ثمن رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إدريس اليزمي، الإشادة التي تضمنها بشأن المجلس التقرير السنوي للخارجية الأمريكية الخاص بممارسات حقوق الإنسان في دول العالم من بينها المغرب لعام 2013، حيث أكد التقرير على الدور المتنامي للمجلس بوصفه مدافعا ذا مصداقية واستباقية لحماية حقوق الإنسان وجبر الضرر، قائلا «إن الإشارة بشكل إيجابي لعمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان ترددت21 مرة في التقرير، فيما ذكره بشكل سلبي ورد لمرة واحدة «. هذه الإشارة قدمها اليزمي لأعضاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان يوم الجمعة الماضي خلال افتتاح أشغال دورته السادسة العادية، والتي تضمن برنامج عملها جدولا مكثفا يشمل ست مذكرات وآراء استشارية تتمحور حول قضايا قانونية وفكرية ضاغطة، تهم رأي المجلس بشأن العنف ضد النساء والذي كانت وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية قد أعدت بشأنه مشروع قانون، وكان مثار انتقاد من طرف جمعيات الحركة النسائية ويوجد حاليا لدى لجنة وزارية تم تكوينها لإعادة صياغته. كما يشمل مشروع مذكرات بشأن مسطرة العفو والعقوبات البديلة وحرية الجمعيات، ومشروعي مذكرتين تكميليتين بشأن القانون التنظيمي بمثابة النظام الأساسي للقضاة ومشروع القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، فضلا عن تقديم خلاصة دراسة حول الحق في التجمع والتظاهر السلمي. وفي ما يمكن اعتباره تبددا لحالة التردد والريبة التي طبعت قبل أشهر علاقات الحكومة بالمجلس كمؤسسة وطنية تضطلع بمهام حماية والنهوض بحقوق الإنسان، كشف اليزمي عن إقدام الحكومة والبرلمان على إحالة بعض مشاريع النصوص القانونية ممثلة في مسودتي مشروعي القانونين التنظيميين بشأن المجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة، معبرا عن استحسانه لهذه المبادرة التي شدد على استمرارها بأن تعمد السلطة التنفيذية والمؤسسة التشريعية التي عملت على مأسسة العلاقة مع الهيئات الدستورية ضمن نظامها الداخلي، على الإحالة المنتظمة لمشاريع ومقترحات القوانين التي تعدها حيث سيعمل المجلس على دراستها وتقديم ما يلزم من مقترحات بشأنها. وأكد في هذا الصدد، قائلا «إن المجلس من موقعه كمؤسسة وطنية مستقلة سيواصل وبمقاربة تشاركية ومندمجة رفع التحديات المطروحة بشأن تجويد وملاءمة المنظومة القانونية الوطنية مع مقتضيات الدستور وأحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان ويتطلع إلى تمتين التفاعل الإيجابي مع المؤسستين التشريعية والتنفيذية بخصوص مشاريع القوانين المعروضة للنقاش أو التي ستعرض خلال الدورة التشريعية المقبلة وذات الصلة بالحقوق والحريات الأساسية للمواطنين، ومن بينها على سبيل التذكير لا الحصر مشروع مدونة الصحافة والحق في الحصول على المعلومة والطب الشرعي والأمراض العقلية والعمال المنزليين». هذا وبشأن مضامين المذكرات الست التي تداولها أعضاء المجلس خلال هذه الدورة، أعلن ادريس اليزمي، أن أربعا منها تتعلق بتفعيل مضمون إصلاح منظومة العدالة، والذي يعد تحديا مركزيا بالنسبة للمغرب، مشيرا أن المذكرة الأولى منها تتعلق بالنظام الأساسي للقضاة وهي تكتسي طابعا تكميليا، حيث تبنى مشروع القانون التنظيمي الذي أعدته وزارة العدل الجزء الأكبر من المقترحات والتوصيات الأولية التي سبق وقدمها المجلس بهذا الخصوص، مبرزا أن المذكرة التكميلية تتمحور أساسا حول كيفيات التواصل حول توجهات السياسة الجنائية التي يقوم بتنفيذها وزير العدل في ظل استقلال النيابة العامة، وكذا بعض المقترحات المتعلقة بالتعيين في المسؤوليات القضائية والإدارية ومقترحات أخرى تتعلق