في افتتاح المؤتمر العام للتعاضدية الوطنية للفنانين أعلن وزير الثقافة محمد أمين الصبيحي أن وزارته تسعى إلى إحداث مؤسسة تعنى بالرعاية الاجتماعية للفنانين والمبدعين لمواجهة الخصاص الحاصل فيما يتعلق بالتقاعد والسكن ومختلف الخدمات الاجتماعية لهذه الشريحة وذويها، مشددا على أن الوزارة تعمل بتشاور مع المنظمات المهنية لإعادة النظر في قانون الفنان حتى يستطيع مواكبة التحولات التي يعرفها القطاع، بل ويضمن المزيد من الحقوق المعنوية والمادية للمبدعين بمختلف شرائحهم. وأكد الصبيحي، في كلمة ألقاها صباح أمس الأحد، في افتتاح المؤتمر العام للتعاضدية الوطنية للفنانين الذي انعقد بمقر بالمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، أن الوزارة ستعمل كل ما يجب القيام به، سواء على المستوى المؤسساتي أو التشريعي، حتى يحظى الفنانون والمبدعون المغاربة بالمكانة الرمزية والوضعية الاعتبارية اللائقة بهم، مذكرا بالمتابعة والاهتمام البالغ الذي يوليه جلالة الملك محمد السادس لجانب الرعاية الاجتماعية للفنانين والمبدعين والذي أكد عليه جلالته في عدة مناسبات، بل وسهر شخصيا على العناية بالمرضى منهم والتكفل بهم وبأبناء البعض منهم. وأعلن المسؤول الحكومي، في هذا الإطار، أن الحكومة، ممثلة في وزارة الثقافة، لن تألو جهدا من أجل دعم التعاضدية التي ستكمل، مع نهاية هذا العام، سبع سنوات على وجودها، والتي جاءت كترجمة لقانون الفنان الذي يستفيد الفنان، طبقا لأحكامه، من التشريع المتعلق بحوادث الشغل، والتشريع المتعلق بالضمان الاجتماعي والتشريع المتعلق بالتغطية الصحية الأساسية، وتعمل السلطة الحكومية المكلفة بالثقافة على إحداث آلية لتمويل الخدمات الاجتماعية الخاصة بالفنانين في إطار القوانين الجاري بها العمل". وشدد، في هذا الصدد، على مواصلة الوزارة دعم التعاضدية ومتابعة أشغالها من خلال تخصيص ميزانية سنوية لها تبلغ 2 مليون درهم، إلى جانب مساهمة وزارة الاتصال. فالأمر يرتبط، يقول الوزير، بالدور المجتمعي والاجتماعي الكبير الذي تلعبه التعاضدية والخدمات الصحية التي تؤديها لفائدة المنخرطين فيها، حيث تمكنت بالفعل من تقليص حدة المعاناة التي كان يشكو منها بعض الفنانين والمبدعين وخصوصا الذين يعانون أمراضا مزمنة، ومكنتهم من مواجهة تكاليف الاستشفاء والأدوية وغيرها من التكاليف الباهظة على هذا المستوى"، يقول الوزير. هذا ولم يفت وزير الثقافة أن يؤكد على أن الطريق لازال طويلا لتحقيق انتظارات الفنانين والاستجابة لحاجياتهم، مشددا على ضرورة تكثيف الجهود خاصة لإيجاد موارد مالية أخرى كفيلة بمواجهة الكم الهائل من الانتظارات واستيعاب ما تبقى من الفنانين المحتاجين لخدماتها، فضلا عن تطوير طرق التسيير وتدبير مساهمات المخرطين". وأشار الصبيحي إلى أن وزارة الثقافة منذ 2012 وضعت ضمن أولوياتها في برنامجها القطاعي الخاص بدعم الإبداع والمبدعين، محورا أساسيا يشمل الوضعية الرمزية والمادية للمبدعين والفنانين، بإتاحة فرص شغل واسعة لهم، حيث تم في هذا الإطار تخصيص برسم 2016 مبلغ 60 مليون درهم لدعم المشاريع الثقافية والفنية، منها 45 مليون درهم لدعم المشاريع في قطاع المسرح، والموسيقى والفنون الكوريغرافية والفنون التشكيلية، إلى جانب 15 مليون درهم مخصصة للمهرجانات الثقافية والفنية التي تتيح فرص الشغل للفنانين، إضافة إلى تكريم 60 فنانة وفنان في معارض ومهرجات الوزارة، كما تعمل أيضا على إحداث مؤسسة لدعم المقاولات الثقافية والفنية لمواكبة الصناعات الثقافية والإبداعية بالمغرب وتطويرها وجعلها أداة