نجد في الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري، أن الولاياتالمتحدة تحاول إصلاح ذات البين بين الجزائر والمغرب لتفادي إغضاب أي منهما وذلك قصد تحقيق أقصى قدر من الفوائد التي تعود عليها. وتحاول الولاياتالمتحدة، من خلال زيارة جون كيري، أن تظهر للمغرب اهتمامها الكبير بالتعديلات التي قام بها الوزير الأمريكي في مجموعة من الميادين السياسية والاجتماعية والثقافية التي حققها المغرب في هذا العقد الأخير من الزمن، كما أشاد كيري أيضا بالإصلاحات التي ينخرط فيها المغرب والجهود التي يبذلها لتحسين علاقته مع باقي البلدان الأخرى. ومن جهة أخرى، تحرص الولاياتالمتحدةالامريكية على عدم وضع العلاقة بينها وبين الجزائر على المحك، خاصة أن هذه الأخيرة تتوفر على الثرواث الباطنية (أبار البترول والغاز). وفي نفس السياق، لوحظ أن ملف الإرهاب كان حاضرا بقوة في المباحثات بين المسؤولين المغاربة ونظرائهم الأمريكيين، حيث ركز جون كيري على تطوير العلاقات في مجال الإرهاب، وضمان مساندة المغرب للولايات المتحدة خاصة أن تهديدات الجماعات الإرهابية ما زالت نشيطة ومتركزة في منطقة السواحل الجنوبية. وباعتبار الجزائر شريكا رئيسيا في حملة واشنطن على الإرهاب، فإن الولاياتالمتحدة ليست مستعدة للانحياز لأي طرف على حساب الآخر حول قضية الصحراء، في وقت تحتاج فيه للتعاون الأمني مع البلدين من أجل مكافحة الإرهاب والحفاظ على الاستقرار الأمني، الأمر الذي يدفعها للمزيد من التماطل في تسوية المشكل. فعلى الرغم من الزيارات المتكررة للبلدين لتسليط الضوء على العلاقة الوطيدة المغربية الأمريكية، إلا أن العديد من المغاربة يتساءلون عن مصير هذه الثنائية المغربية الأمريكية في غياب خطوات ملموسة وحاسمة حول إيجاد حل لمشكل الصحراء. ومع أن المغرب يعتبر حليفا تاريخيا للولايات المتحدةالأمريكية، في كونه أول بلد اعترف باستقلالها إلا أنها لم تحسم في موقفها في المنطقة المتنازع عليها لحد الآن. هذه السياسة المتناقضة تكشف عن تعامل الولاياتالمتحدة مع القضية بنوع من الاستهتار والاستخفاف. وفي إشارة إلى الزيارة الأخيرة لجلالة الملك محمد السادس إلى بعض بلدان إفريقيا، عبر كيري عن استحسان السياسات التي يتبعها المغرب تجاه باقي بلدان القارة السمراء، مضيفا «أن الاتفاقيات ال18 التي وقعها المغرب مع مالي، تظهر أن المملكة تسهم في مزيد من الأمن والازدهار في المنطقة». لكن الهدف من وراء هذا، اعتبار الولاياتالمتحدةالأمريكية المغرب بوابة عبور نحو باقي بلدان إفريقيا، القارة الغنية بثرواتها المتنوعة والأقل استغلالا. و بالنسبة لبعض المتتبعين المغاربة لهذه القضية، فإن مثل هذه الزيارات التي تهدف إلى تعزيز العلاقات تبقى حبرا على ورق ما لم تحسم الولاياتالمتحدةالأمريكية في مصير المنطقة المتنازع عليها. فالمحاولات الأمريكية المستمرة لتهدئة الوضع بين الجزائر والمغرب من أجل التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف المتنازعة حول الصحراء، من جانب آخر، التماطل والمصالح الخاصة ستؤدي لا محال إلى تأزم العلاقة بين الجارتين أكثر مما هو عليه الآن.