بعد الساكنة.. المغرب يطلق الإحصاء الشامل للماشية    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    إعطاء انطلاقة خدمات 5 مراكز صحية بجهة الداخلة وادي الذهب    إسدال الستار على الدورة الحادية عشرة لمهرجان "فيزا فور ميوزيك"    موجة نزوح جديدة بعد أوامر إسرائيلية بإخلاء حي في غزة    الإعلام البريطاني يعتبر قرار الجنائية الدولية في حق نتنياهو وغالانت "غير مسبوق"        ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب    الأمن الإقليمي بالعرائش يحبط محاولة هجرة غير شرعية لخمسة قاصرين مغاربة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية        منظمة الصحة العالمية تؤكد أن جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة        عمر حجيرة يترأس دورة المجلس الاقليمي لحزب الاستقلال بوجدة    الأرصاد: ارتفاع الحرارة إلى 33 درجة وهبات رياح تصل 85 كلم في الساعة    ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    قاضي التحقيق في طنجة يقرر ايداع 6 متهمين السجن على خلفية مقتل تلميذ قاصر    ترامب يستكمل تشكيلة حكومته باختيار بروك رولينز وزيرة للزراعة    مظلات ومفاتيح وحيوانات.. شرطة طوكيو تتجند للعثور على المفقودات    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    إفريقيا تنتقد ضعف التمويل المناخي    الاحتفال بالذكرى السابعة والستين لانتفاضة قبائل ايت باعمران    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    كوب 29: رصد 300 مليار دولار لمواجهة التحديات المناخية في العالم    غوتيريش: اتفاق كوب29 يوفر "أساسا" يجب ترسيخه    "طنجة المتوسط" يرفع رقم معاملاته لما يفوق 3 مليارات درهم في 9 أشهر فقط    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    دولة بنما تقطع علاقاتها مع جمهورية الوهم وانتصار جديد للدبلوماسية المغربية    الصحة العالمية تؤكد أن جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ عامة        انقسامات بسبب مسودة اتفاق في كوب 29 لا تفي بمطالب مالية طموحة للدول النامية    المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بوعشرين: أصحاب "كلنا إسرائيليون" مطالبون بالتبرؤ من نتنياهو والاعتذار للمغاربة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية أمام الدورة الثالثة للجنة المركزية للحزب
نشر في بيان اليوم يوم 16 - 02 - 2015

قدم الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، محمد نبيل بنعبد الله، أول أمس السبت، بالرباط، تقريرا أمام اللجنة المركزية للحزب في دورتها الثالثة بعين عتيق بتمارة، تناول قضايا الساعة جهويا ودوليا، وموقف الحزب منها، كما تناول بإسهاب القضايا الوطنية والمواعيد والتحديات القادمة الهامة التي تنتظر البلاد، سواء على مستوى الانتخابات أو على صعيد القضية الوطنية. و استعرض التقرير حصيلة العمل الحكومي برسم السنوات الثلاث الأخيرة، وحصيلة أداء وزراء الحزبه في الحكومة، وتطرق للأوضاع الداخلية لحزب التقدم والاشتراكية.
فيما يلي النص الكامل للتقرير .
الرفيقات العزيزات، الرفاق الأعزاء،
لعله من حسن الصدف أن الدورة الثالثة للجنة المركزية لحزبنا تتزامن مع مرور أربعين سنة على انعقاد مؤتمره الوطني الأول الذي احتضنته الدار البيضاء أيام 21 22 و23 فبراير 1975، والذي كرس توجه التكيف الخلاق والدائم مع الواقع المغربي وتحولاته كما أقره المؤتمر الثالث للحزب الشيوعي المغربي سنة 1966، وسار على هديه وريثه حزب التحرر والاشتراكية، حيث صادق على أطروحة الثورة الوطنية الديموقراطية كوعاء ايديولوجي تمكن الحزب في إطاره من أن يبلور ويبدع مقاربات متكاملة، من قبيل المسلسل الديموقراطي، والبحث عن التوافقات الكبرى، ونهج الحل الوسط التاريخي، في ظل التشبث بالثوابت المبدئية، مما أتاح له أن يرسي أنشطته السياسية على قاعدة تحليلية رصينة، اجتهد لإغنائها، في السنوات الأخيرة، من خلال تخصيب هذه المقاربات لصياغة أطروحة التعاقد السياسي الجديد التي نتحرك في نطاقها، ونقطف ثمار ايجابياتها .
وهذه المقاربة الخلاقة هي التي اعتمدناها، خدمة للمصالح العليا للوطن وقضايا الشعب، كمنهجية في تعاطينا مع مهام مرحلة ما بعد الحراك الديموقراطي لسنة2011، وتحديدا في تعاملنا مع الخارطة السياسية التي أفرزتها أول انتخابات تشريعية وتصدر نتائجها من قبل تيار إسلامي جمعنا معه ائتلاف حكومي يقوم، بشكل واضح، على برنامج إصلاحي مشترك، وليس على محو الفوارق الايديولوجية القائمة.
إنها أربعة عقود مليئة برصيد فكري ثري، وتراكمات نضالية متواصلة، ظل خيطها الناظم متينا ومتماسكا، ألا وهو إعمال استراتيجية النضال الوطني الديموقراطي، بهدف بناء دولة القانون والمؤسسات، وتشييد مجتمع الديموقراطية السياسية، والعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية.
وهي أربعة عقود ظل الحزب خلالها، كما في سائر المحطات التاريخية التي مر منها منذ تأسيسه قبل أزيد من 70 سنة، حزبا وطنيا، ديموقراطيا، حداثيا، يساريا واشتراكيا. ولعل مما يدل على ذلك، كون الحزب مقبل يومي 20 و21 فبراير الجاري، وهذا تزامن دال أيضا مع انعقاد مؤتمره الوطني الأول، على استضافة اللقاء الخامس لليسار العربي، بمشاركة نحو 30 حزبا يساريا من بلدان عربية عديدة، بعد أن كان قد استضاف، في نونبر الماضي « 2014 « الاجتماع الثاني للجنة المتابعة للقاء اليساري العربي الخامس، الذي أصدر بيانا ختاميا تضمن تحاليل وجيهة ومواقف رائدة، وتميز بتثمينه للتجربة المغربية، وتنويهه بالدور العالي الذي يؤديه حزب التقدم والاشتراكية، من موقعه في المؤسسات التشريعية والتنفيذية، في تطوير مسار التحول الديموقراطي الذي يشهده المغرب، والدفاع عن القضايا الاجتماعية لعموم الشعب المغربي.
وهذا يشكل، بحق، شهادة من مكون مهم من مكونات حركة التحرر في المنطقة العربية على صواب مواقف حزب التقدم والاشتراكية، وعلى وجاهة مسار الدمقرطة والتحديث والتقدم الذي تنهجه بلادنا، في ظل ظرفية جهوية ودولية شديدة التعقيد.
الرفيقات العزيزات، الرفاق الأعزاء،
بعد الدورة الأولى للجنة المركزية للحزب، التي خصصت لانتخاب الأمين العام، والثانية لانتخاب المكتب السياسي، في أعقاب النجاح البين للمؤتمر الوطني التاسع، واستئناف الحزب لنشاطه العادي في ظل الوحدة والتلاحم، تأتي هذه الدورة في سياق أوضاع عامة تتسم بمزيد من الاستقرار والتحسن.
ذلك أنه بالرغم من ظروف مناخ جهوي غير مساعد، من حيث الأوضاع السائدة في عدد من بلدان شمال افريقيا والمنطقة العربية، واستمرار آثار الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، وخاصة لدى الشركاء الأساسيين للمغرب من الدول الأوروبية، فقد استطاع المغرب مواصلة مساره في اتجاه تثبيت الاستقرار السياسي، والعمل من أجل تحسين المؤشرات الاقتصادية الأساسية.
وبعد مرور ثلاث سنوات من ولاية الحكومة « تم تنصيبها في 3 يناير 2012 «، يحق لنا، في ضوء الحصيلة الايجابية المحققة، التشديد على صحة اختيار الحزب المشاركة في هذه التجربة الحكومية، والتأكيد على أن نجاح هذه الحكومة يكمن، أولا، في التفاعلات الايجابية وردود الفعل الذكية التي ميزت تعامل المغرب مع الحراك السياسي والاجتماعي الذي عرفه المغرب على غرار بلدان أخرى.
