اقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مذكرة أصدرها بشأن التنزيل الدستوري في الباب الخاص بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية منح هذا المجلس خمس وظائف أساسية كبرى، تتمثل في تدبير المسار المهني للقضاة، والاضطلاع بالوظيفة الاستشارية بحيث يصدر المجلس بطلب من الملك أو الحكومة أو البرلمان، آراء مفصلة حول كل مسألة تتعلق بالعدالة مع مراعاة مبدأ فصل السلط، هذا فضلا عن الاضطلاع بوظيفة المراقبة والافتحاص والتفتيش، ووضع تقارير حول وضعية القضاء ومنظومة العدالة، وإصدار التوصيات الملائمة بشأنها. واقترح المجلس الوطني في هذا الصدد، وضع توزيع جديد لبعض الاختصاصات التي تمارسها حاليا وزارة العدل، كأن تنقل إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية الصلاحيات المخولة حاليا إلى وزارة العدل والحريات في مجال تنظيم العمليات الانتخابية الخاصة بممثلي القضاة، بحيث يتم تحديد إجراء انتخاب ممثلي القضاة بقرار صادر عن الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية شهرا على الأقل قبل انتهاء مدة انتداب القضاة المنتخبين، وكذا جميع العمليات المتعلقة بهذا الشأن. كما تقترح المذكرة التي أشارت إلى الفصل 115 من الدستور الذي يخص تركيبة المجلس الأعلى للسلطة القضائية، على أن يكرس القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية مجموعة من القواعد الضامنة للاستقلالية المالية والإدارية للمجلس، على أن تستجيب طريقة انتخاب ممثلي القضاة لمتطلبات الشفافية والبساطة مع تأمين تمثيلية منصفة للنساء القاضيات. كما دعا المجلس باعتباره مؤسسة وطنية ممثلة في الهيئة الوطنية لإصلاح منظومة العدالة، وتساهم في النقاش العمومي الدائر حول إصلاح القطاع الاستراتيجي، (دعا) في مذكرته إلى جعل مقتضيات القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية تكرس عددا من حقوق وواجبات الأعضاء، والتنصيص على أن يمارس أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية مهامهم باستقلال وتجرد ونزاهة، على أن يمتد هذا التجرد والنزاهة إلى مسألة دراسة اقتراحات الترقي التي تعتبر لحظة مفتاحا في تطور المسار المهني للقضاة بحيث يتم إرساء آلية تجعل القضاة الأعضاء في المجلس الأعلى للسلطة القضائية خارج التنافس مع نظرائهم. هذا مع إمكانية أن يفرض أحد مقتضيات هذا القانون التنظيمي على أعضاء وموظفي المجلس الالتزام بالسر المهني. كما يقترح أن يلزم هذا القانون التنظيمي الأعضاء بالتصريح بكل تنازع للمصالح من شأنه أن يؤثر على قرارات المجلس الأعلى للسلطة القضائية، مشيرا على أنه في حالة تكريس هذا المبدأ، يمكن تحديد كيفيات التصريح بتنازع المصالح في النظام الداخلي للمجلس، كما يمكن أن يمنع على الأعضاء استعمال صفاتهم كأعضاء بهذا المجلس لأغراض ذات طابع شخصي، كيفما كانت. ومن بين الاختصاصات التي طالب المجلس الوطني لحقوق الإنسان بتخويلها للمجلس الأعلى للسلطة القضائية تتحدد أساس في تعيين القضاة وتدبير مسارهم المهني بمختلف أوجهه (التعيين، الترقية، الوضعيات النظامية، النقل، الانتداب، الانقطاع عن العمل)، والمساهمة إلى جانب وزارة العدل في تدبير تعيين وتدريب الملحقين القضائيين، فضلا عن السهر على تطبيق المقتضيات المتعلقة بحقوق وواجبات القضاة، والبت في المجال التأديبي الخاص بالقضاة، علما تشير المذكرة إلى أن القرارات التأديبية يمكن أن تكون موضوع طعن بالشطط في استعمال السلطة أمام أعلى هيأة قضائية إدارية بالمملكة. وتضيف المذكرة على أنه يمكن للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أن يضطلع بوظيفة المراقبة والافتحاص والتفتيش، بحيث يمكنه أن يكلف أحد أعضائه أو أكثر بمهمة استطلاعية لدى محكمة النقض، محاكم الاستئناف، أو لدى محاكم أول درجة وكذا لدى المعهد العالي للقضاء. وتخول المذكرة للرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية اختصاص تعيين القضاة كمفتشين بناء على اقتراح لجنة خاصة داخل المجلس نفسه، تنشأ لهذا الغرض، على أن يتوفر القضاة المعينون كمفتشين على سلطة عامة للتحري والتحقق والمراقبة ويمكنهم على الخصوص استدعاء القضاة المعنيين بالأمر والاستماع إليهم والاطلاع على جميع الوثائق المفيدة. ويقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان في ذات السياق توزيعا جديدا لمهمة التفتيش، حيث يقوم بتخويل اختصاص تفتيش المحاكم إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية، حيث تقوم المفتشية العامة، تحت السلطة المباشرة للرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بالتفتيش المستمر للمحاكم، في حين تفتيش المصالح التابعة لوزارة العدل يبقى من اختصاص وزارة العدل. ودعت المذكرة في هذا الصدد والتي تضم مقترحات تهم مختلف الجوانب المتعلقة بإرساء المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والتي تم استلهام أسسها وصياغتها بالاعتماد على ما تضمنته مقتضيات الدستور الجديد، والمبادئ الأساسية لما تنص عليه بعض المواثيق والتوصيات الأممية بشأن استقلال السلطة القضائية فضلا عن تجارب مقارنة لكل من فرنسا، إسبانيا، بلجيكا، رومانيا...، (دعت) أن يكرس في القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، الضمانة الجديدة الواردة في الفصل 109 من الدستور، من أجل تمكين القاضي، كلما اعتبر أن استقلاله مهدد أن يحيل الأمر على المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بحيث ينص القانون التنظيمي على مقتضى يمنح للرئيس المنتدب إمكانية أن يأمر المفتشية العامة بمباشرة التحريات اللازمة، على أن يتضمن النظام الداخلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية كيفيات هذه الإحالة.