يعيش مناضلو ومناضلات حزب التقدم والاشتراكية دينامية استثنائية على الصعيد المحلي والوطني استعدادا للمؤتمر الوطني التاسع الذي سيلتئم نهاية هذا الأسبوع (30 و31 ماي و1 يونيو 2014)، وبيان اليوم التي تتبعت وواكبت هذه الحركية الحزبية ونقلت لقرائها أجواء مؤتمرات الفروع الإقليمية والجموع العامة للقطاعات السوسيو مهنية ومجريات النقاش العمومي حول أطروحات الحزب في نطاق منتديات فكرية واجتماعية واقتصادية وسياسية نظمها الحزب خلال الأشهر الأخيرة بعد دورة اللجنة المركزية، تواصل تتبع ما يعتمل في الساحة الحزبية التي أصبحت شأنا وطنيا يهم المشهد السياسي الوطني ككل، بإجراء حوارات صحفية مع المرشحين للأمانة العامة للحزب لإيصال وتقريب وجهات نظرهم إلى القراء والمؤتمرين في إطار تنشيط فكري وسياسي تنافسي شريف.. في هذا السياق تنشر بيان اليوم في هذا العدد حوارات تمكنا من إجرائها، عشية المؤتمر، مع المرشحين الذين استجابوا للجريدة مشكورين وهم الرفيقة نزهة الصقلي عضوة الديوان السياسي، والرفيق امحمد كرين عضو مجلس الرئاسة، والرفيق عبد الحفيظ ولعلو عضو اللجنة المركزية، والرفيق عزيز الدروش عضو اللجنة المركزية.. نزهة الصقلي:ترشحي للأمانة العامة تعبير عن إرادة قوية لجعل كفئاتي والتزامي في خدمة حزبي ووطني يقترب موعد انعقاد المؤتمر الوطني التاسع لحزب التقدم والاشتراكية، ما هي الرهانات المطروحة على هذا المؤتمر من وجهة نظركم؟ الرهانات المطروحة على هذا المؤتمر، هي تقريبا نفس الرهانات التي تطرح عادة في جميع المؤتمرات، وهي رهانات ذات طابع سياسي وتنظيمي، بالإضافة إلى أن المؤتمر يضطلع بتحليل مستجدات الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي التي طرأت بين المؤتمرين. ويتضح أن المؤتمر الوطني التاسع ينعقد في سياق مغاير على اعتبار أن الفترة الأخيرة التي سبقت انعقاد المؤتمر كانت غنية جدا بالأحداث السياسية في إطار ما سمي ب «الربيع الديمقراطي» الذي سرع من وتيرة الإصلاحات ببلادنا والتي دشنها خطاب جلالة الملك يوم 9 مارس والذي كان مؤسسا لدستور جديد، تعتبره كل مكونات الشعب المغربي بمثابة ميثاق لحقوق الإنسان والحريات والمساواة بين الجنسين، ويضمن كافة الحقوق ليس فقط الحقوق المدنية والسياسية ولكن أيضا الحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والبيئية. كما أن هذه الحقوق تشمل كافة مكونات المجتمع نساء ورجالا وأيضا الأطفال والأشخاص في وضعية إعاقة والمسنين والأسرة، وهي فئات لأول مرة يتم إدراجها في الدستور. وبالتالي، فإن الرهان الأساسي هو أن نكون في مستوى هذا الدستور الذي هو نتاج لنضالات أجيال من المناضلات والمناضلين الذين ناضلوا من أجل بلوغ ذلك. ثم هناك رهان أساسي وهو رهان ترسيخ حزب التقدم والاشتراكية كحزب يساري تقدمي اشتراكي وحداثي يطمح إلى بناء مشروع مجتمعي حداثي وديمقراطي، وهذا ليس كلام للاستهلاك، بل هو كلام له دلالة عميقة مرتبطة باحترام الحريات الفردية والجماعية والنهوض بكيفية فعلية بالمساواة بين الجنسين ومناهضة كل أشكال التمييز ضدها، وتحقيق تكافؤ الفرص بين كل مكونات المجتمع. وبالنسبة للرهان التنظيمي، يتعين تقوية الحزب على هذا المستوى، ليكون في مستوى الإرث الذي ورثناه من جيل الرواد الأوائل، ليحتل المكانة التي يستحقها ضمن أهم المكونات السياسية في البلاد. الرهان السياسي مرتبط بمسار الحزب وعلاقته مع القوى السياسية الأخرى سواء تعلق الأمر بالحلفاء الحاليين، أو تعلق الأمر بالتوجه الاستراتيجي الذي يتعين أن نأخذه بعين الاعتبار والمتمثل في هوية الحزب ورؤيته الإستراتيجة. يؤكد عدد من المراقبين أن كون اللجنة المركزية للحزب صادقت في دورتها الأخيرة على مختلف الوثائق التحضيرية بالإجماع، سيجعل رهان المؤتمر تنظيميا فقط، ما هو رأيكم بهذا الخصوص؟ من الناحية المبدئية، سيكون من الخطأ، أن تعتبر أن المؤتمر خاضع لسلطة اللجنة المركزية المنتهية ولايتها، لأن الوثائق التي تمت المصادقة عليها بالإجماع، هي وثائق تحمل أفكار ومساهمة العديد من الرفاق والرفيقات، وأن النقطة التوجيهية التي كانت تحفز مسؤولي اللجن، بما فيهم أنا شخصيا باعتباري مسؤولة على وثيقة استراتيجية عمل الجزب، كانت هي البحث عن التوافق وبالتالي يمكن أن تعتبر تصويتنا بالإجماع على هذه الوثائق هو توافق بين كل مكونات الحزب. هذا التوافق لا يلغي ما وقع من نقاشات داخل الفروع الإقليمية وما يمكن أن يغني هذه الوثائق خلال المؤتمر الذي يبقى سيد نفسه. الأساسي هو أن هناك حرصا كبيرا من طرف الجميع على وحدة الحزب، وجعلها فوق كل اعتبار، وبالتالي فنحن نعبر عن ذكائنا الجماعي لتدبير وتحليل كل المراحل التي مر منها الحزب. المشاركة في الحكومة مبدئيا مقبولة وتم التصويت عليها بالإجماع، وكان ذلك حول برنامج وحول ميثاق للأغلبية، ولكن لحد الآن لم نقم بتقييم حصيلة الحكومة وحصيلة مشاركتنا فيها، وهذا عمل يتعين القيام به في وقته المناسب، من أجل تقييم مدى تزيل الحكومة للدستور ومدى مساهماتها في التغلب على الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها الشعب المغربي، بالإضافة إلى الجانب المتعلق بمحاربة الفساد والريع، هل نجحت الحكومة في هذا الورش؟ هي أسئلة تبقى الإجابة عنها مفتوحة قي المستقبل القريب، لأننا ننتظر أن يقدم رئيس الحكومة حصيلة نصف ولاية هذه التجربة الحكومية. بالإضافة إلى كل ذلك، الإجماع على مشاريع الوثائق، لا يعني أننا أنهينا كل النقاشات، هناك الجانب المتعلق بالحكامة داخل الحزب وهو موضوع يجب أن يكون في صلب نقاشاتنا الجماعية. بالنسبة لي أرى أنه بات من الضروري القيام بإصلاحات عميقة للحزب على مستوى الحكامة من خلال إعمال المزيد من الشفافية والروح الجماعية وتقاسم السلط وربط المسؤولية بالمحاسبة، وبالموازاة مع كل ذلك ينبغي تقوية روح الانتماء إلى الحزب وقيم الروح الرفاقية والأخلاقية وتدبير الاختلاف عن طريق الحوار والاحترام المتبادل بين الأعضاء. بالإضافة إلى ذلك لابد من ضمان مسافة بين الحزب والسلطة التنفيذية من أجل الحفاظ على استقلالية الخط السياسي للحزب، وهذا أعتبره جوهريا، لأنه من غير المقبول، أن يتماهي الحزب مع الحكومة، حيث أن هذا لم يسبق أن وقع في الماضي، فقد أصبحنا نسمع، في بعض الأحيان، لمواقف حزب التقدم والاشتراكية وكأنه يتكلم باسم الحكومة، وهذا يضر بالحزب. وفي نفس الوقت لا بد من الحرص على أن تحترم الأحزاب السياسية، مبدأ فصل السلط بين مختلف المؤسسات: التشريعية والتنفيذية والقضائية وأيضا الإعلام العمومي، لأن الأحزاب السياسية اليوم، تساهم مباشرة في ممارسة السلطة، وفي هذه الحالة يتعين أينما وجدت السلطة أن يكون هناك ضمان حق السلطة المضادة، وهي قاعدة من قواعد الديمقراطية. جانب آخر، هو ضرورة الإسراع في ورش التفعيل الديمقراطي للدستور على أساس المقاربة التشاركية ورد الاعتبار للشراكة مع المجتمع المدني في احترام تام لاستقلاليته، لأنه يشكل تربة خصبة هائلة لالتزام المواطن بحب وطنه. كيف تفسرون سياق قراركم الترشح للأمانة العامة للحزب، وما هي رهانات هذا الترشح؟ ترشحي للأمانة العامة، هو قرار عاد وطبيعي، لأننا في ظل دستور جديد ينص على المناصفة، ونحن نرى أن هناك ثمان أحزاب الأكثر تمثيلية، أي التي تتوفر على فريق في البرلمان في الغرفة الأولى، لا نجد امرأة واحدة تترأس حزبا من هذه الأحزاب، أو سبق لها أن ترشحت لهذا المنصب، هذا وضع، أعتبره، غير طبيعي، ولابد يوما ما، أن تصبح النساء على رأس بعض هذه الأحزاب، وهنا أستحضر مقولة للفيلسوف الصيني كونفيشيوس الذي قال «إن الطريقة الوحيدة لقطع مسافة طويلة جدا هي القيام بالخطوات الأولى». وأعتقد أن الوقت قد حان لفتح الأبواب أمام النساء للمارسة قيادتهن السياسية داخل الأحزاب، وبصفتي مناضلة راكمت تجربة سياسية، كمنتخبة محلية وكنائبة برلمانية وكأول رئيسة فريق برلماني وكوزيرة سابقة للتنمية الاجتماعية