الركاكنة: أسعى لتصالح الجمهور المغربي مع مسرحه على هامش العرض ما قبل الأول لمسرحية «الجدبة» الذي قدم الأسبوع الماضي بالمسرح الوطني محمد الخامس (الجمعة 22 فبراير 2013)، نظم أعضاء فرقة مسرح الحال، أول أمس الخميس، بالمقهى الأدبي لمسرح محمد الخامس، لقاء تواصليا مع الجمهور والصحافة والنقاد، للتفاعل مع المهتمين من نقاد وإعلاميين حول هذه التجربة الجديدة التي خاضت غمارها فرقة مسرح الحال بقيادة المخرج عبد الكبير الركاكنة مخرج هذه المسرحية التي ألفها الكاتب المغربي عبد الإله بنهدار، عن فكرة للمخرج نفسه. خلال هذا اللقاء الذي أطره الصحفي والناقد الفني حسن مكيات، كان هناك شبه إجماع على أن تجربة فرقة مسرح الحال من خلال مسرحية «الجدبة» هي تجربة جديرة بالمشاهدة، وجديرة بالتتبع والاهتمام النقدي، ليس لأن المخرج عبد الكبير الركاكنة فضل ركوب مغامرة محسوبة الخواتم ومحددة في الأهداف ضمن قالب فني جديد، لكن لكون هذه التجربة/ المغامرة، تفتح أفقا إبداعيا جديدا يراهن على الجمهور الواسع، وعلى الوفاء لجوهر الفكرة الإبداعية بما أنها ترجمة لأفق انتظار هذا الجمهور المستهدف. ذلك ما أكد عليه عبد الكبير الركاكنة عندما صرح خلال هذا اللقاء التواصلي على أنه يبدع من أجل الجمهور، وأنه يسعى من أجل تصالح الجمهور المغربي مع مسرحه، وهذا التصالح يعني، بالنسبة للفنان، إقبال المواطنين على شبابيك التذاكر لاقتناء بطائقهم طلبا للمتعة الفنية والاستمتاع بفرجة مسرحية. هذا الرهان الكبير على الجمهور الواسع، يتطلب، حسب الركاكنة، احترام هذا الجمهور من خلال الاشتغال بجد ونكران الذات على النص المسرحي قبل عرضه على الخشبة، لإخراجه في حلة فنية وإبداعية وجمالية تجعل المتفرج يعيش لحظة إمتاع حقيقية. من جانبه، قال عبد الإله بنهدار مؤلف مسرحية «الجدبة» إنه «من غير الممكن لأي مشروع مسرحي أن ينجح دون مراهنته على الجمهور» مشيرا إلى أن الفرجة التي قدمتها فرقة «مسرح الحال» لقيت تجاوبا كبيرا من طرف الجمهور الذي حضر بكثافة عرض 22 فبراير المنصرم بالمسرح الوطني محمد الخامس، وبالتالي فإن المسرح، حسب بنهدار، قادر على إرجاع الناس إلى الفرجة المسرحية. وأقر عبد الإله بنهدار بوجود خلل ما، وفي مكان ما، في العلاقة بين المسرح والجمهور، وهو ما يفرض بحسبه فتح نقاش هادئ بين جميع الفاعلين من مبدعين ونقاد وإعلاميين، لمعرفة سبب هذا التراجع. هذا الخلل، على الأقل بالنسبة لعبد الإله هدار، ليس في الجمهور، لكن في كيفية التعامل معه، بدليل أن عبد الكبير الركاكنة نجح في فك شفرات هذه المعادلة. نجاح فرقة مسرح الحال في عرضها ما قبل الأول لمسرحية «الجدبة» لم يكن ليتحقق لو لا تضافر مجموعة عوامل أساسية هي من محددات الرؤية الإخراجية لعبد الكبير الركاكنة في إطار تواطؤ جميل مع الكاتب عبد الإله بنهدار ضمن علاقة إبداعية يحكمها العشق المشترك للمسرح وللإبداع. هذا التواطؤ بين الرجلين مكن من ولادة هذه التجربة في قالب كوميدي متميز، جعلها تتوفر على كل مقومات العرض المسرحي المبني على التكامل بين شخوص المسرحية، بالإضافة إلى مستوى تقنيات اللعب ودينامية الممثل التي ظهرت على الخشبة، وكذا على مستوى المعمار السينوغرافي وتصميم الملابس. كما أن اختيار عنوان «الجدبة» لهذه المسرحية هو في حد ذاته دعوة صادمة للجمهور ليعيش لحظة سمو فكري وإبداعي، لأن مفهوم «الجدبة» انطلاقا من حقلها الدلالي والمعرفي، هي «حالة إنسانية» بمفهومها الصوفي، ومسرحية «الجدبة» هي «حالة إبداعية» تتطلب على غرار المفهوم الأول طهارة ونقاوة الروح، والتعامل مع المسرح كمحراب لا يدخله إلا الراغب في تحقيق لحظة سمو فكري وإبداعي، كما أكدت على ذلك الممثلة كنزة فريدو. يشار إلى أن مسرحية «الجدبة» هي من تأليف عبد الإله بنهدار، فكرة وإخراج عبد الكبير الركاكنة، سينوغرافيا محمد شريفي، وتشخيص كل من أحمد بورقاب ، كنزة فريدو، عزيز الخلوفي، هند ضافر، وعبد الكبير الركاكنة. إدارة الإنتاج لعزيزة الركاكنة، الإدارة التقنية لحسن المختاري، إدارة الخشبة لخالد الركاكنة، المحافظة العامة لخالد المغاري، الملابس لمريم الزايدي. وتدور أحداث المسرحية حول شخصية «زهيرو» الملقبة بزوزو الفخراني، وهي إنسانة وصولية تريد المحافظة على موقعها الاجتماعي بشتى الطرق، ولم لا وهي التي صنعت من زوجها الطاهر – الذي لا يفقه في السياسة إلا نعم ولا – شخصية سياسية لامعة. ولأنها جشعة وطماعة، ترى بأن زواج ابنتها نوال يجب ربطه بالمصالح لا بالعواطف. لكن بقدوم الأستاذ ميمون ضيفا ومدرسا وخطيبا لابنتهما نوال ستنقلب حياة الأسرة رأسا على عقب.