يلتقي مناهضو عقوبة الإعدام غدا الأربعاء بالعاصمة الإسبانية مدريد على مدى ثلاثة أيام متتالية في إطار المؤتمر العالمي الخامس من أجل إلغاء عقوبة الإعدام والذي تنظمه الجمعية الفرنسية «معا ضد عقوبة الإعدام» بدعوة من الحكومة الإسبانية وبرعاية الحكومات الفرنسية والنرويجية والسويسرية، وذلك لبلورة خطة عمل واستراتيجيات للدفع بمسار إلغاء الإعدام خلال السنوات القادمة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، في أفق الإلغاء الشامل لهذه العقوبة. المؤتمر الخامس ضد عقوبة القتل باسم القانون، سيكون فضاء تسلط خلاله الأضواء على القارة الإفريقية وبلدان العالم العربي، هاته الأخيرة التي بالرغم من رياح التغيير التي حملها الربيع العربي لازالت عصية وتمتنع عن الإقرار بالتصويت على التوصية الأممية القاضية بوقف عقوبة الإعدام، في أفق إلغائها النهائي من تشريعاتها. هذا ومن المنتظر أن يشكل هذا المؤتمر الخامس أكبر تجمع لمناهضي عقوبة الإعدام، إذ سيشهد تمثيلا سياسيا رفيع المستوى، ومشاركة ما يناهز من 1150 شخصا ينتمون لأكثر من 90 بلدا من القارات الخمس، بما فيها شخصيات سياسية وثقافية وخبراء قانون، وعلماء، فضلا عن منظمات دولية وشبكات البرلمانيين والبرلمانيات وهيئات المجتمع المدني وبالأخص الائتلافات الوطنية والإقليمية، كما سيعرف مشاركة مغربية وزانة تجمع بين مسؤولي المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام وشبكة برلمانيين وبرلمانيات، فيما لم يتأكد حضور تمثيلية باسم الحكومة المغربية . وأبرز المنظمون أن احتضان إسبانيا لهذا المؤتمر يأتي انطلاقا من موقعها الجيوسياسي إذ توجد في قلب المنطقة الأورو متوسطية، معلنين أن هذا المؤتمر سينظم في إطار جلستين عامتين و11 طاولة مستديرة و8 حلقات عمل على مدى يومين من النقاش للدفع في اتجاه تيسير مسار الإلغاء باعتماد خطة عمل جديدة تتأسس على الدعوة إلى التصويت على التوصية الأممية الخاصة بالوقف الاختياري لتنفيذ الإعدام، والانضمام إلى مصاف الدول التي ألغت عقوبة الإعدام بالمصادقة على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والذي ينص على إلغاء عقوبة الإعدام. وأوضحت نزهة الصقلي الناطقة باسم شبكة برلمانيات وبرلمانيون ضد عقوبة الإعدام في تصريح لبيان اليوم، أن الشبكة ستشارك في هذا المؤتمر العالمي بمدريد إلى جانب وفد مغربي موسع يضم مكونات المجتمع المدني المغربي وبالأخص الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، بحيث أن الوفد الممثل للشبكة سيكون مرآة لها حيث سيضم جميع الحساسيات السياسية المكونة لها. وأضافت أن شبكة برلمانيات وبرلمانيون ضد عقوبة الإعدام ستقوم خلال مشاركتها في أشغال هذا المؤتمر العالمي على تقاسم التجربة المغربية في المجال مع باقي المشاركين من الدول الأخرى، على اعتبار أن المغرب اختار المسار الحقوقي بامتياز فضلا عن التوسع الذي باتت تشهده حركة مناهضة الإعدام، مشيرة إلى التوصية التي تضمنها التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة، والتي تدعو إلى إلغاء عقوبة الإعدام، بل وما حملته وثيقة الدستور الجديد الذي نص في المادة 20 منه على الحق في الحياة، كما تم التنصيص في ذات الوثيقة الدستورية على سمو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان على القوانين الوطنية. وأبرزت التعبئة التي تشهدها