الرجوع للأصل... تعود الرأي العام الوطني بعد كل إخفاق لكرة القدم المغربية، أن يحتل الموضوع حيزا هاما من النقاشات والاهتمامات والتداولات، كما تعود على وصول هذه الحمى إلى قبة البرلمان، إذ تطرح أسئلة الهزيمة على وزير الشباب والرياضة، وتلقى تدخلات نارية من طرف السادة النواب والمستشارين، دون أن تترك الهيئة الوطنية لحماية المال العام الفرصة تمر لتسجل وجودها عن طريق بلاغات التنديد والمطالبة بالمحاسبة... هذا السيناريو أصبح مألوفا عند عودة كرة القدم الوطنية خاوية الوفاض بعد كل تظاهرة قارية شاركت فيها، أما الحضور الدولي فقد تحول إلى حلم صعب المنال، وبمرور الأيام تخفت هذه الحمى وتنزل درجة حرارتها لتصبح الأمور عادية. ومن بين النقاط التي يتم عادة التركيز عليها وسط النقاشات التي تعقب مسلسل الهزائم، التساؤل حول واقع اللعبة على الصعيد الوطني وضرورة الاعتماد على اللاعب المحلي، لكن تناول هذا الموضوع لا يصل إلى مداه، وسرعان ما يترك على الهامش وسط دوامة الانشغالات اليومية... حسب المعطيات المتوفرة، فان آخر مرة استطاعت فيها كرة القدم الوطنية الوصول إلى المونديال كانت سنة 1998، وهى المرة الرابعة، ويتذكر الرأي العام الرياضي أن التشكيلة ضمت عناصر تمارس بالأندية الوطنية، كما أن أغلب العناصر المحترفة تكونت بالمغرب، واستطاعت الوصول إلى عالم الاحتراف، أما القادمون من مراكز التكوين الأوروبية، فلم يتعد عددهم ثلاثة إلى أربعة لاعبين. تقديمنا لهذا المثال الغرض منه التأكيد على حقيقة الأرقام، فمنذ أن ركزت جامعة كرة القدم اهتمامها على جلب لاعبين من مختلف الدوريات الأوروبية، لم نستطع الوصول مرة أخرى إلى المونديال، حيث كان الإقصاء في دورات 2002 باليابان وكوريا الجنوبية، 2006 بألمانيا، 2010 بجنوب أفريقيا، و2014 بالبرازيل. أما على الصعيد القاري، فباستثناء الفوز بدورة 1976 بإثيوبيا، والوصول لنهاية دورة 2004، فالخروج المبكر قاسم مشترك بين كل المشاركات، مع العلم أن الإقصاء بالمرة من الوصول إلى نهائيات كان آخره بدورة 2010، هذا على مستوى الفريق الأول، وبخصوص باقي الفئات (فتيان، شبان، إناث) التي أصبحت تعتمد هي الأخرى على عناصر قادمة من مراكز التكوين الأوروبية، فمصيرها التواضع والإقصاء المبكر... والحالة هذه، فالعودة إلى الإنتاج المحلي باتت مطلبا حتميا لا غنى عنه، دون التفريط أبدا في المواهب المغربية المنتشرة بمختلف دوريات القارة العجوز القادرة على منح الإضافة الضرورية المفتقدة وطنيا، للحصول على تشكيلة متجانسة لا تغيب عنها الروح الإفريقية المفروض توفرها في أي فريق يأمل في منافسة أقوياء القارة السمراء. في خريف سنة 2008، عقدت المناظرة الوطنية حول الرياضة، وتليت رسالة ملكية شهيرة، وقفت على الكثير من الاختلالات التي تعتري واقع الممارسة الرياضية على الصعيد الوطني، وقد خلصت توصيات هذه المناظرة على ضرورة الاهتمام بالقاعدة، انطلاقا من النادي وصولا إلى قمة الهرم، أي المنتخبات، وما يتطلب ذلك من تكوين وتجهيز وتأطير وحكامة وقوانين مواكبة للتحولات، إلا أن الذي حدث هو أن التوصيات بقيت حبيسة الرفوف. إن تقوية الأندية من الداخل سيمكنها من وقف النزيف، وذلك بالحفاظ على أحسن عناصرها، في وقت أصبح الخليج العربي - بالفعل - مقبرة أبرز اللاعبين المغاربة، والعديد من المواهب الصاعدة تختفي عن الأنظار بمجرد التحاقها بالدول النفطية، بينما لم يعد الانتقال نحو أوروبا ممكنا بفعل نزول المستوى العام، نظرا لعدم تمكن هذه المواهب من الوصول إلى النضج التقني والتكوين البدني والإعداد الذهني المؤهل للعب بالدوريات الأوروبية. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته