عرفنا أكثر بحسن البهروتي؟ أنا مواطن مغربي مقيم ببلجيكا مند 30سنة، بعد حصولي على شهادة الباكالوريا من المغرب، قصدت بلجيكا من أجل الدراسة، فحصلت على شهادة في مجال التكوين السينمائي، الإخراج والصحافة السمعية البصرية. بعد نهاية دراستكم في مجال الإعلام، قمتم بالعمل الميداني خاصة على مستوى الاتحاد الأوروبي فعلا ولجت مباشرة ميدان العمل الصحفي وبالضبط في سنة 1992، وقمت بتغطية الكثير من الأحداث واللقاءات التي كانت تعقد بالاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية والحلف الأطلسي. وعملت مع قنوات تلفزية عالمية كالأسوشايتد بريس، ورويرتز، وأيضا قنوات عربية كقناة الحرة، والقناة المغربية الأولي والثانية. اليوم نجدكم تهتمون أكثر بل جل وقتكم مخصص للصحراء المغربية؟ صحيح, في أواخر التسعينات, بدأت الاهتمام بقضية الصحراء, وهو مجهود شخصي. مجهود شخصي؟ بمعنى أنكم أنتم من تمولون أفلامكم الوثائقية؟ بالضبط, فأي فيلم وثائقي أقوم بإنجازه هو بتمويل شخصي مني. كان لي اتصال بالمركز السينمائي المغربي، ولكن لم نتلقى مع كامل الأسف أي دعم. لماذا قضية الصحراء بالذات؟ لأنه مند السبعينات والثمانينات وخاصة في التسعينات كنت أرى دائما وأتتبع تحركات البوليساريو والجزائر في البرلمان الأوروبي من خلال عقد مؤتمرات وندوات, وكانوا يتكلمون فيها عن الصحراء, ويقولون أشياءا متناقضة مع ما درسته وأعرفه عن الصحراء المغربية. من هنا قلت إذا كنت أنا المغربي لا أعرف شيئا عن الصحراء, فما بالك بالآخر الأوروبي أو حتى الشباب المغربي المزداد ببلجيكا مثلا؟؟ فمن هدا المنطلق بدأت البحث والاهتمام بقضية وحدتنا الترابية، خاصة أنني وجدت فراغا إعلاميا في هذا المجال. إذن اللقاءات التي كان يعقدها البوليساريو في البرلمان الأوروبي هي التي دفعتكم للاهتمام بالصحراء؟ صحيح، وربما قد أشكرهم على ذلك، لأنه من خلال ما كنت أسمعه من تصريحات وحوارات من طرفهم دفعني إلى نوع من الفضول، ووجدت أن ملف البحث في قضية الصحراء هو ملف مهم وشيق على المستوى المعرفي والصحفي. ويتطلب أيضا مجهودا كبيرا, لأنه ليس هناك معلومات كثيرة, مما يستدعي الانكباب بجدية على تلقي ونشر الحقائق انطلاقا من بحث عميق ودقيق، لأنه هناك تناقضات كثيرة؟ أي تناقضات تقصدون؟ مثل تاريخ الصحراء, هي بالنسبة لنا صحراء مغربية, والآخر يقول غربية, فالبحث في مثل هاته التناقضات تتطلب وقتا طويلا, وبحثا معمقا من أجل الوصول إلى الحقيقة واستعمال العقل كذلك. ورأيت أنه من الواجب علي كإعلامي مغربي أن أعمل أو على الأقل أساهم في تصحيح الكثير من المغالطات. ولتصحيح بعض المغالطات كما قلتم, أنجزتم أول عمل لكم تحت عنوان «المسيرة الخضراء عودة الغصون إلى الجذور» صحيح, العمل هو عبارة عن شريط وثائقي قمت به في سنة 2010 من أجل تعريف المغاربة في المهجر بالمسيرة الخضراء وكيف عادت الصحراء إلى الوطن الأصلي المغرب, فالعنوان في حد ذاته رسالة. واستمر العمل والبحث, وقمتم بتجربة ثانية عن الصحراء, حدثنا قليلا عن هذه التجربة؟ التجربة الثانية هي عبارة عن فيلم وثائقي من ساعة ونصف يحمل عنوان» البوليساريو هوية جبهة»؟ ماذا تعني بهذا العنوان؟ البوليساريو هوية جبهة, هو اسم يثير الكثير من التساؤلات، فهذه الجبهة لا نعرف أصلها؟؟ فالعنوان بحد ذاته يطرح العديد من التساؤلات, ويجذب في نفس الوقت, المشاهد لرؤية الفيلم. أكيد أن العمل أخد منكم وقتا طويلا؟ بالفعل, أكثر مما تصورت, أخد مني حوالي سنتين تقريبا, وأنجزته على مراحل متفرقة, اعتقدت أنه سيستغرق وقتا أقل كالوثائقي الأول حول المسيرة الخضراء, لكن الأمر كان صعبا جدا, ووجدت الملف معقدا جدا فأخذت كل وقتي من أجل البحث عن الحقائق. ماهي التيمة الأساسية التي ركزتم عليها في عملكم؟ التيمة الأساسية التي اشتغلت عليها والرسالة التي أردت إيصالها هي أن هناك حقائق أساسية لا يعرفها الكثير، مثلا الأوروبيون لا يعرفون أن هناك طلبة مغاربة أغلبية آبائهم كانوا في جيش التحرير جنوب الصحراء قدموا للدراسة في الرباط ومن ثم قرروا الاستمرار على مسار أبائهم وأرادوا تحرير الصحراء من يد الإسبان وإرجاعها للمغرب. كانت ظرفية سياسية عاش فيها المغرب تدبدبات سياسية وذلك في فترة السبعينات. ثم تدرجت في فيلمي الوثائقي على مراحل, فقد ابتدأته من يوم وثيقة الاستقلال في11يناير 1944 ثم تطرقت الى الأسباب التاريخية التي أدت الى أن هذا البوليساريو أخد صبغة عالمية, وكيف تدخلت الجزائر, أيضا ليبيا من خلال القدافي في سنة 1969, ناهيك عن الدور الاستراتيجي لفرنسا وإسبانيا وحتى موريتانيا, فهذه أشياء معقدة وشائكة, لذلك حاولت تفكيك خيوط اللغز من خلال هذا الفيلم الوثائقي. من هو الجمهور المستهدف من طرفكم؟ عملي موجه للجميع, وخاصة للذين لا يعرفون الكثير عن تاريخ الصحراء المغربية, سواء من البلجيكيين أو غيرهم من الأوروبيين أيضا، وهناك فعلا من قال لي إنه فهم العديد من المعطيات التي كانت مفقودة أو مغلوطة بالنسبة إليه. من هم الشخصيات التي اعتمدتم على شهاداتها في عملكم؟ أولا مع مؤسسي البوليساريو الذين عادوا إلى أرض الوطن كعمر الحضرمي, ابراهيم حكيم, بشير الدخيل, والشيخ بيد الله, وأيضا مع المناضل بنسعيد أيت ادير, مع من كانوا أيامها معارضين لنظام الملك الحسن الثاني.. هذه حقائق تاريخية. إذن جل الشهادات هي مع من عادوا إلى أرض الوطن المغرب؟ نعم, هذا بالإضافة إلى أرشيف المعهد الوطني السمعي البصري بفرنسا, ذهبت أيضا إلى إسبانيا موريتانيا, والمغرب عدة مرات. هل وجدتم صعوبات في الحصول على المعلومات والتواصل مع الشخصيات التي اعتمدتم عليها؟ التفاعل مع المغرب كان جد صعب. من أي ناحية؟ أولا من ناحية إقناع هؤلاء الناس من أجل الإدلاء بشهاداتهم، فهناك من رفض في البداية. ولكن أكبر صعوبة وجدتها هي كيفية الوصول إلى خليلي بن محمد البشير الركيبي وهو والد زعيم البوليزاريو محمد بن عبد العزيز, وبعد حوالي سنة ونصف نجحت أخيرا في الوصول إلى عائلة خليلي بن محمد الركيبي والذي قدم لي شهادة مهمة وتاريخية حول حياته, وحياة ابنه محمد بن عبد العزيز الذي لازال على رأس جبهة البوليساريو, وتأسف بحرقة الوالد لوضع ابنه الذي لازال مع البوليساريو. الإعلام الجزائري أيضا كانت له ردود فعل حادة اتجاه عملكم «البوليساريو هوية جبهة»؟ عادي جدا أن يتهمني الإعلام الجزائري بالعميل التابع للمخزن المغربي , ولكن ذلك زادني إصرارا في الاستمرار, الآن نعيش حربا مع الإعلام الجزائري الموالي مائة في المائة للأجهزة الاستخباراتية والجنرالات, لذلك يجب علينا كإعلاميين أن نتعبأ من أجل قضية الصحراء لكي نرد عليهم. ما هي الخلاصة أو الاستنتاج الذي خرجتم به في نهاية فيلمكم الوثائقي؟ الاستنتاج, أو بالأحرى الاستنتاج الذي خرج به المشاهدون، هو أن الناس يقولون إن البوليساريو يكذب على المجتمع الدولي, وليس من مصلحته ذلك. فالبوليساريو يشتغل على بروبوكاندا عالميه, ويقولون إنهم يريدون الصحراء, ولكن أنا أرى أنهم يريدون الاستمرار في هذه القوقعة لأنهم يستغلون ذلك ويجلبون أموالا طائلة من طرف الدول الأوروبية ويكذبون علينا وعلى العالم, وهذه خلاصة القول. هل تعتقدون أن رسالتكم وصلت للجمهور المستهدف؟ أتمنى أن تصل رسالتي, وأتمنى أن يكون هناك حوار بناء وفيه نقاش, بعض الأطراف في المجتمع الدولي ربما تؤيد لأسباب جيواستراتيجية واقتصادية كالمصلحة مع الجزائر التي تغدق عليهم بسخاء بعائدات البترول والغاز.. الآن ربما بدأ المجتمع الدولي يستمع, ويساند المغرب في أطروحته. وفي رأيي أنه يجب أن يكون هناك نقاش بين المغرب والجزائر من أجل الوصول إلى نتيجة ترضي الطرفين. لأنه لا يمكن أن نستمر سنين طويلة هكذا, الحدود مغلقة, العلاقات متوثرة. الشعبان المغربي والجزائري هما شعب واحد. الصحراء لا يمكن أن تستقل, بل هذه الصحراء مغربية, تندوف مثلا مغربية مند 1956, وهناك الوثائق التي تؤكد ذلك. لازال فيلمكم الوثائقي»البوليساريو هوية جبهة» يعرض في الدول الأوروبية والمحطة المقبلة جنيف أليس كذلك؟ فعلا فبعد عرض الفيلم في 18 نونبر الماضي ببروكسل «حضره 500 شخص» وكان تفاعل الجمهور الذي حضر الفيلم جيدا, ثم عرض في هولندا, وفرنسا, وسيعرض الأسبوع المقبل في جنيف بمجلس حقوق الإنسان وذلك بتنسيق مع السفارة المغربية هناك. وأعتقد أن عرض العمل بجنيف هو شيء مهم, لأن بها هيئة الأممالمتحدة واللاجئين, والبوليساريو جد نشيط هناك, يأتي ويقدم مغالطات كبيرة على حقائق تاريخية مهمة. هل من جديد بعد «المسيرة الخضراء عودة الغصون إلى الجذور», و»البوليساريو هوية جبهة»؟ هناك عمل جديد في المستقبل القريب. حول موضوع الصحراء دائما؟ أكيد. شكرا لكم على هذا الحوار لجريدة بيان اليوم؟ عفوا, وشكرا لكم, سعدت بتواصلي مع القارئ المغربي من خلال جريدتكم.