الدعوة إلى مراجعة القانون المتعلق بالتجمعات العمومية عرف الاحتجاج السلمي في المغرب تطورا كميا ونوعيا حيث سجل في الفترة الممتدة ما بين فاتح يناير و31 أكتوبر 2008.. تنظيم أكثر من 5500 تجمعا خاضه المواطنون في مجموعات كبيرة أو صغيرة مع استعمال الفضاء العمومي أو أمام بعض المؤسسات العامة والخاصة، وذلك استنادا لإحصاءات لوزارة الداخلية. وأوضحت دراسة للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان حول موضوع الاحتجاج السلمي والتي تضمنها جدول أعمال الدورة 36 للمجلس المنعقدة يوم السبت الماضي، أن الممارسة الاحتجاجية تعرف توسعا ملحوظا من حيث الموضوع، والفئات الممارسة له، إضافة إلى توسعها في المكان والزمان، وهذا الأمر يدل على انتشار ثقافة الاحتجاج الذي يعد واحدا من وسائل التعبير وإبداء الرأي الأربعة المتمثلة في وسائل فردية ووسائل جماعية، وأخرى شفهية ومكتوبة. وبخصوص التوزيع الجغرافي لممارسة الاحتجاج، كشفت إحصاءات وزارة الداخلية حول الموضوع والتي تضمنها التقرير السنوي للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لسنة 2008، أن عمالة الرباط تتصدر قائمة المدن فيما يتعلق بممارسة حرية التجمع والتظاهر، حيث وصل عدد التجمعات المنظمة بها خلال الفترة المشار إليها أعلاه إلى 1660 تجمعا، تليها عمالات وأقاليم الدارالبيضاء بما مجموعه 323 تجمعا، ومكناس ب209 تجمعا، آسفي 197 تجمعا، طاطا 119 تجمعا، جرادة 113 تجمعا، العيون 111 تجمعا، طنجة-أصيلا ب105 تجمعا، وبني ملال ب103 تجمعا، الناظور 100 تجمعا. فيما شهدت 48 عمالة وإقليم تجمعات يقل عددها عن 100تجمع على صعيد كل منها، حيث سجل المجلس في هذا الصدد أن الممارسات الاحتجاجية تقع في مختلف المناطق بنسب متفاوتة، وعزا توسعها إلى التقدم الحاصل في مجال الحقوق والحريات بالمغرب وتحديات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية فضلا عن القدرة الذاتية للمحتجين على التنظيم، مشيرا فيما يتعلق بجانب التقدم في مجال الحريات أن المغرب يواصل انخراطه في منظومة حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها عالميا عبر مصادقته أو رفعه للتحفظات بشأن بعض الاتفاقيات الدولية، هذا فضلا عن إلغائه لظهير 1935 الخاص بزجر المظاهرات المخالفة للنظام العام والمس بالاحترام الواجب للسلطة، وكذا إعمال توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة. واعتبر المجلس أن انتشار الممارسة الاحتجاجية في الزمان والمكان وما يترتب عليها أحيانا من أحداث ومتابعات، كما كان عليه الشأن في أحداث مدينة صفرو وأحداث مدينة سيدي إيفني، وما رافق ذاك من تظلمات حول انتهاكات حقوق الإنسان، بات يطرح بإلحاح مسألة التفكير في مراجعة القانون المتعلق بالتجمعات العمومية في المغرب والذي يميز بين ثلاثة أنواع من التجمعات العامة، وخصص لكل منها كتابا وهي الاجتماعات العمومية، والمظاهرات بالطرق العمومية، والتجمهر؛ وذلك من أجل تأطير قانوني واضح المعالم يضمن ممارسة التجمعات السلمية دون اعتداء على باقي الحريات المضمونة في الدستور، وخاصة حرية التنقل والتجول، ودون إخلال بالأمن العام الذي يشكل قيدا عاما على ممارسة الحريات العامة، بل وإيجاد مجال واضح للتجمعات المباحة للتعبير عن موقف ومطلب في فضاء عمومي، خاصة وأن الممارسة الاحتجاجية في المغرب خلال العقدين الأخيرين يسمها طابع الانتقال الذي يمكن أن تحدث فيه بعض الانفلاتات أو الانزلاقات سواء على مستوى الأمن أو على مستوى أفراد من بين المحتجين، والتي تبقى غير محسوبة التوقعات، تشير وثيقة المجلس.