مسابقة سينما المدارس تحظى بالرعاية من أجل خلق تراكم يؤسس لصناعة سينمائية مغربية قوية تختتم فعاليات الدورة العاشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش اليوم، بعد أن تجلت منذ التاسع والعشرين من الشهر الماضي كفرصة كبيرة للاحتفال والتكريم والاحتفاء، وتواصل المتعة بروائع الفن السابع، وسط الحضور المتميز لنجوم أمتعوا العالم بمشاهد تشد الأنفاس تارة، وتدغدغ المشاعر تارة أخرى وتنفد إلى القلب فتسعده، وفي الآن نفسه كفرصة كذلك لتعميم الفائدة والاستفادة والتكوين بالنسبة للشباب والمبتدئين في هذا الميدان. سينما المدارس حين برمجت مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش فقرة «سينما المدارس» وأفردت مسابقة الفيلم القصير، التي تستهدف طلبة معاهد ومدارس السينما في المغرب، كانت تضع بوضوح نصب العين أهداف ومرامي هذه التظاهرة، إذ من بين أهداف المؤسسة الإسهام في خلق زخم سينمائي مغربي يؤسس لصناعة سينمائية مغربية تضاهي سينما العالم، وتجد موطئ قدم ضمن الخارطة السينمائية العالمية. وحين أحدثت المؤسسة، سنة 2010 ، بمناسبة الدورة العاشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، جائزة الفيلم القصير، وأفردت لها لجنة تحكيم خاصة، فقد كانت تعي أن المهرجان ينبغي أن يشكل منصة إقلاع أمام الكفاءات المغربية الشابة، التي اختارت التخصص في هذا الميدان، سواء التي التحقت بشعب السينما التي صار المغرب يتوفر عليها في كل من كليات ورزازات وتطوان، أو بالمعاهد الخاصة المتواجدة بعدد من المدن المغربية مثل الدارالبيضاء ومراكش.. تتوخى مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش من خلال هذه المسابقة، خلق مجال للإبداع السينمائي ومنح فرصة الإدماج المهني لفائدة السينمائيين المبتدئين، ليشكل المهرجان بذلك فضاء حقيقيا لتبادل الرأي بين المهنيين المتمرسين والمخرجين الشباب، كما تعد المسابقة مناسبة تقدم فيها سينما المدارس في إطار تظاهرة كبرى بالمغرب، ما قد يزيد من تشجيع المواهب الصاعدة. فمن بين أهداف جائزة الفيلم القصير "سينما المدارس"، بالإضافة إلى تشجيع المواهب الشابة على التنافس والإقدام على المنافسة، الكشف عن مواهب وطنية جديدة في مجال الفن السابع من بين طلبة المعاهد ومدارس السينما بالمغرب. لكل هذه الأسباب، ومنذ انطلاق هذه المبادرة خصت مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش جائزة الكبرى لأفضل فيلم قصير "سينما المدارس"، هي عبارة هبة خاصة يمنحها صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، رئيس مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، وتبلغ قيمتها 300 ألف درهم، تمنح لمخرج الفيلم الفائز من أجل إنجاز شريطه القصيرالثاني. ولضمان المرافقة والتوجيه جرى على أن يدبر مبلغ الجائزة من قبل مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، بحيث سيتم تخصيصها لإخراج فيلم ينجز في غضون ثلاث سنوات التي تلي الإعلان عنها، وستدعم مؤسسة المهرجان إخراج هذا الفيلم الثاني من خلال التتبع والمساهمة في مختلف مراحل إنجازه من كتابة السيناريو والإخراج والمونتاج. هي عناية بالمواهب الشابة من أجل تشجيعها على العطاء، وتبديد بعض العقبات التي تحول دون تفتق المواهب. حينما يصنع الأدب سينماه تتقاطع السينما مع المسرح في استيعابهما لكل الفنون والآداب والأشكال