دعا إدريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الحكومة والبرلمان المغربيين، إلى اعتماد الإطار المرجعي الدولي للعنف ضد المرأة والتعريف الدولي للعنف القائم على النوع كما كرسته المعايير الدولية ذات الصلة، أي وجوب اعتبار العنف ضد المرأة انتهاكا لحقوق الإنسان وتمييزا قائما على أساس الجنس. وقدم إدريس اليزمي، في ندوة صحفية عقدها أمس بالرباط، مذكرة المجلس المتعلقة بإبداء رأيه في النقاش حول مشروع القانون لمحاربة العنف ضد النساء الذي قدمته وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، وأثار انتقادات واسعة وسط مكونات الحركة النسائية والحقوقية بالمغرب. وأوضح رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، خلال عرضه لمضامين هذه المذكرة، أن مشروع قانون لمحاربة العنف ضد النساء، يكتسي طابعا استراتيجيا، وأنه لا يمكن تحقيق المساواة دون التعبئة الشاملة ضد ظاهرة العنف المبني على النوع، معبرا عن انخراط المجلس إلى جانب الحكومة في معركة محاربة العنف ضد النساء. وقال اليزمي «إن مشروع القانون لمحاربة العنف ضد النساء، لا ينبغي أن يكون محل مزايدات سياساوية، بل يجب أن يكون محل إجماع وطني وتعبئة وطنية» مشيرا إلى أن المغرب في حاجة إلى إطار قانوني يحدد بشكل واضح ودقيق مفهوم العنف المبني على النوع. وقال اليزمي بهذا الخصوص: « حان الوقت لاعتماد المغرب الإطار المرجعي الدولي للعنف ضد المرأة. إن المذكرة التي صاغها المجلس والتي هي نتاج لتفكير جماعي بين المجلس والمجتمع المدني، تندرج في إطار الأدوار والاختصاصات التي يضطلع بها المجلس في مجال النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها وكذا مساهمته في النقاش الجاري حول محاربة العنف ضد النساء. وتقترح المذكرة، التي تم اعتمادها خلال الدورة العادية السادسة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان المنعقدة في 28 فبراير 2014، العديد من التوصيات المرتبطة بشكل خاص بالإطار المرجعي والمفاهيمي الدولي للعنف ضد المرأة، ومسؤولية الدولة في محاربة العنف القائم على النوع الاجتماعي، بالإضافة إلى زجر العنف العمدي والمعاقبة عليه، وحماية حقوق الضحايا والناجيات من العنف وضمان ولوجهن للعدالة وخدمات التكفل، وتدابير الحماية والوقاية. ومن أبرز التوصيات التي يقترحها المجلس في مذكرته، على الحكومة والبرلمان، كما تم عرضها من طرف ربيعة الناصري الناشطة الحقوقية والعضو بذات المجلس، اتخاذ جميع التدابير التشريعية والتنظيمية والإجراءات السياسات العمومية من أجل الإقرار بأن العنف ضد المرأة هو عنف مبني على النوع وشكل من أشكال التميز بين الجنسين، والامتناع عن ارتكاب جميع أفعال العنف ضد النساء والفتيات وإبداء العناية الواجبة لمنع أفعال العنف التي يرتكبها الأشخاص الطبيعيون والمعنويون والتحقيق فيها ومعاقبة فاعليها، وتقديم التعويض للضحايا، والعمل على أن تتصرف السلطات العمومية وموظفو الدولة ومؤسساتها وباقي الفاعلين الآخرين الذين يتصرفون نيابة عن الدولة وفقا لهذا الالتزام. كما أوصت المذكرة باعتماد أو مراجعة القوانين التي تجرم العنف ضد النساء والفتيات واتخاذ تدابير في هذا الصدد من أجل ضمان الحماية المستعجلة والتحقيق والمتابعة القضائية والعقاب المناسب للجناة من أجل وضع حد للإفلات من العقاب، والاستناد على ديباجة الدستور والفصل 19 منه من أجل إلغاء جميع المقتضيات الواردة في التشريعات والنصوص التنظيمية والسياسات العمومية التي تنطوي على تمييز مباشر أو غير مباشر وتعزيز المساواة والمناصفة بين الرجل والمرأة في جميع المجالات من خلال تدابير تشريعية وتنظيمية وإجراءات تهم السياسات العمومية. وتقترح مذكرة المجلس، التنصيص بشكل دقيق على اعتبار أفعال العنف العمدي ضد النساء والفتيات بما فيها المرتكبة من طرف الأزواج جريمة لاسيما الأفعال التي لا يجرمها التشريع الجنائي الحالي أو لا يحددها بوضوح، والتأكد على أن تعاقب هذه الأفعال بعقوبات فعالة متناسبة ورادعة تبعا لجسامتها والضرر اللاحق بالضحايا، بالإضافة إلى حماية حقوق هؤلاء ومصالحهم في جميع مراحل البحث والتقاضي . ودعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في مذكرته، إلى جعل ثقافة المساواة وحقوق الإنسان بصفة عامة المحور المفصلي للمنظومة التربوية في كل مستوياتها، وتخويل الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري اختصاص ومراقبة احترام متعهدي الاتصال السمعي البصري لمبدأ المساواة والمناصفة وكرامة المرأة المنصوص عليها في الدستور.