والمرأة والأسرة والتضامن، وكمناضلة في المجتمع المدني، فإن ترشحي للأمانة العامة هو تعبير عن إرادة قوية لجعل كفئاتي والتزامي في خدمة حزبي حزب التقدم والاشراكية الذي أفنيت فيه حياتي وفي خدمة وطني العزيز المغرب. من ناحية أخرى هناك إرادة قوية من جعل المناصفة والمساواة بين الجنسين في صلب الحياة السياسية الوطنية كرهان أساسي للتنمية والعدالة الاجتماعية، ومن أجل إعمال سياسات عمومية عرضانية للنهوض بالمساواة ونشر ثقافة المساواة في كل الفضاءات بما فيها داخل حزب التقدم والاشتراكية، وإعمال المناصفة داخل كل هيئات اتخاذ القرار داخل الحزب ليصبح حزبا نموذجيا كما كان دائما. باستثناء مسألة السعي لتمكين النساء داخل الحزب وتوليهن مناصب القرار، هل لديكم، من الناحية السياسية والبرنامجية، اليوم اختلافات أو على الأقل تمايزات في القضايا السياسية والفكرية مقارنة بالآخرين الذين سيترشحون للأمانة العامة للحزب، وما هي؟ وهل يمكنكم، تبعا لذلك، أن تقدموا لنا أبرز ما يميز تصوركم لتدبير الحزب والتزاماتكم في حال نيل ثقة المؤتمر الوطني؟ أعتقد، وبغض النظر عما يميزني، لدي رغبة أكيدة في فسح المجال الحزبي أمام الشبان والشابات، بطريقة عملية وفعلية على أساس المناصفة، وجعل الحزب فضاء للاختلاط وللتبادل وللإبداع من خلال تقوية قدرات هؤلاء الشباب، بالإضافة إلى تمرير القيم بين الأجيال. هذا يدفعني للقول والتأكيد على ضرورة تشجيع الشباب داخل الحزب، للتعبير الحر عن طاقاتهم ومهاراتهم وضمان ترقيتهم على أساس الاستحقاق والكفاءة، واعتبارهم محركا حقيقيا للتغيير دون أن ننسى تثمين دور المناضلين والمناضلات الذين أفنوا حياتهم في العطاء والنضال الديمقراطي. كيف تنظرون إلى مستقبل حزب التقدم والاشتراكية بعد المؤتمر الوطني التاسع، وما هي أبرز مهامه للمرحلة القادمة؟ إذا استطاع الحزب أن يستفيد، فعلا، من كل طاقاته وأن ينفتح على الشباب خاصة المثقفين منهم واستطاع أن يوازي ما بين تمرير القيم والمبادئ بين الأجيال من جهة والاعتماد على الابتكار والحيوية الهائلة الموجودة لدى الشباب.. سيكون آنذاك من حق حزب التقدم والاشتراكية، أن يحلم أنه يوما ما سيصبح أول حزب يساري في المغرب ولم لا أول حزب سياسي في المغرب، ولكن شريطة أن يتمحور بقوة حول هويته التقدمية واليسارية والديمقراطية الحداثية. امحمد كرين: ترشحي يحمل راية مشروع جديد للبناء الحزبي وللحكامة الحزبية، لكي نسهم في تأهيل الفاعل الحزبي في المغرب يقترب موعد انعقاد المؤتمر الوطني التاسع لحزب التقدم والاشتراكية، ما هي الرهانات المطروحة على هذا المؤتمر من وجهة نظركم؟ حزب التقدم والاشتراكية الذي أسهم دائما في تطوير العمل السياسي في بلادنا، وبإنضاج كل الخطوات، والطفرات الأساسية في الحياة السياسية للمغرب المعاصر، قادر بفضل مناضلاته ومناضليه على أن يسهم بقوة في هذا الورش الكبير لبناء مغرب الديمقراطية، مغرب التقدم، مغرب النماء مغرب التضامن، وفي هذا الإطار إن المؤتمر الوطني التاسع لحزب التقدم والاشتراكية، هو محطة ليست أساسية فقط، للحزب، بل كذلك أساسية للممارسة الحزبية في بلادنا، وهي كذلك، محطة أساسية في تطور الديمقراطية في البلاد، لأن كل إنجاز على مستوى حزب ما، فهو إنجاز للوطن، وبالتالي مسؤولية مناضلي مناضلات حزب التقدم والاشتراكية في المؤتمر التاسع، تفوق رهانات حزبهم الداخلية، لكي تهم رهانات العمل السياسي في بلادنا والبناء الديمقراطي عامة في المغرب. أعلنتم عن قرار الترشح لمسؤولية الأمين العام للحزب في إطار ما يسمح به القانون التنظيمي للمؤتمر الوطني التاسع، هل يمكن أن تفسروا لنا سياق قراركم هذا ورهاناته؟ ترشحي يأتي بعد اتصالات ولقاءات تمت مع أعضاء وعضوات حزب التقدم والاشتراكية والعديد من الفعاليات والمسؤولين داخله، لكي أحمل راية مشروع جديد للبناء الحزبي للحكامة الحزبية، لكي نسهم كحزب في تأهيل الفاعل الحزبي في المغرب الذي هو في حاجة إلى تطوير، حتى يتماشى مع ما تتطلبه بلادنا في المرحلة الحالية من تقدمها في مسلسل البناء الديمقراطي. وفي هذا الإطار كانت هناك عدة نقاشات وحوارات أفضت إلى ضرورة أن أتقدم للترشيح للأمانة العامة، على أساس هدف أولي وأساسي وهو أن نجعل من حزب التقدم والاشتراكية حزب مؤسسات، حزب المقاربة التشاركية، حزب يساهم كل أعضائه وعضواته في بلورة سياسته، ولكن كذلك في تطبيقها بحماس لأنهم يكونون مشتغلين عليها منذ البداية على مستوى التطبيق، حزب يشتغل بخلايا على مدى السنة لإنتاج الأفكار وتقديم المشاريع والدفاع عن قضايا المواطنين، وللتقدم بمقترحات في مختلف الميادين سواء على المستوى المحلي أو على المستوى الجهوي أو على المستوى الوطني، أي المستوى الحكومي أو على مستوى البرلمان، بعبارة أخرى حزب يشتغل وفق المعايير التي تعمل بها الأحزاب في الديمقراطيات الناضجة وفي البلدان المتقدمة، حزب يشكل فضاء لاستقطاب كل الطاقات وكل الكفاءات الموجودة في المجتمع والتي تشاركنا مشروعنا المجتمعي الديمقراطي التقدمي، لأن الحزب يجب أن يكون طليعة المجتمع وأن يستقطب أحسن ما في المجتمع من كفاءات ومن قدرات لكي يوظفها خدمة لهذا المشروع المجتمعي، وهذا هو رهان قرار إعلاني الترشح لمسؤولية الأمانة العامة. هل يمكنكم أن تقدموا لنا أبرز ما يميز تصوركم لتدبير الحزب والتزاماتكم في حال نيل ثقة المؤتمر الوطني؟ وكيف تنظرون إلى مستقبل حزب التقدم والاشتراكية بعد المؤتمر؟ تقدمت كذلك للترشيح للأمانة العامة، من أجل إعطاء بديل للتدبير الحزبي على كل المستويات، على المستوى المالي مثلا، حيث يتعين أن يكون الحزب معتمدا بالأساس على مناضليه ومناضلاته، الذين هم بعشرات الآلاف، لكي يضمن استقلاليته، حتى لا يبقى متأثرا بقوة المال وبقوة النفوذ، وأن يبقى قراره نابعا من أعضائه وعضواته، ومرتبطا أساسا بالقضايا التي يدافع عنها.. نريد كذلك حزبا يشتغل على الوسائط العصرية فيما يتعلق بالاتصال مع المواطنين وأن يعتمد على الشبكات الاجتماعية، وأن يلتقي مع الشباب ومع الأطر ومع القوى الحية في المجتمع في الفضاءات التي تتواجد فيها. حزب كذلك له إعلام عصري يبرز تعدد هذا الحزب، وعندما نتكلم عن الإعلام، سواء في صحافة الحزب، أو في شبكاته الاجتماعية ولكن كذلك في تواصله مع المجتمع، في إطار يعطي نوعا من الغنى والتنوع عبر شخصيات متنوعة من مختلف الأجيال نساء ورجالا، ومن مختلف الاهتمامات حتى يظهر حزب التقدم والاشتراكية كحزب غني بتنوعه وغنى بتعدد الشخصيات التي تتكلم باسمه، وطنيا ومحليا. وعندما نتكلم عن الجانب المحلي، نريد كذلك حزبا، يكون فيه منتخبوه نوعا من الرموز في جهتهم وفي كل منطقة من المغرب. هذا المشروع الذي نحمله، وهو بعيد كل البعد عن أي طموح شخصي ذاتي لتحقيق رغبات شخص ما، بقدر ما أنه طموح جماعي لكي نعطي لبلادنا، المثال على أنها قادرة على أن تنتج أحزابا سياسية عصرية، تشتغل بأدوات حديثة. ومن ثمة، وجب التأكيد، على أن المغرب فيه كفاءات وفيه ذكاء وهو ليس بلد عاقر، فقط، علينا أن نبحث عن هذا الذكاء، وهذا هو المشروع الذي نتقدم به في المؤتمر الوطني التاسع لحزب التقدم والاشتراكية، وبذلك سنكون قد أسدينا خدمة ليس فقط لحزبنا ولكن لبلادنا، لأن المغرب في حاجة الآن قبل أي وقت مضى، وفي إطار دستور 2011 إلى أحزاب قادرة على تعبئة المواطنين وعلى أن تأخذ من المجتمع زبدة إنتاجه الفكري لكي تبلورها في سياسات عمومية، المغرب مطروح عليه، إعادة تأهيل الفاعل الحزبي، ولذا نشتغل على أن تكون محطة المؤتمر الوطني التاسع، مساهمة في إعادة التأهيل الذي نتحدث عنه. عبد الحفيظ ولعلو: أؤكد على إعمال الديمقراطية الداخلية كمنهج في التسيير والتدبير من أجل ضمان المشاركة الجماعية في اتخاذ القرار السياسي يقترب موعد انعقاد المؤتمر الوطني التاسع لحزب التقدم والاشتراكية، ما هي الرهانات المطروحة على هذا المؤتمر من وجهة نظركم؟ أولا أتمنى النجاح للمؤتمر الوطني التاسع، وأن يخرج منه الحزب قويا موحدا وحاملا لمشروع مجتمعي حداثي انطلاقا من هويته التقدمية وفكره الاشتراكي. المؤتمر هو محطة تاريخية في حياة الحزب ستتيح الفرصة لتقييم نتائج أربع سنوات من التدبير التنظيمي السياسي والإعلامي للحزب. وهي أيضا مناسبة لتقييم حصيلة العمل الحكومي وحصيلة الرفاق الوزراء الذين يتحملون مسؤولية تدبير الشأن العام في هذه الحكومة. ننتظر أن تقدم لنا هذه الحصيلة بكل موضوعية، لإبراز إيجابيات ومكتسبات عمل رفاقنا الوزراء، ولكن كذلك الوقوف عند نقط الضعف والتباطؤ الحاصل فيما يخص تفعيل الإصلاحات الضرورية التي تحدث عنها البرنامج الحكومي الحالي، وخاصة في القطاعات الاجتماعية. هذا في اعتقادي هو الرهان الأول المرتبط بالجانب السياسي، لكن هناك أيضا على المستوى الحزبي ننتظر أن يقدم، لنا، الرفاق في القيادة الوطنية، خاصة الديوان السياسي والأمانة العامة، حصيلة عملهم، كل حسب المسؤوليات التي تحملها منذ المؤتمر الوطني الثامن، عملا بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وعملا أيضا بمبدأ حزبنا وهو إعمال النقد والنقد الذاتي. هذا بالإضافة إلى إن المؤتمر سيكون مناسبة لتجديد هياكل الحزب من لجنة مركزية وأمانة عامة وبعد ذلك المكتب السياسي. يؤكد عدد من المراقبين أن كون اللجنة المركزية للحزب صادقت في دورتها الأخيرة على مختلف الوثائق التحضيرية بالإجماع، سيجعل رهان المؤتمر تنظيميا فقط، ما هو رأيكم بهذا الخصوص؟ لا أظن أن الرهان الأساسي يكمن في انتخاب الأمين العام أو اللجنة المركزية فحسب، بل هناك رهان سياسي ينتظره الجميع، وينتظر الإجابة على مجموعة من التساؤلات المطروحة على الساحة السياسية بارتباط مع هذا المؤتمر، والمتمثلة أساسا في حصيلة مشاركة الحزب في الحكومة الحالية، وهل سيستمر الحزب في هذه المشاركة أم سيتخذ قرارا آخر؟. إن هذه الإشكالية السياسية قد أخذت منا الكثير من الوقت خلال تحضير مشروع الوثيقة السياسية، حيث كانت هناك آراء متباينة، بهذا الخصوص، بين الرفاق أعضاء لجنة الوثيقة السياسية، وهذا شيء طبيعي، شخصيا ساهمت في هذا النقاش السياسي بكل مسؤولية وحرية. ولعل من أبرز ما ورد في تلك النقاشات، هو هل التحالف في إطار هذه الحكومة، هو تحالف سياسي ظرفي مبني على برنامج حد أدنى؟ أم هو تحالف إيديولوجي واستراتيجي؟. وقد تم التوافق، بعد نقاش غني بيننا، على أن هوية الحزب ومبادئه وقيمه التقدمية والديمقراطية تؤكد على أن مشروعنا المجتمعي لا علاقة له بالمشروع المجتمعي للحزب الذي يقود التحالف الحكومي، فهو حزب ذو مرجعية ليبرالية محافظة ورجعية في كثير من المواقف خاصة ما يتعلق بالحريات والحقوق الفردية والجماعية من أهمها حقوق المرأة. لا أقول إن هذا الحزب الذي يقود التحالف الحكومي هو حزب ذو مرجعية إسلامية لأن الدين الإسلامي الحنيف هو ملك جماعي لكل المغاربة، ولا يجوز استعماله لأغراض سياسية ضيقة، أو انتخباوية كما ينص على ذلك الدستور المغربي وقانون الأحزاب السياسية. وللتذكير، فإن قرار مشاركة حزب التقدم والاشتراكية في هذه الحكومة، بناء على قرار اللجنة المركزية، يتعارض موضوعيا مع هويتنا، وكنت شخصيا من الذين كانت لهم تحفظات على هذه المشاركة. لكن بعد قرار الأغلبية في اللجنة المركزية تم الانضباط لقرار المشاركة، وأنا من الذين ينضبطون للقرار الحزبي حسب القانون الأساسي، وهكذا تربينا في حزب التقدم والاشتراكية. وبدون شك أن هذه المشاركة ستكون ضمن المواضيع التي ستناقش في المؤتمر الوطني التاسع الذي سيتخذ الموقف المناسب الذي سيتم تصريفه في اللجنة المركزية المقبلة. علما أن التوجه العام السائد حاليا داخل الحزب والمتضمن في الوثائق المتوافق حولها بإجماع أعضاء اللجنة المركزية، هو الاستمرار في هذه التجربة الحكومية بناء على البرنامج المصادق عليه من قبل البرلمان، والذي تضمن عدة إصلاحات جوهرية ناضلنا ولازلنا نناضل من أجلها منذ عقود، كإصلاح