منذ أيام ينشر أحد الوجوه المعروفة في حقلنا الحزبي والانتخابي الوطني في الصفحة الأخيرة لجريدة وطنية، ما أراده مذكرات له عن مساره السياسي والمهني والشخصي، وبقدر ما أن الوقائع والآفاق والخلفيات هي هنا بلا كثير أهمية لمسار النضال الوطني الديمقراطي لشعبنا، فمع ذلك، في القول المنشور ما يستحق التأمل وأخذ العبرة، خصوصا بالنسبة لحاضرنا ومستقبلنا. القارئ لما نشر لحد الآن يخرج بخلاصة مركزية لابد من قراءتها اليوم جيدا، وهي الطرق التي تشكلت بها(الأحزاب)التي أبدع الذكاء المغربي في تسميتها بالإدارية... كيف كانت تتأسس، كيف كان يؤتى لها بالأعضاء وبالأصوات وبالمقاعد، وكيف كان يجري حتى اختيار تسمياتها، ثم كيف يتم اختيار الوزراء من ضمن صفوفها، وكيف يتم تسريحهم..، كل هذا شرحه وفسره(الزعيم الوطني الديمقراطي)بالنقطة والفاصلة، دون أن يغفل كل ما كان يحيط بمجالس لعب(الكارطة)، وممارسة الغولف والقنص، وجلسات... النشاط. نسي صاحب القول فقط أن يقر(على عينك يابن عدي)أن كل هذا لم ينفع في جعل هذه الكائنات(غير الطبيعية)أحزابا إلى غاية اليوم، ونسي أن يعترف أيضا أن المغاربة لم يمنحوها يوما ... المصداقية، ونسي أن يقبض بكامل شجاعة اللسان لديه، ويصرخ(ياعباد الله) بأن كل هذا كان بلا أي فائدة للبلاد والعباد، وبأنه في المحطات المصيرية تصاب هذه الكائنات بالخرس، لأنها أصلا بلا لسان، وهي بذلك لم تنفع لا البلاد ولا قضايا البلاد أو مؤسساتها، ولم تحل دون أن تبلغ البلاد محطة(السكتة القلبية)، ليحدث بعد ذلك ما يذكره الجميع. فعلا ليست كل الأحزاب من هذه الفصيلة التي ولدت وترعرعت ب(الدوباج)، والأحزاب ذات الأصل والتاريخ واستقلالية القرار هي بالذات التي صانت فرادة النموذج السياسي المغربي ورعته وفعلت في تفاصيل مساره العام إلى اليوم، ومهما حدثت من تحولات أو تغيرات، ومهما انسل الوهن إلى جسدها التنظيمي، فهي تبقى منتبهة إلى هويتها وذاتها، ويبقى الناس يذكرون أنها نبعت من بينهم بلا (دوباج)أو تحكم أو(حياحة)مأجورين، ولهذا يكون دائما في مستطاعها أن تتكلم، وأن توجد وسط الناس... فعلا ، ما ينشره المومأ إليه أعلاه، خاصة أن أغلب من ورد ذكرهم بالاسم وهم بعد أحياء لم يكذبوا الشيء الكثير فيه، يمكن اعتباره درسا لزمننا هذا، ونستحضر بواسطته ضرورة حماية منظومتنا الحزبية، والإصرار على استقلالية مكوناتها، وعلى تقوية التعددية السياسية في بلادنا بلا أي هيمنة أو تحكم. صاحب القول يعتبر صنيعة من صنائع ذلك الزمان، وهو اليوم يعترف بفشل الأسلوب والعقلية، ومن ثم فكل ميل لإعادة الفعل الفاشل سيكون ببساطة مضيعة للوقت والجهد على بلادنا وشعبنا . هو الدرس الجوهري من كل كلام الكولونيل.. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته