تكتسب الجامعة السنوية التي يقيمها حزب التقدم والاشتراكية، بعد غد السبت، أهميتها ليس فقط اعتبارا للموضوع المركزي لدورتها الحالية، ولكن أيضا لذاتها كأسلوب للحوار والتفاعل مع المجتمع، وكطريقة منهجية لصناعة المواقف وإنضاج الأفكار. الموعد ليس اجتماعا حزبيا تنظيميا لم يعد الكثيرون يرون في مثله سوى الصراعات الداخلية والشخصية والتناحرات وتصفية الحسابات وكل أعطاب السياسة عندنا، وهو أيضا ليس منبرا للخطابة الفجة أو الدعاية البسيطة، وإنما هو فضاء لممارسة التفكير المعمق والرصين بغاية تجميع الاجتهادات والرؤى لصنع موقف أو إستراتيجية أو منظومة رأي. ولأن الانشغال بالقضايا الفكرية والسياسية والنظرية الكبرى لم يعد مثيرا ومغريا لمحترفي السياسة في زمننا هذا، فإن حزب التقدم والاشتراكية يسعى، من خلال جامعته السنوية، ليعيد الفكر إلى السياسة، والسياسة إلى نبلها وجديتها، ولذلك هو يجمع أطره جنبا إلى جنب مع أكاديميين وحقوقيين ومثقفين من خارج صفوفه ليؤسس لحوار جدي منفتح ومجتهد يروم بلورة أفكار ومشاريع رأي. الجامعة السنوية لحزب لتقدم والاشتراكية هي تقليد دأب الحزب على تنظيمه منذ مدة طويلة من أجل الخوض في القضايا الفكرية ذات الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهذا العام هي لا تخلو من راهنية كونها تنعقد كذلك في فترة يعاني فيها الخطاب السياسي والحزبي من تراجع وهشاشة و... توتر، ولذلك فهي تمثل دعوة للاهتمام بعمق الأشياء بدل التيه في الهوامش والحسابات التافهة وقصيرة المدى. الجامعة السنوية تعبير عن تشبع حزب التقدم والاشتراكية بروح المسؤولية السياسية، كما أنها الفضاء المناسب لتفعيل التفكير الحر من أجل تمكين الحزب من المقترحات والتصورات والمشاريع والرؤى لتأسيس فعله السياسي القائم دائما على التفاعل مع انشغالات المجتمع. وإذا توقفنا عند محور دورة هذه السنة، فإن جامعة حزب التقدم والاشتراكية تحيل على تيمة هي بمثابة انشغال حقيقي وسط شعبنا ونخبه ومختلف فعالياته السياسية والحقوقية والاقتصادية والفكرية، ويتعلق الأمر بما يشهده العالم من حولنا من حرائق وتوترات، وما يطرحه ذلك من تحديات أمنية وإستراتيجية وتنموية على بلادنا، فضلا عن المخاطر المتنامية بشأن الأمن والاستقرار والوحدة، وكل هذا يطرح متزامنا مع تطلع شعبنا لإنجاح مساراته الديمقراطية، والإصلاحات المتعلقة بالعدالة ودولة القانون والحرية والمساواة، والجانبان معا لا يخلوان من احتكاك وحساسية وتفاعل، وهنا بالضبط يتركز محور جامعة التقدم والاشتراكية، أي بالضبط في ثنائية )الأمن / دولة القانون(، وما تجسده كتوجه استراتيجي نحو بناء الدولة العصرية المتشبثة بكل مقومات وآليات الديمقراطية. جامعة حزب التقدم والاشتراكية تكرس إذن المصالحة بين السياسة والأفكار، وتتيح فضاء أوسع وأكثر حرية وانفتاحا للحوار بلا إكراهات تنظيمية أو تاكتيكية، فليعمل الجميع إذن من أجل إنجاحها. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته