أكّدت مصادر يمنية شنّ جماعة الإخوان المسلمين ذات الحضور في بعض مفاصل السلطة بالبلاد حملة ضغط على الرئيس عبدربه منصور هادي، وذلك تزامنا مع الحرب التي يشنها الجيش على تنظيم القاعدة. وقالت ذات المصادر إنّ الجماعة لا تستثني في ضغوطها استخدام الورقة الاقتصادية والاجتماعية لمزيد تأزيم الوضع المتأزّم أصلا، حيث يعرف اليمن مصاعب اقتصادية غير مسبوقة وتقف قيادة البلاد حائرة بين ضغوط الجهات المانحة، ومن ضمنها البنك الدولي، وبين اتخاذ قرارات قاسية وغير شعبية مثل الترفيع في بعض الأسعار. ويربط مراقبون الهجوم الإخواني على السلطة اليمنية بمخاوف من المحاسبة، في ظلّ توجه عام في أكثر من بلد عربي نحو تجريم الجماعة وحظرها. وفي ظل التداعيات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي يعيشها اليمن، تفاقمت في الأيام الأخيرة أزمة انعدام المشتقات النفطية التي انعكست بشكل مباشر على حياة اليمنيين اليومية من خلال ارتفاع أسعار وسائل النقل والمواد الغذائية والخضروات والمياه. وفي تحرّك ينذر باضطرابات جديدة تضاف إلى قائمة الاختلالات الأمنية، قام مواطنون غاضبون بقطع عدد من شوارع العاصمة صنعاء مطالبين الحكومة بسرعة توفير المشتقات النفطية في الوقت الذي اصطفت فيه السيارات أمام محطات الوقود الخاوية في طوابير طويلة. ويأتي ذلك، بينما يواجه اليمن ضغوطا كبيرة من قبل الجهات المانحة وعلى رأسها البنك الدولي لرفع الدعم عن المشتقات النفطية وهو الأمر الذي ترفض كل الكتل السياسية المشاركة في الحكومة تحمل وزره خوفا من ردود الأفعال الشعبية الغاضبة. وعلى مدار الأيام الماضية نشطت الآلة الإعلامية التابعة لجماعة الإخوان في ترويج الإشاعات بشأن ترفيع كبير في أسعار المواد الأساسية، سعيا لإشعال الشارعوفي الوقت الذي كشفت فيه صحيفة محلية عن امتلاك نجل وزير الكهرباء القريب من الإخوان لشركة تقوم باستيراد مولدات الكهرباء، تضاعفت ساعات انقطاع التيار الكهربائي بسبب استهداف أبراج نقل الطاقة في مأرب من قبل قبيلة "آل شبوان" التي تطالب بالكشف عن ملابسات مقتل اثنين من أبنائها قبل أيام بتهمة الانتماء للقاعدة. وعلى الصعيد السياسي بلغت العلاقة بين الرئيس هادي وتكتّل أحزاب اللقاء المشترك التي يتزعمها "حزب الإصلاح"، الذراع السياسية لجماعة الإخوان في اليمن، أسوأ مراحلها في أعقاب البيان الذي أصدره التكتّل وتنصل فيه ضمنيا من مخرجات مؤتمر الحوار الوطني مطالبا بضرورة عقد مؤتمر وطني، وهو الأمر الذي فُسّر على أنّه حلقة جديدة من حلقات الضغط على الرئيس هادي والتي تضافرت من خلال هجوم وسائل الإعلام المحسوبة على الإخوان والتحذير من التآمر على"الجيش المؤيد للثورة" الذي أنشأه اللواء علي محسن الأحمر وضم القيادات العسكرية المنشقة عن نظام الرئيس اليمني السابق في العام 2011. وقالت مصادر خاصة لصحيفة "العرب" إن البيان الأخير لأحزاب اللقاء المشترك، أثار غضب الرئيس عبدربه منصور هادي وقد انعكس ذلك من خلال الهجوم غير المسبوق على البيان من قبل صحف رسمية مثل الجمهورية و26 سبتمبر. وهي المرة الأولى التي تهاجم فيها مثل هذه الصحف أحزاب اللقاء المشترك. وأضافت المصادر أن الفقرة الخاصة بضرورة عقد مؤتمر وطني كتبت بإيعاز من القيادي الإخواني حميد الأحمر الذي مازال يصر على تقديم نفسه بصفة "الأمين العام للجنة التحضيرية للحوار الوطني". ويأتي هذا البيان في ظل الحرب التي يخوضها الجيش اليمني ضد تنظيم القاعدة وسلسلة العمليات الإرهابية التي يقوم بها التنظيم والتي كان آخرها مهاجمة مقرّ الشرطة العسكرية بالمكلا بسيارة مفخخة الأمر الذي أسفر عن مقتل وجرح عشرات الجنود. وعلّق ناشط سياسي يمني بأنّ ضغوط الإخوان على السلطة اليمنية في هذا التوقيت بالذات تحيل على لقاء مريب بين أهداف تنظيم القاعدة وجماعة الإخوان المسلمين. وكان الرئيس السابق علي عبدالله صالح قد اتهم في حوار تلفزيوني جماعة الإخوان بتدبير حادث دار الرئاسة، فيما قالت وسائل إعلام يمنية إن قيادات إخوانية بارزة بدأت بسحب أموالها من البنوك اليمنية معتبرة أن هذا الإجراء احترازي خشية تجميد تلك الأموال من قبل دول أو هيئات دولية وتخوّفا من صدور قرارات بتجميد الحسابات المصرفية الخاصة بالقيادات المنتمية للتيار الديني، ومنها "جمعية الإصلاح" ومنظمات إسلامية ومؤسسات وشركات عقارية كانت تعمل تحت غطاء التيار الإسلامي في اليمن. وذكرت صحيفة محلية يمنية أن عددا من البنوك العاملة في اليمن تلقت إشعارات وطلبات بسحب ودائعها المالية وإغلاق حساباتها الجارية لبعض من هذه المؤسسات والجمعيات الخيرية مما تسبب بحدوث عجز مالي لعدم توفر السيولة النقدية.