استكمالا لما كتبناه أمس، ضمن هذا العمود، فقد كرست الدورة الرابعة عشرة للجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية ذات النتيجة النهائية عند المصادقة على خلاصات لجنة القانون الأساسي والمقرر التنظيمي للمؤتمر، تماما كما فعلت لدى إقرارها الوثيقة السياسية وإستراتيجية عمل الحزب، وأيضا الوثيقة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومن ثم، فان اجتماع» برلمان الحزب» انتهى إلى التصويت بالإجماع على كامل مشاريع الوثائق المعدة للمؤتمر الوطني المقبل، كما اتفق على مواصلة التفكير الجماعي والاجتهاد أثناء المؤتمر نفسه، وهو أعلى سلطة في الحزب، وذلك حتى يتبلور الحرص الحزبي الجماعي على تفعيل المشاركة الواسعة لكافة مناضلات الحزب ومناضليه في صنع القرار الحزبي ورسم معالم مستقبله. بالفعل شهدت مناقشات اللجنة المركزية توترات وسخونة في القول، خصوصا على صعيد لجنة القوانين، وهذا دليل حياة يسجل لصالح الحزب وليس ضده، ولكن التصويت النهائي كان إجماعيا، وبالنسبة للوثيقة السياسية والبرنامج الحزبي تجسد القرار بكثير من السلاسة، ولم تتعدد الوثائق والأرضيات أثناء التصويت، وكل هذا يعطي الدليل على أن الجسم الحزبي موحد ومتراص الصفوف في الأفكار والمواقف والتقديرات السياسية والمجتمعية، ولم يحدث التباين سوى في آليات وأشكال العمل، وسبل تمتين الآلة التنظيمية، وتقوية الديمقراطية الحزبية الداخلية. إنها الخلاصة المركزية لأشغال ونتائج الدورة الرابعة عشرة للجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، وكل تعتيم عن هذه الحقيقة أو التفاف عليها من لدن الجهات المتربصة بالحزب ككل، والتي قد تكون منزعجة اليوم من هذه النتيجة، سيكون كمن اختار التعبير عن فشله بلطم وجهه بالتراب. من جهة ثانية، إن ما ميز السلوك الحزبي العام خلال تدخلات أعضاء اللجنة المركزية، بغض النظر عن مضمون المواقف والأفكار، هو الإصرار الجماعي على استقلالية القرار الحزبي وصيانة الوحدة التنظيمية، وهذا يحيل على تميز المدرسة الفكرية والسياسية التي يجسدها اليوم هذا الحزب اليساري التقدمي، ذلك أنه كان يرفض دائما المس باستقلاليته ولو من ذوى القربى، وأبى طيلة تاريخه أن يذوب وسط كيانات حزبية أو تنظيمية أخرى، وبقي حريصا على أن يتخذ قراراته وسط هياكله التنظيمية من دون أي تحكم أو توجيه أو اختراق خارجيين، ولهذا، فعندما يتكرر التعبير عن هذه القناعة اليوم، سواء أثناء المداولات في بوزنيقة، أو من خلال التصريحات الصحفية، ففي ذلك رسالة إلى الجميع بأن ينتبهوا ويدركوا خصوصية هذه المدرسة التي لها تميزها. من واجب المراقبين لشأننا الحزبي والسياسي، والباحثين الأكاديميين بالخصوص، أن ينكبوا على ما صدر اليوم عن قيادة حزب التقدم والاشتراكية من وثائق وأفكار واجتهادات، ويقدموا قراءاتهم بشأنها، ويعرضوها للتحليل والتقييم والقياس والنقد، بغاية تعزيز القوة الاقتراحية للأحزاب الحقيقية، وكي تستعيد السياسة والأحزاب جاذبيتها وجديتها لما فيه مصلحة بلادنا أولا وقبل كل شيء. أما إجماع اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، فهو إجماع لم يكن آليا أو بلا معنى، وإنما كان إجماع الدلالة والرسالة والمعنى. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته