تواصلت لعبة شد الحبل بين مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات ونادي قضاة المغرب، في أفق تنظيم قضاة النادي لوقفتهم الوطنية الثانية الاحتجاجية، صباح اليوم السبت، ببذلهم الرسمية، أمام مقر وزارة العدل والحريات، بالرباط وذلك ل "المطالبة بإقرار قوانين تنظيمية ضامنة لاستقلال السلطة القضائية وأعضائها بما يضمن كرامتهم وهيبة المنصب القضائي". وبينما أصدرت فيه وزارة العدل والحريات بيانا، مساء أول أمس الخميس، يهدد فيه وزير العدل باتخاذ الإجراءات القانونية ضد القضاة المحتجين، رد نادي قضاة المغرب، مساء اليوم نفسه، ببيان طارئ، أكد فيه إصرار قضاته على تنظيم الوقفة الوطنية بالبذل. وأكد وزير العدل والحريات، بصفته نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء، في بلاغ وزارته، الذي توصلت "المغربية" بنسخة منه، على عدم جواز تظاهر القضاة ببذل الجلسات "لما يمثله ذلك من مخالفة للقوانين ومسا بهيبة القضاء وصفات الوقار والكرامة"، معلنا أنه "سيرتب الآثار القانونية اللازمة على كل مخالفة لذلك". واعتبر بلاغ الوزارة أن "المنشور رقم 845 الصادر بأمر من أمير المؤمنين، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، حصر ارتداء البذلة خارج قاعة الجلسات في حالة واحدة، هي المتعلقة باستقبال القضاة بباب المحكمة لجلالة الملك، أو من عينه خصيصا لتمثيل جلالته، كما أوجب على القضاة ارتداء البذلة في مكتب مجاور لقاعة الجلسات لا غير". وأشارت الوزارة إلى أنه، إن كان الدستور يضمن للقضاة الحق في حرية التعبير، فإن ذلك مشروط باحترام واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية، ما يستوجب احترام القوانين الجاري بها العمل والضوابط المرعية، من ذلك الفصل 23 من القانون المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة". وأبرزت الوزارة، حسب البلاغ أن "مسودتي مشروعي القانونين التنظيمين المحتج بسببهما، أنجزتا بتوافق مع ممثلي القضاة في شخص أعضاء المجلس الأعلى للقضاء، وخضعتا لاستشارات واسعة مع القضاة، حضرها المئات من القضاة، غير أنه ولأسباب غير معلنة، دعت جمعية نادي قضاة المغرب إلى مقاطعة هذه الاجتماعات، كما وقعت استشارة الجمعيات المهنية، ومن ضمنها جمعية نادي قضاة المغرب، التي قدمت اقتراحاتها إلى وزارة العدل غير أنها اعتذرت عن مناقشتها على خلاف باقي الجمعيات". وأوضحت الوزارة أن الحوار حول مسودتي المشروعين مازال مفتوحا مع كافة الجهات المعنية، وسيظل كذلك خلال عرضهما على البرلمان إلى غاية المصادقة عليهما. بالمقابل جاء في البيان الطارئ لنادي قضاة المغرب، الصادر أول أمس الخميس، عبر مكتبه التنفيذي، أن قضاته مصرون على تنظيم الوقفة أمام الوزارة بالبذل، صباح اليوم السبت، مؤكدا أنها "تنسجم مع مختلف قواعد السلوك والأخلاقيات القضائية، وفق مختلف المعايير وأفضل التجارب الدولية، وتحترم الضوابط الدستورية المتمثلة في التجرد والاستقلال". واعتبر "إثارة وزارة العدل والحريات موضوع ارتداء البذلة خلال الوقفة أمرا متجاوزا بمقتضى الدستور، ويهدف إلى تحوير النقاش عن أسباب الوقفة ومؤيداتها الدستورية والحقوقية والكونية، التي تروم إلى الدفع بإقرار نصوص تنظيمية ضامنة لاستقلال السلطة القضائية". وأشار النادي إلى أن "احتجاج وزارة العدل والحريات بالفصل 23 من التنظيم القضائي للمملكة يعتبر توظيفا غير سليم، خصوصا أنه يتعلق بارتداء القضاة للبذلة خلال الجلسات"، مضيفا أنها "مسألة لا تعتبر موضوع وقفة غد السبت، لأن نادي قضاة المغرب لم يسبق أن طالب بعقد الجلسات دون بذل، ما يبقى معه الاستشهاد بالفصل المذكور غير ذي موضوع" .