«بلاك بيري» يفجر أزمة التداول الحر للمعلومة بين واشنطن وأوبوظبي ودول عربية تدخل على الخط ثارت الخلافات بشدة في الآونة الأخيرة بين حكومات الدول التي يستخدم مواطنوها والمقيمون على أراضيها خدمات هاتف «بلاك بيري»، وبين شركة «أرأي إم ريل موشن» الكندية المنتجة لأجهزة «بلاك بيري» التي تحتفظ بكامل خدماتها في مقرها الرئيسي في كندا، وتتشدد في ذلك. وبلغت هذه الخلافات أوجها في الإمارات، بعدما قررت الأسبوع الماضي تعليق خدمات «الماسنجر» والتصفح الإلكتروني في هواتف «بلاك بيري»، مبررة قرارها بدواع أمنية... وقالت إن الطبيعة التقنية لبعض خدمات بلاك بيري مثل الماسنجر والبريد الإلكتروني وبرامج تصفح الإنترنت تبقيها خارج نطاق تطبيق التشريعات الوطنية في مجال الاتصالات. واستندت السلطات الإماراتية في قرارها إلى كون تلك الخدمات تتيح السبيل أمام بعض الأفراد لارتكاب تجاوزات بعيدا عن أي مساءلة قانونية، مما تترتب عنه عواقب خطيرة على الأمن الاجتماعي والقضائي والأمن الوطني. وفي رد فعل لها على هذه القرارات، قالت الولاياتالمتحدةالأمريكية إنها شعرت بخيبة أمل تجاه خطط الإمارات لتعليق خدمات الرسائل الهاتفية والتصفح الإلكتروني الخاصة بالهاتف المحمول بلاك بيري اعتبارا من أكتوبر المقبل. وترى واشنطن أن ما قامت به أبوظبي يرسي سابقة خطيرة في تقييد حرية تداول المعلومات. حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيليب كراولي «نحن ملتزمون بتعزيز التدفق الحر للمعلومات.. نعتقد أن ذلك مكمل لاقتصاد مبتكر». وفي سياق متصل، أكد محمد ناصر الغانم مدير عام الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات في الإمارات، أن تعليق بعض خدمات جهاز «بلاك بيري» يعد مسألة سيادية تتعلق بحق الدولة في الحفاظ على سرية المعلومات والمراسلات والبيانات التجارية والرسمية والشخصية وحماية الاقتصاد الوطني والشركات العاملة، بعيدا عن أي مخاطر واختراقات خارجية». وعلى غرار الإمارات، تتجه السلطات السعودية إلى تعليق إحدى خدمات هواتف بلاك بيري. وقالت إحدى شركات الاتصالات في المملكة إنها توصلت بأمر من هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات إلى تعليق خدمة ماسنجر في بلاك بيري بدءا من الشهر الحالي. وفي تطور لاحق، قامت وزارة الإعلام والثقافة البحرينية بمنع تناقل الأخبار بالهواتف النقالة من دون ترخيص من وزارة الإعلام، والتهديد بمعاقبة الأفراد والجهات والمسئولين على تلك الرسائل من خلال اتخاذ إجراءات قانونية من صحف وجمعيات، وذلك بهدف منع إرسال الأخبار عبر الرسائل النصية القصيرة لمشتركي خدمة «البلاك بيري» الهاتفية. وفي المقابل طالب مركز البحرين لحقوق الإنسان وزيرة الإعلام برفع الحظر عن خدمات البث على البلاك بيري وغيره من وسائل النشر واحترام حقوق الناس في الحصول على الأخبار والمعلومات. وفي مصر، فقد نفى الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بالجمهورية وجود اتجاه أو نوايا لدى السلطات المصرية بمنع استخدام أجهزة «البلاك بيري» أو حظر تداولها في مصر حتى الآن. أما بالمغرب، فقد اعتبر مسؤول بالوكالة الوطنية لتقنين المواصلات في تصريح لبيان اليوم، أن تأمين الخدمات التي يقدمها جهاز «البلاك بيري» لايختلف عن الأجهزة الذكية الأخرى، مستبعدا تأثر السوق المحلي بقرار دولة الإمارات العربية المتحدة بتعليق خدمات هذا الجهاز. موضحا في نفس الوقت أنه لا يمكن لأي مشغل أو شركة تطوير أي جهاز إضافة مزيد من التطبيقات عليه دون الرجوع إلى الجهاز، خاصة وأن هناك عقوبات مشددة على من يخالف هذه القرارات. وأضاف محدثنا المختص في أمن المعلومات، أنه إذا دعت الضرورة إلى إيقاف خدمات بلاك بيري، فسيتم ذلك دون أدنى شك، دفاعا عن الأمن القومي للمملكة. هذا، وأكد خبراء إماراتيون في قطاع الاتصالات، بعد صدور هذا القرار، أن تعليق خدمات التصفح الإلكتروني في هواتف «بلاك بيري»، لا يعني مطلقا حجب هذه الخدمة على الدوام، خصوصا وأن الإمارات العربية تعد مركزا إقليميا للمال والأعمال على مستوى منطقة الخليج والشرق الأوسط، مما يعني الحاجة الماسة لاستعمال تقنيات الاتصال الحديثة. ويرى هؤلاء، أن فاعلي قطاع الاتصالات الوطنيين في الإمارات، «لن يتركا الباب مفتوحا، إذ سيسارعان في القريب، إلى إطلاق خدمات إلكترونية بديلة لتلبية حاجيات المشتركين، وبالتالي طي صفحة هذه القضية نهائيا». ويشار إلى أن جهاز «البلاك بيري» هو جهاز الاتصالات الوحيد في العالم الذي يصدّر بياناته فوراً إلى خارج حدود الدول التي يعمل فيها، وهو ما يشكل ولوجية سريعة إلى سرية المعلومات وخصوصية وأمن الأفراد والدول علاوة على أن الجهة التي تتولى إدارة كل ذلك هي شركة تجارية أجنبية، وهو ما يعني أن اتصالات البلاك بيري والبيانات العابرة خلاله تظل خارج نطاق الاختصاصات والقوانين المحلية لأي دولة في الوقت الذي يمكن أن تتم فيه مراقبة جميع الاتصالات والبيانات التي يتم تداولها عبر تلك الأجهزة بواسطة طرف ثالث خارج الدولة.