أدان المغرب مساء الاربعاء "بشدة" اغتيال المنسق العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد التونسي شكري بلعيد٬ واصفا هذا العمل ب"الإرهابي والخطير وغير المسبوق في تونس الثورة". وأفاد بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون أن "الجمهورية التونسية الشقيقة عرفت هذا الصباح جريمة اغتيال الفاعل السياسي الأستاذ شكري بلعيد المنسق العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد"٬ مؤكدا أن "المملكة المغربية تدين بشدة هذا العمل الإرهابي الخطير وغير المسبوق في تونس الثورة٬ وتجدد رفضها للعنف والاغتيال السياسي أيا كان مصدره". وأضاف المصدر ذاته أن المملكة "إذ تتضامن مع أسرة الفقيد ومع الشعب التونسي الشقيق٬ فإنها تتمنى لتونس الاستقرار وتكاتف جهود كل بناته وأبنائه لبناء دولته الديمقراطية ومستقبله الزاهر". وفي عضون ذلك أعلن رئيس الحكومة التونسية ٬ حمادي الجبالي مساء الأربعاء٬ أنه قرر تشكيل حكومة جديدة مصغرة تضم مجموعة من "الكفاءات الوطنية" بعيدا عن الأحزاب السياسية. وقال الجبالي٬ في كلمة إلى الشعب التونسي بثها التلفزيون الرسمي مباشرة ٬ أن هذه الحكومة التي قرر تشكيها بعد أن فشلت المفاوضات بين أطراف الائتلاف الحاكم في الاتفاق على تعديل وزاري طال انتظاره٬ سيكون من بين أولويتها تنظيم انتخابات عامة في البلاد (تشريعية ورئاسية) في أقرب الآجال . من جهة أخرى ٬ جدد رئيس الحكومة "تنديده واستنكاره" لعملية الاغتيال التي راح ضحيتها اليوم المعارض السياسي التونسي ٬ شكري بلعيد على يد مسلحين مجهولين٬ وقال إن هذه "الجريمة البشعة" عجلت بقراره القاضي الإعلان عن "حكومة كفاءات وطنية" ٬سبق أن اتخذه من قبل ٬ بعد فشل مفاوضات التعديل الوزاري ٬ مشيرا إلى أن تشكيله للحكومة الجديدة "لم يستشر فيه أية جهة ٬ سواء داخل المعارضة او الأغلبية الحاكمة". وأضاف الجبالي ٬ الذي يتولى منصب أمين عام حركة النهضة ٬ أن الحكومة الجديدة التي ستضم مجموعة من الكفاءات الوطنية لا ينتمي أعضاؤها إلى الأحزاب السياسية٬ وستكون مهمتها محددة تتمثل في "تسيير شؤون الدولة إلى حين إجراء انتخابات في أسرع وقت ممكن" . وقال إن هذه الحكومة ٬ التي لم يكشف عن تشكيلتها ولا تاريخ تنصيبها٬ ستعمل على الخروج بالبلاد من هذه "الوضعية الاستثنائية" وفي مقدمة ذلك تنظيم انتخابات "نزيهة وشفافة تكون تحت مراقبة دولية"٬ بالاضافة إلى تحقيق "أكبر قدر من البرامج التنموية والحد من غلاء الأسعار وتوفير التشغيل وتحقيق الأمن في البلاد" . وأوضح أن أعضاء الحكومة الجديدة وفي مقدمتهم رئيسها سيلتزمون بعدم التقدم للانتخابات القادمة٬ وأنها ستعمل على ضمان حياد الادارة٬ مشيرا إلى أنها ستكون حكومة "مسؤولة أمام الشعب"٬ وشدد على أن نجاحها سيكون مشروطا بما ستناله من دعم سواء من الشعب التونسي أو من نخبه السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات النقابية وأرباب العمل . ودعا في هذا السياق إلى "سلم اجتماعي" لأشهر قليلة ٬ بعيدا عن الإضرابات والاعتصامات والمطالب الاجتماعية٬ طالبا بإلحاح من المجلس الوطني التأسيسي ٬ الذي يتولى مناقشة فصول الدستور الجديد٬ أن يحدد "بكل وضوح" تاريخ الانتهاء من الوثيقة الدستورية وتاريخ الانتخابات القادمة حتى تخرج البلاد من "الوضعية الصعبة التي تجتازها اقتصاديا واجتماعيا". ودعا في الأخير كافة مكونات الشعب التونسي إلى "الوقوف ضد كل من يمارس العنف ويخرج عن القانون ويعطل المسار الانتقالي". يذكر أن خلافات مستحكمة بين أطراف الائتلاف الحاكم حالت دون الاتفاق على صيغة للتعديل الوزاري على الرغم من استمرار المفاوضات عدة أشهر٬ بسبب تشبث النهضة بالاحتفاظ بوزارات السياسية ٬ مما أدى إلى توتر سياسي واحتقان اجتماعي في البلاد٬ وجاءت عملية اغتيال السياسي المعارض ٬ شكري بلعيد٬ اليوم لتزيد الوضع توترا ترجمته عشرات المسيرات والاحتجاجات الشعبية وما تخللها من أعمال عنف ومواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين في العاصمة والعديد من المدن التونسية.