كرست اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية الأسلوب الذي اعتمدته أثناء انتخاب الأمين العام، واختارت الآلية الديمقراطية نفسها من أجل انتخاب المكتب السياسي الجديد للحزب الذي أعلن عن تشكيلته صباح أول أمس في الرباط. الإشارة الأولى المسجلة هنا، أن الحزب يثق في مناضلاته ومناضليه وفي قدرتهم على حماية الحزب وتطويره بالإصرار على الديمقراطية في التدبير الداخلي لحياتهم التنظيمية، والنتيجة كانت أن الاقتراع السري أفرز فريقا كفؤا ومنسجما سيتولى التسيير اليومي للحزب. هنا أعضاء الحزب لم يكونوا قطيعا، إنما مارسوا حريتهم واحتكموا لضميرهم ولوعيهم السياسي ولخبرتهم التنظيمية والنضالية، واتخذوا القرار، وخرج الجميع راضيا، ليس بالطبع على النتائج الفردية، بل على النتيجة النهائية التي حققها الحزب وعلى الأسلوب الذي مكن من الوصول إليها. الإشارة الثانية، أن الترشيحات وأيضا النتيجة المعلنة تضمنت أسماء من أجيال حزبية مختلفة، وتنافس من قضى أربعة عقود في الحزب مع من لا تزيد أقدميته عن سنوات معدودة، والتشكيلة الجديدة الآن بدورها شملت أسماء من قيدومي الحزب ورموزه إلى جانب أطر حزبية شابة، سيكرس تواجدها نفسا جديدا من الحراك التنظيمي والسياسي والفكري والميداني في الحزب، سيكون من دون شك هاما لحزب يصر دائما على القول بضرورة «تحويل الأفكار إلى تقدم». الإشارة الثالثة، تتعلق بتشبث الحزب بمبدئه في اعتماد 20 في المائة من المقاعد للنساء، وهنا أيضا تمكنت مناضلات من الجيل الجديد من نيل عضوية أعلى هيئة تنظيمية في الحزب. في ظل الأخبار المتداولة هذه الأيام عن مشاكل داخل عدد من الأحزاب، وعن صراعات من أجل مواقع، استطاع حزب التقدم والاشتراكية أن يعطي الدليل على أن الثقة في المناضلين ليست نقيضا لضرورة الحرص على وحدة الحزب والاطمئنان على مستقبله وعلى سلامة هيكله الذاتي، وأعطى الدليل كذلك على أن حرية الاختيار وحرية التنافس داخل الحزب بإمكانها أن تكون جوابا على أي اضطراب تنظيمي داخلي أو على أي ممارسة انشقاقية وتفتيتية، وأعطى الدليل ثالثا على أن الأحزاب الحقيقية بإمكانها أن تجدد حياتها الداخلية، وتعزز بناءها الديمقراطي من دون أي ضغط خارجي أو توجيه، وبالتالي يمكن لأحزابنا أن تكون ديمقراطية وقوية و...مستقلة. التقدم والاشتراكية خرج إذن من مؤتمره الثامن موحدا وقويا بتدبيره الديمقراطي الداخلي، وهو أيضا مدعو لتحويل ذلك إلى هوية متجددة لديه من خلال الهيكلة الحزبية العامة، وأيضا من خلال ابتكار صيغ نضالية وتنظيمية بإمكانها تقوية حضور الحزب ميدانيا والانتقال به إلى فاعل رئيسي في الحراك المجتمعي