استمرار مسلسل الإصلاحات الهيكلية الكبرى لمغرب المستقبل يحتفل المغرب اليوم بالذكرى الحادية عشر لاعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش أجداده، والذي يجسد التلاحم بين العرش والشعب، عبر روابط البيعة التاريخية والولاء الصادق، والتشبث بثوابت ومقدسات الأمة. ومناسبة يستحضر فيها المغاربة قاطبة النضالات والملاحم الخالدة التي خاضوها، عبر تاريخهم، لتحرير المغرب وإرساء أسس دولته الحديثة، وترسيخ نظامه الديمقراطي، وإعلاء مكانته وتقوية نهضته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وما فتيء المغرب يحقق نتائج ملموسة، على مدى العقد الأخير، جعلته نموذجا متميزا للتنمية المندمجة، في المنطقة، وبوأته مكانة متقدمة في علاقاته وشراكاته مع مختلف الدول، خولته موقع الشريك المتقدم مع الاتحاد الأوربي، كأول دولة تحظى بهذا التعامل. ويشكل يوم 30 يوليوز من كل سنة انبعاثا جديدا للأمة ونقطة انطلاق عهد جديد للدولة المغربية الحديثة، بما يحمله من دلالات في التعاطي مع القضايا الوطنية، والتخطيط للمستقبل. وتحمل الاحتفالات المخلدة لعيد العرش دلالات عميقة، تعبر عن قوة الالتحام بين الملك، رمز الأمة والسيادة الوطنية وضامن وحدتها واستقرارها، وشعبه، بروابط البيعة الشرعية والولاء للعرش على امتداد التاريخ. وتجسد التحولات الإيجابية التي عرفها المغرب، خلال العقد الأخير، على جميع المستويات والأصعدة، والخطوات الجبارة التي بوأته مكانة متميزة في مصاف الدول المجددة. بدءا من سياسة الأوراش الكبرى التي أطلقها جلالة الملك في كل ربوع المملكة، من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها ووسطها، انطلاقا من حرص جلالته على تحسين ظروف عيش المواطنين، وتوفير البنيات التحتية الضرورية، وصولا إلى تعزيز البناء الديمقراطي في البلاد. وخطى المغرب خطوات جبارة لتدعيم ركائز البناء الاقتصادي القوي، القادر على رفع التحديات الصعبة، وأضحى ورشا مفتوحا لتنفيذ المشاريع الاقتصادية الضخمة التي تستجيب للمعايير الدولية، ولها الوقع الاجتماعي على كافة شرائح المواطنين. وحرص جلالة الملك محمد السادس، منذ اعتلائه العرش، على إعطاء روح جديدة لهذا التلاحم بين العرش والشعب. وعمل جلالته، متطلعا إلى المستقبل، على بلورة سياسة اقتصادية واجتماعية قوامها المشروع المجتمعي الحداثي الديمقراطي الذي استطاع تغيير وجه المغرب، وجعله يواجه التحديات الموضوعية المطروحة عليه، إقليميا وجهويا ودوليا، وقيادة مشروع الإصلاح السياسي والمؤسساتي والتشريعي لإرساء البناء الديمقراطي المنشود. فمنذ اعتلائه العرش في مثل هذا اليوم من سنة 1999 أشرف جلالة الملك شخصيا على تتبع وتنفيذ المشاريع التي يطلقها في كل الربوع والأصقاع، من كبريات المدن والمراكز إلى القرى الصغيرة والنائية، من خلال زياراته الميدانية التي لم تستثن أي منطقة. ويستقبل المغرب بداية العقد الثاني من حكم جلالة الملك محمد السادس بمواصلة الإصلاحات الهيكلية الكبرى، من خلال إطلاق ورش الجهوية الموسعة بداية هذه السنة، وتنصيب اللجنة الاستشارية التي تنكب على وضع تصور بخصوصيات مغربية، بالإضافة إلى إنشاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي. ومواصلة إطلاق المشاريع الكبرى، من خلال المشروع الكبير للطاقة الشمسية كقاطرة لدخول المغرب مصاف الدول المعتمدة على الطاقة النظيفة، وتعزيز الأوراش الاقتصادية الضخمة من قبيل المنشآت البحرية والطرق السيارة، والمناطق الصناعية المندمجة. وبفضل الإرادة السياسية القوية التي برهن عليها جلالة الملك لبناء المغرب الحديث، أطلق العديد من الإصلاحات المؤسساتية والمهيكلة في بناء الصرح الديمقراطي، غيرت وجه المغرب، وجعلته يحظى بتنويه كبير، وثقة لا مثيل لها. وأرسى جلالة الملك دعائم دولة القانون، من خلال فتح ملف الماضي الجسيم لانتهاكات حقوق الإنسان في الماضي بكل جرأة وشجاعة. وما استتبعها من إصلاحات سياسية ومؤسسية لطي هذه الصفحة الأليمة من تاريخ المغرب. وبقرار حكيم أقر مدونة الأسرة الجديدة التي رفعت من شأن المرأة المغربية وحقق لها مكاسب طالما نادت بها. وأولى جلالة الملك اهتماما خاصا بالجانب الاجتماعي، من خلال مبادراته المتتالية للقضاء على الفقر والهشاشة، وأطلق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي تعد بحق إحدى الركائز الأساسية في تحقيق التنمية وأداة فعالة في مجال التأهيل الاجتماعي، عبر تنفيذ برامج ومشاريع مختلفة تعود بالخير على كل فئات المواطنين أينما كانوا. وإيمانا بعدالة قضيته الوطنية، قدم المغرب، بتوجيهات ملكية سامية، مشروع الحكم الذاتي في أقاليمه الجنوبية، تحت السيادة المغربية، من أجل إنهاء النزاع المفتعل حول صحرائه، وهو المشروع الذي حظي ولا يزال بتأييد دولي كبير، وإجماع متواصل على أنه السبيل الوحيد لإيجاد حل كفيل بضمان حقوق المغرب التاريخية في صحرائه.