الندوة الافتتاحية للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء شكل موضوع "القدس: سؤال الثقافة والوجود" محور الندوة التي عقدت ضمن الأنشطة الثقافية للدورة الحادية والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، بمساهمة الكاتبين الفلسطينيين يحيى يخلف وإلياس وديع صنبر، وتأطير الكاتب المغربي عبد الفتاح الحجمري. في كلمته التقديمية أشار الحجمري إلى أن يخلف وصنبر يتمتعان بوضع اعتباري رفيع، انخرطا في الفعل السياسي بعيدا عن أي إيديولوجية فجة، إيمانا بمبادئ إنسانية رحبة، وعلى أساسها أنتجا نصوصا بهية، ترتكز على إيمان بجدوى القضية الفلسطينية. تعكس مؤلفاتهما الواقع الفلسطيني اليومي، يتشابك فيها الانتصار للعدل والكرامة، أملا في التغيير. مذكرا بأن هذه الندوة الافتتاحية، تسعى إلى الوقوف عند أهم مسارات ومراحل القضية الفلسطينية كأقدم حالة استعمار في التاريخ الحديث، من خلال استحضار الوضع الديني والتاريخي والحضاري الذي تحتله مدينة القدس، في الوجدان العربي، وعلى مستوى التاريخ الإنساني عامة. كما تسعى هذه الندوة إلى فضح ما تشهده هذه المدينة الشهيدة من سياسات التهويد وطمس الهوية أمام أنظار العالم، مع ما يتطلبه هذا الأمر من إجراءات لحمايتها، والتي يلعب فيها المعطى الثقافي دور الضامن لهويتها والحافظ لوجودها. فقد توقف يحيى يخلف عند واقع الثقافة في فلسطين اليوم، مشيرا إلى ظهور جيل جديد يكمل المسيرة الثقافية بولوجه للحداثة سواء في مجال الآداب أو الفنون، ويوغل في التجريب، واعيا بأن الأدب الرفيع يخدم القضية ولا يتكئ عليه. هذا الجيل - يضيف يخلف- يتفاعل مع محيطه القومي والإنساني. كما تحدث عن وزارة الثقافة الفلسطينية، التي اعتبر أنها فقط راعية للثقافة وليست منتجة لها، وأن هناك منظمات غير حكومية تلعب دورا مهما في تفعيل الحركة الفنية والأدبية. هناك تضافر جهود فردية وجماعية في تعزيز الثقافة ببعدها الإنساني. وأشار من جهة أخرى إلى تركيز اهتمام المسؤولين الفلسطينين بالمعارك الدبلوماسية القانونية استنادا على القانون الدولي، باعتبار ذلك أكثر نجاعة لكسب القضية الفلسطينية، عبر عدة مبادرات: الحصول على العضوية الكاملة في منظمة اليونسكو، تسجيل مواقع فلسطينية ضمن التراث العالمي. وندد بالموقف الدولي من القضية الفلسطينية، الذي يتسم بالازدواجية، ولا يقف إلى جانبها، لكن فلسطين لم تهزم ولن تهزم، بل تظل صامدة، وبالتالي لن يكون هناك مستقبل للحركة الصهيونية في فلسطين. وأكد صنبر من جهته إلى أن الإنتاج الثقافي في فلسطين يعرف حيوية مذهلة، بالرغم من الظروف المعيشية الصعبة، حيث أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى إلى جعل حياة المواطنين الفلسطينيين شبه مستحيلة. هناك حضور متكاثر للفنانات بصورة غير مسبوقة في السينما والتصوير على وجه الخصوص، كما أن هناك نهضة موسيقية، بالإضافة إلى جهود كبيرة لرفع مستوى التعليم، وكل ذلك - يضيف صنبر- يعد شكلا من أشكال المقاومة، وعيا بأن الثقافة في فلسطين ليست مجرد نزهة، بل رهان على جعل الحياة محتملة. وأوضح كذلك أن القدس مهددة من الناحية الرمزية وعلى مختلف الجبهات، أخذا بعين الاعتبار أن هدف إسرائيل يصب في إفراغ المدينة من أهلها. وتدخل في هذه الندوة كذلك الأديبان المغربيان خناثة بنونة ومحمد برادة، حيث أشارا إلى أن فلسطين جرح يزاد إيلاما، وأن القضية الفلسطينية ليست مجرد تاريخ وجغرافية، بل تدخل في التفاصيل الصغرى والكبرى لأي إنسان عربي. كما أشارا إلى أن الإسرائيليين ينهجون سياسة الهدم والبلع دون خشية من القانون الدولي.