عرفت كرة القدم الوطنية انتعاشة كبيرة في المدة الأخيرة، حيث استطاعت أن تعيد هيبتها التي فقدتها منذ سنوات، سواء تعلق الأمر بالمنتخبات أو بالفرق، وذلك انطلاقا من النتائج المسجلة في مختلف التظاهرات القارية والدولية، انطلاقا من المجهوادت المبذولة من طرف القائمين على الشأن الكروي ببلادنا. وقد جاءت هذه الصحوة بعد مسلسل طويل من النكسات والإنكسارات التي عرفتها كرة القدم ببلادنا، وتجلى ذلك من خلال الغياب الكبير للمنتخبات الوطنية في العديد من التظاهرات القارية منها والعالمية، إضافة إلى تواضع الأندية في مختلف البطولات المنظمة من طرف الإتحاد الإفريقي وكذا العربي. وكانت أولى هذه الصحوة عن طريق المنتخب الوطني للكبار الذي استطاع أن يحجز بطاقة التأهل إلى نهائيات كاس أمم إفريقيا التي ستقام السنة المقبلة مناصفة بين غينيا الإستوائية والغابون، وذلك بعد أن تسيد مجموعته انطلاقا من مشواره الجيد والذي تجلى أساسا في هزمه لأقوى منافسيه ويتعلق الأمر بمنتخب الجزائر الذي كان من بين أبرز المرشحين للتأهل إلى النهائيات. أسود الأطلس استطاعوا أن يعيدوا الإعتبار لكرة القدم الوطنية التي عاشت منذ دورة تونس 2004 (لعب الفريق الوطني المباراة النهائية أمام تونس وانهزم بهدفين لواحد) سنواتا عجافا، حيث لم تحصد سوى الهزائم والنكسات رغم حضورها المتواضع في دورتي 2006 بمصر 2008 بغانا، إذ لم تتجاوز مشاركتنا الدور الأول، فيما غابت عن دورة 2010 بأنغولا. أما على الصعيد الدولي، فقد طال الغياب بفعل ضعف الأجهزة المشرفة على كرتنا والتي لم نتجرع من ورائها سوى مرارة الخيبة والإقصاء، علما أن آخر مشاركة تعود إلى مونديال فرنسا 98، والتي ظهر فيها أشبال المدرب هنري ميشيل بمستوى لافت رغم الخروج المبكر بسبب تواطؤ البرازيل والنرويج. ويسير المنتخب الأولمبي على خطى منتخب الكبار بعدما استطاع أن يحجز له مكانا إلى جانب الكبار في الأدوار الإقصائية المؤهلة إلى أولمبياد لندن، وذلك بعد مشوار ناجح في هذه البطولة، حيث تبقى حظوظه وافرة لتحقيق هذا الحلم على اعتبار أن هذه التصفيات ستقام ببلادنا، وبالتالي فهي فرصة أمام هؤلاء الأشبال لحضور هذا العرس الكروي. ويتوفر أشبال المدرب وركة على جميع المؤهلات التي تضمن لهم حضورا مشرفا خلال أولمبياد لندن، نظرا للأسماء الوازنة التي باتت تشكل النواة الأساسية لهذا المنتخب الذي أضحى يعج باللاعبين المحترفين من مختلف الدوريات الأوروبية، إضافة إلى محترفي البطولة الوطنية. أما على مستوى الأندية، فقد استطاع فريق الوداد البيضاوي أن يكذب كل التكهنات والتأهل لأول مرة في تاريخه إلى المباراة النهائية لدوري عصبة أبطال إفريقيا، -علما أنه فاز بكأس إفريقيا للأندية البطلة في نسخته القديمة سنة 1992 - بعدما أن أوقعته القرعة في مجموعة «الموت»، التي كانت تضم الترجي التونسي، الأهلي المصري ومولودية الجزائر. فريق الوداد البيضاوي راهن منذ البداية عن السير بعيدا في هذه الكأس الغالية بعد تأهله للمرة الأولى إلى دوري المجموعات، وذلك من خلال التعاقد مع أفضل العناصر الوطنية على الصعيد المحلي، وهو ما قدم إضافات نوعية إلى تشكيلة المدرب السويسري ميشيل دوكاستل الذي عرف كيف يبحر بالقلعة الحمراء إلى نهائي لا يقبل القسمة على إثنين لأن الفائز فيه بين الوداد والترجي سيشارك في بطولة العالم للأندية باليابان مطلع السنة القادمة. من جهته يسعى ممثل المغرب في كأس الكونفدرالية الإفريقية المغرب الفاسي، تكرار إنجاز اتحاد الفتح الرباطي الفائز بلقب السنة الماضية، خاصة أن النمور الصفراء تفصلها خطوة صغيرة أمام أنتر كلوب الأنغولي لحجز بطاقة التأهل إلى المباراة النهائية. ولم يكن يتوقع أحد من المهتمين بالشأن الكروي أن يبصم ممثل العاصمة العلمية على هذا المشوار اللافت في كأس الكونفدرالية، بحكم قلة التجربة لدى بعض عناصره الشابة، لكن المدرب رشيد الطاوسي استطاع أن يزرع الثقة في نفوس هؤلاء اللاعبين الذين باتوا على مرمى حجر من تحقيق إنجاز غير مسبوق في تاريخ الفريق الفاسي. خلاصة القول، نتمنى أن لاتكون هذه الصحوة التي تعرفها كرة القدم الوطنية مجرد صحوة خادعة سرعان ما تعود بنا إلى زمن الإنكسارات والنكسات، ولكن تنمنى أن تكون انتعاشة طويلة الأمد تواكب الإصلاحات التي تعيشها هذه اللعبة التي تقضي سنتها الأولى في عالم الإحتراف...