قضايا وانتظارات تقتضي مزيدا من الإنصات والاهتمام يخلد المغرب يومه الثلاثاء اليوم الوطني للمهاجر، الذي يصادف العاشر من غشت من كل سنة، وسيتمحور اليوم الوطني للمهاجر هذه السنة، في نسخته الثامنة، حول موضوع حيوي يستأثر باهتمام مغاربة العالم وأسرهم، وينشغل به المغرب رسميا. ويتعلق ب «حماية حقوق الجالية المغربية في ظل الأزمة الاقتصادية». ويشكل هذا المحور عنوان لقاء دولي، ينظم اليوم بالرباط من طرف الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج؛ سيتناول فيه جامعيون وخبراء ومهتمون مختلف المشاكل التي أفرزتها الأزمة الاقتصادية، وسبل حماية حقوق الجالية المغربية، إعمالا لإحدى توصيات ندوة دولية نظمت بالرباط خلال شهر أكتوبر من السنة الماضية، والتي عالجت انعكاسات الأزمة الاقتصادية على الهجرة، وهي ذات الأزمة التي ما زالت ترخي بظلالها وتسترعي يقظة ووعيا فرديا وجماعيا من أجل مواجهة تداعياتها. اليوم الوطني للمهاجر يشكل محطة لتقييم ما أنجز لفائدة أفراد الجالية، وفرصة للوقوف على المشاكل التي لازالت تعيق مسار هذه الجالية، وإثارة الإشكاليات المطروحة. ذلك ما تحيط به مختلف الندوات واللقاءات التي تنظم سنويا بمناسبة تخليد اليوم الوطني للمهاجر منذ اعتماده سنة 2003. إن الاهتمام بقضايا الهجرة والمهاجرين، لم يعد مقتصرا بظرفية معينة، ولا باقتراب موسم العبور والعودة. إذ أصبحت قضايا مغاربة العالم تطرح خلال السنوات الأخيرة بشكل منهجي ومتواصل، انطلاقا من تصورات مختلفة أحيانا، لكن تلتقي حول أهداف مشتركة. فمنذ اعتلائه العرش، شدد ملك البلاد على ضرورة الاهتمام بقضايا الهجرة والمهاجرين وفق مقاربة جديدة وشمولية. وفي إطار هذا الاهتمام الذي ما فتئت القوى الحية تنادي به وتلح عليه تجمعات المهاجرين، تم إحداث عدة مؤسسات تعنى بقضايا المهاجرين، منها وزارة مكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج، ومؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، ومؤسسة محمد الخامس للتضامن، ثم المجلس الأعلى للجالية بالخارج. وقد أفرزت مختلف هذه المؤسسات أجواء متميزة للاشتغال على قضايا الهجرة من منظور تشاركي يحتمل السجال والنقد البناء، وينتصر للمبادرات والاقتراحات الفعالة التي يمكن أن تستوعبها جالية مغربية منفتحة ومتنورة رفضت وترفض التعامل معها كعملة صعبة... لكل هذه الاعتبارات، أصبحت قضايا المهاجرين تطرح بالوضوح المطلوب، ولا تخلو اللقاءات الحوارية والندوات الدراسية من إثارة انشغالات المهاجرين بجرأة كاملة وأحيانا بانفعال زائد. بحيث أصبحت انتظارات مغاربة العالم حاضرة في مختلف المناسبات. وهذه الانتظارات والانشغالات لم تعد مقتصرة على جلب العملة واستثمارها في الوطن الأم فقط، إذ بالإضافة إلى أهمية هذا الموضوع، هناك قضايا أخرى أساسية كانت وما زالت تستأثر باهتمام أفراد الجالية المغربية، سواء في بلدان الاستقبال أو في وطنهم المغرب. من هذه القضايا، هناك إشكالات الهوية والاندماج، مشاكل مواجهة العنصرية والبطالة والتشرذم والتهميش، إضافة إلى صعوبات وعراقيل اجتماعية وإدارية تعترض مصالحهم هنا وهناك... وكلها قضايا تقتضي الإنصات والمواكبة والمعالجة. رسميا، نشطت الحكومة، عبر الوزارة الوصية، في مجالات عدة لفائدة المهاجرين، ولعل أبرز مبادراتها تلك الإجراءات التي اتخذت في أعقاب استفحال الأزمة المالية. وبدوره تحرك المجلس الأعلى للجالية على عدة مستويات، انطلاقا من موقعه كهيئة استشارية واستشرافية، مهمتها بلورة آراء استشارية لتحسين السياسات العمومية المغربية اتجاه الجالية المغربية. على مستويات أخرى، تواصل مكونات المجتمع المدني أنشطتها وتحركاتها واهتماماتها بشأن الهجرة والمهاجرين، وهي ثارة منتقدة وثارة مقترحة أو منخرطة في المبادرات.. عموما، إن ما تراكم إلى اليوم يستحق الاهتمام، ويدعو إلى تقييم موضوعي وصريح تكون له نتائج ملموسة وسريعة تجاه انطباعات الجالية المغربية وحاجياتها المتجددة...