الفلسطينيون يواصلون إحياء ذكرى رحيل أحمد الشقيري أول رئيس لمنظمة التحرير استذكر الفلسطينيون، الثلاثاء الماضي، أحمد الشقيري أول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية في الذكرى ال 33 لرحيله. وأحمد الشقيري فلسطيني ولد في قلعة تبنين جنوب لبنان حيث كان والده الشيخ أسعد الشقيري، منفياً بسبب معارضته لسياسات السلطان عبد الحميد، وكان عضواً في البرلمان العثماني ومن الأعضاء البارزين في جمعية الاتحاد والترقي، وكان من أنصار الوحدة الإسلامية ومن المعارضين للتعامل مع الحلفاء. وتعلم الشقيري من أمه اللغة التركية.. توفيت أمه بعد أن مرضت وبشكل سريع حيث كان يومها الطفل أحمد الشقيري يبلغ سن السابعة من عمره. بعد ذلك، وفي صيف 1916، انتقل إلى عكا حيث أتم دراسته الابتدائية والإعدادية. وفي سنة 1926 أنهى دراسته الثانوية في القدس. ثم التحق بالجامعة الأمريكية في مدينة بيروت التي لم تطل إقامته ودراسته بجامعتها طويلا، حيث طرد منها بعد عام من وصوله بقرار من سلطات الانتداب الفرنسي بسبب مشاركته في قيادة تظاهرة كبيرة قام بها الطلبة العرب في الجامعة الأمريكية بمناسبة ذكرى السادس من أيار. بعد تلك التظاهرة وقرار طرده، عاد إلى القدس وانتسب هناك إلى معهد الحقوق حيث درس ليلا وعمل في النهار في صحيفة مرآة الشرق، وواصل في تلك الفترة ممارسة واجبه الوطني اتجاه وطنه وأمته. بعد أن نال الشهادة من معهد الحقوق عمل في مكتب المحامي الفلسطيني عوني عبد الهادي، أحد مؤسسي حزب الاستقلال الفلسطيني. وهناك استطاع التعرف على مجموعة من قادة ورجالات الثورة السورية الكبرى، خاصة الذين لاذوا إلى فلسطين. ومن هؤلاء القادة تعرف على شكري القوتلي، ورياض الصلح، ونبيه وعادل العظمة، وعادل أرسلان. في تلك الفترة من سنوات العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي عاشت فلسطين ثورات متتالية، كان أهمها الثورة الفلسطينية الكبرى (1936 – 1939)، حيث لم يجلس الشقيري في مكتبه أو منزله بدون عمل، بل ساهم وشارك في الثورة الكبرى كاتبا، مناضلا بلسانه وبقلمه ضد الانتداب البريطاني والحركة الصهيونية الاستعمارية. ودافع عن المعتقلين والثوار العرب في المحاكم البريطانية الانتدابية. مما جعل الانتداب البريطاني يلاحقه فاضطر إلى مغادرة فلسطين حيث وصل مصر وأمضى فيها بعض الوقت ليعود فيما بعد إلى فلسطين بداية الحرب العالمية الثانية. هناك افتتح مكتبا للمحاماة واختص بالدفاع عن المناضلين المطاردين والملاحقين بقضايا الأراضي. وعمل مخلصا وجاهدا على إنقاذ قسم من الأراضي العربية ومنع تسربها إلى الحركة الصهيونية. وعندما تقرر تأسيس المكاتب العربية في عدد من العواصم الأجنبية برئاسة موسى العلمي، كان الشقيري أول مدير لمكتب الإعلام العربي في واشنطن. بعد ذلك تم نقله بصفة مدير أيضا لمكتب الإعلام العربي المركزي في القدس. وقد ظل على رأس عمله هذا، إضافة إلى المحاماة، إلى أن وقعت نكبة 1948 فاضطر إلى الهجرة إلى لبنان واستقر مع أسرته في بيروت. وبعد النكبة والانتقال للعيش في لبنان، رأت الحكومة السورية أنه يجب الاستفادة من خبراته في مجال السياسة الخارجية فعينته عضوا في بعثتها إلى الأممالمتحدة (1949 – 1950). وبعد ذلك تم تعيينه أمينا عاما مساعدا للجامعة العربية بوصفه يحمل الجنسية السورية. وقد بقي في منصبه هذا حتى عام 1957، حيث عيّن وزير دولة لشؤون الأممالمتحدة في الحكومة السعودية، وسفيرا دائما لها لدى هيئة الأممالمتحدة. وكان الشقيري خلال وجوده في الأممالمتحدة خير محام عن القضية الفلسطينية، وعن قضايا العرب الأخرى، ولاسيما قضايا المغرب والجزائر وتونس. وفي عام 1963 تم إنهاء