كما يعود هذا النجاح إلى اقتناع هذه الحكومة، منذ البداية، بأنه لا نجاح إلا في إطار احترام دور ومكانة المؤسسة الملكية، وعدم السقوط في نزاعات مفتعلة حاولت جهات الدفع في اتجاهها. وتبعا لذلك كان للحكومة تعامل ذكي مع الواقع المغربي، في ظل المستجدات الكثيرة التي جاء بها الدستور، وضمنها تعزيز دور ومكانة وصلاحيات مؤسسة رئيس الحكومة، في إطار احترام صلاحيات واسعة للمؤسسة الملكية كرسها الدستور « إمارة المؤمنين، ورئاسة الدولة، والقيادة العامة للقوات المسلحة، والسهر على التوجهات الكبرى للبلاد، الداخلية منها والخارجية، ودور التحكيم».
ولقد أدى حزبنا دورا أساسيا في تغليب هذا التعامل، بفضل مواقفه المبدئية، القائمة على اعتبار أن لا تغيير حقيقي إلا في ظل احترام المؤسسات، وفقا لمنطوق شعار مؤتمرنا الوطني التاسع : مغرب المؤسسات والعدالة الاجتماعية.
وعلى هذا الأساس، توفق المغرب في مواجهة ما كان مطروحا من تحديات، حيث تأتى له، في ما يخص الجانب السياسي العام والمؤسساتي، الإسهام في الحفاظ على استقرار البلاد واستتباب النظام العام دون المساس بالحقوق الديموقراطية والحريات، وأمكنه مباشرة تنزيل تدريجي لمضامين الدستور، سواء في الشق المرتبط بقيام وهيكلة المؤسسات الجديدة أو بالمصادقة على غالبية القوانين التنظيمية في اتجاه تأويل ديموقراطي سليم، مع تعزيز مناخ الديموقراطية والحريات الفردية والجماعية، في وقت كان هناك من يتوقع أن يعرف هذا الفضاء تراجعات كبيرة، وهو ما لم يحدث.
حصيلة ايجابية لعمل الحكومة خلال سنواتها الثلاث
أما بالنسبة لأداء الحكومة، على مدى السنوات الثلاث الأولى من ولايتها، الواجب، موضوعيا، تقييمه في إطار استحضار السياق العام الذي تسلمت فيه الحكومة مهامها، فإن الحصيلة ايجابية، على العموم، بإنجازات عديدة في مجالات شتى.
ويتجلى ذلك، على الخصوص، في إقدامها الجريء على مباشرة ملفي الإصلاح المتعلقين بصندوق المقاصة وأنظمة التقاعد، وذلك بمساهمة فعالة لحزبنا، داخل الحكومة ومن خارجها، بما له من مقاربات متميزة سنأتي، لاحقا، على عرضها. كما تتجلى انجازات الحكومة في عملها على تحصين الاقتصاد الوطني في ظل أزمة مالية عالمية، والحفاظ على استقلاليته، وتحسين المؤشرات الماكرو اقتصادية، خاصة من خلال تقليص عجز الميزانية « من 7.3 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2012 إلى 4.9 في المائة سنة 2014»، وتقليص عجز حساب العمليات الجارية لميزان الأداءات « من 9.7 في المائة إلى 6 في المائة خلال الفترة ذاتها»، مع رفع احتياطات الصرف، وتقليص وتيرة تفاقم الدين العمومي، والنجاح الكبير لعملية المساهمة الإبرائية « التصريح بنحو 27 مليار و800 مليون درهم من الأموال والممتلكات المملوكة بالخارج». يضاف إلى ذلك الاجراءات العملية المتخذة في مجالي دعم المقاولة الوطنية وتشجيع الاستثمار.
كما أن الحكومة اتخذت عددا من التدابير الاجتماعية الجريئة، من أجل دعم التماسك الاجتماعي، من خلال رفع الغلاف المالي للصندوق الخاص بذلك من حوالي مليارين و500 مليون درهم، سنة 2012، إلى نحو 4 ملايير درهم سنة 2014، لتمويل عدد من العمليات الاجتماعية « نظام المساعدة الطبية، برنامج تيسير لدعم تمدرس أبناء الأسر الفقيرة، الدعم المباشر للأرامل في وضعية هشة وللأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة»، وإرساء الدعم المالي المباشر للأرامل في وضعية هشة المتكفلات بأطفالهن اليتامى، وتفعيل صندوق التكافل العائلي لفائدة المطلقات المعوزات وأبنائهن، وتأمين التغطية الصحية للطلبة، والزيادة في قيمة وعدد المنح المخصصة لهم، والرفع من الحد الأدنى القانوني للأجر في كل من قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات والفلاحة وفي الوظيفة العمومية، ورفع الحد الأدنى لرواتب التقاعد بالمؤسسات العمومية والجماعات المحلية والمياومين، مع مواصلة تنفيذ التزامات الحكومة بالمقتضيات المالية المرتبطة بالحوار الاجتماعي، ومواصلة دعم بعض المواد الأساسية عبر صندوق المقاصة، وذلك بتخصيص علاف مالي يناهز 130 مليار درهم برسم الفترة 2012 2014 ، وتخصيص 23 مليار درهم لدعم هذه المواد في إطار صندوق المقاصة سنة 2015، مع استمرار الحكومة في تحمل الدعم الموجه لغاز البوطان بمبالغ مالية طائلة ولفائدة ملايين الأسر.
وتتوفر، في هذا المجال، معطيات مرقمة وأكثر تفصيلا، تثبت حقيقة الحصيلة الايجابية للحكومة على مدى ثلاث سنوات من عملها. وقد تعمدت عدم ايراد هذه المعطيات، لأنه فضلا عن كونها باتت معروفة، فإن الحزب بصدد إعداد وثيقة مدققة ليزود بها أعضاء لجنته المركزية ومختلف تنظيماته قصد الاطلاع المتأني عليها ولاستيعاب الحصيلة والدفاع عنها، خاصة في أفق الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
ولابد هنا من التنبيه إلى أمر يجب أن يكون موضع اهتمام وعناية الجميع، ألا وهو ضرورة تملك الحصيلة الحكومية برمتها، وليس فقط المنجزات المحققة في القطاعات التي يتولى حزبنا الاشراف على تدبير شؤونها.
ذلك أن الرصيد الايجابي للحكومة كل لا يتجزأ. وهو رصيدنا جميعا، وليس وقفا على حزب مشارك في الحكومة دون غيره من المشاركين. إنه رصيد أسهم حزبنا، بوفرة وفعالية، في إنجازه، وبالتالي يجب ألا يكون هناك تردد أو حرج في تبني هذا الرصيد، والتعريف به والدفاع عنه.
حصيلة أداء وزراء الحزب في الحكومة
وبخصوصمردودية عمل وزيرة ووزراء حزبنا داخل الحكومة، كل في قطاعه، والتي يضع الحزب في متناولكم وثائق بشأنها مفصلة ومدقة ومرقمة، فهي مردودية إيجابية، كذلك.
ففي قطاع الصحة، تم، على سبيل المثال، توسيع نظام المساعدة الطبية «راميد» ليفوق عدد المستفيدين منه، إلى غاية متم سنة 2014، ثمانية ملايين مستفيد من أصل نحو ثمانية ملايين ونصف مليون من الساكنة المستهدفة. وعلى صعيد السياسة الدوائية، تخفيض أسعار أزيد من 1500 دواء يفوق حجم معاملاتها 2 مليار درهم، وضمنها الأدوية التي تهم الأمراض المزمنة، مع الرفع من ميزانية الأدوية الموجهة للمستشفيات من 675 مليون درهم سنة 2011 إلى مليارين و400 مليون درهم سنة 2014. كما تم إطلاق العمل بالمستشفى المتنقل نهاية سنة 2014، الذي يعبر عن رؤية جديدة وتصور خلاق لتقريب الخدمات الصحية من المواطنات والمواطنين بهدف تعزيز العرض الصحي بالمناطق صعبة الولوج، والشروع في انجاز المخطط الوطني للتكفل بالمستعجلات الاستشفائية وما قبل الاستشفائية لتشييد 80 وحدة لمستعجلات القرب، 60 وحدة من بينها جاهزة وبدأ تشغيلها.
وفي قطاع التشغيل، تحققت، بفضل تضافر الجهود المبذولة، في صيغته الأولى كما في الثانية، منجزات عديدة من بينها إصدار القانون المتعلقبالتعويض عن فقدان الشغل، وهو أول إجراء من نوعه في مجال التأمين عن فقدان الشغل بالمغرب، مع إحداث صندوق خاص بهذا التعويض بداية من 2015، ومضاعفة ميزانيته من 250 مليون درهم إلى 500 مليون درهم، وتمكين الأجراء الذين لم يستوفوا شرط 3240 يوما من الانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من حقهم في استرجاع مبالغ مساهماتهم مرسملة أو استكمال عدد الأيام اللازمة للاستفادة من معاش التقاعد، وهو إجراء استفاد منه أزيد من 35 ألف مؤمن، وذلك بأثر رجعي منذ سنة 2000. كما تم الرفع بنسبة 10 في المائة من الحد الأدنى القانوني للأجر في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات والفلاحة
أما بالنسبة لقطاع الماء، فبالرغم من أن مدة تولي الحزب لتدبير هذا القطاع لا تتجاوز سنة وأربعة أشهر، فقد أمكن، على الخصوص، إحياء مؤسسات وآليات الحكامة في مجال تدبير الماء، ووضع مخطط وطني للماء، يشكل مرجعا استراتيجيا للسياسة الوطنية المائيةسيمكن بلادنا من تأمين حاجياتها من الماء، وضمان الأمن المائي، في ظل مناخ متقلب، إلى غاية سنة 2030. وتم، في هذا السياق، الشروع في انجاز 12 سدا كبيرا، بكلفة إجمالية تفوق 10 ملايير درهم.
