تمخضت فكرة هذا البحث، والمتعلقة بدراسة دور المؤسسة التشريعية في مجال السياسة الخارجية، انطلاقا من أهمية البحث العلمي حول البرلمان على اعتبار وجود نقص في هذا الاتجاه، وكذا ضرورة التدقيق في آليات العمل البرلماني بالمغرب هدفا في معالجة مدى فعالية دور النائب والمستشار البرلماني صاحب الشرعية الانتخابية الشعبية في المساهمة في السياسة الخارجية عبر العمل الدبلوماسي البرلماني، الذي أضحى يشكل بعدا هاما في حياة جميع المؤسسات البرلمانية إضافة إلى الدور الأساسي المتجلي في التشريع والمراقبة. إن البحث في الوظيفة الدبلوماسية للبرلمان المغربي يستوجب تحديد المتدخلين والفاعلين في السياسة الخارجية، في اتجاه النظر حول زاوية تقاسم الأدوار والوظائف لاستنباط مكانة البرلمان ضمن المؤسسات الفاعلة هي الأخرى في هذا المجال، بحيث اعتبرت السياسة الخارجية لمدة طويلة خارج اهتمام البرلمانات بذريعة أن الدبلوماسية هي «شأن الأمراء وليس شأن الشعوب» ليثبت التاريخ المعاصر هشاشة وخطورة هذا الحكم، إذ يمكن القول أن الفتوحات الديمقراطية لم تتقدم إلا عبر الرهان الذي اعتمده المنظرون الأوائل للقانون الدستوري في مزايا وفوائد منح الشعوب مكانة المشاركة في تسيير الشؤون الدولية. فلقد تولد سوء فهم لدور البرلمان في علاقته مع السلطة التنفيذية التي ظلت حريصة على الدفاع باستماتة على اختصاصاتها في مجال السياسة الخارجية، والتي كان ينظر إليها دائما، وفي أغلب الدول بما فيها الرائدة ديمقراطيا على أنها المجال المحفوظ لرئيس السلطة التنفيذية بشكل يهمش باقي الفاعلين ولاسيما السلطة التشريعية. ومنه نستنتج أن بين المجلسين، مجلس النواب ومجلس المستشارين نوع من التشابه في الاختصاصات والوظائف في مقارنة لما يتضمنه كلا النظامين الداخليين، في علاقة بالدور التقني المرتبط بالعمل الدبلوماسي للبرلمان، وهكذا تبرز الثنائية البرلمانية في أبعادها السياسية، حيث أصبحت الثنائية البرلمانية في تزايد مضطرد أقرته العديد من الدول ذات الديمقراطية العريقة والناشئة في كل بلد حسب معطياته الداخلية وخصوصياته المحلية، وإذا كان النظام المعتمد في بلادنا قد أثار العديد من الملاحظات والتساؤلات تصب معظمها في إطار رغبة أكيدة لتطوير هذا النظام وجعله مرآة تعكس حيوية الفكر الديمقراطي ببلادنا فإن موضوع الثنائية البرلمانية أصبح ذا راهنية تحضى بأهمية قصوى، وهكذا فتح النقاش حوله بالمغرب، إذ يعتبر البعض أن مجلس المستشارين لا يعدو سوى عنصرا تزيينا في ديكور المشهد المؤسساتي نظرا لكونه يتمتع مع استثناءات طفيفة بنفس الاختصاصات المخولة لمجلس النواب(2). وفي سياق العمل الدبلوماسي للبرلمان المغربي، في علاقة بتواجده كعضو فاعل في المنظمات والاتحادات والجمعيات البرلمانية والتي يعد الاتحاد البرلماني الدولي أبرزها، نجد وثيقة تنظيمية مهمة تقدم تعريفا لها وتحدد مجال عملها وعضويتها وأحكامها التنظيمية من خلال الأنظمة الداخلية لكل منها على حدة، والمنظمات الدولية المحددة هي كالتالي: الاتحاد البرلماني الدولي. الاتحاد البرلماني العربي. البرلمان العربي الانتقالي. اتحاد مجالس الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي. مجلس الشورى المغاربي. رابطة مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي. الجمعية البرلمانية لمنظمة حلف الشمال الأطلسي. الاتحاد البرلماني الإفريقي. المنتدى البرلماني الأورو-متوسطي والمتوسطي. الجمعية البرلمانية للفرنكوفونية. وهذا يعد فقط بعضا منها فهي عديدة، تتعدد بتعداد المواضيع والعلاقات الخارجية القائمة على إنشائها، وهكذا نجد عرضا للقوانين الداخلية للاتحادات والجمعيات البرلمانية المذكورة في هذه الوثيقة(3). ومن جهة أخرى وفي إطار البحث الميداني المعد لأجل دراسة السياسة الخارجية للبرلمان المغربي، عبر استمارة البحث الميداني، وفي سؤال حول الإطارات القانونية التي تحدد وتنظم مجال الدبلوماسية البرلمانية في الشق الأول المتعلق بالفرق النيابية بمجلس النواب والبالغ عددها 7 فرق نيابية ومجموعتين نيابيتين، أجاب بنعم 6 فرق أي نسبة 66.66% فيما أجاب بلا فريق نيابي ومجموعة نيابية بنسبة 22.22% لتمتنع مجموعة نيابية عن الجواب، وارتباطا بنفس السؤال في طرح من أجابوا، خاصة تلك الإجابات بنعم حول ماهية الإطارات القانونية، تمت الإشارة إلى الدستور كإطار عام والنظام الداخلي لمجلس النواب كإطار خاص مع تأكيد الفريق الاشتراكي على أن الدبلوماسية البرلمانية تمارس في إطار مجموعات الصداقة بقوانين داخلية. ورغم إجابة فريق التحالف الاشتراكي بلا إلا أنه وقف معللا جوابه بوجود بعض المقتضيات المحدودة في النظام الداخلي لمجلس النواب مثلا، وهي في نظره لا تحدد مجال الدبلوماسية بشكل دقيق(). ومن خلال ذلك تبرز مسألة تداخل أجوبة الفرق والمجموعات النيابية البرلمانية بالمجلسين في تحديد الإطارات القانونية، إما عن جهل بعض الفرق لها تماما أو الوقوف على عدم أهميتها رغم تواجد الدستور والنظام الداخلي، ليتأكد بشكل موضوعي أن العمل الدبلوماسي للبرلمان من جهة التأطير القانوني ما زال فتيا ويحتاج لتطوير عملي يوازي أهمية الدبلوماسية للبرلمانات على المستوى الدولي، حيث أضحت عملا ثالثا في العمل البرلماني إلى جانب التشريع والمراقبة.كانت هذه دراسة في الإطار القانوني للسياسة الخارجية للبرلمان في قراءة للدستور ومنه إلى النظام الداخلي للبرلمان بمجلسيه، مجلس النواب ومجلس المستشارين، وكذا الإشارة إلى وجود أنظمة داخلية تهم الاتحادات والجمعيات البرلمانية الدولية، كما وقفنا على تحليل معطيات البحث في وجود الإطارات القانونية للسياسة الخارجية للبرلمان (الدبلوماسية البرلمانية) من عدم وجودها من خلال أجوبة الفرق والمجموعات النيابية وباقي أجهزة البرلمان بمجلسيه، وهذا ينقلنا إلى جانب آخر يشكل قانونا بذاته يتعلق بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية وهو ما سنتطرق إليه في المبحث الثاني.