آلاف الجزائريين يحضرون تجمعا لمقاطعة الانتخابات انطلقت بالجزائر، أمس الأحد، الحملة الرسمية للانتخابات الرئاسية، على أن تنتهي يوم 13 أبريل المقبل، أي ثلاثة أيام قبل عملية التصويت (17 من الشهر ذاته). ويتنافس في هذا الاستحقاق ستة مرشحين يتقدمهم الرئيس المنتهية ولايته عبد العزيز بوتفليقة الذي تشير التخمينات إلى فوزه بالمقعد الرئاسي لرابع مرة، بعدما كان ظفر به لثلاث ولايات منذ 1999. ويملك ثلاثة مرشحين تجربة الترشح للانتخابات الرئاسية وهم الوزير الأول الأسبق علي بن فليس الذي ترشح في 2004، والأمينة العامة لحزب العمال التي كانت ضمن المترشحين في رئاسيتي 2004 و2009، شأنها في ذلك شأن علي فوزي رباعين رئيس حزب عهد 54. أما عبد العزيز بلعيد رئيس جبهة المستقبل وموسى تواتي رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، فيخوضان تجربة السباق الرئاسي لأول بعدما قبل المجلس الدستوري ملف ترشحهما من بين 12 ملفا تقدم أصحابها لخوض الرئاسيات، حيث تقرر قبول ستة منها فقط. وسيكون للمرشحين الحق لولوج وسائل الإعلام العمومية السمعية البصرية بعد عملية سحب القرعة التي سمحت بتحديد العدد والمدة والتاريخ والأوقات ونظام تدخل المترشحين في الحصص التي تبثها المؤسسات العمومية للبث الإذاعي والتلفزي، كما أقرتها اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات الرئاسية، طبقا للقانون المتعلق بنظام الانتخابات. وستتكلف اللجنة الوطنية للإشراف على الانتخابات، من جهتها، لأول مرة منذ نشأتها، على انتخابات رئاسية من خلال تشكيلتها البالغة 362 عضوا هم قضاة مكلفون بمراقبة احترام القانون عبر المسار الانتخابي انطلاقا من إيداع الترشيحات وحتى انتهاء الاقتراع وإعلان النتائج من قبل المجلس الدستوري. وحسب وكالة الأنباء الجزائرية (واج)، فإن هذه اللجنة التي يرأسها براهمي الهاشمي، تسهر على احترام المترشحين لحظر استعمال اللغات الأجنبية، واحترام البرنامج الانتخابي، وحظر خرق أحكام تنظيم التجمعات والمظاهرات العمومية، وحظر استعمال الإشهار التجاري احتراما لتكافؤ الفرص. كما تراقب احترام الفاعلين لما يمنعه القانون من تشهير وقذف وتهديد واستعمال سيئ لرموز الدولة واستعمال أخبار خاطئة أو إشاعات افتراضية أو مناورات احتيالية أو تلقي مقابل للتأثير على الناخب، فضلا عن سهرها كذلك على تطبيق حقوق المترشحين كالتوزيع العادل للمجال الإعلامي بوسائل الإعلام وضمان تخصيص أماكن عمومية لإلصاق الترشيحات. وعلى مستوى آخر، تجمع حوالي 7000 من الداعين لمقاطعة الانتخابات الرئاسية الجزائرية المقرر إجراؤها في 17 أبريل المقبل في قاعة حرشة حسان بالجزائر العاصمة، تلبية لنداء تنسيقية الأحزاب والشخصيات المقاطعة لهذه الانتخابات. وحضر التجمع ناشطون من عدة أحزاب، منها حركة مجتمع السلم (إسلامي)، والنهضة (إسلامي)، وجبهة العدالة والتنمية (إسلامي)، وجيل جديد (وطني) والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (علماني). وحضر التجمع أيضا نائب رئيس الجبهة الإسلامية المنحلة علي بلحاج، والحقوقي المعروف علي يحيى عبد النور، وزعيم تجمع الثقافة والديمقراطية السابق سعيد سعدي. كما حضره أعضاء من «جبهة رفض» حديثة النشأة، وهي ائتلاف يضم لجنة الدفاع عن العاطلين عن العمل وتنسيقية عائلات المفقودين، وحركة 8 مايو، وجبهة حماية الثروة ومكافحة الفساد. وغصت مدرجات القاعة وملعبها بالحضور من مختلف ولايات البلاد، حسبما أعلنه المنظمون، ورفعوا راية الجزائر والعلم الأمازيغي. وردد المتظاهرون شعارات مناوئة لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة ونادوا بمقاطعة الانتخابات، وقالوا «المقاطعة هي الأساس»، وكذلك «أولاش لفوط» (وتعني بالأمازيغية لا يوجد انتخاب). كما هتفوا بشعارات، منها «الشعب يريد إسقاط النظام»، و»كرهنا من هذا النظام»، «وسلطة مجرمة» و»جزائر حرة ديمقراطية»، وغيرها من الشعارات. ولوحظ بالقاعة تباين الخلفيات الأيديولوجية للمشاركين في التظاهرة بين إسلاميين وعلمانيين، في صورة عاكسة للتشكيلة السياسية التي تتألف منها هذه التنسيقية. وتسبب دخول الرجل الثاني في جبهة الإنقاذ المنحلة علي بلحاج القاعة في فوضى بعد توافد الصحفيين عليه، وما كاد الرجل يجلس حتى اندلعت ملاسنات بين مؤيديه ومؤيدي الحزب الأمازيغي. وبعد فترة قليلة شوهد الفريقان يرددان شعارا واحدا «خاوة خاوة، زكارة فالحكومة» وتعني «إخوة إخوة نكاية في السلطة». وقال القيادي بحركة النهضة امحمد حديبي، وهو أحد منظمي هذا التجمع، إن الأحزاب اقتنعت أنه لا مجال للمعارضة لتغيير هذا النظام إلا بتوحيد مجهوداتها. كما أوضح لبعض وسائل الإعلام، أنه «لا الإسلاميون يمكنهم وحدهم مجابهة النظام، ولا العلمانيون بإمكانهم ذلك، لذا ندع خلفياتنا الأيديولوجية جانبا، ونعمل سويا لمصلحة الجزائر». من جانب آخر، يرى الكاتب الصحفي سليم صالحي أن ما قامت به هذه الأحزاب «أمر جيد» للتعبير عن رفضها لما آلت إليه البلاد، لكنه يعتقد أنه «غير كاف». وقال لبعض وسائل الإعلام، إنه «لا يكفي معارضة القاعات، لمواجهة هذا النظام الذي يستخدم كل الطرق الأمنية والقمعية والقانونية لإسكات معارضيه». وأضاف «على المعارضة أن تخرج للشارع لتصل إلى الشعب الذي لم يعد غالبيته يثق فيها عليها إعادة كسب الشعب عبر الاحتكاك به مباشرة». ويرفض صالحي تبرير السلطة بعدم قانونية تنظيم تجمعات شعبية ومسيرات بالعاصمة. ويرى أنه لا بد من الاحتكام إلى الدستور الذي يكفل الحريات وحرية التعبير، وليس تغليب قانون صدر منذ 13 عاما». وكانت السلطات قد أصدرت قانونا يمنع إقامة أي أشكال للتجمعات أو المسيرات بالجزائر العاصمة منذ مسيرة تنسيقية العروش الأمازيغية الشهيرة العام 2001. وخلفت تلك المسيرة قتلى وجرحى في صفوف المتظاهرين والصحفيين. وكانت تنسيقية الأحزاب والشخصيات المقاطعة قد تحصلت على رخصة تنظيم التجمع بالقاعة، بعدما كانت نظمت في 12 مارس الماضي وقفة احتجاجية أمام مقام الشهيد بالجزائر العاصمة. وعرفت تلك الوقفة تدخلا وصف بالعنيف لقوات الأمن تجاه المتظاهرين الذين نجحوا في اختراق طوق أمني فُرض عليهم بتنظيم مسيرة. وعرفت الجزائر جدلا واسعا بمجرد إعلان ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية رابعة، وهو رئيس للبلاد منذ العام 1999. ويعتقد المعارضون أن بوتفليقة مريض وعاجز عن إدارة دفة الحكم، خاصة أنه قضى أكثر من 80 يوما بمستشفى فرنسي للعلاج. كما أنه لم يخاطب شعبه منذ قرابة العامين. في المقابل يرى مؤيدو بوتفليقة أنه «عامل الاستقرار» للجزائر في هذه المرحلة «الحساسة التي تمر بها البلاد.