أجمع عدد من الباحثين أمس السبت خلال ندوة نظمت في الدارالبيضاء على أصالة وتفرد المنجز الإبداعي للفنان الراحل أحمد الطيب العلج، الذي شمل كل فنون القول وساهم بشكل رائد في تأصيل الثقافة الشعبية، خصوصا القصيدة الزجلية، وإعادة الاعتبار إلى الدارجة المغربية كأحد مكونات الهوية المغربية. واعتبر الباحث والزجال مراد القادري في هذا اللقاء، المنظم في إطار البرنامج الثقافي العام للمعرض الدولي للنشر والكتاب (من 29 مارس إلى 7 ابريل)، أن الراحل يعد أيقونة إبداعية مرموقة بالنظر إلى ما راكمه في المجال الفني، سواء في الكتابة الزجلية أو التاليف الغنائي أو في المجال المسرحي، مشيرا إلى أن الطيب العلج كان رائدا في تأصيل الشعر العامي وجعله أحد مكونات التحديث الشعري، القادر على إبداع شعريته الخاصة وتقديم رؤية للعالم والذات والوجود. وأبرز أن هذا المنجز الإبداعي استمد مقوماته المضمونية والفنية من الواقع المغربي من خلال الاطلاع والتفاعل مع التراث الشعبي المغربي وثقافته الشعبية، مضيفا أن أعماله الفنية شكلت إحدى المساهمات النوعية في إرساء المشروع الثقافي الوطني إبان السنوات الأولى للاستقلال، بهدف التحرر من هيمنة الأغنية المشرقية والخروج من نموذج القصيدة الشعرية التقليدية الملحونية. وأوضح القادري أن جهود الراحل في هذا المجال كانت تلتقي مع جهود جيل الحداثة الذين أصلوا للقصيدة المغربية الحديثة من خلال التأكيد على الهوية المغربية والمقومات الفنية والجمالية الخاصة بها، مشيرا إلى تفاعل الراحل مع مختلف الأجيال الشعرية اللاحقة وإنصاته لتجاربهم المختلفة. وبدوره أوضح المخرج المسرحي الدكتور مسعود بوحسين أن مشروع الراحل يشكل امتدادا للفكر الإصلاحي على المستوى الإبداعي والثقافي، حيث أن جل مسرحياته تنطلق من فكرة الإصلاح الذي آمن أنه يبدأ من ضرورة إصلاح الفكر، مضيفا أنه من أجل ذلك لم يكن العلج ينطلق من تصور إديولوجي أو مداهنا لأية فئة اجتماعية معينة بما فيها الطبقات الشعبية، من منطلق مسؤولية الجميع في الخروج من التخلف. وتوقف مسعود بوحسين، الذي أخرج مسرحيتين للطيب العلج هما «النشبة» و»الهواوي قايد النسا»، عند خصوصيات مساهماته الإبداعية معتبرا أن كتاباته كانت محكومة بوعي متقدم بالبعد الموضوعي للكتابة الدرامية من خلال النأي عن تمرير الموقف الجاهز والمبتذل، منفتحا ومقدما واقعا يحبل بمختلف المتناقضات، تتباين فيه المواقف وتتصارع الشخصيات. وأعلن محمد حسن العلج، نجل الراحل عن قرب إصدار كتاب يسعى إلى توثيق الإبداعات الزجلية المغناة للمرحوم، تحت عنوان «أحمد الطيب العلج في موسوعة نغم للطرب المغربي» الذي أعدته جمعية «نغم». وأضاف أن عدد القصائد المدرجة في هذا الكتاب يبلغ 180 قصيدة ملحنة غطت ستة عقود من الإبداع. أما القصائد الغنائية غير الملحنة فإن عددها يفوق ذلك بكثير، منها ما هو في طور التلحين ومنها ما هو جاهز للتسجيل. وقد تم تصنيف مكونات عمل آخر سيشكل مرجعية أساسية لكل الباحثين والدارسين في 148 مسرحية بالدارجة، و33 مسرحية بالفصحي، و14 مسرحية زجلية، و64 سلسلة جحا والناس بالعربية الفصحي، و27 اوبريت ومسلسلات وأعمال مشتركة و35 اقتباسات لكبار المسرحيين، والباقي مقتبس من بريشت، وتشيكوف وجول رومان، وصمويل بيكيت وسيرفنطيس أي بما مجموعه 321 نصا مسرحيا.