مدينة زناتة ستمتد على مساحة 1830 هكتار وستساهم في التخفيف من الضغط الذي يعرفه الوعاء العقاري وستستقبل 300 ألف نسمة بحكم التحولات الكبرى التي همت بنية النسيج السوسيو- اقتصادي على مستوى جهة الدارالبيضاء الكبرى، وعلى ضوء التوجهات الوطنية المعتمدة في مجالي التعمير والتنمية المجالية، انخرطت العاصمة الاقتصادية للمملكة والتجمعات الحضرية المحيطة بها، من قبيل المدينةالجديدة «زناتة»، في إنجاز عدد من المشاريع النموذجية المندرجة في إطار برنامجي السكن الاجتماعي و»مدن بدون صفيح»، وذلك بهدف التخفيف من مظاهر التهميش والهشاشة الاجتماعية وتوفير سكن لائق في متناول الفئات المعوزة وذات الدخل المحدود. وتدل المنجزات التي تم تحقيقها على مستوى الجهة في إطار تفعيل هذه ا الرؤية الطموحة التي تجسدت، أول أمس الثلاثاء بالمدينةالجديدة «زناتة» ، في إشراف الملك محمد السادس،على تدشين الشطر الأول من مشروع إعادة إسكان قاطني دور الصفيح بزناتة بالجماعة الحضرية لعين حرودة (عمالة المحمدية)، على الرغبة الأكيدة في تعزيز العرض السكني الموجه للفئات المعوزة وذات الدخل المحدود واجتثاث مظاهر الإقصاء والهشاشة الاجتماعية وجعل الأقطاب الحضرية التابعة لجهة الدارالبيضاء الكبرى مدنا نموذجية توفر السكن الكريم واللائق لمختلف شرائح المجتمع مع المحافظة، في الوقت نفسه، على تناغم وجمالية المشهد العمراني. ويعكس الاهتمام الخاص الذي يوليه جلالة الملك للبرامج الرامية إلى محاربة دور الصفيح وتعزيز العرض السكني الموجه للفئات المعوزة وتتبع جلالته الميداني لتطبيق هذه البرامج الطموحة بمختلف ربوع المملكة، خاصة بجهة الدارالبيضاء الكبرى، العناية الموصولة التي ما فتئ جلالته يحيط بها هذه الفئة من المواطنين وحرص جلالته الراسخ على تجسيد قيم المساواة والعدالة الاجتماعية في مختلف مناحي الحياة، لاسيما من خلال ضمان تكافؤ الفرص في الولوج إلى السكن الكريم وبشروط تفضيلية. وبالنظر إلى موقعها بين مدينتي الدارالبيضاءوالمحمدية، فإن مدينة زناتة، التي ستمتد على مساحة 1830 هكتار، ستساهم في التخفيف من الضغط الذي يعرفه الوعاء العقاري بهاتين المدينتين، كما ستمكن المدينةالجديدة التي تشرف على إنجازها شركة تهيئة زناتة، من استقبال 300 ألف نسمة وإحداث نحو 60 ألف منصب شغل، مع توفير إطار وظروف عيش مستدامة للسكان وتقليص العجز السكني لفائدة الطبقات المتوسطة بالأساس. وتشكل منطقة عين حرودة، التي ستحتضن «زناتة» الجديدة ، احتياطيا عقاريا هاما بإمكانه استيعاب تطور النمو الحضري المندمج لمدينتي الدارالبيضاءوالمحمدية، وذلك انسجاما مع المخطط التوجيهي للتهيئة الحضرية وتصميم التهيئة. وبالنظر إلى أن التوقعات تشير إلى أن تعداد ساكنة جهة الدارالبيضاء الكبرى سيزداد ب5.1 مليون نسمة خلال الفترة 2010 - 2020 ، فقد أضحى من الضروري إنجاز 30 ألف سكن في المتوسط كل سنة، إضافة إلى توفير جميع التجهيزات الأساسية ومرافق القرب الجماعية الضرورية للأسر التي تعيش عادة صعوبات اجتماعية مختلفة، وجعلها بالتالي تستفيد من خدمات ذات جودة في التعليم والصحة والسكن. وللإشارة، فقد حدد البرنامج الحكومي (2012-2016 ) تصورا استراتيجيا يروم ضمان تأهيل قطاع السكن والرفع من قدراته بهدف امتصاص العجز المتراكم. ويرتكز هذا التصور على تنويع وتكثيف العرض السكني عبر رفع وتيرة إنتاج السكن الاجتماعي والسكن الموجه للأسر المعوزة، مع إحداث منتوج سكني جديد ذي قيمة إجمالية لا تتعدى 800 ألف درهم للوحدة موجه للفئات المتوسطة والشباب والأسر حديثة التكوين، مع ما يقتضيه ذلك من توسيع قاعدة التحفيزات وتشجيع التعاونيات السكنية وبلورة مشاريع سكنية مندمجة جديدة على مستوى المراكز القروية باعتبارها فضاءات لاستقطاب الهجرة. وحسب الوزارة الوصية، فإنه يرتقب أن يصل عدد المدن التي سيتم إعلانها بدون صفيح إلى 62 مدينة سنة 2013 ، من بينها 13 مدينة خلال السنة الجارية فقط، وهي مدن طنجة وتطوان وسطات وقلعة السراغنة والقصر الكبير وسيدي قاسم وسيدي سليمان والسمارة والدروة وبن يخلف وسيدي بنور وسوق السبت وتويسيت، وذلك في الوقت الذي تسجل فيه ساكنة المدن ارتفاعا متزايدا، حيث أضحت تشكل 62 بالمائة من مجموع الساكنة خلال السنة الماضية، فيما يتوقع أن تصل نسبتها إلى 75 في المائة بحلول سنة 2030. وتشير الأرقام الرسمية إلى أن تنزيل برنامج «مدن بدون صفيح» مكن، سنة 2012، من إعادة إيواء 28 ألف و870 أسرة كانت تقطن بدور الصفيح ،علما بأن هذا البرنامج الطموح، الذي انطلق تنفيذه سنة 2004، أثمر حتى الآن نتائج جد مشجعة على الرغم من الإكراهات التي تعيق تنفيذ مقتضياته، من قبيل تزايد الأسر القاطنة في الأحياء الصفيحية وصعوبة ترحيل المستفيدين والصعوبات المرتبطة بالأسر المركبة القاطنة في هذه الأحياء ومحدودية دخل الأسر، فضلا عن الإكراهات المرتبطة بتعبئة العقار وندرته وتلك المتعلقة بالتمويل وتدبير الشركاء. ووعيا منها بتنامي هذه الظاهرة، التي تنتقص من جمالية المشهد الحضري، اعتمدت الوزارة الوصية استراتيجية ترتكز على وضع برنامج وطني عملي ،»مدن بدون صفيح» ،يتم إنجازه في إطار تعاقدي يجمع ما بين الدولة والجماعات المحلية المعنية، وذلك من خلال اتخاذ مجموعة من الإجراءات المتمثلة، على الخصوص، في تحسين مساطر وآليات ضبط لوائح المستفيدين والتسويق وجعل هذه العمليات تتم في إطار تشاركي شفاف وواضح وتكثيف العرض السكني الموجه للفئات المعدمة أو محدودة الدخل، وكذا وضع آليات حكامة جديدة لتدبير هذا البرنامج سواء على المستوى المركزي أو المحلي مع تحديد وتوضيح المسؤوليات وإتمام إنجاز الوحدات التي توجد في طور الإنجاز مع تسريع وتيرة ترحيل الأسر المعنية إلى الوحدات الشاغرة. من جهة أخرى، وفي إطار السعي إلى بلوغ أهداف البرنامج الوطني للسكن الاجتماعي، فقد مكنت الإجراءات التحفيزية والتسهيلات الضريبية الجديدة ومختلف الاتفاقيات الموقعة بين المنعشين العقاريين والدولة، من إحداث دينامية قوية في هذا القطاع، حيث أن هذه التدابير المحفزة أضحت تشجع المنعشين العقاريين على مضاعفة استثماراتهم في صنف السكن الاجتماعي وبالتالي المساهمة في امتصاص جزء كبير من العجز الحاصل في هذا المجال الحيوي. وتمنح هذه الترسانة من الإجراءات المحفزة المنعشين العقاريين الكثير من الامتيازات الضريبية، بما في ذلك الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الشركات وخفض واجبات التسجيل والضريبة الخاصة بالإسمنت، فضلاعن إحداث شباك وحيد بالوكالة الحضرية للدار البيضاء، وذلك بهدف تقليص آجال مساطر الحصول على الترخيصات وضمان سرعة أكبر في معالجة الملفات بالمقارنة مع المشاريع العادية. والواقع أن هذه المشاريع الكبرى الخاصة بالسكن الاجتماعي وما يصاحبها من تفعيل لبرنامج «مدن بدون صفيح» وتنزيل سياسة التنمية المجالية، كفيلة بتحسين ظروف عيش الفئات ذات الدخل المحدود وتثمين وتحسين المشهد الحضري وتعزيز الدينامية الاقتصادية التي تعرفها الأقطاب الحضرية للمملكة وعلى رأسها مدينة الدارالبيضاء.