أخنوش: الفلاحة العائلية تلعب دورا هاما في القضاء على الجوع والفقر حداد: تطوير المنتوج السياحي المحلي وتقوية تنافسيته رهين بدعم التراث الواحي والصحراوي تعثر الاستراتيجية التنموية في غياب التنسيق بين القطاعات المتدخلة أكد المشاركون في المنتدى الدولي الثالث للواحات والتنمية المحلية بزاكورة، مساء أول أمس الخميس، على تظافر جهود كل المتدخلين من أجل تفعيل استراتيجية تشاركية مندمجة لتحقيق الالتقائية قصد تنمية مستدامة للفلاحة العائلية الواحية. ولفت هؤلاء المشاركون في الجلسة الأولى لهذا الملتقى المنظم تحت شعار "الزراعة العائلية بالواحات : الفرص والتحديات"، والذي تتواصل أشغاله على مدى أربعة أيام، إلى غياب التنسيق في البرامج بين القطاعات المنخرطة في وضع وابتكار آليات لدعم وتطوير الفلاحة العائلية الواحية، الشيء الذي يؤثر على فعالية هذه الاستراتجية ويحول دون بلوغ اهدافها المسطرة لمواجهة الصعوبات التي تعترض هذه الزراعة التضامنية. أما ردود ممثلي كل من المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي ووكالة تنمية الواحات ومنطقة الأركان والمعهد الوطني للبحث الزراعي والتي جاءت بعد استعراضهم، خلال هذه الجلسة، لسياسات القطاعات التي يمثلونها، فقد أكدت فعلا صعوبة الربط بين هذه البرامج القطاعية في الوقت الراهن، مشددين في نفس الوقت، على الجهود والمساعي المبذولة من أجل تجاوز هذا المعطى. وفي المقابل أكدوا على انخراط قطاعاتهم في تثمين المنتوجات المحلية وضمان الاستغلال الرشيد للموارد الطبيعية والمؤهلات المحلية لضمان استدامة المجالات الواحية كتراث إيكولوجي وحضاري وإنساني، وعلى العمل بالتكنولوجية الحديثة للمحافظة على المنظومة الواحية، وخلق أشكال أخرى من الأنشطة الاقتصادية كالأعشاب الطبية وتحسين المنتوجات المحلية والصناعة التقليدية. متوسط إنتاج التمور يضمن أكثر من مليار درهم سنويا وكان وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش، ووزير السياحة لحسن حداد، قد حضرا افتتاح هذا اللقاء المندرج في إطار استراتيجية تنمية إقليم زاكورة في أفق سنة 2020، وتمكين الفاعلين المحليين من استغلال الفرص المتاحة لرفع التحديات وتحقيق تنمية واعدة. وأكد أخنوش في تدخله خلال افتتاح المنتدى على الأهمية السوسيو اقتصادية والبيئية للفلاحة العائلية ودورها في القضاء على الجوع والفقر وتوفير الأمن الغذائي والتغذية وتحسين سبل العيش باعتبارها الصفة البارزة للمنظومة الواحاتية، مبرزا، الاهتمام الذي توليه وزارته لهذه الزراعة في إطار الدعامة الثانية لمخطط المغرب الأخضر التي تهم الفلاحة التضامنية والنهوض بها وتحسين إنتاجيتها ومساهمتها في الأمن الغذائي، ومشيرا كذلك، إلى أهمية المنتوجات التي يشتهر بها الإقليم خاصة التمور والحناء اللتين تكونان الركيزة الأساسية للزراعة العائلية على المستويين الاجتماعي والاقتصادي. فبالنسبة لسلسلة التمور، يقول وزير الفلاحة، تعتبر المملكة المغربية من أهم الدول المنتجة للتمور، نظرا للظروف البيئية والمناخية الملائمة لزراعة النخيل. فمن الناحية الاقتصادية يكتسي هذا النشاط الزراعي أهمية كبيرة، إذ يضمن متوسط إنتاجه من التمور أكثر من مليار درهم سنويا. وأضاف أخنوش خلال هذا اللقاء، أن إنتاج التمور يعد المصدر الأول للدخل لدى سكان الواحات بنسبة تتراوح بين 40 و 60% ويشكل أحد المصادر الرئيسية لتمويل العمليات الزراعية والعنصر الأساسي لتنشيط الحركة التجارية بين الأقاليم الجنوبية و باقي أقاليم المملكة، مشيرا إلى أنه وعلى ضوء هذه المعطيات تم في سنة 2010 التوقيع بين الحكومة والمهنيين على عقد برنامج خاص بسلسلة التمور باستثمار إجمالي يصل إلى 7.7 مليار درهم في أفق 2020. بلورة 3 مشاريع لمعالجة جل الإكراهات التي تعوق تنمية سلسلة النخيل أما بخصوص إقليم زاكورة، فقال أخنوش، أنه تمت بلورة 3 مشاريع تهم سلسلة النخيل في المخطط الفلاحي الجهوي لسوس ماسة درعة بمبلغ 463 مليون درهما ترمي إلى معالجة جل الإكراهات التي تعوق تنمية السلسلة، لاسيما، عقلنة استعمال الموارد المائية وحماية الأراضي من الفيضانات وإعادة إعمار الواحات وهيكلتها من خلال برنامج توزيع حوالي 513.000 فسيلة وتنقية 112.000عش نخيل. كما ترمي هذه المشاريع إلى الرفع من إنتاجية التمور وجودتها ببرمجة 12 وحدة تبريد وتخزين التمور بطاقة استيعابية تناهز 2400 طن. وأكد أخنوش على العنصر البشري لدوره الحاسم في تفعيل المشاريع التنموية، وعلى أهمية سلسلة الحناء في الاقتصاد المحلي والوطني وفي الموروث الثقافي المغربي كمنتوج مجالي، حيث تقرر إدماجها في إطار مخطط المغرب الأخضر، في منطقة المعيدر رصد لها مبلغ 55 مليون درهم. واستحضرت كلمة أخنوش خلال هذا اللقاء، التساقطات المطرية بالمنطقة حيث تراوحت بين 76 ملم بزاكورة و115 ملم بتازارين أي ما يفوق المعدل السنوي لهذه المناطق. وما سيكون لها من أثر إيجابي على المواسم الفلاحية الثلاثة المقبلة. *تعزيز بنيات الاستقبال وتجويد الخدمات لجلب السياح ومن جهة أخرى، أكد لحسن حداد وزير السياحة على دور التراث الواحي والصحراوي في تطوير المنتوج السياحي المحلي، وتقوية تنافسيته وطنيا ودوليا، مبرزا في هذا السياق، أهمية تعزيز بنيات الاستقبال وتجويد الخدمات،لاسيما، على مستوى المطارات والفنادق، و تكثيف التواصل من أجل التعريف بالمنتوج السياحي الوطني. وأشار حداد في كلمته خلال افتتاح هذا المنتدى، إلى المؤهلات الطبيعية التي تزخر بها زاكورة، والمتجسدة في قصبات وواحات ونقوش ضخرية قديمة، على طول 200 كلم من منطقة أكدز إلى امحاميد الغزلان، مبرزا، أن استثمارها بالشكل المطلوب يساهم في جذب السياح. وأضاف أن برامج التطوير السياحي بالمنطقة تركز على تثمين الموارد الطبيعية، لخلق منتوج محلي يلبي جاجيات السباحة وطنيا ودوليا. الواحات تقف سدا منيعا ضد زحف التصحر نحو مناطق الشمال من جانب أخر قال جواد الناصري رئيس جمعية المنتدى الدولي للسياحة المستدامة والتنمية المحلية بزاكورة، أن الواحات تقف سدا منيعا ضد زحف التصحر نحو مناطق الشمال وتختزن تنوعا بيولوجيا استثنائيا، وتتوفر على منظومة من المعارف والممارسات العملية المحلية التي طورها الإنسان لأجل التدبير المستدام والتأقلم مع التغيرات المناخية، مما يجعل منها نموذجا للتنمية المندمجة على مر العصور بفعل ابتكارها لسبل التكيف مع مختلف المتغيرات. إلا أنها الآن يصيف الناصري، تعرف تدهورا كبيرا يعزى إلى التغيرات المناخية ويزيد من حدته الضغط الديمغرافي والتحديث القسري والتحولات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية بشكل عام. مما أدى إلى إضعاف الإنتاج الزراعي والرعوي وإنتاجية هذه النشاطات وتسبب في انعكاسات سلبية بالنسبة لظروف العيش في هذا المناطق. ودعا الناصري، من خلال كلمته، إلى مقاربة الزراعة العائلية للواحات وفق الأهداف المسطرة من طرف