مهامه في الأممالمتحدة. وبعد عودته من تلك الأعمال والمهام التي أكسبته قدرات وخبرات عملية وحنكة سياسية ودبلوماسية جديدة ومفيدة، لم يفارق الشقيري الحياة العامة بل ظل قريبا منها، رافضا أن يغادرها. لذا وقع اختياره من قبل ملوك ورؤساء العرب ليكون ممثلا لفلسطين في جامعة الدول العربية. وقد حل الشقيري مكان أحمد حلمي عبد الباقي الذي توفي تاركا المنصب شاغرا. وعند بدء عمله ونشاطه في الجامعة العربية كلفه مؤتمر القمة العربية الأول المنعقد في يناير 1964 في القاهرة، بصفته ممثلا لفلسطين في الجامعة، بالقيام بإجراء اتصالات مع أبناء الشعب الفلسطيني بغية إنشاء كيان فلسطيني على قواعد وأسس سليمة. فعاد إلى الجامعة ومعه نتائج اتصالاته ودراسته ومساعيه التي شملت الدول العربية التي يعيش فيها الفلسطينيون، حيث نتج عنها تجميع وأخذ موافقة شخصيات فلسطينية تمثل شرائح المجتمع الفلسطيني المنكوب على وضع مشروع الميثاق القومي والنظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتم اختيار اللجان التحضيرية التي وضعت بدورها قوائم بأسماء المرشحين لعضوية المؤتمر الفلسطيني الأول (28 ماي – 2 يونيو 1964) الذي أطلق عليه اسم المجلس الوطني الفلسطيني الأول لمنظمة التحرير الفلسطينية. وقد انتخب المؤتمر المناضل أحمد الشقيري رئيسا له، وأعلن قيام منظمة التحرير الفلسطينية، وصادق على الميثاق القومي والنظام الأساسي للمنظمة. ثم انتخب المؤتمر الشقيري رئيسا للجنة التنفيذية للمنظمة، وكلفه اختيار أعضاء هذه اللجنة وعددهم خمسة عشر. كما قرر إعداد الشعب الفلسطيني عسكريا و إنشاء الصندوق القومي الفلسطيني. تفرغ الشقيري للجنة التنفيذية للمنظمة في القدس، ووضع أسس العمل والأنظمة في المنظمة وأشرف على إنشاء الدوائر الخاصة بها وتأسيس مكاتب لها في الدول العربية والأجنبية، وأشرف على بناء الجهاز العسكري تحت اسم جيش التحرير الفلسطيني. وفي دورة المجلس الوطني الفلسطيني الثانية التي عقدت بالقاهرة في 31 ماي إلى 4 يونيو 1965، قدم الشقيري تقريراً حول إنجازات اللجنة التنفيذية ثم قدم استقالته من رئاسة المجلس فقبلها المجلس، وجدد رئاسته للجنة التنفيذية ومنحته حق اختيار أعضائها. تركت هزيمة العرب في حرب 1967 آثاراً سلبية على منظمة التحرير الفلسطينية. وأدى ذلك إلى خلافات ظهرت بين أعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة، فقدم الشقيري استقالته في دجنبر 1967، وقبلت اللجنة التنفيذية الاستقالة، وتم انتخاب يحيى حمودة رئيسا للجنة التنفيذية بالوكالة. لم يقبل الشقيري بعد استقالته أي عمل أو منصب رسمي، فكان يقيم في منزله بالقاهرة معظم أيام السنة، وكان متفرغا للكتابة، وكان يعقد في منزله ندوات فكرية، وعندما وقع الرئيس المصري السابق محمد أنور السادات معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية غادر القاهرة إلى تونس محتجا. وبعد عدة أشهر في تونس أصيب بالمرض، ونقل على إثر ذلك إلى مدينة الحسين الطبية في عمان، ولكنه توفي في 25 فبراير 1980 عن عمر يناهز ال 72 عاما، وبناء على وصيته، دفن في مقبرة الصحابي أبي عبيدة عامر بن الجراح في غور الأردن على بعد ثلاثة كيلومترات من الحدود الأردنية مع التي احتلتها إسرائيل في الضفة الغربية. من المؤلفات التي تركها أحمد الشقيري التي تدور حول القضايا العربية والقضية الفلسطينية، نذكر «قضايا عربية»، و»دفاعاً عن فلسطين»، و»فلسطين على منبر الأممالمتحدة»، و»أربعون عاماً في الحياة السياسية»، و»مشروع الدولة العربية المتحدة»، و»من القمة إلى الهزيمة مع الملوك والرؤساء العرب»، و»إلى أين؟» و»حوار وأسرار مع الملوك والرؤساء العرب».