تصريحات غير مفهومة لحكام الجزائر تنم عن ممارسة ماضوية تعكس ثقافة سياسية تعود لحقبة عفا عنها الزمن انتهى شهر عسل التقارب بين المغرب والجزائر، وعادت العلاقات بين الجارين الشقيقين إلى التوتر. فقد خلفت تصريحات صادرة عن الناطق باسم الخارجية الجزائرية، يضع فيها شروطا لتطبيع العلاقات الثنائية مع المغرب، ردود فعل قوية للخارجية المغربية، التي اعتبرت موقف الجارة الشرقية مناقضا للاتفاقية المبرمة بين الطرفين على أعلى مستوى لفصل التعاطي مع ملف الصحراء عن تطور العلاقات الثنائية. وأعربت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، في بيان لها، عن أسفها للتصريحات «غير المفهومة» الصادرة عن الناطق الرسمي باسم الخارجية الجزائرية، التي طرح فيها ثلاثة شروط لتطبيع العلاقات الثنائية بين المغرب والجزائر، منددة بروح ومنطوق هذه التصريحات، وواصفة إياها ب «المواقف المتجاوزة في منهجيتها وغير المبررة في محتواها». واعتبر بيان الخارجية المغربية وضع الجزائر لشروط أحادية الجانب من أجل تطبيع العلاقات الثنائية «ممارسة ماضوية تعكس ثقافة سياسية تعود لحقبة عفا عنها الزمن، في تناقض تام مع متطلبات وآفاق القرن 21». وقال البيان إن المغرب يشهد المجموعة الدولية على تنكر الجزائر، مرة أخرى، لالتزامات قطعتها على نفسها، كما يشهدها على هذه الانعطافة الإضافية إزاء المقاربات المتفق عليها. وخلص بيان وزارة الشؤون الخارجية والتعاون إلى أنه «لا أحد يملك الحق في رهن مصير ساكنة، كما لا يوجد هناك أي مبرر لمعاكسة تطلعات الشعبين الشقيقين، ولاسيما حقهما المعترف به في حرية التنقل. تصريحات المسؤول الجزائري تأتي في سياق سرد رئيس الدبلوماسية الجزائرية، مراد مدلسي، الثلاثاء الماضي، لشروط يعتبرها قصر المرادية توطئة لقرار فتح الحدود. فقد لمز، هذا الأخير، بأصابع الاتهام إلى المغرب عندما قال، في حوار تلفزي بثته قناة روسيا اليوم، بأن الجزائر أصبحت شبه «مقصودة» بتهريب المخدرات التي تأتيها من المغرب. وجاءت اتهامات مدلسي في سياق حديثه عن العراقيل التي تقف كحواجز سياسية صعبة أمام تطور العلاقات الثنائية بين المغرب والجزائر، داعيا الرباط بأن تأخذ بعين الاعتبار الأضرار التي أصابت الجزائر جراء إغراقها بالمخدرات. وأبدى وزير الخارجية الجزائري أمله في إيجاد حلول جذرية وعميقة لقضية تهريب المخدرات، بأن يخرج التعاون من الطابع الثنائي ليشمل العديد من البلدان التي يمكن لها أن تلعب أدوارا هامة في هذا المجال. واستطرد مدلسي بأن هناك مشاكل أخرى تقف دون التطور المنشود للعلاقات الثنائية بين المغرب والجزائر، وعلى رأسها قضية الصحراء، مشيرا إلى أنها قضية تعني جبهة البوليساريو والمملكة المغربية، وتعالج على مستويات أخرى»، في إشارة إلى منظمة الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي. وهي شروط تظل بعيدة عن الواقع، وعن ما تضمنه مشوار تطبيع العلاقات الذي توج بإبرام اتفاقية على أعلى مستوى. فالمغرب، يقول بيان وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، احترم، بشكل كامل، المقاربة التي تم وضعها، منذ القرار المشترك بتنظيم لقاءات وزارية بغاية التطبيع الثنائي، والتي تحمي المسلسل الثنائي وتترك، بالموازاة مع ذلك وبشكل منفصل، البلدين يدافعان عن وجهتي نظرهما حول قضية الصحراء المغربية «التي لا يستسيغ المغرب بأي حال من الأحوال أن يتم إقحامها لتحقيق أغراض بعيدة عن هاجس المضي قدما في تحقيق الرفاه للشعبين المغربي والجزائري».