة سبل حله في أقرب الآجال، كما وعد المسؤول الإقليمي للصحة بإجراء تشخيص حول عدد السكان التابعين لمستوصف تنفردة وبإمكانية إصلاح المستوصف من صندوق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وقد ثم بالموازاة مساء نفس اليوم الإفراج عن المعتقلين من طرف الدرك الملكي بأزيلال بتنسيق مع النيابة العامة .