فعالة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. من جانبه، أكد عبد السلام الصديقي وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية على الدور الريادي الذي يلعبه نساء ورجال الفن في تحصين المجتمع من الانحرافات والسلوكات السلبية بل والأفكار المتطرفة، قائلا"إذا كانت هناك فئة تستحق العناية والتقدير فهي بدون مبالغة فئة الفنانين"‘، وذلك لما تقوم به من دور من أجل تحصين المجتمع ضد كل أشكال التطرف الديني، السياسي، والتطرف السلبي. "ففي بلادنا نحن في مأمن لكن هناك أخطار يواجهها المجتمع من الداعشيات وغير الداعشيات"، يضيف الوزير، ومن شأن الفن والعقلانية أن يساهما في تحصين الناشئة ومنحها ما يكفي من المناعة، مكررا إشادته بالدور الكبير الذي يقوم به الفنانون والفنانات رغم الظروف الصعبة التي يشغلون فيها.. وفيما يخص إحداث التعاضدية الوطنية للفنانين، اعتبر الصديقي، أنها تعد مكسبا هاما وتقوم بمهمة أساسية في الجانب الاجتماعي والصحي لهذه الشريحة، معلنا أن الحكومة ستعمل في أقرب الآجال على تطوير إحدى الآليات الهامة ممثلة في التغطية الاجتماعية والتي من شانها المساهمة في معالجة إشكالية التقاعد وذلك حتى لا يواجه الفنان مصاعب في آخر حياته . ولم يفت الوزير، بالنظر للمجال الذي تغطيه قطاعات وزارته، أن يشير إلى موضوع تحسين ظروف الشغل بالنسبة للفنانين والفنانات والمهن المرتبطة بها، حيث أعلن عن إحداث اللجنة المختلطة بين جمعيات المهنيين والوزارة مهمتها النظر في كيفية تطبيق تشريعات الشغل . ومن جانبه استعرض محمد قاوتي المسار الشاق الذي قطعته التعاضدية كمؤسسة حملت آمالا وانتظارات اجتماعية عريضة لهذه الشريحة التي تنتمي لمختلف قطاعات المهن الفنية، موضحا أنه بقدر ما تحققت مكتسبات بقدر ما أحاطت بهذا المسار الكثير من الصعوبات. وشدد قاوتي على أن الوقت حان بالنسبة للتعاضدية لتجاوز مرحلة التأسيس التي انطلقت من فراغ وكان عنوانها النضال والانتقال إلى مرحلة جديدة تحمل شعار"التعاضدية المواطنة"، موضحا في هذا الصدد "أن التعاضدية خلال مرحلة"التأسيس" ارتأت أن تشتغل وفق منهاج عقلاني ومقاربة ناجعة تراعي أساسا الفراغ الذي ساد لعقود على مستوى الرعاية الاجتماعية للفنانين والمبدعين وما خلفه من أعطاب اجتماعية ونفسية ، إذ تمت مراعاة ضعف الثقافة التعاضدية وسط هذه الشريحة" هذا وبعد أن أشاد قاوتي بالمواكبة والدعم المالي التي حضيت بها التعاضدية من طرف وزارة الثقافة ووزارة الاتصال وكذا وزارة المالية، اقترح خارطة طريق لنهج العمل بالنسبة لمستقبل التعاضدية، بحيث يتم الحفاظ عليها كمكتسب وكممارسة اجتماعية تضامنية مواطنة وناجحة، وذلك في اتجاه تطويرها وتنميتها للمزيد من ضمان الرعاة الصحية للفنانين والمبدعين وتحسين الخدمات الصحية، بل وتعميقا للشراكات التي حققتها. وتتضمن خارطة الطريق هاته 12 تدبيرا ، يأتي على رأسها الترافع لدى الحكومة من أجل تطوير دعمها للتعاضدية والرفع من حجم المبلغ المالي للمنحة المخصصة للدعم من قبل وزارتي الثقافة والاتصال، بل ومراجعة الاتفاقية المبرمة معها. هذا فضلا عن العمل على مراجعة النظام الأساسي والقانون الداخلي للتعاضدية، والعمل على سن قانون تنظيمي جديد للإنخراط أكثر عدلا وديمقراطية ، بحيث يتم فرض جزاءات بمثابة مستحق تضامني على كل من تخاذل في الانخراط في التعاضدية، حيث ليس من العدل ،حسب قاوتي،أن يستمر تمتع الملتحقين متأخرا بالتعاضدية بتفس الحقوق دون أن يؤدوا الواجبات على نفس المدة، هذا بالإضافة إلى مقترح يدعو إلى إحداث مكاتب جهوية للتعاضدية.