شكلت أشغال الدورة التاسعة للجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، التي انعقدت أول أمس السبت بالرباط، لحظة قوية للحوار الرفاقي الداخلي الصريح والعميق حول مختلف قضايا البلاد والحزب، وبالرغم من استدعاء حدة التعبير أحيانا، وقساوة اللغة تارة أخرى، وتضخم الذاتيات وقصور التواصل، فإن الهدوء والرصانة كانا غالبين على مجلس الرفيقات والرفاق، ولهذا كان طبيعيا أن تتوج الأشغال في النهاية بتصويت إجماعي واضح حول تقرير الأمين العام الذي عرضه في مستهل الأشغال باسم المكتب السياسي. لم يأت التصويت بالإجماع آليا، أو نتيجة عمى جماعي في البصر، وفي البصيرة، إنما كان قرارا لتتويج ساعات من الكلام، وعشرات من التدخلات، لم تكن كلها تردد «آمين» في المطلق لجميع الكلام، وكان الإجماع هنا نتاج وعي بالتحدي، ودلالة عزم جماعي على السعي لكسب الرهان التنظيمي والإشعاعي والسياسي. لم تخل دورة اللجنة المركزية أيضا من مشاعر النوستالجيا الرفاقية، سواء لما حضر الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني خالد حدادة وألقى كلمة أمام رفاقه المغاربة، أو لما أعلن عن شروع الحزب في الاستعداد لبناء مقره الوطني الجديد بالرباط، وسارع الحاضرون لتقديم تبرعاتهم المالية، وكل ما ملكت أيمانهم، إسهاما في تحقيق حلم راود أجيال من المناضلات والمناضلين... وقد حضر أيضا «النقد الذاتي» في مختلف الكلمات والتدخلات، وهو السلوك المنهجي الذي تربى عليه أعضاء حزب التقدم والاشتراكية مذ كانوا، واعترف الكل بتجليات القصور في العمل الحزبي القاعدي والمحلي، وفي العمل وسط الشباب والنساء، وفي التواصل الحزبي، وفي الانفتاح على الكفاءات الوطنية والنخب الجديدة، ولم تكن الاعترافات جلدا مازوشيا للذات، أو ترسيخا للإحباط والخيبة، وإنما هي عبرت عن إرادة نضالية في إعمال «التحليل الملموس للواقع الملموس» على صعيد الشأن الحزبي الداخلي... إن نجاح دورة اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية المنعقدة أول أمس السبت، تأتى بفضل نجاح اللقاءات الجهوية التحضيرية التي سبقت الاجتماع، وأقيمت في مختلف جهات المملكة برئاسة أعضاء المكتب السياسي، وبمساهمة أعضاء اللجنة المركزية ومنتخبي الحزب، وكانت مناسبات لتعميق الحديث حول مختلف محاور التقرير الذي كان موضوع اجتماع اللجنة المركزية، وبالتالي، فإن الإعداد لاجتماع اللجنة المركزية، وأيضا صياغة التقرير الذي قدمه الأمين العام، تما بشكل تشاركي، وباستيعاب مختلف الآراء ووجهات النظر المعبر عنها في الفروع والجهات، وقد التقط الحاضرون أهمية هذه «المقاربة التشاركية»، وأعلن الأمين العام في ختام أشغال الدورة عن اعتمادها أسلوبا دائما في السلوك العلائقي والتنظيمي الحزبي بشكل مستمر، حيث تقرر استئناف اللقاءات الجهوية في الأيام المقبلة لتدارس خلاصات ومقررات اللجنة المركزية وبرامج العمل الحزبي المستقبلي، وذلك مع التنظيمات الحزبية المحلية والإقليمية والجهوية في مناطق تواجدها. إن التشبث ب «المقاربة التشاركية»، واستحضار نبل «النقد الذاتي»، و»التحليل الملموس للواقع الملموس»، بالإضافة إلى التشبث بالعلاقات الرفاقية النضالية الداخلية، والتفكير في مستقبل «بيت الرفاق»، كحزب وطني تقدمي يستحق تضحيات الجميع، هي أسرار نجاح الدورة الأخيرة للجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته