أغتيل صباح أمس الأربعاء، بتونس العاصمة، السياسي التونسي المعارض، شكري بلعيد، المنسق العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين (يسار) على يد مسلحين مجهولين أمام منزله بالعاصمة، حسبما أكدته مصادر أمنية تونسية. وصرحت أرملة الراحل أن شكري بلعيد وهو أيضا عضو بارز في الجبهة الشعبية التي تضم مجموعة من الأحزاب اليسارية والقومية، اعترضه مسلحون عندما كان يغادر منزله، فأطلقوا عليه وابلا من الرصاص ليلقي حتفه في الحال. وقال محمد جمور، عضو المكتب السياسي لحزب الوطنيين الديمقراطيين في تصريح للصحفيين أن الراحل «أصيب بأربع طلقات نارية أصابته في الرأس والرقبة والكتف والقلب على أيدي من وصفهم ب»محترفين في القنص والقتل». يذكر أن شكري بلعيد (49 سنة)، الذي يعد أحد أبرز السياسيين المعارضين للائتلاف الحاكم حاليا في تونس وخاصة لحركة النهضة ذات التوجه الإسلامي، يشتغل في سلك المحاماة، وكان عضوا في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، وهي هيئة سياسية نصبت غداة الإطاحة بالنظام السابق لوضع تصور للنظام السياسي الجديد في البلاد ورسم خارطة طريق للمرحلة الانتقالية. وقد دخل حزب بلعيد مؤخرا في تحالف سياسي استعدادا للانتخابات القادمة مع مجموعة من القوى اليسارية والقومية وبعض المستقلين في جبهة سياسية موحدة.وقد أجمعت الطبقة السياسية التونسية، أغلبية ومعارضة على استنكارها لما اعتبرته أول اغتيال سياسي في البلاد بعد الثورة. وفي هذا السياق، ندد رئيس الحكومة، حمادي الجبالي في تصريح للإذاعة التونسية، باغتيال السياسي التونسي، معتبرا أن اغتياله هو «اغتيال للمبادئ والقيم التي قامت من أجلها الثورة التونسية»، مشيرا إلى أن عملية الاغتيال تمثل «فخا» أراد من ورائه مرتكبو هذه الجريمة ومن يقف وراءهم إفشال الانتقال الديمقراطي الحالي في تونس. وردا على بعض أطراف المعارضة التي تتهم وزارة الداخلية ب «التقصير والتساهل» مع الجهات التي تشجع على العنف في البلاد، في إشارة إلى التيار السلفي المتشدد، حذر الجبالي من «الحسابات السياسية والاستنتاجات المستعجلة وصب الزيت على النار»، داعيا الجميع إلى «عدم ربط الأحداث بالأهداف والحسابات السياسية»، كما شدد على ضرورة ترك القضاء يقوم بدوره في الكشف عن الحقيقة في هذا الخطر الذي قال إنه «يهدد السياسيين جميعا». من جهته، عبر وزير الداخلية التونسي والقيادي في حركة النهضة، التي تقود الائتلاف الحاكم عن تنديه القوي بعملية اغتيال شكري بلعيد، والتي وصفها ب»الجريمة النكراء والعمل الإرهابي». واعتبر في تصريحات لإحدى الإذاعات المحلية أنه وإن كان من السابق لأوانه معرفة من يقف وراء هذه الجريمة، فأنها «موجهة ليس فقط ضد الراحل كمناضل سياسي وضد أسرته، وإنما موجهة أيضا إلى الطبقة السياسية التونسية ككل وإلى التجربة الديمقراطية التونسية».وأكد أن وزارته مصممة العزم على «ملاحقة الذين نفذوا هذه العملية النكراء ومن يقف وراءهم»، داعيا التونسيين إلى «الوقوف صفا واحد من أجل التصدي إلى هذه الأعمال الإرهابية ولهؤلاء الإرهابيين». ويأتي اغتيال المعارض التونسي في وقت تعيش فيه البلاد أزمة سياسية حادة على خلفية المأزق الذي تواجهه المفاوضات بين أطراف الائتلاف الثلاثي الحاكم، بشأن التعديل الوزاري المنتظر منذ عدة شهور. كما تأتي هذه العملية في ظل حالة من التوتر وأجواء من الاحتقان الاجتماعي العام تشهدها مختلف مناطق البلاد على خلفية مطالب اجتماعية واقتصادية وهي حالة تغذيها الصراعات السياسية وتبادل الاتهامات بين أحزاب المعارضة و»الترويكا» الحاكمة التي تتهمها الأولى بالفشل في تدبير المرحلة الانتقالية وعدم الوفاء بتعهداتها في مجالات التنمية والحد من البطالة ووقف ارتفاع الأسعار.وتتهم بعض أحزاب المعارضة اليسارية الحكومة الحالية ب»التساهل» مع العناصر الدينية المتشددة أو ما يعرف بالسلفية الجهادية التي تقف وراء أعمال العنف المتكررة التي تشهدها البلاد وتهدد الأمن والاستقرار فيها.