بالرغم من احتدام المعارك في سوريا بين قوى المعارضة وجيش النظام السوري، إلا أنه بدأنا نسمع مؤخرا بعض التصريحات والتسريبات الصحفية حول إمكانية حل الأزمة السورية سياسيا، كل طرف من الأطراف المتصارعة يحاول تحقيق مكاسب على الأرض، في محاولة لحسم الحرب لصالحه، إلا أن هذا الهدف لم يتحقق حتى هذه اللحظة، و أي مكسب على الأرض سيكون بمثابة ورقة ضاغطة وقوية في حال تقرر حل الأزمة السورية سياسيا، بالرغم من استبعاد هذا الحل في المدى القريب، إلا أنه يجب عدم استبعاد حصول بعض المفاجآت، بلا شك إن النظام راهن على الانتصار على المعارضة معتمدا على قوته وتفوقه العسكري في الميدان، ولم يكن يتوقع أن تصل الأمور إلى هذا الحد من تنامي قوة المعارضة وتحقيقها بعض المكاسب على الأرض، ومن جهة أخرى راهنت المعارضة على تفكك النظام السريع معتمدة على الدعم السياسي والعسكري الذي تتلقاه من الدول الإقليمية، ولم تكن تتوقع أن يصمد النظام طوال هذا الوقت، ولذلك تأتي تصريحات نائب الرئيس السوري فاروق الشرع لتؤكد أن أيا من الطرفين لا يقدر على حسم الحرب، مما يعتبر إشارة على إمكانية الحل السياسي للأزمة السورية، وأن تصريحات الشرع أن الأسد يرغب بحسم الأمور عسكريا قبل إجراء أي حوار وحل سياسي، إنما هو للتأكيد بأن النظام ما زال قويا وما زال مصرا على القتال حتى النهاية، ولكن الاعتراف بعدم الحسم يعطي انطباعا أن النظام بدأ بالاقتناع بعدم جدوى الحل العسكري، مما سيجبره على البحث عن حل سياسي مع حلفائه الصينيين والروس، يجب ملاحظة أن القوى على الأرض لا تقدرعلى وقف الأعمال المسلحة، والوصول إلى أي حل، دون توافق الدول الكبرى التي أصبحت هي صاحبة القرار أكثر من المعنيين الداخليين في هذه الأزمة، فبدون توافق أميركي روسي لا يمكن الكلام عن أي حلول ناجعة، فدول الشرق الأوسط والأطراف المختلفة والمتنازعة فيه كانت ولا تزال وقودا وأدوات لتحقيق مصالح الدول الكبيرة، إن الحديث عن إمكانية حل الأزمة السورية سياسيا لا يعتبر مستحيلا في حال توصل القوى الكبرى والدول الإقليمية إلى توافق والاتفاق على قاسم مشترك لحل هذه الأزمة، فاقتراب المعارك من دمشق يعتبر إنذارا خطير للنظام بأن الأمور تسير نحو الأسوأ، ولذلك تحاول القوى الخارجية استثمار تقدم المعارضة للضغط على النظام من أجل الموافقة على حلول مختلفة، وأهمها تنحي بشار الأسد لتجنيب سوريا المزيد من الدمار والقتل، وما إثارة مسألة الأسلحة الكيماوية إلا شكل من أشكال الضغط على النظام من إمكانية التدخل الخارجي وإسقاطه، ليس من مصلحة روسيا والولايات المتحدة وإيران وتركيا تفكك الدولة السورية، لأن هذا الانهيار سيعني انهيار مؤسسات وأجهزة الدولة، والذي من الممكن أن يؤدي إلى خلق دولة فاشلة مثلما حدث في العراق بعد الغزو الأميركي لهذا البلد، وما يزيد مخاوف الغرب والوضع تعقيدا هو بروز القوى الإسلامية المتشددة كجبهة النصرة على مسرح الأزمة السورية، وهذه الجبهة تشكل منافسا قويا لقوى الإسلام السياسي والقوى الأخرى، وتتمتع هذه الجبهة بشعبية كبيرة بين السوريين، وتعتبر من أكثر الجماعات الإسلامية تنظيما وتدريبا، وأهمية سوريا تكمن في أنها تملك حدودا مع العدو الصهيوني الذي يخيفه أيضا تغيير الوضع في هذا البلد ووجود السلاح الكيماوي ومصيره، ولذلك يعمل الغرب مع روسيا والدول الإقليمية على إمكانية الوصول إلى حلول سياسية تنهي الصراع، وعدم السماح بحدوث فوضى في حال سقوط النظام، وهم لا يحبذون سقوط الدولة بمجملها لما له من تبعات على الوضع داخل سوريا وخاصة تنامي الجماعات الإسلامية المتشددة، والتي من الممكن أن تجعل من سوريا قاعدة لها، إن الحل لا يوجد بين ايدي السوريين، وإنما تملكه القوى الخارجية التي عندما تتلاقى مصالحها سيكون الحل سهلا، فهل ستقبل روسيا وإيران بتنحي الأسد للوصول إلى أي حل، وهل ستقبل أميركا الوصول إلى حل في حال إصرار روسيا على بقاء بشار الأسد كرئيس لسوريا، والسؤال الأهم هل الرئيس بشار الأسد وأقطاب النظام سيقبلون أي توافق بين القوى الدولية والإقليمية للوصول إلى حل في سوريا دون أن يكون هو شخصيا على رأس السلطة، لأن المعارضة لن تقبل بدورها أي حل ما دام يبقي على الرئيس بشار في الحكم،