أصدقاء سوريا يستبعدون الخيار العسكري والمعارضة تدعو لمقاطعة الاستفتاء دعي أكثر من 14 مليون سوري أمس الأحد إلى استفتاء على مشروع دستور جديد يلغي هيمنة حزب البعث الحاكم منذ خمسين عاما على الحياة السياسية، ويحفظ لرئيس الدولة سلطات واسعة، فيما تعيش البلاد على وقع العمليات العسكرية. ويأتي هذا الاستفتاء فيما خلف القمع الذي يمارسه النظام بحق معارضيه 7600 قتيل على الأقل وفق ناشطين، مع تواصل أعمال العنف منذ أكثر من 11 شهرا. وأعد الدستور، الذي سيحل محل دستور 1973 في إطار الإصلاحات التي وعدت بها السلطات لمحاولة تهدئة الاحتجاجات غير المسبوقة على النظام. لكن المعارضة والناشطون دعوا إلى مقاطعة الاستفتاء مطالبين برحيل الرئيس بشار الأسد قبل كل شيء. إلى ذلك، فقد توصلت مجموعة «أصدقاء سوريا» إلى توافق حول تجنب إضفاء الطابع العسكري على الصراع في سوريا والتحرك نحو إيجاد حل سياسي من خلال الاعتراف بالمجلس الوطني السوري المعارض باعتباره «الممثل الشرعي» للشعب السوري. كما اتفقت المجموعة على فرض المزيد من العقوبات على الحكومة السورية وخفض التفاعلات الدبلوماسية مع دمشق. واقترح الرئيس التونسي منصف المرزوقى أيضا ضرورة تبنى «النموذج اليمنى» لمساعدة سوريا على بدء عملية الانتقال الديمقراطي، ما يعنى انه ينبغي على الرئيس السوري بشار الأسد التنحى وتسليم السلطة لنائبه، الأمر الذي يمهد الطريق لبدء عملية انتقالية تساعد في وقف المواجهات الدامية بين الحكومة والمعارضة. وذكر الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربى خلال افتتاح المؤتمر أن الجامعة العربية تحترم سيادة سوريا، وترفض أي شكل من أشكال التدخل الخارجي للحيلولة دون وقوع حرب أهلية. وقال العربى إن الجامعة العربية تدعم أيضا تطلعات الشعب السوري تجاه الحرية والإصلاح السياسي. ثم عقد المؤتمر خلف أبواب مغلقة بعد الجلسة الافتتاحية. وذكرت فرنسا أن الاتحاد الأوروبي سيجمد أصول البنك الوطني السوري في الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي اعتبارا من يوم الاثنين. ومن ناحية أخرى، تعهدت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون بتشديد العقوبات الأمريكية ضد سوريا. وأعلنت كلينتون أيضا في المؤتمر أن الولاياتالمتحدة تعتزم توفير 10 ملايين دولار أمريكي «لتعزيز الجهود الإنسانية سريعا، بما يشمل دعما للنازحين» في سوريا. وحذرت كلينتون نظام الرئيس الأسد من دفع «ثمن باهظ لتجاهله إرادة المجتمع الدولي وانتهاكه حقوق الإنسان الخاصة بشعبه». أما روسيا والصين، اللتان استخدمتا حق النقض (الفيتو) ضد قرار لمجلس الأمن الدولي بشأن سوريا كان يدعو الرئيس بشار الأسد للتنحي، فقد رفضتا المشاركة في المؤتمر. ورأت الصين أن مهمة وغرض المؤتمر غامضان، فيما قالت روسيا إنه من غير المنصف استئناء الحكومة السورية من المشاركة. ومع بدء المؤتمر يوم الجمعة، وقعت اشتباكات بين متظاهرين مؤيدين للحكومة السورية وقوات الشرطة أمام الفندق الذي عقد فيه المؤتمر. وشجب المتظاهرون، الذين رفعوا شعارات مناهضة للولايات المتحدة وقطر، شجبوا استبعاد الدبلوماسيين السوريين من الاجتماع الذي وصفوه ب»مؤامرة تستهدف سوريا تتم على أراض تونسية». وأطلقت بعض الأحزاب السياسية التونسية المؤيدة للنظام السوري على المؤتمر اسم «أعداء سوريا»، إذ وجه المنظمون الدعوة فقط للأحزاب المعارضة. ومن ناحية أخرى عين الأمين العام للأمم المتحدة بان كي-مون يوم الخميس سلفه في المنصب كوفي أنان مبعوثا خاصا للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في سوريا للتوسط من أجل الوصول إلى حل سلمي للأزمة السورية. وقد فتحت مراكز الاقتراع أبوابها في سوريا صباح أمس الأحد للاستفتاء حول دستور جديد ينص على انتخاب رئيس الجمهورية ويبقي صلاحيات واسعة له مع إلغاء الدور القيادي لحزب البعث الحاكم منذ حوالي خمسين سنة ووضعت لافتات ولوحات إعلانية في جميع أنحاء العاصمة بينما يبث التلفزيون الحكومي إعلانات دعائية. وقال وزير الإعلام السوري عدنان محمود لوكالة فرانس برس «أنها المرة الأولى التي تكتفي فيها الرسائل بدعوة المواطنين إلى التوجه إلى صناديق الاقتراع بدون حثهم على التصويت لمصلحة الدستور». لكن المعارضين دعوا إلى عدم المشاركة في الاقتراع ووقف العمل. وقالت لجان التنسيق المحلية في بيان «ندعو إلى مقاطعة هذا الاستفتاء لان النظام يسعى إلى إخفاء جرائمه عن طريقه». وأضافوا «ندعو إلى إضراب عام الأحد في جميع أنحاء البلاد». وقال الخبير في الشؤون السورية توماس بييري الذي يعمل في جامعة ادنبره إن «النص الدستوري كان له أهمية نسبية في تنظيم النظام السياسي السوري الذي تهيمن عليه أجهزة المخابرات وليس هناك أي سبب لان يغير ذلك النظام الحالي».