بتوظيف القضاة والدور الاستشاري للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في إعداد النصوص التنظيمية المتعلقة بالوضعية المالية للقضاة ،خاصة الرواتب والتعويضات وأنساق الترقي، كما تتضمن المذكرة مقترحات تتعلق ببعض قرارات تدبير مباريات توظيف القضاة، وكذا مقترحات أخرى تتعلق بالجمعيات المهنية للقضاة وتحديد الأخطاء التأديبية. أما المذكرة الثانية والتي تأتي تتمة لمذكرة المجلس بخصوص المجلس الأعلى للسلطة القضائية وتكتسي أيضا طابعا تكميليا، فتتعلق أساسا بنمط انتخاب ممثلي القضاة والقاضيات بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، آلية التنسيق بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية والسلطة الحكومية المكلفة بالعدل، ودعم الاستقلال المالي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ومقترحات تكميلية تتعلق بمعايير تدبير الوضعية المهنية للقضاة وإسناد المسؤوليات إلى القضاة، والانسجام بين بعض مقتضيات مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة والقانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وتقوية ضمانات حصول المجلس الأعلى للسلطة القضائية على المعلومات والوثائق والمعطيات اللازمة للقيام بمهامه. فيما المذكرة الثالثة المتعلقة بالنظام القانوني للعفو تندرج في إطار مواكبة المجلس الوطني لحقوق الإنسان لأجرأة توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة بخصوص تأهيل التشريع الجنائي ،وتتناول المذكرة عددا من التجارب المتعلقة بمسطرة العفو في الأنظمة الملكية المقارنة بالأساس والتعديلات المقترحة على النظام القانوني للعفو. أما بخصوص المذكرة الرابعة فهي تتمحور حول العقوبات البديلة، وتبرز بشكل خاص المرجعية الدولية المتعلقة بالعقوبات البديلة وتحلل الأسباب العميقة لظاهرة الاكتظاظ السجني وخاصة اللجوء المكثف إلى الاعتقال الاحتياطي وضعف تنوع العرض القانوني للعقوبات البديلة في المنظومة الجنائية الوطنية، وتقدم بهذا الصدد توصيات مدققة بالمجالات المقترح استهدافها بهذه العقوبات ونوعيتها. فيما المذكرة الخامسة التي ستتناولها الدورة فهي تخص موضوع حرية الجمعيات بالمغرب، وتقدم تشخيصا لأهم نقط قوة و ضعف الإطار القانوني للجمعيات بما في ذلك ظهير 1958 المتعلق بحق تأسيس الجمعيات وكذا النصوص الخاصة ببعض الجمعيات كالجمعيات الرياضية والطلابية، وجمعية مستعملي مياه السقي، وجمعيات القروض الصغرى، مشيرا أنه سيتم تقديم توصيات تتعلق أساسا بدعم المنطق التصريحي في الإطار القانوني للجمعيات، ودعم استقلاليتها و تحسين إطارها الجبائي والمالي وكذا إطار التعاون والشراكة بين الدولة والجمعيات، وتسوية الأوضاع القانونية للجمعيات. أما المذكرة السادسة فتهم موضوع العنف ضد النساء وتتعلق المقترحات المتضمنة بها أساسا الإطار المعياري الذي يجدر اعتماده في إعداد القانون والتعريف الدقيق للعنف وأنماطه وكذا جملة من التدابير الدقيقة ذات الصلة بالجوانب الحمائية والزجرية وجبر ضرر الضحايا وتدابير أخرى ذات طبيعة وقائية تهم الجوانب التربوية والتعليمية لتغيير السلوكات والعقليات من جهة وتلك المتعلقة بوسائل الإعلام والمندرجة في اختصاصات الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري والهادفة إلى محاربة الصور النمطية تجاه النساء. وكشف رئيس المجلس أن الدراسة التي ستقدم خلاصاتها الأولية فهي تخص الحق في التجمع والتظاهر السلمي، مشيرا أنه كيفما كان شكل وفحوى النظام القانوني المرتقب في هذا الباب، بأن إعداده وأجرأته ينبغي أن يتم بالتفاعل الحثيث مع مختلف المكلفين بإنفاذ القوانين ومهنيي العدالة والفاعلين الاجتماعيين والمدنيين.