الإبداعية المختلفة وإذا كان المسرح يمارس الاستبطان عبر استدعاءه للعالم مختزلا فوق مساحة خشبية صغير، فان للسينما أجنحة تحلق في كل الأبعاد، والسينما هي فكرة أولا وطريقة في الحكي، من خلال الصورة والصوت... وتستوجب إعادة كتابة النصوص الروائية والقصصية كتابة يكون فيها للصورة أوفر حظ في تبليغ الحكاية. ويمكن اعتبار الدورة الثالثة عشر للمهرجان فرصة انكب خلالها مهنيون في الفن السابع ونقاد وكتاب، من المغرب والخارج، على مناقشة رهانات نقل الرواية إلى الشاشة الكبرى، وذلك، يوم الأربعاء الماضي، في إطار المحطة الأدبية الثانية للمهرجان الدولي للفيلم. فتحت عنوان «حينما يصنع الأدب سينماه»، التف حول الكاتبة كاترين إنجولي، مدعوون بارزون من فرنسا، من بينهم الصحافي اريك نوهوف، المتخصص في السينما بصحيفة لوفيغارو، وماريان بايو، رئيس تحرير «ليكسبريس» والكاتب والمخرج دافيد فونكينوس، بالاضافة الى نائب الرئيس المنتدب لمؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، نورالدين الصايل، في جلسة تمركزت حول عناصر نجاح عملية نقل الأدب الى السينما، من منطلق تجارب سينمائية بالمغرب وفرنسا. من المغرب، حضر النموذج الذي قدمه المخرج نبيل عيوش في فيلمه «يا خيل الله» المنقول عن رواية ماحي بينبين حول الهجمات الإرهابية بالدار البيضاء عام 2003، حيث تم التنويه بهذه التجربة من قبل المتدخلين الذين اعتبروا أن الفيلم والرواية عملان منفصلان، بالنظر الى أن الخطاب السينمائي مختلف عن الكتابة الأدبية. فبالنسبة للصايل، أعطى نبيل عيوش، «مزيدا من التماسك والمصداقية» لكتاب بينبين الذي يشكل رواية متمركزة حول العنف الديني، سهلة القراءة، منوها بشجاعة بينبين الذي أقر بان عمله لم يعد في ملكه بمجرد بيع حقوق المؤلف، التي مكنت من اعادة خلق العمل. وأوضح الصايل أن السينما لها متخيلها الخاص، مبرزا صعوبة الانتقال من الكتابة المهيكلة للكتاب الى النظام السينمائي، وهما مجالان تعبيريان مختلفان. على نفس المنحى، اعتبرت الصحافية ماريان بايو أنه بمجرد بيع حقوق التأليف، لا يعود للكاتب أي حق في الرقابة على العمل، معربة عن أسفها لمواقف بعض الكتاب الذين يحاولون التدخل في الإبداع السينمائي أو التعبير عن غضبهم من النتيجة. في المقابل، هذا المشكل لا يطرح بالنسبة للروائي دافيد فونكينوس الذي أكد أنه لا يتدخل الا لماما في عملية نقل رواياته من منطلق المبدإ التالي: «إن كان الفيلم جيدا، فبفضلي، وإن كانت النتيجة سيئة فبسبب السينمائي». أما الصحافي إريك نوهوف فخلص إلى أنه «لا وجود للفيلم في غياب سيناريو جيد». تكريم على عادته في الاحتفاء بأسماء من مدارات إبداعية مختلفة، خص مهرجان مراكش الدولي للفيلم المخرج الأرجنتيني فرناندو سولاناس بتكريم دافئ لمسيرته الفنية الطويلة التي قدم خلالها سينما ملتزمة بالقضايا الاجتماعية والسياسية النبيلة. وجاءت التفاتة مهرجان مراكش تجاه السينمائي الأرجنتيني، الذي تجاوز منتصف عقده السابع، عميقة الدلالات في اعترافه بعطاءات شخصية سينمائية بارزة، قد لا تكون معروفة على نطاق واسع لدى أوسع شرائح الجمهور، لكنها تحظى باحترام كبير في الأوساط السينمائية المختصة. ووصف المخرج نور الدين الخماري، الذي سلم سولاناس نجمة المهرجان، هذا السنيمائي الكبير بأنه «فنان حر لم يقدم تنازلات» بل قدم شهادته كفنان مواطن على واقع مجتمعه، وكان