الأممالمتحدة وعلى أساس الخطة الرئيسية للسنة الدولية للزراعة العائلية التي تنص على دعم تطوير سياسات زراعية وبيئية واجتماعية من شأنها أن تفضي إلى زراعة عائلية مستدامة، وتشجيع الحكومات على تأسيس بيئة تمكينية وسياسات محفزة، وتشريعات مواتية، وكذا ملائمة أشكال الدعم العمومي للمنظومة الواحية. وتعزيز الحوار والتعاون الدولي إضافة إلى تطوير أشكال التحسيس لفائدة الفاعلين والمتدخلين وتنمية معارفهم بشأن الزراعة العائلية والزراعة القروي زيادة الفرص المتاحة أمام صغار الفلاحين وتطوير مشاركتهم وتسهيل ولوجهم إلى المعلومات و الموارد. برنامج خاص بسلسلة التمور يتمحور هذا العقد البرنامج حول 4 محاور تهم تطوير القدرات الوطنية لإنتاج الفسائل الأنبوبية، التنمية المستدامة لإنتاج وتحسين الجودة، تطوير دائم لتثمين الإنتاج وكذلك تحسين الإطار التنظيمي لسلسلة التمور. ولتطوير القدرات الوطنية لإنتاج الفسائل الأنبوبية أنشأ المعهد الوطني للبحث الزراعي مختبرا لإنتاج البراعم الخضرية سنة 2011 بالرشيدية، كما تمت توسعة المختبرات الخاصة بإكثار الشتائل ليصل الإنتاج إلى أزيد من 373.000 فسيلة خلال 2014 أي 124 من البرنامج المسطر. في ما يخص برنامج الغرس الذي يهدف إلى الوصول إلى 3 مليون نخلة في أفق 2020، تم إلى حدود 2014 غرس 1,35 مليون نخلة منها 1,18مليون نخلة بالواحات التقليدية و 175400 نخلة بمناطق التوسع. وفي إطار هيكلة الواحات التقليدية تمت تنقية الأعشاش على مساحة 9600 هكتار. بغلاف مالي تجاوز300 مليون درهم. وفي إطار مواكبة عمليات الغرس والهيكلة، تمت تهيئة الدوائر السقوية بالسدود التحويلية، الخطارات و السواقي على طول 568.5 كلم بغلاف مالي ناهز 738 مليون درهم. ومن أجل تثمين الإنتاج تم إلى حدود 2014 إحداث 8 وحدات كبرى و 10 وحدات صغيرة بسعة تبلغ 3640 طن وبغلاف مالي يصل إلى 130 مليون درهم. بالإضافة إلى اقتناء وتوزيع آليات ومعدات فلاحية لمكننة العمليات الزراعية بغلاف مالي يفوق 24 مليون درهم مع توقيع ثلاث اتفاقيات خاصة بتسويق التمور مع الأسواق الكبرى والمتوسطة. أما في يخص محور تحسين الإطار التنظيمي لسلسلة التمور فقد تم إحداث 21 مجموعة ذات النفع الاقتصادي مع تكوين وتأطير الفلاحين في مختلف التقنيات الزراعية الخاصة بالنخيل.الأمر الذي مكن من استقرار معدل الإنتاج خلال خمس سنوات الأخيرة في 108 ألف طن أي بزيادة قدرها 20 مقارنة مع سنة 2009. و من المرتقب أن يشهد الإنتاج ارتفاعا ملحوظا خلال السنوات القليلة القادمة وذلك بدخول المغروسات الجديدة مرحلة الإنتاج. هذا بالإضافة إلى انجاز البرامج الأفقية والمندرجة في إطار الرؤية الإستراتيجية لمخطط المغرب الأخضر والمخطط الفلاحي الجهوي والمتجلية في العمل على صيانة المنشآت الهيدروفلاحية على طول 83 كلم بالدوائر السقوية للري الكبير وتجهيز الدوائر السقوية للري الصغير والمتوسط وتعبئة الموارد المائية عبر تحسين مردودية شبكات الري، وتشجيع النظم المقتصدة لاستغلال مياه السقي. وتجدر الإشارة انه لوحظ إقبال كبير وغير منتظر بفعل التدابير المحفزة للاستثمار في هذا المجال. وقد بلغت المساحة المجهزة بالري بالتنقيط بالإقليم أكثر من 4200 هكتار بمبلغ إعانات يصل إلى 250 مليون درهم، هذا إضافة إلى تأطير الفلاحين والتنظيمات المهنية موازاة مع تحسين جودة الخدمات التي يقدمها الشباك الوحيد، والشروع في انجاز برنامج تنمية المراعي وتنظيم الترحال.