بعدما جمّدت الحكومة مشروع القانون المتعلّق بمحاربة العنف ضد النساء، وأحالته على لجنة وزارية أصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان مذكرة رسمية، تحمل توصيات تدعو إلى تضمين المشروع مقتضيات صارمة وعقوبات قاسية ضد الأزواج الذين يعنفون زوجاتهم. وشدّدت المذكرة على ضرورة إعطاء الأهمية للعنف الزوجي والمنزلي، والتنصيص على تجريم الأفعال المرتبطة به وترتيب عقوبات رادعة ضدها. فيما تجنّب المجلس الكشف عن موقفه بشأن النقاش الدائر حول مراجعة المقتضيات القانونية المتعلّقة بالإرث، ومطلب المساواة الذي ترفعه عدد من الهيئات النسائية والسياسية. وكشف رئيس المجلس إدريس اليزمي، ردا على سؤال ل»اليوم24»، عن أن مجموعة العمل التي قامت بدراسة مشروع القانون الخاص بمحاربة العنف ضد النساء، شهدت نقاشات طويلة حول هذه النقطة بالإضافة إلى النقاش الدائر حول تعديل مدونة الأسرة ورفع السن الأدنى لزواج الفتيات إلى 18 سنة. اليزمي قال إن التفكير الجماعي حول هاتين النقطتين، أفضى إلى اعتبار هذه المذكرة «لا تتعلّق بهاذين الموضوعين بالضبط، لوجود نقاش ومبادرات لإعادة النظر في بعض مقتضيات مدونة الأسرة، والمجلس سيخصص مجموعة عمل لهاتين النقطتين بالضبط لتقييم حالة المساواة في المغرب بعد مرور عشر سنوات من تطبيق مدونة الأسرة». المذكرة التي صادق عليها المجلس في دورته الأخيرة، وكشف عنها في ندوة صحافية انعقدت يوم الخميس بمقره في الرباط، اكتفت بتوصية تقول إنه وبالاستناد على ديباجة الدستور والفصل 19 منه، يجب العمل من أجل «إلغاء جميع المقتضيات الواردة في التشريعات والنصوص التنظيمية والسياسات العمومية التي تنطوي على تمييز مباشر أو غير مباشر، وتعزيز المساواة والمناصفة بين الرجل والمرأة في جميع المجالات، من خلال تدابير تشريعية وتنظيمية وإجراءات تهم السياسات العمومية». ربيعة الناصري، الحقوقية والعضو بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، التي تولّت تقديم أبرز خلاصات المذكرة الجديدة، قالت إن هناك علاقة جدلية بين العنف والتمييز، «فإذا كان التمييز بين الأشخاص يمنع من التمتع ببعض الحقوق ويؤدي إلى ممارسة العنف، فإن العنف أيضا يمنع النساء أو الأفراد من التمتع بالحقوق المعترف لهم بها، وسنعد في المستقبل القريب مذكرة لتقييم مدونة الأسرة وبلورة اقتراحات بخصوص النقط المطروحة للنقاش». المذكرة التي أعدها مجلس إدريس اليزمي بناء على مشروع القانون الذي تناقشه الحكومة حاليا قبل المصادقة عليه؛ أوصت بالتنصيص بشكل «دقيق» على اعتبار أفعال العنف العمدي ضد النساء والفتيات، «بما فيها المرتكبة من طرف الأزواج»، جريمة. وأوضحت المذكرة أن هذه التوصية تهم أساسا الأفعال التي لا يجرّمها التشريع الجنائي الحالي أو لا يحددها بوضوح، «والتأكد من أن تُعاقَب هذه الجرائم بعقوبات فعالة، متناسبة ورادعة، تبعا لجسامتها والضرر اللاحق بالضحايا». ومضت المذكرة في ترافعها من أجل تشديد المقتضيات القانونية ضد معنّفي النساء بمن فيهم الأزواج، داعية إلى «حماية حقوق ومصالح الضحايا في جميع مراحل البحث والمسطرة القضائية، واتخاذ ما يلزم من تدابير تشريعية وتدابير ضرورية أخرى لتمكينهن من الحصول بكيفية ميسّرة وفي وقت مناسب على تعويض عن الضرر الذي لحقهن». أكثر من ذلك، أوصت المذكرة الموجّهة لكل من البرلمان والحكومة، باتخاذ جميع التدابير التشريعية أو غيرها من التدابير اللازمة لمنح قاضي المستعجلات، اختصاص إصدار أوامر زجرية وحمائية ملائمة وفورية، لفائدة النساء والفتيات ضحايا العنف، «لاسيما المنزلي والزوجي».