وفي ما يخص قطاع السكنى وسياسة المدينة، فإن أهم الانجازات تتمثل في مواصلة تخفيض العجز السكني المتراكم « والمقدر، سنة 2011 بنحو 840 ألف وحدة «، وذلك من خلال تكثيف وتنويع العرض السكني، خاصة الاجتماعي منه، وإطلاق المنتوج الجديد المتمثل في سكن الطبقة المتوسطة، وتحقيق تقدم ملموس في البرنامج الوطني مدن بدون صفيح، والتصدي لظاهرة المباني الآيلة للسقوط، وتحسين شروط السكن عبر عمليات التدخل في الأحياء ناقصة التجهيز وبرامج التأهيل الحضري.
وفي هذا الاطار تم انجاز نحو 483 ألف وحدة «مساكن / بقع أرضية».وفاق عدد المستفيدين من مشاريع القضاء على دور الصفيح 71 ألف أسرة، في أن حوالي 72 ألف أسرة معنية بوحدات سكنية جاهزة أو في طور الإنجاز، بينما تأتى الإعلان عن ست «6» مدن بدون صفيح « وجدة – بوعرفة – أزمورتارجيستسيدي قاسمبركان».
وعلى صعيد سياسة المدينة، تم الشروع العملي في إنجاز البرامج المندرجة في إطار مقاربة هذه السياسة، التي تهم مشاريع للتنمية المندمجة للمدن، وإعادة الاعتبار للمدن العتيقة، ومعالجة السكن الآيل للسقوط، ودعم دينامية النهوض بالمدن الجديدة والأقطاب الحضرية.
وفي هذا الاطار هناك 32 مشروعا متعاقد بشأنها و56 مشروعا في طور التعاقد بكلفة مالية تصل إلى 11 مليار درهم كمساهمة للوزارة.
وإذا أضفنا إلى ذلك مئات الاتفاقيات المتعلقة بالتأهيل الحضري، وبإعادة هيكلة الأحياء غير المنظمة، فيحق لنا القول بأنه ليس هناك منطقة بالمغرب لم يصلها مجهود هذه الوزارة.
بخصوص قطاع الثقافة، وبالرغم من محدودية الوسائل المادية والبشرية واللوجيستيكية، أمكن وضع سياسة للقرب من أجل سد الخصاص المسجل في البنيات الثقافية، حيث لم تكن 96 جماعة حضرية و 39 عاصمة عمالة وإقليم تتوفر، سنة 2012، على أي منشأة ثقافية. وقد تمت تعبئة التمويل اللازم لإحداث ستة (6) مراكز ثقافية، سنويا، في الحواضر المتوسطة خاصة، والإسهام في توفير العرض الثقافي.
كما تم تطوير آلية الدعم الموجه للإبداع لتشمل كل حلقات سلسلة الإنتاج، مع رفع قيمة الدعم الإجمالي، المخصص لمجالات المسرح والنشر والكتاب والموسيقى والفنون الكوريغرافية والفنون التشكيلية والبصرية، من 10 ملايين درهم، سنة 2012، إلى 55 مليون درهم سنة 2015.
وفي مجال الارتقاء بالمحافظة وتثمين التراث المادي واللامادي، تأتى لهذه الوزارة، من خلال إبرام شراكات متعددة مكنت من مضاعفة الغلاف المادي المخصص لهذا المحور من 40 مليون درهم سنويا إلى 150 مليون درهم، وعبر تبني طريقة تدبيرية متقدمة للمواقع التاريخية تنبني على الشراكة بين القطاع العام والخاص لتحسين أدائها و مداخيلها، تحقيق جملة من الانجازات تتمثل، بالخصوص، في تقييد ثلاثة عناصر جديدة كتراث عالمي من طرف اليونسكو، وجرد وتقييد وترتيب 200 عنصر تراثي ضمن اللائحة الوطنية، و تأهيل عدد من المواقع التاريخية و الأثرية.
هذه لمحة عن حصيلة الحكومة ووزراء حزبنا فيها. حقا، قد لا تكون التغييرات الحاصلة كلها ملموسة على مستوى محلي، لكن مع الاقرار بوجاهة التساؤل في هذا الشأن يجب ادراك واقع أن آثار الاصلاحات في قطاعات محددة، مثل التعليم والصحة، من خلال القرارات الحكومية والسياسات العمومية، هي أمور تتطلب وقتا معينا حتى تكون فعالة وظاهرة للعيان ومحسوسة بالقدر الكافي في المعيش اليومي.
على أن هذه الملاحظة تبقى، جوهريا، في محلها من حيث أنها يجب أن تكون مهمازا وحافزا على مزيد من العمل، خاصة عبر ممارسة الحزب ووزرائه، أكثر فأكثر، لسياسة القرب، التي تعني، من بين ما تعنيه، خوض معارك للدفاع، محليا، عن قضايا المواطنات والمواطنين، كما حصل، مؤخرا، في معركة الحي الجامعي بمدينة سطات، وهي معركة تقدم نموذجا مجسما لعمل القرب الذي ينبغي أن تقوم به مختلف الهيئات الحزبية والمنظمات الموازية.
على صعيد آخر، تطرح بين فينة وأخرى بعض القضايا التي تثار حولها عواصف أو قواصف تسعى أطراف مغرضة إلى استغلالها، سواء ضد الحكومة الحالية، أو ضد حزبنا وتوجهاته المبدئية.
وفي هذا السياق، بالذات، أثيرت، مؤخرا، مسألة تتعلق بإقالة طبيب من رئاسة مصلحة النساء والتوليد بأحد مستشفيات الرباط، على خلفية أراد البعض أن يروج بأنها مرتبطة بالموقف المبدئي من مسألة الاجهاض، والحال أن الأمر لا يتعلق، بتاتا، بهذا الموقف، الذي ليس بإمكان أي كان أن يزايد بشأنه على حزب التقدم والاشتراكية.
لقد اتخذنا مواقف جريئة في هذا الموضوع، وكررها الرفيق الحسين الوردي مرارا، كطبيب قبل أن يكون وزيرا للصحة، وكررها لما كان عضوا في القيادة الوطنية لحزب التقدم والاشتراكية كمسؤول عن قطاعه الصحي، قبل أن يتولى تدبير شأن هذا القطاع وزاريا، ثم كوزير للصحة في مناسبات متعددة. وهذه مناسبة، أخرى، لنجدد التأكيد على موقفنا المبدئي، النابع من هويتنا كحزب حداثي تقدمي ويساري، الداعي إلى محاربة الإجهاض السري والتحسيس بمخاطره وإجازة الإجهاض الإرادي في حالات محددة معروفة. وبالتالي لا مجال لأحد كي يزايد على حزبنا وعلى وزير حزبنا في الصحة .
إن كل ما أثير من زوبعة في فنجان هذا الموضوع لا علاقة له، إطلاقا، بالموقف المبدئي منه. كل ما في الأمر أن قرار الاعفاء اياه يرتبط، حصريا، بمسألة إدارية صرفة، ويتعلق تحديدا، بالضوابط والمساطر المنصوص عليها قانونيا وتنظيميا، والمعمول بها في كل المؤسسات الطبية المعنية، وهي ضوابط ومساطر يتعين على الجميع أن يلتزم بها، ويحترمها، ويحرص على إعمالها، بما في ذلك ليس فقط من تم اتخاذ قرار الاعفاء في حقه، وإنما أيضا وزير الصحة الذي ما قام، في هذه الواقعة، إلا بواجبه في تطبيقها، والذي ما كان يحق له ألا يبادر إلى تطبيقها.
دور حزبنا في الحكومة
الرفيقات والرفاق الأعزاء،
إننا على أبواب معركة انتخابية، وفي تقديم الحساب لابد من إبراز الدور المميز لمشاركة حزبنا الوازنة والفاعلة في الحكومة، لكن مع ضرورة تضمين تقييمنا لحصيلة الحكومة جرعة انتقادية، حتى يكون على القدر الذي يجب أن يكون عليه من الموضوعية. فنحن في الحكومة، نعم. ولكن هذا لا يعني أنه ليس لدينا نبرتنا المميزة، وتعاملنا الانتقادي الموضوعي والبناء.
إن مشاركتنا في الحكومة لم تمنعنا، منذ نشأتها، من أن ندق نواقيس التنبيه ، كلما دعت الضرورة، داخل الحكومة وعلانية أمام الرأي العام. والأمثلة على ذلك عديدة، ومنها ما يتصل بالحريات والاعلام والفن، ومنها ما يتصل بالإصلاحات الاقتصادية أو بالقرارات ذات الأثر الاجتماعي.
ومن نتائج ذلك أنه لم يحصل قط أن اتخذت الحكومة قرارا ما يعاكس، كليا، توجهاتنا في هذهالمجالات .
ففي قضية المقاصة، على سبيل المثال، أكدنا على ضرورة عدم اختزال الاصلاح في رفع الدعم، حيث شددنا على ضرورة الدفاع عن القدرة الشرائية، وإصلاح المسالك ومحاربة مواقع الريع، الذي استفادت منه أوساط منذ عقود من الزمن. وهذا مع تسجيلنا للجهود المبذولة، والمكتسبات المحققة، بالنسبة لميزانية البلاد.
أما في ما يخص إصلاح أنظمة التقاعد، وفقا للتصور الشمولي الذي أكدنا عليه في المذكرة التي بعثنا بها إلى رئيس الحكومة، فإن المنطلق الأساس يتمثل في كون إنجاز هذا الاصلاح، الذي يتعين أن يتم على أساس التوفيق بين الأهداف الاجتماعية ومستلزمات التوازن المالي، وإرساء تسعيرة (tarification) منصفة تضمن تغطية الالتزامات، قد بات أمرا مطروحا كإصلاح مستعجل بالنظر للوضعية المالية لصناديق التقاعد التي تهدد المنظومة ككل بأزمة شاملة.
ومن حيث الجوهر، فإن هذا الإصلاح لابد وأن يكون هدفه الأسمى هو تعميم نظام التقاعد ليشمل مختلف فئات الشغالين والساكنة النشيطة، ويجسد مبدأ المساواة بين المواطنات والمواطنين بالنسبة لأنظمة التقاعد، وبلورة مبدأ التضامن بين الأجيال. وهو إصلاح يستوجب، كذلك، الحرص على ضمان الاستدامة والمتانة المالية للمنظومة ككل.
وللأسف، فإن موضوع الإصلاحات الجبائية، باستثناء بعض الترتيبات المرتبطة بالضريبة على القيمة المضافة، لم يباشر بعد في اتجاه ما نطمح إليه من تكريس للعدالة الاجتماعية ورقي بالفئات المستضعفة.
وبينما يظل إصلاح الإدارة ورشا لم يعرف تقدما ملموسا، فإن التعليم يستمر في تصدر قائمة القضايا الشائكة بالنسبة لبلادنا، مع أنه لا يمكن تحميل الحكومة الحالية شمولية الأوضاع التعليمية المتردية. كما أن التعاطي الانتقادي مع هذه القضايا الأساسية يجب أن يتم دائما في ظل الحرص على عدم تضخيم المشاكل القائمة وتسويد الصورة وسد الآفاق.
وعلى كل حال، هناك جهود كبيرة بذلها المغرب، دون أن يتمكن، فعلا، من بلوغ كل النتائج المطلوبة «نتائج ايجابية على مستوى تعميم التعليم، وخصاص كبير على مستوى جودته».
ويهمنا في هذا المجال، كما في مجالات أخرى، اقتصادية واجتماعية، أن نؤكد على ضرورة الدفاع عن دور القطاع العام، باعتباره السبيل الوحيد لاستفادة المستضعفين من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
حقا، لا يمكن إلا الترحيب بالقطاع الخاص. لكن، لابد من التحذير من مغبة الاعتقاد بأن المبادرة الخصوصية، التي تهدف، أولا وبالضرورة، إلى الربح، يمكنها أن تعوض دور المدرسة العمومية كفضاء لتساوي الحظوظ، أو المستشفى العمومي، أو عدد من الخدمات العمومية الأخرى في مجالات الثقافة والرياضة والخدمات الاجتماعية.
ولا يفوتنا، ونحن بصدد الحديث عن بعض ما يتعين على الحكومة تفعيله بالسرعة والتجاوب المطلوبين، أن نلح، مجددا، على التعجيل بمعالجة ملف نعتبره على درجة كبيرة من الأهمية والحيوية، ألا وهو ملف ترسيم اللغة الأمازيغية، ومواقفنا الراسخة بهذا الصدد معروفة، إذ لم يعد هناك متسع كبير من الوقت لإخراج القانون التنظيمي والنصوص ذات الصلة بهذا الملف، الذي ندرك أنه شائك ومتشعب نوعا ما، وغير سهل حتى لا نقول صعب، مما يستتبع، بالضرورة، أن نخصص له الوقت الكافي، والحال أن أجل الوفاء بالالتزامات المتعلقة بتفعيل مقتضيات الدستور لم يتبق منه إلا أقل من سنتين.
ويهمنا، كذلك، على هذا المستوى، أن نؤكد على الطابع الاستعجالي لتفعيل الآليات المختلفة المنصوص عليها دستوريا في مجال حيوي وأساسي بالنسبة لنا، ألا وهو مجال المناصفة والمساواة وحقوق المرأة.
القضية الوطنية
قبل التطرق إلى بعض القضايا المطروحة في الساحة الدولية، من الضروري، والمغرب يتهيأ لمواجهة التقرير الجديد للأمم المتحدة في موضوع قضيتنا الوطنية، أن نؤكد على بعض الثوابت، انطلاقا من أن الأمر يتعلق بقضية مصيرية تستوجب كل التعبئة، دفاعا عنها وتأمينا لحسن مآلها.
لقد تقدم المغرب، في سنة 2006، بمقترح حل سياسي جريء، قائم على أساس الحكم الذاتي في نطاق السيادة الوطنية، حل يحفظ مصالحه العليا ويضمن الاستقرار الجيو سياسي في منطقة تعرف كثيرا من التحديات الأمنية. حل يشكل منعرجا حقيقيا بالنسبة لهذه القضية . لكن منذ ذلك الحين، وفي وقت تعاطفت فيه عدد من البلدان، بما فيها الدول العظمى، مع الحل المغربي المقترح والأوساط نفسها المعادية لمصالح المغرب مستمرة في معاكسة هذا الحل.
لقد طال صبر المغرب، وهذه مناسبة لنجدد التأكيد على أنهقد قدم أقصى ما يمكن أن يقدمه، وليس بوسعه أن يقدم أي تنازلات أخرى خارج الحل السياسي المقترح.
وتبعا لذلك، على المنتظم الدولي أن يتحمل مسؤولياته، أساسا إزاء المناورات المحاكة من قبل حكام الجزائر وحلفائهم لمحاولة إفشال المسعى الرامي إلى ايجاد حل سياسي لهذا النزاع المفتعل، خاصة اليوم عبر إقحام مسألة مراقبة حقوق الإنسان، والحال أن المغرب الذي حقق نجاحات كبيرة وتقدما ملموسا في هذا المجال، لا يمكنه أن يتلقى أي درس على هذا المستوى من قبل دولة وجماعة بعيدتين كل البعد عن فلسفة ومبادئ حقوق الانسان.
إن حزب التقدم والاشتراكية إذ يؤكد أنه سيظل، كما عهده الجميع، معبأ، تمام التعبئة، لتثبيت الفوز النهائي لقضيتنا الوطنية الأولى، يشدد على ضرورة مواصلة السير في هذا التوجه الصارم والحازم، والعمل على تعزيزه من خلال تمتين الجبهة الداخلية، والمضي قدما نحو تشييد مغرب المؤسسات والعدالة الاجتماعية، والتعجيل بتنزيل منظومة الجهوية المتقدمة، ومواصلة إنجاز أوراش التنمية الكبرى، والبلورة التدريجية للمقاربة الجديدة التي أكد عليها عدد من الأوساط الرسمية والحزبية وغيرها في تعامل يشكل قطيعة مع الماضي، وتفعيل برنامج الديبلوماسية الموازية، بأبعاده الحزبية والبرلمانية والشعبية.
كما ينبغي إيلاء كبير الاهتمام لضرورة العمل على وضع حد لمعاناة مواطنينا المحتجزين في مخيمات تندوف الخاضعة لحكام الجزائر، والعمل، في هذا الاطار، على استثمار مضامين التقرير الأوروبي بشأن تهريب وسرقة المساعدات الأوروبية المرسلة إلى هناك.
ولئن كان المنتظم الدولي يدعو المغرب إلى التفاوض مع جبهة « بوليساريو»، فإننا نود أن نعرف مع من نتفاوض؟
ذلك أنه بغض النظر عن عدم توفر استقلالية القرار لدى هذه الجبهة، التي تتلقى أوامرها من حكام الجزائر، نريد أن نعرف، وعلى المنتظم الدولي أن يطالب بمعرفة، لماذا هناك رفض ممنهج لإحصاء مواطنينا المحتجزين في تندوف، ولماذا يتخوف الواقفون وراء مأساة الاحتجاز هاته من الكشف عن العدد الحقيقي لضحاياهم ضدا على أبسط مبادئ حقوق الانسان التي يتشدقون بها ويفترون عليها.
إنالمنطق السليم يستدعي ألا نتفاوض إلا مع جهة نعلم من هي، وماذا تمثل، وباسم من تتكلم.
ونحن على يقين من أنه لا مستقبل لسياسة المناورات التي تستخف بصلابة الموقف المغربي وعزم بلادنا الأكيد على المضي قدما في نطاق الحل الأممي القائم على الحكم الذاتي في كنف الوحدة الترابية للمملكة المغربية، التي لابد وأن تستكمل باسترجاع مدينتي سبتة ومليلية السليبتين والجزر التابعة لهما.
قضايا دولية
الرفيقات والرفاق الأعزاء،
من موقع موقف حزب التقدم والاشتراكية الثابت والراسخ في دعم القضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني من أجل إقامة الدولة الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف، تظل تطورات هذه القضية وتردي الأوضاع جراء جرائم سلطات الاحتلال الاسرائيلي المرتكبة في غزة وتحديها للمنتظم الدولي وتوسيع سياسة الاستيطان الاستعمارية والميل المتزايد للمجتمع الاسرائيلي في اتجاه يميني متطرف .. قلت : إن تطورات هذه القضية، والتراجعات الحاصلة بشأنها، خاصة بعد إخفاق هيأة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي في اعتماد مشروع قرار يقضي بإنهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية، تظل من أكثر الأحداث الدولية استئثارا باهتمامات حزبنا، الذي كان وفد منه، برئاسة الأمين العام للحزب، قد قام بزيارة عمل وتضامن إلى أرض فلسطين الشقيقة « في الفترة الممتدة من 23 إلى 29 غشت 2014».
ولقد وقف وفد الحزب، خلال هذه الزيارة التي تمت بدعوة من السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة فتح، على تجليات الواقع الفلسطيني على أرض الميدان، وأساسا بالضفة الغربية، بالنظر لكون سلطات الاحتلال منعت الوفد الحزبي من التوجه إلى قطاع غزة في أثناء العدوان الاسرائيلي الغاشم، حيث عاين الوفد، عن كثب، مدى معاناة الشعب الفلسطيني من واقع الاحتلال الصهيوني الغاشم، وآثاره الوخيمة جدا على مختلف مناحي الحياة العامة لأشقائنا الفلسطينيين.
وتمكنا، أيضا، خلال هذه الزيارة التضامنية، التي تعد الأولى من نوعها لحزب سياسي مغربي لأرض فلسطين الشقيقة، من أن نلتقي مع كل الفصائل التقدمية واليسارية داخل منظمة التحرير الفلسطينية، ومن تتويج كل ذلك بنتائج هامة، سواء على مستوى تعزيز العلاقات الأخوية المتميزة وأواصر التعاون والتضامن الراسخة القائمة بين البلدين والشعبين الشقيقين، من جهة، آو على مستوى العلاقات النضالية التضامنية الأخوية العميقة التي تجمع حزب التقدم والاشتراكية وكل القوى الوطنية الحية للشعب الفلسطيني الشقيق.
ويجدر التأكيد هنا على أن السلطة الوطنية الفلسطينية، تطالب بهذا النوع من الزيارات، وتتمنى علينا أن نقوم بها مع عدة أطراف سياسية ومدنية وجمعويةأخرى، وذلك على اعتبار أنها زيارات تسهم، بشكل مباشر، أي على أرض الواقع ومن داخل الأراضي الفلسطينية، في دعم الشعب الفلسطيني الصامد و في كسر الحصار الظالم الذي يعاني من ويلاته وتبعاته وصعوباته الجمة على مستويات حيوية متعددة .
وهذا مطلب فلسطيني لمسناه، كذلك، لدى استقبال حزبنا في 5 يناير الماضي بالرباط، وفدا رفيع المستوى من القيادة الفلسطينية. ولذلك بادرنا، في أعقاب هذا الاستقبال، إلى مراسلة الأحزاب الاساسية في المغرب من أجل التشاور والتنسيق معها حول ما يجب اتخاذه من مبادرات سياسية مشتركة بين مختلف القوى السياسية ومكونات المجتمع المدني من أجل تقديم مزيد من الدعم للقضية الفلسطينية، في الساحة الوطنية كما وفي المحافل العربية والدولية، وذلك في إطار الاجماع الوطني الذي يميز المغرب حول القضية المركزية الفلسطينية، باعتبارها قضية وطنية أساسية.
من جهة أخرى، ونحن نتابع بقلق كبير وألم عميق ما تعرفه بلدان عديدة بشمال إفريقيا والمنطقة العربية، خاصة في ليبيا وسورية والعراق واليمن، وفوضى هدامة وخراب واسع وتدمير مهول واقتتال متزايد وإرهاب متعدد المظاهر والمصادر، لا يسعنا إلا أن نحمد الله على ما تحظى به بلادنا من نعمة الاستقرار والأمن والأمان.
بيد أنه، ومن موقع رفضنا التام لكل أشكال العنف والتطرف والإرهاب، بما فيه، بل وفي مقدمته، إرهاب الدولة المسلط على إخواننا الفلسطينيين، يجب أن ننبه إلى ضرورة إدراك أن كل الأعمال الارهابية، والتي لا يمكن إلا إدانتها بقوة وشدة، هي حلقات من سلسلة خطر داهم يتهدد ليس فقط بلدا دون آخر أو منطقة دون سواها، وإنما يستهدف، في المجمل، قيم الحرية والتقدم والديموقراطية في كل مكان. ولذلك نلح على وجوب التحلي، في مواجهة هذا الخطر المحدق كذلك بالدول المغاربية وضمنها المغرب، بمزيد من الحذر واليقظة، وبالثبات على المواقف الصارمة تجاه ما ترتكبه جماعات متطرفة من انحرافات وحماقات باسم الاسلام، والاسلام الحنيف، دين السلام والوسطية والاعتدال، براء من هذه الجماعات المتطرفة، التي تسيئ بأعمالها الشنيعة والهمجية إلى صورة الإسلام والمسلمين، ولا تخدم، ضمنيا أو عن سابق إصرار، إلا مصالح وأجندات غلاة المتطرفين والعنصريين في الغرب وغير الغرب.
كما نوجه، أيضا، دعوة ملحاحة، إلى كل مكونات القوى الوطنية والتقدمية والديموقراطية، في المغرب وعبر العالم، إلى العمل بكل ما أوتيت من قوة وقدرة على توحيد الصفوف، وتنسيق الجهود، من أجل مواجهة هذا الخطر و والتصدي له، دفاعا بذلك عن حق الشعوب، كل الشعوب، في الحياة، أولا، وبالتالي في بناء مجتمعاتها، وصون مؤسساتها، بما يتيح إشاعة قيم الحرية والإخاء والديموقراطية والعدالة الاجتماعية.
ولحسن الحظ، أن الأحداث الدولية ليس فيها فقط ما هو مقلق ومزعج. إذ هناك من التطورات ما يبعث على الارتياح والاطمئنان. وأقصد هنا ما عرفه اليسار في اليونان، من انتعاش حقيقي في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، التي فاز بها حزب سيريزا اليساري، برئاسة الرفيق اليكسيستسيبراس، الذي وجهنا له في حينه تحية بمناسبة هذا الفوز العظيم. ويوازي ذلك ما تشهده الجارة اسبانيا من بوادر تغير جذري في موازين القوى لصالح حزب يساري صاعد، هو « بوديموس».
وهذا كله يستحق منا ليس فقط توجيه التحية، وإنما أساسا أخذ العبرة، وهي أن شعلة اليسار، فكرا وممارسة، لاتزال متقدة، وقابلة لمزيد من التوهج والتألق متى أحسنت القوى اليسارية الارتباط بجماهير شعوبها، وتوفقت في اختيار ما يتوجب من أشكال النضال للدفاع عن مصالح وطموحات هذه الجماهير على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
الانتخابات
الرفيقات والرفاق الأعزاء
كما تعلمون، نحن مقبلون، هذه السنة، على خوض معارك سياسية عسيرة في إطار الجزء الأول من مسلسل انتخابي طويل.