منظومة التقاعد والإصلاح الضريبي وصندوق المقاصة وملفات أخرى ذات الطابع الاجتماعي كتوسيع التغطية الصحية والاجتماعية لكل المغاربة من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية التي هي شعار المؤتمر الحالي. الملاحظ أن هناك تباطؤا في تفعيل هذه الإصلاحات، وترددا في اتخاذ إجراءات جريئة فيما يخص تنزيل الدستور والشروع في إعمال الجهوية الموسعة وكذلك إصلاح المنظومة الانتخابية المتعلقة بالميثاق الجماعي المؤطر للانتخابات الجماعية والجهوية المقبلة. لكن ما يلاحظ، هو أنه عوض ذلك، كانت هناك قرارات حكومية كان لها انعكاس سلبي على القوة الشرائية للمواطنين والمواطنات والفئات المستضعفة خاصة تلك المتعلقة بالزيادة في ثمن المحروقات وسحب الدعم عنها. وهو ما أعتبره تراجعا عن الوعود المقدمة وخطا أحمر لا يجوز تجاوزه. كنتم قد ترشحتم خلال المؤتمر الوطني الثامن لمسؤولية الأمين العام للحزب، ولم تتمكنوا من الفوز، وعودتكم للترشح من جديد خلال المؤتمر التاسع، جعل الكثيرين لا يفهمون الخطوة، هل يمكن أن تفسروا أنتم سياق قراركم هذا ورهاناته؟ لقد سبق لي أن كنت أول مرشح للأمانة العامة في المؤتمر الوطني الثاني وكان ترشيحا نضاليا كما صرحت بذلك، الهدف منه هو طي مرحلة الزعامة وفتح مرحلة جديدة لتعدد الترشيحات لهذه المسؤولية بحيث أنني لم أقم بأي حملة انتخابية وكنت منشغلا خلال المؤتمر بمرافقة وفود الأحزاب الشقيقة كمسؤول في العلاقات الخارجية للحزب. وهنا بالنسبة لكثير من الرفاق فقد اعتبروا هذه الخطوة جريئة سياسيا وتنظيميا سجلت في تاريخ الحزب، أما اليوم فترشيحي للأمانة العامة، جاء بطلب من مجموعة من الرفاق والرفيقات، وأيضا، جاء لتأكيد إصراري على بناء الديمقراطية الداخلية، والرغبة في تعزيز الحكامة السياسية في الحزب، علما أن الترشيح للأمانة العامة هو حق مشروع لكل مناضل ومناضلة في حزب التقدم والاشتراكية. الآن أنا أقوم بحملة سياسية لإقناع الرفاق بترشحي وبمواقفي، وهكذا حضرت عدة مؤتمرات إقليمية خلال هذا الشهر أذكر منها أكادير، تزنيت، مكناس، القنيطرة، الحوز، تحناوت، سيدي بنور، الجديدة، سطات، المحمدية، طنجة، والعرائش.. إضافة إلى مساهمتي في مختلف المنتديات الفكرية التي نظمها الحزب بالموازاة مع التحضير للمؤتمر. وقد سجلت أن الكثير من الرفاق يطالبون بإعمال التواصل الدائم بين الفروع الإقليمية والجهوية والمنظمات الموازية كالشبيبة الاشتراكية ومنظمة الطلائع أطفال المغرب، وضرورة تقديم الدعم لهم معنويا وماديا. هل لديكم اليوم اختلافات أو على الأقل تمايزات في القضايا السياسية والفكرية مقارنة بالآخرين الذين سيترشحون للأمانة العامة للحزب، وما هي؟ وهل يمكنكم أن تقدموا لنا أبرز ما يميز تصوركم لتدبير الحزب والتزاماتكم في حال نيل ثقة المؤتمر الوطني؟ إذا كانت الهوية الحزبية والتوجهات السياسية الأساسية تجمعنا، فالاختلاف يكمن، أساسا، في كيفية تدبير الحزب وتفعيل الحكامة السياسية، شخصيا لدي عدة ملاحظات حول هذا التدبير خلال الأربع سنوات الماضية، من ضمن هذه الملاحظات، هناك اللجنة المركزية التي لم تكن تقم بالدور المنوط بها في المراقبة والتتبع كهيئة تقريرية، بل كانت عبارة عن مؤسسة تستمع لتقرير المكتب السياسي الذي هو هيئة تنفيذية. فاللجنة الركزية، وفق القانون الأساسي، تضطلع بوظيفة مراقبة ومحاسبة المكتب السياسي عن مدى تنفيذه للقرارات التي اتخذتها، ومحاسبة الأمين العام كمسؤول أول عن الحزب ومكلف بتنسيق كل أعمال الهياكل الوطنية. وفي هذا الصدد، لم أفهم لماذا تم تجميد أعمال عدة لجن دائمة، كلجنة العلاقات الخارجية ولجنة القضايا الاقتصادية والاجتماعية ومجلس المساواة، كما لا أفهم سر تجميد فرع العاصمة الرباط لمدة أربع سنوات. من هنا، أؤكد حتى لا أكرر نفس الأخطاء، أو نفس القصور في التدبير الحزبي، على إعمال الديمقراطية الداخلية كمنهج في التسيير والتدبير، من أجل ضمان المشاركة الجماعية في