بحق «لسان الضعفاء» في بلاده. أما فرناندو سولاناس فلم يخف، في كلمته القوية، إعجابه بالمدينة «الساحرة والأسطورية»، مراكش، التي يزورها لأول مرة، وقد كشفت له «عظمة ثقافة هذا البلد». وقال السينمائي المخضرم، ذو التكوين الموسيقي والتشكيلي والأدبي، إن السينما هي «نقطة التقاء جميع اللغات الجمالية .. بل هي اللغة الوحيدة القادرة على تخليد المشاعر». وثمن فرناندو سولاناس دور المهرجانات، من حجم مهرجان مراكش، في التقريب بين الثقافات، خصوصا في زمن طغيان الصناعة الإعلامية ومنطق التنميط الهوليودي. وقد سخر المحتفى به كاميراه، سواء في جنس الوثائقي أو الروائي، لمناهضة عصر الدكتاتورية الحاكمة في بلاده منذ أواخر عقد الستينيات من القرن الماضي، والدفاع عن كرامة شعبه وحقوقه الاقتصادية والاجتماعية، بدء من فيلمه الوثائقي الشهير «ساعة الافران». وحظي الفيلم عند عرضه بإشادة كبرى ليس فقط من أجل حريته الشكلية، ولكن أيضا لأثره الاجتماعي والسياسي البالغ، وأعلن به فرناندو سولاناس ولادة سينما ملتزمة ومتأصلة بعمق، تغذيها في نفس الوقت، المخيلة التاريخية والمعاصرة لبلده الأرجنتين، وآماله وخيبات أمله الشخصية. وتواصلت أعمال سولاناس، الذي تعرض لمحاولة اختطاف وتهديدات بالقتل، فكان من بينها فيلم «أبناء فييرو»، وهو ملحمة شاعرية أنجزها في عام 1972. وهاجر إلى باريس ثم عاد إلى بلاده سنة 1985، حيث أخرج فيلم «نفي كارديل»، الذي نال عنه الجائزة الكبرى للجنة التحكيم في مهرجان البندقية السينمائي لسنة 1985 قبل أن يوقع على فيلم «الجنوب» الذي حصل على جائزة أفضل إخراج في مهرجان كان لسنة 1988. وحظي المخرج الأرجنتيني في مهرجان برلين لسنة 2004، بجائزة الدب الذهبي الفخري عن مجمل أعماله. وكان ابن فرناندو، خوان سولاناس - الذي أخرج «رجل بدون رأس» و»شمال شرق» قد شارك السنة الماضية في عضوية لجنة تحكيم مسابقة الفيلم القصير بالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش. توزيع وحسب بلاغ للمنظمين انه انعقد لقاء المهنيين بمراكش لبحث التحديات الكبرى التي تواجه موزعي الأفلام والمهرجانات السينمائية من قبيل الانتقال إلى الدعامة الرقمية ونقل الأفلام وخلق علاقة مستمرة بين بائعي الأفلام والموزعين ووضع طرق بديلة متفق عليها لتوزيع الفيلم. وأوضح نفس البلاغ أن اللقاء، المنظم بمناسبة الدورة الثالثة عشرة للمهرجان الدولي للفيلم، بحث أيضا الصعوبات الكبرى من النواحي التقنية والتكنولوجية والمالية، بالرغم مما عرفه عدد الأفلام المعروضة على دعامة رقمية في المهرجانات السينمائية، من زيادة كبيرة خلال هذا العام، وهو ما كان له تأثير واضح على المهرجانات السينمائية في العالم. وأضاف البلاغ أنه من خلال التركيز على استضافة المهنيين المغاربة ونظرائهم الفرنسيين والأجانب، يعد المهرجان الدولي للفيلم بمراكش فضاء لعرض الأفلام وللقاء بين مختلف الفاعلين الرئيسيين في مجال توزيع الفيلم والأعمال السينمائية من مختلف أنحاء العالم. يشار إلى أن لقاء المهنيين، الذي نظم بتعاون مع أوروبا الدولية والنقابة الأوروبية للبائعين الدوليين، يهدف إلى مناقشة مختلف القضايا والأسئلة التي تواجه البائعين الدوليين وأسواق الفيلم والمهرجانات السينمائية، وذلك من أجل استعراض الحلول الممكنة مع السعي إلى إقامة علاقات عمل وثيقة بين مختلف الجهات الفاعلة في مجال الصناعة السينمائية.