يبدو أن الجدل المفتوح على مصراعيه بين وزير العدل ونادي قضاة المغرب لم يتوقف بإعلان الوزير عن منع الوقفة المقررة للقضاة بالبدلة المهنية الرسمية، بل لازال ممتدا وتترجمه البيانات المتتالية التي أصدرها النادي ليلة الأربعاء ويوم الخميس، والتي اتهم فيها وزير العدل بتحوير النقاش عن أسباب التظاهر والتي تروم أساسا إلى الدفع بإقرار نصوص تنظيمية ضامنة لاستقلال السلطة القضائية. فبالرغم من خطاب التهدئة الذي اتبعه الوزير مصطفى الرميد خلال الندوة الصحفية التي عقدها مساء يوم الأربعاء بتأكيده على استعداده للحوار في أي وقت يختاره نادي القضاة، داعيا، في محاولته لإقناعهم وثنيهم عن تنظيم الوقفة بارتداء البذلة الرسمية، إلى استحضار الحكمة القضائية بالنظر للمقتضيات القانونية التي تمنع ارتداء البذلة خارج الجلسات، ولما يميز مؤسسة القضاء والتي تستمد سلطتها مباشرة من الملك، إلا أن نادي القضاة أبدى بعض التشدد من خلال الإعلان في اجتماع مفتوح وبيانين طارئين، عن التشبث بتنظيم القضاة للوقفة الوطنية ببدلهم أمام مقر الوزارة العدل، وأن ذلك ينسجم مع مختلف قواعد السلوك والأخلاقيات القضائية وفق مختلف المعايير وأفضل التجارب الدولية، وتحترم الضوابط الدستورية المتمثلة في التجرد والاستقلال. واعتبروا إثارة الوزير لموضوع ارتداء البذلة خلال الوقفة الوطنية الثانية للقضاة، بأنه أمر أصبح متجاوزا بمقتضى الدستور، وأن خرجته الإعلامية مجرد محاولة منه لتحوير النقاش عن أسباب الوقفة ومؤيداتها الدستورية والحقوقية والكونية، والتي تروم إلى الدفع بإقرار نصوص تنظيمية ضامنة لاستقلال السلطة القضائية. وعمد نادي القضاة في البيانين اللذين خصصا للرد على موقف وزير العدل بشأن إعلانه أن القضاة من حقهم الاحتجاج لكن شريطة أن يكون بدون بذلة رسمية، على دحض مجمل التفسيرات والاستعارات القانونية التي عمل الوزير على توظيفها لثني القضاة عن الاحتجاج بالبذلة، مبرزا على أن استناد وزارة العدل والحريات على الفصل 23 من التنظيم القضائي للمملكة يعتبر توظيفا غير سليم خصوصا أنه يتعلق بارتداء القضاة للبذلة خلال الجلسات، وهي المسألة التي لا تعتبر موضوع الوقفة الوطنية للقضاة أمام مقر وزارة العدل والحريات المزمع تنظيمها اليوم السبت، ذلك أن نادي قضاة المغرب لم يسبق له أن طالب بعقد الجلسات بدون بذل، مما يبقى معه الاستشهاد بالفصل المذكور غير ذي موضوع. وجدد في هذا الصدد تأكيده على أن محاولة وزارة العدل والحريات تعليل بلاغها بفحوى المنشور رقم 845 الصادر بتاريخ 17 دجنبر 2010، يعتبر هو الآخر تبرير غير قانوني بدليل تعلقه بكيفية عقد الجلسات الرسمية والعادية ولا يشمل الأشكال المعبر عنها من طرف الجمعيات المهنية القضائية، وأن نادي قضاة المغرب كان سباقا للمطالبة بتفعيل المنشور المذكور بخصوص عقد الجلسات الرسمية لما في ذلك من أثر إيجابي على العمل القضائي وحسن سير العدالة تنفيذا لأمر أمير المؤمنين رئيس المجلس الأعلى للقضاء. هذا وأفاد نادي القضاة أن إعلان وزارة العدل والحريات تشبثها بالمقاربة التشاركية من خلال الاستشارات الموسعة للقضاة في المحاكم هو في جوهره كلام غير حقيقي، وأن مقاطعة نادي قضاة المغرب لتلك الجولات كان بسبب غياب منهجية علمية لتجميع المقترحات المقدمة، وكذلك لأنه كان محاولة لتجاوز الرفض الذي أعلنته كل الجمعيات المهنية للقضاة لمسودة مشاريع النصوص التنظيمية بحسب بيانها الصادر بتاريخ 1 نونبر 2013. وأن رفض مناقشة الملاحظات التي سبق للمكتب التنفيذي تقديمها إلى وزارة العدل والحريات بشأن مسودتي مشروعي القانونين التنظيميين كان بسبب التزامه بقرار مجلسه الوطني بمقاطعة الحوار مع وزارة العدل والحريات بسبب عدم جديته ومسؤوليته.