اتخاذ القرار السياسي بدلا من اتخاذه بشكل فردي. بالإضافة إلى ذلك، ضرورة القطع مع بعض السلوكات الانتهازية والوصولية والزبونية في تولي المسؤولية وإعمال مبدأ الشفافية والكفاءة وتكافؤ الفرص. كما أؤكد على أهمية القيادة الجماعية كفريق منسجم بدء من المكتب السياسي لقيادة الحزب، وسأعمل على الحد من تراكم المسؤوليات خاصة المسؤولية العمومية أو الحكومية والمسؤولية الحزبية وفي مقدمتها الأمانة العام. كيف تنظرون إلى مستقبل حزب التقدم والاشتراكية بعد المؤتمر الوطني التاسع، وما هي أبرز مهامه للمرحلة القادمة؟ إضافة إلى الإجراءات والمؤشرات العملية التي تهم تحسين التدبير الحزبي، والتي يتضمنها برنامجي الانتخابي، الذي سأوزعه على المؤتمرين والمؤتمرات، أعتقد أن رهان المرحلة المقبلة، يتمثل بالأساس في تقوية صفوف الحزب والحرص على استقلالية قراره السياسي دون تدخل خارجي أو تحكم فيه، كيف ما كان مصدره وطبيعته، بحيث أني سأكون أمينا عاما لجميع الرفاق والرفيقات دون إقصاء أي أحد مع احترام الرأي والرأي الآخر وتدبير الاختلاف بطريقة حضارية مبنية على الحوار والمسؤولية في إطار وحدة الحزب التي تبقى فوق كل اعتبار. خاصة وأن هناك استحقاقات سياسية وانتخابية تنتظرنا مستقبلا، والتي تتطلب منا تعبئة شاملة وانفتاحا على المجتمع المدني، وتنسيقا مع القوى التقدمية والوطنية التي تشاركنا نفس الأهداف والمبادئ الديمقراطية. في الأخير، أود أن أوجه نداء إلى كل المناضلات والمناضلين الانخراط الفعلي في تقوية الحزب وضمان إشعاعه بالارتباط مع قضايا وهموم الشعب المغربي بكل فئاته خاصة المستضعفين والفقراء والعمال والفلاحيين. عزيز الدروش: من أجل إسقاط الحكرة والفساد والاستبداد داخل الحزب يقترب موعد انعقاد المؤتمر الوطني التاسع لحزب التقدم أعلنتم عن عزمكم الترشح للأمانة العامة لحزب التقدم والاشتراكية في المؤتمر التاسع، وركزتم خطابكم الموجه إلى المؤتمرين على شعارين هما: من أجل إسقاط الحكرة والفساد و الاستبداد داخل الحزب، ثم من أجل إسقاط الانتهازية والوصولية داخل الحزب؟. إن ترشحي لمنصب الأمانة العامة للحزب يأتي في سياق حفظ مكتسب تعددية الترشيحات للأمانة العامة التي عرفها الحزب منذ المؤتمر الوطني الثامن، حيث خرج الحزب من منطق المرشح الوحيد إلى تمرين ديمقراطي يعتمد على تعدد الترشيحات، كما جاء في سياق رغبة الرفيقات والرفاق في تجديد النخب التي ستدبر حياة الحزب المستقبلية. بالإضافة إلى ذلك فإن اختياري لشعار «من أجل إسقاط الحكرة والفساد والاستبداد داخل الحزب» هو نابع من قناعة لدي بأن «الحكرة» هي مرتبطة بأي سلوك حزبي يدفع في اتجاه تدبير المسؤوليات داخل الحزب على أساس القرابة أو المحسوبية لصالح مناضل دون آخر، في حين أن المعطى الأساس في ذلك هو الكفاءة والمصداقية، والقدرة على العطاء، انطلاقا من التوجهات الكبرى التي يسطرها المؤتمر الوطني كأعلى هيئة تقريرية، وأيضا انطلاقا من الهوية اليسارية والتقدمية للحزب التي لم تكن وليدة هي اللحظة بل هي تراكم لسبعين سنة، وهي التي جعلت من حزب التقدم والاشتراكية مدرسة سياسية متميزة. وعليه فإن العديد من المناضلات والمناضلين الأوفياء لقيم ومبادئ الحزب والذين يتمتعون باستقلالية قراراتهم ومواقفهم السياسية وجدوا أنفسهم، في كثير من الأحيان مهمشين بشكل غير مقبول في حزب يفترض فيه أن يتسع لجميع مكوناته، وفي هذا السلوك يشعر المناضل ب «الحكرة». وعندما أقرن هذا الشعار بالانتهازية والوصولية، فيمكنني القول إن مواقع المسؤولية داخل الحزب صارت في يد الوافدين الجدد على الحزب الذين لا يحملون والذين لم يتشبعوا بعد بفكر وقيم حزب التقدم والاشتراكية التي تتأسس على النضال ونكران الذات والالتصاق بهموم أبناء الشعب من فقراء وكادحين، طلبة وفلاحين، كما أنه غالبا ما يكون المتحكم في ممارسة هؤلاء هي المصلحة الخاصة المفرطة في الفردانية، وهذا المعطى، يتعين في نظري، جعله في صلب التدبير الحزبي المبني على الكفاءة والاستحقاق وتكافؤ الفرص بين كل المناضلين. هل تعتبرون ذلك كافيا للتعريف ببرنامج حزبي متكامل وبتصور لتدبير الحزب؟ وماذا يميزكم عن باقي المرشحين؟ بالنسبة لبرنامجي الحزبي، فأذكركم بأن اللجنة المركزية للحزب صادقت بالإجماع على كل الوثائق الخاصة بالمؤتمر، وأن المؤتمر هو من يعود له إقرار هذه الوثائق في نهاية المطاف، وبالتالي فإن الواقع لا يرتفع، وأن الادعاء بتغيري برنامج الحزب الذي ساهم فيه كل الرفيقات والرفاق سيكون من باب المقاربة السطحية ومزايدة بئيسة على الذكاء الجماعي للحزب، لأن مهمة الأمين العام يتعين أن تستمد من التوجهات الكبرى التي يحددها المؤتمر. وبالتالي فإن ما يميزني عن باقي المشرحين، ليس هو البرنامج، ولكن الرؤية التنظيمية أي كيف يمكن تدبير الحزب انطلاقا من آليات ديمقراطية حداثية، تتيح للجميع، على قدم المساواة، إمكانية العمل والمساهمة في القرار الحزبي، على اعتبار أنه من غير المقبول أن نجد كفاءات حزبية من المناضلين والمناضلات غير ممثلة في الديوان السياسي للحزب وليس لها أي موطئ قدم فيه، كما لم يعد مقبولا إفراغ اللجنة المركزية من محتواها ومن مضمونها السياسي والتنظيمي، واختزالها فقط في التصويت وتبخيسها برفع الأيدي للمصادقة على تقارير جاهزة، كما لم يعد مقبولا الطريقة التي باتت تدبر بها الانتخابات المحلية والبرلمانية التي يتعين في نظري تدبيرها وفق مقاربة تنطلق من جدلية الوفاء والتجديد أي تدبير الانفتاح بشكل عقلاني ورزين يراعي عدم التفريط في الحزب وفي قيمه وهويته لفائدة مقعد في البرلمان أو في الجماعة المحلية، لأن بذلك نفرغ الحزب من محتواه الحقيقي كحزب يساري ديمقراطي وحداثي. يؤكد عدد من أعضاء الحزب، أن ترشيحكم نابع فقط من غضب ذاتي أو حالة مزاجية عابرة، كيف تردون أنتم على هذا، وبالتالي كيف تفسرون سياق ترشيحكم ورهاناته؟ إذا كان نضالي الشريف والتزامي داخل حزب التقدم والاشتراكية منذ أكثر من ثلاثين سنة، أي منذ كنت يافعا إلى اليوم، إذا كان هذا الرصيد المتواضع، يعتبره البعض رغبة ذاتية أو أنانية، فعلى من يفكر بهذه الطريقة أن يعيد النظر في ما تعلمه داخل حزب التقدم والاشتراكية، فالرفيق علي يعته، رحمه الله، تحمل المسؤولية وعمره 26 سنة، أنا لا أدعي المقارنة مع هذه القامة الوطنية المشهود لها بالعطاء والنضال ونكران الذات، ولكن أحاول أن أبرز حقيقة جوهرية هي أن حزب التقدم والاشتراكية منذ كان، أي منذ سبعين سنة، كان ولا زال يؤمن بقوة الشباب وقدرتهم على العطاء، وبالتالي أن أترشح الآن كشاب ليست بدعة بل أعتبر ترشيحي هو إحياء لسنة سنها الرواد الأوائل الذين كانوا تحملوا المسؤولية وهم في ريعان شبابهم. كيف تنظرون إلى مستقبل حزب التقدم والاشتراكية بعد المؤتمر الوطني التاسع، وما هي أبرز مهامه للمرحلة القادمة؟ لا يمكن أن يكون للحزب مستقبل سياسي رائد على الساحة الوطنية بنفس توجه القيادة الحالية للحزب، ولا يمكن أن يكون له مستقبل نضالي دون تصالح مع الذات الحزبية وعموم المناضلات والمناضلين، فما وقع من اختلالات في مساطر الانتداب للمؤتمر الوطني داخل المؤتمرات الإقليمية لا يبشر بمستقبل يروم توحيد صفوف الحزب، بل تقويض مساعيه في أن يكون حزبا جماهيريا كبيرا وموحدا. وبالتالي أعتبر أن من أبرز مهام المرحلة الراهنة هي المحافظة على توابث الأمة المغربية، وتعزيز الخيار الديمقراطي في إطار الملكية الضامنة لوحدة واستقرار المغرب من طنجة إلى لكويرة، ثم تكريس مغرب المؤسسات والعدالة الاجتماعية، وفتح ورش تحالفات حكومية وحزبية إستراتيجية غير منطوية على مصلحة ذاتية ومنفعية. اسمح لي في الأخير أن أتمنى النجاح لمؤتمرنا الوطني التاسع وأن نكون في مستوى تطلعات جماهير شعبنا وفي مستوى التجاوب مع مطالبهم المشروعة والعادلة، كما أتمنى أن نخرج من مؤتمرنا الوطني موحدين وأقوياء لمواجهة التحديات السياسية والتنظيمية التي تنتظرنا جميعا.