كيف يكون الثقافي في خدمة الاجتماعي والتنموي 48حفلا موسيقيا،و3لقاءات فنية،و10 حفلات دمج موسيقي، مواعيد، حوارات وليلات كناوية، حضور بالألاف أمام منصات تتوزع في انحاء المدينة كل ليلة تقدم عروضا ملونة للجميع دون استثناء أو اقصاء، موسيقى من كل الآفاق ولجميع الاذواق وبالمجان. فنانون بالعشرات قدموا من الجوار وآخرون من وراء البحار جمعهم مشهد المدينة البحري وعطر التاريخ داخل أسوارها العتيقة، واستلهموا من جمال المدينة وبهائها عروضهم الموسيقية. هل يمكن لهذه الارقام ان تختصر تظاهرة فنية كبيرة كالمهرجان الدولي لكناوة وموسيقى العالم الذي اختتم مساء أمس بمدينة الصويرة، مودعا جمهوره الذي يفوق عدد سكان المدينة. وبما انه من المألوف أن كل دورة تخبئ اضافات جديدة سواء بالنسبة لمدينة الصويرة أو بالنسبة لمهرجانها أو بالنسبة للتراث الكناوي الذي يسري في شرايينها. جديد المدينة هذه الدورة تم الاعلان وبشكل رسمي عن الشروع في عدة خطوات جديدة في مشروع تأهيل البنيات التحتية للمدينة بما يتوافق مع موقعها كقطب جذب ثقافي وسياحي، واستكمال بعضها الآخر بحلول السنة القادمة، لأن الصويرة بحجمها التاريخي والحضاري و موقعها الاستراتيجي وجمالها الأخاذ تستحق أكثر، فهي كانت دائما محطة أساسية للتبادل و تقاطعًا لتجارة الذهب والتوابل والرقيق وبالاستناد الى كل ما سلف شكلت مطمعا للاحتلال، عبر تاريخها الطويل منذ الرومان الى الفرنسيين مرورا بالإسبان والبرتغال. ما منح هويتها الأمازيغية المنفتحة على افريقيا خصائص جديدة على رأسها القدرة الكبيرة على محاورة مختلف الثقافات. سبب هذا الكلام هو سؤال « كيف يمكن للثقافي أن يصبح رافعة للاجتماعي والتنموي»، اذ من الملاحظ ومنذ انطلاق المهرجان والمدينة تتطور سنة بعد أخرى. جديد الطقس الكناوي أما بالنسبة للتراث الكناوي الذي يشكل ذاكرة أسطورية حية لهذه المدينة فان جديد هذه الدورة ليس سوى تأسيس جمعية «ارمى كناوة» التي يترأسها الفنان الكناوي عبد السلام عليكان ومن أهدافها الرئيسية تكريس التوجه الذي يرمي إلى حفظ و تثمين التراث غير المادي لطائفة كناوة , حيث تعمل هذه الجمعية على التعريف بالثقافة الكناوية في المغرب وعبر العالم و ضمان استمرار تقاليدها. و تقوم كذلك بأعمال على المستوى الاجتماعي و في مجال الإبداع كإعادة تدوين النصوص و كلمات أغاني التراث الموسيقى الكناوية وطلب إدراج التراث الكناوي في قائمة اليونسكو « كتراث شفهي وغير مادي للبشرية ». ناهيك عن توفير بطاقة الفنان والتغطية الصحية من خلال ادماج موسيقييها في تعاضدية الفنانين بموجب اتفاق في هذا الشأن. حياة المهرجان أما على الصعيد الفني فان البرنامج كان غنيا بالفقرات وقد شهدت الدورة العديد من المتغيرات بمشاركة العديد من الفرق والمجموعات كعيساوة, حمادشة, والأغاني صوفية، والامازيغية اضافة الكثير من التيارت الموسيقية الغربية التي تلتقي مع الطرب الكناوي من حيث الاصول والنشأة أو الجانب الروحاني على الاقل، أحياها فنانون ومجموعات قدموا من إفريقيا وأوروبا وأمريكا وآسيا من بينهم مجموعة ستيب أفريكا , والفنان أمازيغ كاتب, دانيال زيمرمان, آلان هويست, أمير علي, فايز علي فايز ونيناد كاجين .. من جهة أخرى تميزت الدورة الثالثة عشر بالاحتفاء بالرقص الكناوي الذي يعتبر عنصرا جماليا اساسيا في طقوس كناوة. واذا كانت الليلة الأولى قد شهدت مشاركة مجموعة الرقص القوقازية الى جانب لمعلم محمد كويو، والفرقة الارمينية رفقة المعلم بوسو، فان الليلة الثانية شهدت مزجا من نوع آخر غير مألوف في الدورات السابقة، وكانت اضافة نوعية لفقرات برنامج الدورة الثالثة عشر حيث كان جمهور, منصة مولاي الحسن، بمزج من نوع آخر، كناوة والأنغام الباكستانية، صوت فايز علي فايز برفقة تيتي روبن على آلة العود وفرنسيس فاريس، بالإضافة إلى عيساوة مكناس. كما قدم كبير طائفة كناوة المعلم محمود غينيا،عرضا رائعا كان عبارة عن مزج مغاربي هذه المرة بمنصة باب مراكش رفقة الموريتاني دابي توري. الليلة الرابعة كانت جد متميزة وغنية بالألوان والايقاعات، تألقت خلالها مجموعة نيناد كاجين التي تشتغل على موسيقى الجاز،وتتكون من أربعة فنانين من أمريكا كندا أرمينيا والمغرب، الحفل الذي حضرته صفوة من المثقفين، حملتهم موسيقى هذه المجموعة الى سماء الابداع وكان جميع الحضور ودون استثناء يفترش الأرض بمن فيهم السيد أندري أزولاي والوفد المرافق له، في اطار فلسفة مهرجان الصويرة التي لا تعترف بالاستثناء. من جهة أخرى وعلى نفس المنصة كانت الساعة المنتظرة بعد العرض الجميل والمبهج الذي قدمته فرقة الرقص الامريكية، صعد الى الخشبة السيد أو المعلم الكبير مصطفى باقبو ومجموعته الرائعة لتتحف عشاق هذا التراث بقطع سيطر فيها الكنبري الذي اعلى صيت هذا الفنان وحمله الى العديد من الدول وانتزع اعتراف كبار الموسيقيين العالميين، كان آخرهم عازف الغيتار الكبير كارلوس سانتانا خلال الدورة الماضية من مهرجان موزين الرباط. تكريم هذه السنة افتقد المهرجان أحد الوجوه الفنية من بنات الصويرة المواظبة على حضور المهرجان، الفنانة التشكيلية السعدية بيرو التي وافتها المنية أوائل ابريل الماضي عن سن 47 سنة. وقد كرم مهرجان كناوة وموسيقى العالم يوم الجمعة الماضي هذه الفنانة التي فقدتها الساحة الفنية المغربية ، وذلك بتنظيم معرض فني على هامش الدورة ال`13 لهذه التظاهرة، يحمل عنوان «الأثر والذاكرة» ضم العديد من لوحاتها بفضاء برج مراكش، حيث كانت حاضرة خلال هذه الدورة بقوة من خلال ابداعاتها في وفاتها كما كانت خلال حياتها.