وهو مسلسل يهم بداية انتخاب ممثلي المأجورين « ماي» والغرف المهنية « يوليوز»، ثم، في مطلع شتنبر، وللمرة الأولى سيتم في الآن ذاته، خلال يوم واحد، اجراء انتخابات الجماعات القروية والبلدية وانتخابات الجهات « على شكل لوائح اقليمية وحسب العمالات، وبالانتخاب المباشر»، ثم انتخابات مجالس العمالات والأقاليم، فانتخابات مجلس المستشارين « بداية أكتوبر» . وذلك على أساس، تنظيم الانتخابات التشريعية في النصف الثاني من سنة 2016.
وبصرف النظر عن التأجيل الذي خضع له الجدول الزمني الأولي للاستحقاقات الانتخابية، يجدر بنا، أولا، أن نثمن المسلسل التشاوري الذي انطلق منذ حوالي سنة، والذي تميز، منذ البداية، وبتعليمات ملكية سامية، بوضع هذا المسلسل تحت سلطة رئيس الحكومة بمعية وزيري الداخلية والعدل والحريات.
فقد كانت هناك نقاشات ومشاورات مع أحزاب الأغلبية، من جهة، وأحزاب المعارضة الأربعة، من جهة ثانية، وباقي الأحزاب، من جهة ثالثة.
وهمت هذه المشاورات ثلاثة مشاريع قوانين تنظيمية، تتعلق، على التوالي، بالجهات «مصحوبا بمشروع مرسوم يقضي بتحديد عدد الجهات في 12 جهة، وتسمياتها ومراكزها والعمالات والأقاليم المكونة لها»، وبالجماعات وبالأقاليم والعمالات.
وتم الاستناد في إعداد هذه المشاريع القانونية على مقاربة تشاركية انطلقت في يونيو 2014 واستمرت إلى غاية شهر يناير 2015 « من خلال إحالة المسودات الأولى على الأحزاب السياسية، عقد لقاءات تشاورية، استقبال ملاحظات ومذكرات الأحزاب السياسية، تحضير مشاريع منقحة في ضوء ذلك، إجراء نقاش جديد مع الأحزاب السياسية في نونبر ودجنبر الماضيين، قبل إعداد الصيغ النهائية لهذه المشاريع، وعرضها على المجلس الحكومي ثم المجلس الوزاري الأخير».
وقد تمت المصادقة على هذه النصوص التنظيمية الثلاثة في مجلس الوزراء « 29 يناير 2015 «، بينما تمت المصادقة على المرسوم المذكور في مجلس الحكومة « 5 فبراير 2015 «.
وهي نصوص تعد بمثابة هندسة ترابية جديدة تقوم على جعل الجهة تحتل موقعا جوهريا وأساسيا في البناء المؤسساتي للبلاد، وجعل الميثاق الجماعي الحالي منسجما مع أحكام الدستور، ثم الارتقاء بوضع العمالات والأقاليم بفصلها عن مصالح الإدارة الترابية التابعة للدولة وتمكينها من اختصاصات في مجالات التنمية والنجاعة.
وجاءت هذه النصوص بمستجدات مهمة، من بينها، على الخصوص :
- اعتماد التصويت العلني كقاعدة لانتخاب الرؤساء وأعضاء مكاتب المجالس الجهوية ومجالس العمالات والأقاليم والجماعات؛
- العلنية، كذلك، في اتخاذ قرارات ومقررات هذه المجالس، وتكريس مبدأ التدبير الحر في التسيير، الذي يخول بمقتضاه لهذه الجماعات الترابية، في حدود اختصاصاتها، سلطة التداول بكيفية ديمقراطية وسلطة تنفيذ مداولاتها ومقرراتها؛
انتخاب الرئيس في 3 دورات على الأكثر عوض عدد دورات مفتوح.
- تشجيع تمثيلية النساء في الأجهزة؛
- تمكن هذه المشاريع، الجهات ومجالس العمالات ومجالس الأقاليم والجماعات، من اختصاصات ذاتية واختصاصات مشتركة مع الدولة واختصاصات منقولة إليها من هذه الأخيرة، مع اعتماد مبدأي التدرج والتمايز لبلورة الاختصاصات المشتركة والمنقولة واعتماد التعاقد كقاعدة لممارستها؛
- تنص هذه المشاريع على أن للقضاء وحده اختصاص عزل رؤساء مجالس الجهات ورؤساء مجالس العمالات والأقاليم ورؤساء مجالس وأعضاء هذه المجالس؛
- للقضاء وحده، أيضا، إلغاء مقررات هذه المجالس أو حلها؛
- تمكن هذه المشاريع، كذلك، المجالس من آليات الاشتغال. ومن ذلك، مثلا، «إحداث وكالة جهوية لتنفيذ المشاريع»، والإمكانية بالنسبة للجماعات الترابية أن تحدث «شركات للتنمية»، والإمكانية بالنسبة للجماعات في المدن الكبرى أن تحدث «وكالة الجماعة لتنفيذ المشاريع».
- التنصيص بوضوح على الموارد المالية للجماعات الترابية لتمكين مجالس الجهات ومجالس العمالات ومجالس الأقاليم والجماعات من الموارد اللازمة؛
- تنصيص المشاريع الثلاثة، أيضا، على أن رئيس المجلس هو الآمر بالصرف لميزانية الجهة ومجلس العمالة أو الإقليم أو الجماعة، وعلى أن يتم تبويب الميزانية وفق برامج ومشاريع، وذلك على أساس ثلاث سنوات؛
- التنصيص على تفعيل كل من «صندوق التأهيل الاجتماعي»، و»صندوق التضامن بين الجهات» الذي يهدف إلى تقليص التفاوتات بين الجهات، مع إقرار قواعد الحكامة المتعلقة بحسن تطبيق مبدأ التدبير الحر لشؤون الجهة ومراقبة تدبير الصناديق والبرامج وتقييم الأعمال وإجراءات المحاسبة؛
- توفر مجالس الجهات ومجالس العمالات والأقاليم ومجالس الجماعات على إدارة تخول لها تنفيذ مداولاتها؛
- تنظيم المجلس على شكل فرق و اقرار حالة التنافي بين رئاسة الجهة والعضوية في الحكومة أو البرلمان «بالنسبة للجهات» ؛
- منع التخلي عن الانتماء السياسي وذلك تحت طائلة التجريد من المقعد؛
- إ مكانيات التعاون بين الجماعات الترابية «مجموعات الجماعات الترابية».
هكذا، وبفضل مسلسل التشاور والمقاربة التشاركية، أمكن التوصل إلى تجويد حقيقي للنصوص التنظيمية الثلاثة، سواء بالنسبة لطريقة انتخاب مختلف هذه المجالس، أو بالنسبة للصلاحيات المخولة لها. علما بأن باب التجويد يظل مفتوحا، عندما ستناقش هذه المشاريع في البرلمان.
ولابد، هنا، من إبراز الدور الأساسي للبرلمان، بغرفتيه، والذي ستكون له كلمة الفصل في تحيين ما يمكن تحيينه في هذه المشاريع، وهو صاحب التصديق على هذه المشاريع، قبل إحالتها على المحكمة الدستورية لمطابقة مدى دستورية مقتضياتها مع أحكام الدستور، على اعتبار أن إحالتها على الغرفة الدستورية هي وجوبية.
لابد، أيضا، من الاشارة، في هذا المضمار، إلى الدور الهام المناط بفريقينا في البرلمان، فريق التقدم الديموقراطي بمجلس النواب، وفريق التحالف الاشتراكي بمجلس المستشارين. وكذا التنويه بالعمل الجاد والجيد الذي يقومان به في إطار الاضطلاع بمهامهما على امتداد الولاية البرلمانية، بمختلف الدورات والأشغال المتواصلة خارج الدورات.
الرفيقات والرفاق الأعزاء،
لا أحد، بالطبع، يدعي أن هذه المشاريع بلغت الكمال، علما بأن أمرها لا يهم حزبنا لوحده، ولا يهم حزبا آخر أو مجموعة أحزاب أخرى دون غيرها، مما يعني، أولا، أن مسلسل التشاور، والبحث عن التوافق، ليس من الضروري أن يؤدي إلى الاتفاق التام المطلق على كل شيء، خاصة بين الأغلبية والمعارضة، وأن هذا المسلسل التشاوري لا يلغي، من جهة ثانية، البت الديموقراطي النهائي.
وهذه المقاربة، بالذات، هي التي اعتمدتها الحكومات السابقة جميعها، وخاصة من حكومة عبد الرحمان اليوسفي إلى حكومة عباس الفاسي.
موضوع « الهيأة المستقلة «
إن التذكير بواقع أن هذه الحكومات، التي شارك حزبنا فيها، ومن داخلها وزارة الداخلية بصفتها الوزارة الوصية، هي التي سهرت على تحضير النصوص الانتخابية، وتنظيم المسلسل الانتخابي، وليس أي هيأة مستقلة كما طالبت بذلك أحزاب من المعارضة وسعت إليه، وكأننا في بلد يعاني من وضع استثنائي، وفارغ من المؤسسات أو به مؤسسات هشة وغير مستقرة.
موضوع اللوائح الانتخابية
طرح علينا، كذلك، موضوع اللوائح الانتخابية، المرتبط بالاختيار بين تجديد كلي للوائح الانتخابية وتنقيح اللوائح الحالية، مرة أخرى، مع فتح الباب أمام تسجيلات إضافية.
وبعد أخذ ورد، استقر الرأي، داخل أحزاب الأغلبية، على أن الصواب يتمثل في الاختيار الثاني، تفاديا للسقوط في ما عرفته بعض الدول من مشاكل على مستوى نسبة الانخراط الضعيفة جدا في عملية التسجيل.
ويكفي الاطلاع على المعطيات المسجلة، حتى الآن، في عملية فتح اللوائح القائمة للتسجيل فيها، من أجل التأكد من ذلك.
في هذا الصدد، ومع التنويه بكل الجهود المبذولة، وبمشاركة فنانات وفنانين شباب في الحملة التواصلية التي يخوضها الحزب وطنيا، يؤسفنا أن نلاحظ الانخراط غير الكافي في هذه العملية الأساسية للعديد من الفروع الحزبية وهيئاته المختلفة.
ولئن كان الوقت المتبقي للتسجيل قد لا يسمح بتدارك هذا الفتور، حتى لا نقول التقصير، فيجب أن يشكل الأمر ناقوس تنبيه بالنسبة لجميع المناضلات والمناضلين، والتنظيمات الحزبية، على مختلف الأصعدة، لإدراك أن المعارك الانتخابية القادمة، في ظل الصعوبات الشاخصة « بعد رمضان وعطلة الصيف، وخلال بداية الموسم الدراسي، وعيد الأضحى، وأداء مناسك الحج الخ..»، تتطلب تعبئة أكثر فأكثر، واستعدادات أكبر فأكبر، وتضحيات أشد جسامة وأقوى.
أوضاع الحزب
ونحن أمام هذه الاستحقاقات الانتخابية الهامة، وبالنظر إلى القرارات الصادرة عن المؤتمر الوطني التاسع للحزب وما ترتب عنها من خطوات قطعناها منذئذ، وجب الوقوف على ايجابيات عمل الحزب وثغراته، وطنيا وفي ضوء نشاط الهيئات الحزبية المحلية والاقليمية والجهوية.
ايجابيات
ففي إطار الايجابيات، تندرج، أولا، عملية هيكلة عمل المكتب السياسي وتوزيع المهام، في إطار أقطاب، بحثا عن مزيد من الانسجام والتجانس والفعالية، مع استخراج العبر والدروس من التجربة السابقة.
وقد تمت هذه العملية، على امتداد اجتماعات متتالية، وفق تصور لتنظيم عمل المكتب السياسييستحضر التوجهات التي أقرها المؤتمر الوطني التاسع، والواقع التنظيمي للحزب، والأسبقيات الأساسية بالنسبة للعمل الحزبي على مستوى التنظيم والتكوين، والتواصل، وتدبير الموارد البشرية، وتعزيز القوة الاقتراحية للحزب في القضايا الوطنية الكبرى، وتمكينه من خوض معركة الايديولوجيا والفكر. كما استند ذلك إلى مبادئ أساس يتوخى من تفعيلها إضفاء النجاعة اللازمة على دور المكتب السياسي، وخاصة من خلال الاشتغال بفرق عمل تستحضر المسؤولية الجماعية والتضامنية وكذا المسؤولية الفردية، والتمكن من الاضطلاع بمهمة القيادة السياسية، وكذا تدبير القضايا التنظيمية، وإعمال مقاربة العمل على أساس الأهداف وتقييم النتائج.
ومن الايجابيات، أيضا، تمكننا من وضع خارطة طريق، بناء على مقررات المؤتمر الوطني ونقاشات داخلية مستفيضة لتحديد الأولويات والمقاربات العملية الناجعة. ثم التفاعل الايجابي مع مختلف الهيئات الحزبية، أساسا منها الفروع، من أجل إعطاء شحنة جديدة لأعمالها، علما بأن لهذا الأمر مستويات متفاوتة من النجاح.
وإلى ذلك، من الضروريأن نسجل، في خضم هذه الفترة، بعض المحطات الهامة والمشرقة، ومنها، أساسا :
تنظيم دورة 2014 ( شتنبر) للجامعة السنوية للحزب، كمناسبة أضحت قارة للخوض في القضايا الفكرية ذات الأبعاد السياسية والاجتماعية التي تشغل بال الرأي العام.
وقد تمحورت أشغال هذه التظاهرة الفكرية والسياسية الهامة، التي كللت بنجاح كبير مع تكريم الحقوقي البارز الرفيق عبد العزيز بنزاكور، حول موضوع « الأمن ودولة القانون»،بمشاركة قيادات حزبية ومختصين وأكاديميين ومهتمين، حيث تناولت قضايا راهنة تهم الحكامة الأمنية، والعلاقة بين الأمن ودولة القانون، وورش إصلاح القضاء، والتحولات المجتمعية، والرهانات الأمنية واحترام حقوق الإنسان.
اللقاءات الدراسية المختلفة التي أعدها المكتب السياسي أو شارك فيها، إلى جانب فريقينا البرلمانيين، حول مواضيع شتى وعلى رأسها موضوع إصلاح أنظمة التقاعد.
الحيوية الملحوظة في التحضير، على مستوى مختلف الفروع، للمؤتمر الوطني السابع لمنظمة الشبيبة الاشتراكية. والنجاح الباهر لهذا المؤتمر، الذي انعقد شهر يناير الماضي، وكان عرسا ديموقراطيا متميزا. وهي مناسبة لنجدد التنويه بجميع الرفيقات والرفاق، من قيادة المنظمة السابقين والحاليين، الذين أسهموا في احراز هذا النجاح الذي يفتح آفاق رحبة أمام مزيد من النجاح والتألق، خدمة لقضايا الشباب، على وجه الخصوص، والوطن والشعب عموما.
النجاح الباهر، أيضا، للمؤتمر الوطني الثالث، في دورته الاستثنائية، لمنظمة الكشاف الجوال، الذي انعقد في يناير الماضي تحت شعار» وقفة كشفية واحدة ...لشعلة تقدمية واعدة»، والذي كان، بحق، عرسا نضاليا، على الطريقة الكشفية. نجدد، إذن، التهاني لرفيقاتنا ورفاقنا في هذه المنظمة العتيدة، ونثني على ما بذلوه من جهود لإنجاح المؤتمر والتمهيد لمزيد من النجاحات.
والأكيد، كما يتجلى ذلك من التحضيرات الجارية على قدم وساق في مختلف ربوع الوطن، أن النجاح سيتوج أيضا أشغال مؤتمر منتدى المناصفة والمساواة المزمع عقده تزامنا مع تخليد اليوم العالمي للمرأة، بما لهذه المناسبة من دلالات عميقة ومغازي واضحة.
نثني على الجهود المبذولة على مستوى التحضيرات الجارية، ونحث على مزيد من التعبئة ،خلال المدة المتبقية، من أجل توفير كل شروط النجاح المنشود لهذا المؤتمر الذي يجب أن يشكل نقلة نوعية في مجال التعاطي مع القضايا الأساسية المطروحة عليه.
ثغرات
لكن مع تسجيلنا لهذه الايجابيات الهامة، التي يتعين علينا تطويرها، لابد من الوقوف، بما عهد في حزبنا من حرص على إعمال منهجية النقد والنقد الذاتي، البناءين، « الوقوف» على بعض الثغرات التنظيمية، التي لا يستقيم وجودها، ولا بقاؤها، في ظل الحضور السياسي المتعاظم للحزب على الصعيد الوطني.
ذلك أن هياكل عديدة، محلية، اقليمية وقطاعية للحزب تظل، للأسف، غير مشغلة، فيما يرتكنبعض الرفيقات والرفاق إلى الخمول، بل أكثر من ذلك، في كثير من الحالات، إلى التفرج وكأنهم مواطنون عاديون لا فاعلون يجب أن يكونوا فعالين ومؤثرين.
والمؤسف في الأمر، أيضا، أن عددا من هؤلاء هم في الوقت نفسه أعضاء في هذه اللجنة المركزية.
ومن جهة أخرى، كثيرا ما يحدث انتظار المبادرة الفوقية من المكتب السياسي، والحال أن هناك مئات بل آلاف من المواطنات والمواطنين، ناهيكم عن المنتخبات والمنتخبين،الذين ينتظرون منا أن نلتفت إليهم، ونفتح أمامهم أبواب الحزب، ونواكب انخراطهم في العمل الحزبي.
