السينمائي عبد الكريم الدرقاوي أملك عوينة لا بأس بها عند إلقاء نظرة على فيلموغرافية السينما المغربية، لا بد أن يلفت انتباهنا أن إدارة التصوير لنسبة كبيرة من هذه الأفلام، وراءها شخص بعينه، هو عبد الكريم الدرقاوي؛ مما يؤكد على الثقة التي يضعها فيه المخرجون السينمائيون على اختلاف مشاربهم وأجيالهم. في هذه الجلسة الفنية مع كريمو –كما يحلو لأصدقائه أن ينادونه- يروي لبيان اليوم، العديد من الوقائع، ويستحضر العديد من الوجوه والفضاءات: مسقط رأسه بوجدة، التكوين السينمائي ببولونيا، العمل التكاملي مع شقيقه مصطفى، حيث يتضافر الإخراج مع إدارة التصوير لإنجاز العمل الناجح، صداقة الكتاب، الدارالبيضاء التي يعشقها والتي أبى إلا أن يجعل منها المكان الرئيسي لأحدث الأفلام التي تولى إخراجها: وليدات كازا.. لعبد الكريم الدرقاوي مشاريع سينمائية وتلفزيونية عديدة، وقد دفع بعضها إلى المسؤولين عن الإنتاج، وفي انتظار أن تسمح له الظروف من أجل إخراجها إلى حيز الوجود، يقرأ ويتأمل ويقاوم اليأس. - 4 - التوضيب هو كذلك جد مهم، إنه يعتبر بمثابة الكتابة الثالثة، فالكتابة الأولى هي السيناريو، والكاتبة الثانية هي الإخراج، أما الكتابة الثالثة فهي التوضيب، وتلك الكتابة الثانية التي هي الإخراج، يوجد في طيها التصوير بالطبع. ولكي أبين أهمية إدارة التصوير، أشير إلى أن عدة أفلام نجحت بفضل جودة صورتها، كما أن عدة أفلام فشلت، بالنظر إلى أن التصوير لم يتم كما ينبغي. هذا هو إذن دور مدير التصوير، هو تحقيق حلم وتخيلات المخرج. كيف هي علاقتي بالمخرج؟ المخرج هو الذي يختار مدير التصوير، وأمام هذا الأخير حرية قبول العرض أو رفضه، الشيء الأكيد أن المخرج عندما يقع اختياره على مدير تصوير ما لكي يشتغل معه، فمعنى ذلك أنه يفضله، وأنه يثق فيه، وعندما تكون ثقته فيه قائمة ويقع اختياره عليه، فينبغي عليه أن يعطي ما هو منتظر منه. قليلة جدا هي تلك الحالات التي يكون فيها المخرج ومدير التصوير على غير وفاق، لأسباب ما، لكن ذلك يظل نادرا، فصوفيا لورين أو إليزابيت طايلور مثلا اللذان كانت لهما السطوة على المخرج باعتبار نجوميتهما، كانا يفرضان عليه أن يشرك مدير تصوير من اختيارهما، وإن كان هو يرفضه، ربما بسبب ذلك يمكن أن يحدث شنآن بين المخرج ومدير التصوير، لكن هذه تظل حالة استثنائية، تبرر القاعدة، لكنهما في العادة يشكلان رأسا واحدا. لماذا يحضر اسمي في جل الأفلام المغربية بصفتي مديرا للتصوير؟ ينبغي أن نعلم كم عدد مدراء التصوير الذين كانوا موجودين في سنوات الستينات وبداية السبعينات كذلك، كان هناك السقاط، ومحمد عبد الرحمن التازي، وبايحيى، وعبد الله الزروالي، وأحمد المعنوني.. كان هناك في المجموع حوالي سبعة، وكان أغلبهم غير متفرغين، فالتازي والسقاط كانا موظفين في المركز السينمائي المغربي، والمعنوني كان يعيش في فرنسا، والرشيش انصرف إلى الإخراج، وبالتالي لم يعد هناك مدراء تصوير مستعدون للعمل في الأفلام السينمائية، هذا من جهة ومن جهة أخرى، وبدون تواضع زائف وبلا غرور، أنا أملك عوينة لا بأس بها، أتعامل بشكل جيد مع الإنارة، ومع الكاميرا التي تحبني وتصغي إلي، وتعمل بما آمرها به، هذه نقطة قوتي، والحجج على ذلك موجودة، الجوائز التي كنت أحصل عليها خلال المهرجانات السينمائية، وذلك من فضل الله. ما هو المخرج الذي كان بيني وبينه تجاوب كبير؟ أولهم بطبيعة الحال هو السي مصطفى الدرقاوي، كما أتفاهم بشكل جيد مع عبد القادر لقطع، والجيلالي فرحاتي، وحسن بنجلون الذي أنجزت وإياه أعمالا جميلة جدا، ومن أيضا؟ وسعد الشرايبي، ومومن السميحي بالتأكيد، وحميد بناني.. لقد اشتغلت تقريبا مع الجميع، فضلا عن الموجة الجديدة من المخرجين، أما القدامى فقد اشتغلت معهم كلهم تقريبا، أما المفضلون لدي، هم هؤلاء الخمسة الذين ذكرتهم في البداية..