تعد فجيج إحدى المدن العتيقة شبه الصحراوية بالمنطقة الشرقية للمملكة، وهي عبارة عن واحة كبيرة من النخيل تتوسطها مجموعة من القصور التي تعتبر بمثابة وحدة عمرانية تضم عدة منازل متلاصقة شيدت وفق تصاميم معمارية محكمة. للقصر أبواب كبيرة الحجم تصل القصر بالمحيط الخارجي أو بالواحة، وهي أبواب مصنوعة من خشب النخيل، أما الأسوار فهي عبارة عن سلسلة متصلة من الجدران العالية ذات الارتفاعات المختلفة، يتراوح طولها بين 5 و7 أمتار وسمكها بين 40 و60 سنتميتر، وتتخللها أبراج دائرية. ولا يمكن إغفال عنصر وسائل البناء المحدودة في هذه البيئة الصحراوية التي يشكل فيها خشب النخيل والطين المادتين الأساسيتين في البناء، عدا الأساس الذي يبنى بالحجارة والجير، أما الطرق والأزقة داخل القصر فقد تتسع أو تضيق حسب الوظيفة التي تؤديها. ويضم القصر مختلف المرافق الاجتماعية التي يحتاجها السكان في حياتهم اليومية كالمساجد والكتاتيب القرآنية والدكاكين والساحات العمومية ومبنى «الهيئة السياسية» (الجماعة). والمنازل متشابهة وكل منزل غالبا ما يتكون من طابق أو طابقين إلى ثلاثة، وهي ذات أروقة تحيط بالساحة المكشوفة وسط الدار (الصحن) مرفوعة على أعمدة من الطابق الأرضي إلى الطابق العلوي. ويتميز الطابق الأرضي بوجود حجرة أكثر اتساعا تخصص لتخزين المؤونة السنوية للأسرة ويطلق عليها (قصر الخزين)، أما حجرات الطابق العلوي فتخصص للنوم ولمجمل أمتعة الأسرة. وتتخذ حجرة الضيوف التي يطلق عليها «المصرية» (تزقا ننوجون) شكلا مستطيلا وهي أوسع من الحجرات الأخرى كما يتميز سقفها بالخشب المشذب من جذوع النخل. في هذا الصدد، يوضح المندوب الإقليمي لوزارة الثقافة عمرو عبو في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن من مميزات كل قصر من القصور السبعة لمدينة فجيج كونه غالبا ما يكون محاطا بسورين داخلي وخارجي، بهما مداخل وأبواب تؤدي إلى القصر وأخرى تؤدي إلى الحقول والبساتين، وتنتصب على مسافات متفاوتة عدة أبراج وحصون وقلاع للمراقبة والحراسة معظمها لم يتبق منها سوى الأطلال فيما تظل أخرى صامدة وشامخة. بالنظر لأهمية التراث المعماري لواحة فجيج الضارب في عمق التاريخ، وذي القيمة الهندسية الفريدة، تم إدراج موقع وقصور الواحة في عداد الآثار، كما تم إدراجها ضمن اللائحة الإشهادية لليونيسكو في ماي 2011. وفي تصريح مماثل، يوضح الأستاذ الباحث مصطفى لالي، أن القصر بواحة فجيج، يعتبر بمثابة وحدة عمرانية تضم عدة منازل متلاصقة بنيت وفق تصميم معماري وهندسي محكم يستجيب لمتطلبات العيش بالمنطقة ومتطلبات المناخ وطبيعة المواد المستعملة في البناء وطرق استغلالها، مما جعل القصر يحتفظ على منازل وقلاع يتراوح تاريخها بين ستة وثمانية قرون.