وزير الثقافة الأمين الصبيحي يشيد بالجهود المبذولة من أجل تثمين غنى التراث الثقافي للمدينة انطلقت، مساء أول أمس الخميس، الدورة السابعة عشر لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بتنظيم استعراض مزج بين ألوان فنية متعددة وجاب مختلف أرجاء المدينة العتيقة. وشهد هذا الموكب الاستعراضي، الذي انطلق من باب دكالة وصولا إلى ساحة المنزه، حضورا جماهيريا من كل الفئات والأعمار من ساكنة المدينة وزوارها المغاربة والأجانب الذين حجوا للاستمتاع بلوحات من الفن الكناوي وعروض فلكورية وبهلوانية. وأشاد وزير الثقافة، محمد أمين الصبيحي، في كلمة خلال حفل افتتاح هذه التظاهرة، باختيار مدينة الصويرة للثقافة كرافعة للتنمية، وبالجهود المبذولة من أجل تثمين غنى التراث الثقافي للمدينة وانخراط الساكنة المحلية في هذه الدينامية، مؤكدا التزام الوزارة بدعم المدينة في اختيارها ومساعدتها على جعل تراثها الثقافي في خدمة التنمية المحلية. وتميز حفل الافتتاح بحضور، على الخصوص، أندري أزولاي، مستشار صاحب الجلالة، الرئيس المؤسس لجمعية الصويرة موكادور، ووزير السياحة، لحسن حداد، ووزير الشباب والرياضة، محمد أوزين، وعامل إقليمالصويرة، جمال مختار، ورئيس المجلس البلدي للصويرة، محمد الفراع. وبمنصة مولاي الحسن، الشاهدة على المزج الموسيقي الذي حصل بين العديد من المعلمين الكناويين وأسماء لامعة في موسيقى الجاز وموسيقى العالم، عرف حفل الافتتاح الرسمي لهذه التظاهرة، إقامة فنية بين المعلم حسن بوسو، الذي اشتهر بخبرته في المزج، وعازف الكمان الفرنسي الشهير ديدييه لوكوود والفنان الأمازيغي فولان. كما تضمن هذا الحفل تقديم أداء مشترك بين فرقة طيور كناوة، وهم شباب أصبحوا ضيوفا على المهرجان، والرباعي الفرنسي «سفارة الخفاء» الذين عرفوا بترددهم الدائم على مدينة الصويرة حيث تعلموا فن تكناويت، إلى جانب حفل للمعلم سعيد أوغسال. وتواصلت سهرة اليوم الأول من مهرجان كناوة وموسيقى العالم بإحياء حفل بدار الصويري من أداء المعلمين، الخدير شوقي وبنعشير بوشبشوب. وتعرف دورة هذه السنة، على مدى أربعة أيام من الاستمتاع والتلاقح والتفاعل الثقافي، تقديم تجربة موسيقية فريدة، هي ثمرة مزيج متجانس من غنى التراث الكناوي وتنوع موسيقى العالم من خلال أكثر من 30 حفلا فنيا تتوزع على ستة فضاءات مختلفة بالمدينة. وسيكون عشاق الموسيقى أيضا على موعد، في السهرة الختامية، مع المعلم حميد القصري، الذي يعد من بين «المعلمين» الأكثر شعبية، وذلك بفضل موهبته وصوته خاصة، والفنان المالي باسكو كوياتي، وهو فنان من نغوني (صاحب آلات موسيقية أفريقية تقليدية) وريث التقاليد الأصلية لماندينغ، والذي سيكون مصحوبا بفرقته «نغوني با». كما سيكون الجمهور على موعد مع إيقاعات العازف اللبناني إبراهيم معلوف، والمغنية آيو، التي ازدادت بألمانيا، ومع عدد من الفنانين المغاربة. وتعرف هذه التظاهرة أيضا، يومه السبت، تنظيم تتمة فعاليات منتدى «إفريقيا قادمة»، الذي يجمع أكاديميين وباحثين وعلماء أنثروبولوجيا وسياسيين وفاعلين جمعويين وفنانين وصحافيين وكتابا مغاربة وأجانب من أجل مناقشة أربعة محاور تهم «نظرات تاريخية» و»الديناميات المعاصرة: الدول والتعبئة والأزمات» و»ثقافات وهويات، ديناميات وإعادة تشكيل'' و»أفريقيا المستقبل». وتتناول الدورة العديد من المواضيع ك»أفريقيا والعولمة، تاريخ طويل»، و»من أجل تعليم التاريخ الأفريقي بالمغرب»، و»إعادة التأمل في العلاقات التاريخية بين شمال أفريقيا والدول الواقعة جنوب الصحراء من خلال دراسة الأقليات الدينية والإثنية: حالة يهود الصحراء»، و»الهويات والمناطق والدولة في إفريقيا»، و»المغرب وسياسة الهجرة وكيفية التفكير في التعددية الدينية»، فضلا عن مناقشة مواضيع من قبيل: «حرية تنقل الأشخاص في إفريقيا: الواقع والتحديات». وقد تم إحداث المنتدى الذي انطلق يوم أمس الجمعة وسينهي أشغاله اليوم، منذ سنتين، بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ويشهد مشاركة العديد من المتدخلين البارزين الذين سيتطارحون هذه المواضيع مع الجمهور المكون من باحثين في التاريخ والأنتروبولوجيا والسينمائيين والمفكرين والباحثين من بوركينافاصو ومالي والسنغال وفرنسا وكندا والولايات المتحدة والمغرب، ويجعلون من المنتدى فضاء منفتحا للتبادل والنقاش، للتفكير مجددا في المغرب الإفريقي وتاريخه وهذه الفضاءات التي تنسج فيها العلاقات الإنسانية وراء الحدود الجغرافية. *** الفن الكناوي تراث ثقافي ضمن قائمة الموروث العالمي في خطوة جريئة تبتغي تبوؤ التراث الكناوي المكانة اللائقة به ضمن التراث العالمي، تبنى أربعون فنانا كناويا، يمثلون مختلف جهات المغرب، خلال لقاء عقد بالصويرة، طلبا لتسجيل فن كناوة ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية، مما سيشكل خطوة حاسمة لتدعيم ملف الترشيح الذي يجب إيداعه لدى منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو). وتم هذا الإجماع خلال لقاء تشاوري نظمته، يوم الثلاثاء الماضي جمعية «يرما كناوة» ووزارة الثقافة، التي تدعم هذا المشروع، وذلك بحضور الكاتب العام لعمالة الصويرة ورئيس المجلس البلدي والمدير الجهوي لوزارة الثقافة بمراكش. وتشكل هذه الموافقة خطوة هامة لتكوين ملف الترشيح، وفق ما أقرته اتفاقية صون التراث الثقافي اللامادي، التي تبنتها (اليونيسكو) سنة 2003 التي صادق عليها المغرب سنة 2006، والتي ركزت على مشاركة الجماعات والمجموعات والمنظمات غير الحكومية ذات الصلة في تحديد وتعريف مختلف عناصر التراث الثقافي اللامادي الموجود على مستوى ترابها. وقالت نائلة التازي، الرئيسة المفوضة لجمعية «يرما كناوة»، «إن هذا اللقاء الهام، الذي يندرج في إطار تتبع وتقييم عمل انطلق منذ 17 سنة مع مهرجان كناوة، ومنذ سنة 2009 مع جمعية (يرما كناوة)، مكننا اليوم من دخول مرحلة جديدة»، مضيفة أن العمل الذي تم تبنيه في هذا الاتجاه يتمثل في نهج مقاربة تنموية مستدامة والحفاظ على الذاكرة والانفتاح على المستقبل. وذكرت التازي بأنه «في إطار الروح الجماعية، أنشأنا عملا للحفاظ على التراث الكناوي»، مشيرة إلى أنه تم في هذا الإطار إحداث مشروعين يتعلقان بإدراج هذا الفن ضمن التراث الشفهي اللامادي للإنسانية وإنجاز مقاطع من الموسيقى الكناوية، سيتم إدراجها ضمن الملف الذي سيقدم إلى اليونسكو. من جهة أخرى، أكدت المندوبة الإقليمية لوزارة الثقافة بالصويرة، زهور امهاوش، أن الخطوات المقبلة تستدعي حصر العناصر المكونة لهذا التراث، كالآلات الموسيقية المستعملة والطقوس والتقاليد والمجموعات والفترات التي تمت خلالها ممارسة هذا الفن، وإعداد فيلم وثائقي مدته عشر دقائق حول التراث الثقافي موضوع هذا الملف. يشار إلى أن جمعية «يرما كناوة»، التي تأسست سنة 2009، تهدف إلى حماية وتثمين التراث الثقافي اللامادي لعشاق الثقافة الكناوية، وكذا الارتقاء بالتراث الكناوي ونشره في المغرب وعبر العالم.