في المقابل، وعلى ذكر المنتخبات والمنتخبين، يجدر أن نسجل، ايجابا، المسلسل الهائل لالتحاق عدد منهم، رؤساء ومستشارين، بالحزب اعتبارا لسمعته الطيبة وصحة مواقفه السياسية.
هذه بعض من المشاكل التي يتعين أن نجد لها، سوية، الحلول الضرورية، العاجلة والناجعة.
لكن ثمة مشكلا آخر يظل مطروحا بقوة، ألا وهو مشكل تشغيل أعضاء اللجنة المركزية، اعتبارا لتضخمها عدديا، وذلك سواء في ما يتعلق بلجان العمل، من داخل اللجنة المركزية، علما بأننا ملزمون بهيكلتها طبقا لمقتضيات القانون الأساسي للحزب، أو اعتبارا لضرورة الاستفادة، أقصى ما يمكن، من كل الطاقات الموجودة داخل هذه اللجنة المركزية.
لقد فكر المكتب السياسي مليا في هذا المشكل، واعتبر أن سلسلة اللقاءات الجهوية التي تم عقدها تحضيرا لهذه الدورة، من شأنه أن يخفف من حدة مشكل تشغيل اللجنة المركزية بكامل طاقمها، من خلال توفير فرصة إضافية لتعميق النقاش، وجعلها مناسبة مواتية للاطلاع، مسبقا، عما يشغل اهتمام الرفيقات والرفاق، وللوقوف، عن كثب، على حالة التنظيمات الحزبية بمختلف الجهات المعنية.وبالتالي تمكين أعضاء اللجنة المركزية من الإسهام في التحضير لدوراتها، وإثراء أشغالها وتيسير سبل انجاحها.
لكن المطلوب، طبعا، ليس مجرد التخفيف من حدة هذا المشكل العويص، وإنما معالجته، وإيجاد الحل الأنجع والأنفع له.
وفي هذا الاتجاه، وبناء على التقرير الذي كان الأمين العام للحزب قد قدمه في الدورة الثانية للجنة المركزية، التي صادقت عليه قبل انتخاب المكتب السياسي، نقترح عليكم عقد مؤتمر استثنائي في غضون الأشهر الثلاثة الأخيرة من السنة الحالية، أي بعد الانتهاء من المسلسل الانتخابي المرتقب على نحو ما تحدثنا عنه.
وسيعمل المكتب السياسي، في إطار لجنة مفتوحة على أعضاء من اللجنة المركزية، على اقتراح تعديلات على القانون الأساسي للحزب، بعيدا عن أي ضغط أو إكراه مرتبط باستحقاقات حزبية داخلية. وذلك بغية تجويد الهياكل الحزبية وتحسين أداء الحزب ككل.
مهام الساعة
الرفيقات العزيزات، الرفاق الأعزاء،
في أفق ذلك، فإن المهمة الأساس الملقاة على عاتق كل واحدة وكل واحد منا هي التعبئة التامة والشاملة لخوض معارك الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، والتمكن من رفع التحديات الكبيرة الشاخصة أمامنا، وبلوغ ما يجب أن نحدده من أهداف مدققة ومرقمة.
وهذا يملي علينا العمل من أجل ضمان تواجدنا في كل الغرف المهنية، والاجتهاد للفوز ببعضها.
يملي علينا، أيضا، الإسهام، إلى جانب الاتحاد المغربي للشغل، في الظفر بأكبر عدد ممكن من المقاعد المخصصة لانتخابات المأجورين، مع تأمين حضور وازن لأعضاء حزبنا .
يملي علينا، كذلك، في ما يخص التغطية:
الحرص على تغطية نحو 50 في المائة من الترشيحات للمجالس المحلية؛
الفوز بأزيد من 3000 مقعد، مع الحصول على 200 رئاسة على الأقل، والفوز برئاسة جهة واحدة على الأقل، من أصل 12 جهة، مع تغطية جميع اللوائح الاقليمية في إطار هذه الانتخابات الجهوية؛
وأخيرا، تتويج نتائجنا في هذه الانتخابات بالحصول على فريق برلماني بمجلس المستشارين.
وسيأتي الوقت لنحدد أهدافنا بالنسبة للانتخابات التشريعية لسنة 2016.
وهذا كله يطرح على حزبنا مهام جسام، ويتطلب منه، أي منا جماعات وفرادى، بذل جهود حثيثة، بل ومضنية، من أجل التوفر على المرشحين الأكفاء والمؤهلين للفوز في مختلف أطوار الانتخابات. وأسطر على مؤهلات الفوز، لأن المعارك الانتخابية المقبلة ستكون، سياسيا، معارك ضارية والتنافس فيها شديدا، وبالتالي فهي بعيدة عن أن تشبه الألعاب الأولمبية التي يمكن لرياضيات ورياضيين أن يسعوا لمجرد نيل شرف المشاركة فيها. فليس المطلوب منا أن نضمن فحسب أوسع مشاركة في هذه الانتخابات، بل أن تكون مشاركتنا هذه وازنة، قوية وذات مردودية.
وفي هذا السياق تطرح مسألة اختيار المرشح الملائم في الموقع المناسب، وذلك ليس من باب المفاضلة بين مناضلات ومناضلي الحزب « القدماء» أو حديثي الالتحاق بصفوفه أو أنصاره من الأطر العليا وذوي المراتب المتقدمة في مجالات عملهم، وإنما من زاوية الجدوى والنجاعة وإمكانية الإسهام أكثر في إنجاز الأهداف المسطرة.
وفي هذا الصدد، بالذات، قد تطرح مسألة التعامل مع ما بات يعرف بالمرشحين الأعيان.
بالنسبة لنا، في حزب التقدم والاشتراكية، الأمر واضح للغاية : الأعيان، لغة، هم، على العموم، وجهاء القوم، خاصة في عالم الأرياف، إما لنفوذ اقتصادي أو هيبة روحية ودينية أو مكانة ثقافية وعلمية ، أو لاعتبارات اجتماعية وانتماءات عائلية.
والأعيان، بهذا المعنى، نوعان: فيهم الصالح والطالح، فيهم من عملته مسكوكة من معدن خالص ومن يروج عملة زائفة، حتى لا أقول بضاعة فاسدة مفسدة.ونحن، بالطبع، مع شريحة الأعيان النظيفة والمرتبطة بالجماهير الشعبية، ونرفض سواهم ممن لا يهتمون، أساسا، إلا بخدمة مصالحهم الخاصة على حساب المصلحة العامة.
وتبعا لذلك، فإننا، نعتبر أنه لا تناقض بين المناضلات والمناضلين والأعيان المخلصين لمصالح الوطن وقضايا الشعب.
والأهم، بعد ذلك، لدى الاختيار وسط الأخيار، أن يترشح باسم الحزب من تتوفر أو يتوفر على أكبر منسوب من حظوظ الفوز، والحصول على أعلى مستوى في سلم الترتيب.
ثم لا تنسوا، رجاء، أن الحزب كان قد انفتح على مجموعة ممن يسمون بالأعيان، خاصة أوائل تسعينيات القرن الماضي، وتأهلوا إلى تمثيله في البرلمان، وخاضوا معه ومن خلاله معارك شرسة من موقع المعارضة، ولا يزالون حاضرين بقوة، بل وتبوأوا مسؤوليات قيادية في الهيئات الحزبية الوطنية وعلى صعيد مناطقهم المختلفة، ولم يبدلوا تبديلا .. لكنهم يظلون، بالمعنى الايجابي للكلمة، أعيان في قلاعهم وقد مر أزيد من 20 سنة عن التحاقهم بالحزب. فلنأخذ العبرةمن حالة هؤلاء الصناديد الصامدين.
ثم إن هناك، واعفوني من ذكر الأسماء، رفاق تنطبق عليهم مواصفات الأعيان، ولكنهم ناضلوا وناضلوا، منهم من قضى نحبه ومنهم من لا يزال في معمعة النضال، من الحزب الشيوعي المغربي إلى حزب التقدم والاشتراكية مرورا من حزب التحرر والاشتراكية
وخلاصة القول، من كل ما تقدم، أنه يحق لنا، بل ويتعين علينا، أن نضع نصب أعيننا، وندرج في صدارة أجندتنا، هدفا مركزيا، وهو أن يكون حزبنا ضمن القوى السياسية الأولى في هذا البلد.
وهذا رهين بنا جميعا، بكل واحدة وواحد منا، وبمدى قدرة انفتاحنا، الواعي والايجابي، على الطاقات المتوفرة في بلادنا، وهي كثيرة.
شكرا على حسن الانتباه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.