شبكة برلمانيات وبرلمانيون ضد عقوبة الإعدام، والتي تضم في صفوفها 208 برلمانيا وبرلمانية، فضلا عن الحصول على توقيعات 180 برلمانيا وبرلمانية من الغرفتين من مختلف الفرق النيابية، بجميع الحساسيات السياسية. وأبرزت الناطقة باسم الشبكة، النضج السياسي الكبير لمكونات الشبكة، إذ لا يتم الحديث داخلها باسم المعارضة أو الأغلبية، فالكل على وعي بالقضية، وعلى أن الأمر «لا يجب أن يعالج بمنطق المعارضة والأغلبية بل بمنطق حقوق الإنسان على اعتبار أن عقوبة الإعدام يعد عقوبة قاسية والإنسانية وحاطة من كرامة الإنسان، بل وتشكل أقسى شكل من أشكال التعذيب، وقد تكون نتيجة عن خطأ قضائي، وهو الأمر الموجود في جميع أقطار العالم، مقدمة في هذا الصدد حالة المغربيين اللذين حكم عليها القضاء الفرنسي بعشرين سنة سجنا بتهمة جريمة القتل، وبعد أن قضيا 13 سنة منها داخل السجن، ظهر أنهما بريئان من التهمة التي توبعا بها، قائلة «فماذا لو كانت فرنسا تطبق عقوبة الإعدام، فلن تكون هناك إمكانية لاستدراك الخطأ القضائي». إن قضية إلغاء عقوبة الإعدام توسع حضوره وتقوت صفوفه وبات يشكل الجبهة الوطنية والإنسانية ضد عقوبة الإعدام والتي تضم فئات من جميع الشرائح باختلاف مرجعيتهم السياسية. وبخصوص الإستراتيجية التي ستتبناها الشبكة داخل المؤتمر، أفادت المتحدثة أنه سيتم تقديم لمحة عن تجربتنا كشبكة، وإبراز أن هناك توجها داخل البلاد ما فتئ يتوسع يضم فئات من جميع الشرائح باختلاف مرجعياتهم يسير لصالح إلغاء عقوبة الإعدام، كما ستقدم الشبكة نموذجها لبلدان منطقة الشرق الأوسط والمغرب الكبير باعتبارها تجربة ناجحة جدا بالنظر لعدد الانضمامات لحركة الشبكة والتي تم تسجيلها بالرغم من قصر عمر الشبكة التي لم يمر على تكوينها سوى بضعة أشهر. هذا فضلا عن العمل الذي تم القيام به إلى حد اليوم بوضع خطة ترنو إقناع المسؤولين السياسيين وكذا داخل البرلمان، مشيرة أن المسار الذي خطته الشبكة يتلاءم مع ما كان قد نهجه حزب التقدم والاشتراكية الذي سبق وضمن مذكرته التي قدمها للجنة الإصلاح الدستوري مقترحا بإلغاء عقوبة الإعدام وتم التنصيص عليه في الوثيقة الدستورية، وذلك على غرار الحساسيات السياسية الأخرى، وهي جميعها تحرص من أجل إلغاء عقوبة الإعدام . وحول إن كان للشبكة توجه نحو برلمانيي المنطقة العربية والمغاربية للترافع من أجل حث دول المنطقة على التصويت على التوصية الأممية الخاصة بالوقف الاختياري لتنفيذ الإعدام، أشارت نزهة الصقلي، أن الهدف الأساسي والأول للشبكة يتمثل في الدفع كمؤسسة تشريعية لإقرار قانون يلغي عقوبة الإعدام ويتلاءم مع البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والذي ينص على إلغاء عقوبة الإعدام، والعمل على حث الحكومة المغربية على التصويت على التوصية الأممية، علما أن المغرب لم يطبق عقوبة الإعدام منذ سنة 1993، فيما لا زالت تتضمنها قوانينه الوطنية، والترافع في ذات الوقت من أجل تحسين أوضاع المحكومين بالإعدام الذين يعيشون وضعية نفسية ومادية مزرية. وأضافت على أن هدف الشبكة في البداية يروم توسيع دائرة البرلمانيين والبرلمانيات المنخرطين في مسار إلغاء عقوبة الإعدام وذلك بخلق شبكة مغاربية، وإذا ما نضجت الظروف سنعمل على تأسيس شبكة عربية للبرلمانيين والبرلمانيات ضد الإعدام لتكون بمثابة جبهة إنسانية ضد عقوبة الإعدام وتنتصر للحق في الحياة.