لم تستبعد مصادر مطّلعة أن يخطو الجيش المصري خطوة مهمة تجنب مصر حالة من الفلتان الأمني المنتظر يوم 30 يونيو والأيام التي تليها. وذكرت المصادر أن مؤسسة الجيش غاضبة من سياسات الرئيس محمد مرسي خاصة بعد تصريحاته المثيرة بخصوص سوريا وإعلانه قطع العلاقات الدبلوماسية معها، وهو ما رأت فيه المؤسسة العسكرية خروجا عن تقاليد مصر التي عرفت بالنأي بنفسها عن الصراعات الداخلية في أي بلد. وأضافت المصادر أن السبب الثاني لغضب القيادات العسكرية من مؤسسة الرئاسة هو قرار مرسي بتغيير مجموعة من المحافظين وإحلال آخرين من الإخوان والسلفيين بدلا منهم، ما اعتبره عسكريون صبا للزيت على النار في وقت كان المطلوب فيه من مرسي تهدئة الخواطر والنفوس. وكشفت عن نقاشات صلب المؤسسة العسكرية حول الأسلوب الأمثل لحفظ الاستقرار ومنع انزلاق البلاد نحو المجهول خاصة في ظل دعوات كثيرة تحث الجيش على التحرك لوقف حالة العناد السياسي بين الإخوان ومعارضيهم. وأكدت المصادر ذاتها أن دوائر مقربة من الجيش لا تستبعد أن تلجأ المؤسسة العسكرية إلى إعلان حالة الطوارئ القصوى قبل الثلاثين من يونيو على أن تتولى بعد ذلك دفع مرسي إلى إعلان صريح بإجراء انتخابات سابقة لأوانها خلال ستة أشهر، وكذلك التعهد بوقف سياسة الأخونة وإغراق المؤسسات بالإخوان والمقربين منهم.وسبق لقيادات عسكرية أن حذّرت الإخوان من الزج بالبلاد في الفوضى، ودعت الرئيس مرسي إلى التصرف كرئيس للمصريين وليس مرشحا لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان. من جانب آخر، قالت ذات المصادر إن قوات الشرطة تعتزم الدفع بأكثر من 200 ألف شرطي يوم 29 يونيو القادم لحماية المؤسسات العمومية في مختلف المحافظات، وخاصة المحافظات التي تشهد مواجهات شبه يومية بين الإخوان وخصومهم. إلى ذلك انضمت مؤسسة الأزهر إلى دائرة الغاضبين من الإخوان في مصر، فقد رفضت مشيخة الأزهر بشدة وصف من يخرج على طاعة ولي الأمر ب "الكُفر والنفاق". وقالت إن من يتهمون المعارضين بالكفر هم المنحرفون عن طريق الإسلام الصحيح، وذلك ردا على فتاوى تصدر عن خطباء ومشايخ سلفيين وإخوان يكفرون كل من يشارك في احتجاجات الثلاثين من يونيو. وأكدت مشيخة الأزهر، في بيان أصدرته أمس "إنّ المعارضة السلمية لوليّ الأمر الشرعي جائزة ومباحة شرعا، ولا علاقة لها بالإيمان أوالكُفر". وأدانت اتهام المعارضين ب "الكفر والنفاق"، موضحة أن من يوجهون مثل تلك الاتهامات يعبرون عن رأي "الفرق المنحرفة عن الطريق الصحيح للإسلام، وهو كلام يرفضه صحيح الدينِ ويأباه المسلمون جميعا، ويُجمع فقهاء أهل السنة والجماعة على انحرافه وضلاله". ميدانيا، أدى تعيين الرئيس محمد مرسي لمحافظين إسلاميين من بينهم قيادي سابق في جماعة الجهاد على رأس محافظة الأقصر السياحية إلى استقالة وزير السياحة وإلى صدامات في شمال البلاد.وقال وزير السياحة هشام زعزوع إنه لا يستطيع "الاستمرار في ممارسة مهامه كوزير للسياحة" بعد تعيين عادل الخياط المسؤول في تنظيم الجماعة الإسلامية محافظا للأقصر. وكانت الجماعة الإسلامية مسؤولة عن موجة عنف مسلح في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي وأعلنت مسؤوليتها عن اعتداء الأقصر الذي أودى بحياة 68 شخصا من بينهم 58 سائحا في 1997. وأدى تعيين محافظين إسلاميين إلى اضطرابات الثلاثاء في عدة مدن في دلتا النيل أسفرت عن سقوط 26 جريحا. ففي طنطا، أطلقت الشرطة قنابل مسيلة للدموع لإنهاء صدامات بين أنصار ومعارضي المحافظ الجديد أحمد البيلي المنتمي لجماعة الإخوان. وفي المنوفية بدأ عشرات الأشخاص اعتصاما أمام مقر المحافظة احتجاجا على تعيين محافظ إسلامي آخر. وشهدت محافظة الإسماعيلية في منطقة قناة السويس تظاهرات مماثلة وكذلك محافظتا البحيرة ودمياط في الدلتا. ويقول مراقبون إن الاحتجاجات ضد تعيين المحافظين الجدد تدخل في مجال اختبار القوة بين الطرفين، فمؤسسة الرئاسة ومن ورائها الإخوان سعت لمعرفة حجم ردود الأفعال في الشارع، بالمقابل تسعى الحركات الشبابية إلى التأكيد على أنها قوية ومنظمة ولها عمق شعبي تبدى خاصة في جمع أكثر من 13 مليون توقيع "تمرد" للمطالبة باستقالة مرسي